صدر حديثا عن مكتبة الأسرة "سلسلة إنسانيات كتابين لطه حسين بعنوان "الفتنة الكبرى... " الكتاب الأول " عثمان ، والكتاب الثانى "على وبنوه" .وينظر طه حسين لهذه القضية نظرة خالصة مجردة لا تتأثر بالإيمان ولا بالدين ولا تصدر عن عاطفة ولا هوى وإنما هى نظرة المؤرخ الذى يجرد نفسه تجريدا كاملا عن النزعات والعواطف. كانت القاعدة الأساسية التى اقام أبو بكر وعمر عليها نظام حكمهما هى أن يسيرا مسيرة النبى فى المسلمين ما وجدوا إلى ذلك سبيلا وكان قوام هذه السيرة تحقيق العدل المطلق بين الناس حيث قام الإسلام على عنصرين أساسيين هما التوحيد والعدل . يتحدث طه حسين فى الكتاب الأول عن عثمان قبل استخلافه ثم خلافته وأول امتحان له بعد الخلافة ، ومباشرة عثمان سلطة التولية والعزل بعد انقضاء العام الأول من خلافته وتوليته عثمان لسعد ابن ابى وقاص على الكوفة وعزله ثم توليته سعيد بن العاص ،وأول الفتنة ،وبسط سلطان معاوية على الشام كلها ،وعزل عمرو بن العاص عن مصر وتولية عبدالله بن سعد بن أبى سرح ، وغيرها من الأحداث المختلفة فى عهد خلافة عثمان حتى قتله والاختلاف حول مقتله ، ويقول طه حسين الشئ الذى لا يقبل شكا ولا نزاعا أن الله لم يحل دم عثمان لقاتليه. أما الجزء الثانى فيتناول خلافة على وبنوه وقد استقبل المسلمون خلافة على بكثير من الوجوم والقلق واضطراب النفوس ،ويعرض المخالفون على على َ وموقف الكوفة والبصرة من علىَ ثم حرب الشام ،كما يتحدث عن الخوارج وعلىَ بين أشياعه وأعدائه والحسن وموقفه من فتنة عثمان ، وصولا إلى الحسين واستفحال الشر بعد مقتل الحسين ،وظهور عبدالله بن الزبير ثم انتهاء الفتنة. ويقول طه حسين : واجه المسلمون إثر قتل عثمان رحمه الله مشكلتين من أخطر ما عرض لهم من المشكلات منذ خلافة أبى بكر، إحداهما تتصل بالخلافة نفسها والأخرى تتصل بإقرار النظام وإنفاذ أمر الله فيمن قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض. فقد أمسى المسلمون يوم قتل عثمان وليس لهم إمام يدبر لهم أمورهم ويخفظ عليهم نظامهم وينفذ فيهم سلطانهم ويقيم فيهم حدود الله ويرعى يعد هذا كله أمور هذه الدولة الضخمة التى أقامها أبو بكر وعمر، وزادها عثمان سعة فى الشرق والغرب. فهذه البلاد التى فتحت عليهم ولم يستقر فيها سلطانهم بعد كانت فى حاجة إلى من يضبط أمرها ويحكم نظامها ويبعد حدودها التى لم تكن تثبت إلا لتتغير، لاتصال الفتح منذ نهض أبو بكر بالأمر إلى أن كانت الفتنة وشغل المسلمون بها أو شغل فريق من المسلمين بها عن الفتوح.