ان الحكومات لا تنشأ إلا لهدف هو حماية الحقوق الطبيعية للإنسان فإذا لم تحترم الحكومة هذا الغرض أو تكرر خروجها على الدستور كان للشعب الحق في أن يخرج عليها وان يعزلها». أما إعلان الحقوق الفرنسي (1793) فقد قال «إذا اغتصبت الحكومة حقوق الشعب فإن المقاومة الشعبية تمثل حينئذ أقدس حقوق الإنسان وكذا الإعلان الدولي لحقوق الإنسان الذي صدر سنة 1948 عن الأممالمتحدة فمع أنه لم ينص صراحة على حق ومقاومة استبداد الحكام إلا ان الديباجة التي تصدرت الإعلان ذكرت «إن حقوق الإنسان يجب أن تنظم بنظام حقوقي للحيلولة دون اللجوء إلى الثورة ضد الظلم والطغيان غير أنه يلاحظ أن الدساتير المعاصرة، تتجنب الإشارة إلى هذا الحق بحجة أن الحكام أصبحوا ينبثقون من الشعب وبالوسائل الديمقراطية، ومن حق الشعب تغييرهم في أي وقت. وهذه الفرضية ليست صحيحة في كل الأحيان لأن الواقع يكذبها. وآية ذلك أن بعض الحكومات قد تأتي من خلال وسائل ديمقراطيه ولكنها قد تنحرف باستعمال السلطة وبالتالي يمكن القول أن الواقع السياسي ما زال يسمح بقيام الاستبداد الذي لا تملك الشعوب ضده أية وسائل قانونيه فيقوم حق الشعب بعزل الحاكم على الرغم من أن البداية كانت ديمقراطية. والوصف في الفقرة السابقة، ينطبق على مرسي فقد حاز على الشرعية من خلال صندوق الاقتراع إلا انه فقدها من خلال تصرفاته التي جانبت قواعد المشروعية. هناك شرعية قانونيه وشرعية دستوريه وشرعية شعبيه فقط لا غير و"الشرعية" في القانون الدستوري تعني ‘تولي الحكم برضى المحكومين'. وتستمد من الشعب الذي هو صاحب الشرعية ومنبع كل السلطة الدستورية. وفي الحالة المصرية، من ثار على مرسي وفوض الجيش نزع شرعيته الدستورية هو ذات الشعب الذي انتخبه أول مره بعد أن اكتشف أن مرسي لم يكن في مستوى المسئولية وخان ألأمانة وأخلف الوعود وغدر بالعهود وتطاول على الشرعية الشعبية عندما أصبح يصدر بيانات دستورية من نفسه ولنفسه من دون العودة للشعب وتجاوز الحدود المرسومة له فسرق الدولة بمؤسساتها دون وازع من ضمير والأخطر أنه انتهز سياسة "فرق تسد فقسم المجتمع وأذكى نار الفتنة بين شركاء الوطن فأصبح الأمن القومي المصري مهددا بشكل خطير. في معنى الديمقراطية أما لديمقراطية فلا يمكن اعتبارها شيكا يوقعه المحكوم على بياض لفائدة الحاكم. لأن الديمقراطية الحقيقة تعني أن لا شرعية فوق شرعية الشعب ومنها يستمد الحاكم مشروعيته وفق عقد اجتماعي متوافق علية يحدد طبيعة الدولة ودورها وظيفتها، ونظام الحكم والمؤسسات، والسياسات الداخلية الخارجية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، والحقوق والحريات الفردية والجماعية، وطريقة تفويض السلطات والصلاحيات لمن يثق فيهم الشعب لينوبوا عنه في التشريع وتنفيذ السياسات والمشروعات، وإدارة البلاد وشؤون العباد، وطرق المسائلة والمحاسبة، لأنه لا مسؤولية من دون محاسبة ما دام الأمر يتعلق بدولة وليس بمزرعة. دولة تخدم مواطنيها وتحقق لهم الرفاهية، لا دولة الرعية والعبيد يسخر فيها المواطن لخدمة الحاكم المستبد بآمره وهذا ما لا يمكن أن يفهمه مرسي وجماعته المتشبعين بثقافة القبور. فعن أي شرعية يتحدثون؟. هذا التعريف البسيط والمقتضب للديمقراطية العصرية لا يتناسب ومفهوم الديمقراطية وفق منطق الأخوان لماذا لأن هناك تساؤلات عديدة تطرح اليوم على مناصري الرئيس المخلوع محمد مرسي والمدافعين عن "شرعية الصندوق الذي يتبجح بها، وهي أسئلة تثير الكثير من الشك والريبة والإحساس بالغرابة والشعور بالاستهجان. فعلى سبيل المثال لا الحصر في منطق الأخوان ما الذي فعله الرئيس المخلوع ‘محمد مرسي خلال فترة استبداده بالسلطة، بحيث يمكن أن يصنف في خانة المنجزات ألديمقراطية هاتوا مثالا واحدا فقط لا غير ليصدق الناس ادعائكم ويسلموا لكم بمنطق الانقلاب وهل يمكن القول أن ما حدث في مصر هو صراع بين الإسلام الذي تمثله الجماعة دون سواها أما في العصر الحديث فقد نسبت نظرية سيادة الأمة إلى «جان جاك روسو في مؤلفه «العقد ألاجتماعي حيث أشار إلى إن السيادة عبارة عن ممارسة للإرادة العامة وإنها ملك للأمة كلها، على اعتبار أنها وحدة مستقلة عن الأفراد المكونين لها كما أنها ليست ملكاً للحاكم. لذلك فان سيادة الأمة وحدة واحدة غير قابلة للتجزئة ولا للتفرد مما يجعلها غير قابلة للتصرف بها أو التنازل عنها ولذلك تكون الأمة هي الوحيدة المالكة لها,لكن الإسلام قد جاء بهذه النظرية من بداية ظهوره في بداية نزول الوحي على النبي صلى الله علية وسلم فقد جعل السيادة للأمة على أن تلتزم بان لا يتعارض حكمها وقوامتها مع حكم الإسلام بما إن الشعب مصدر السلطة التنفيذية تكون الأمة هي المالكة لأمر نفسها والمسؤلة عن ذلك أمام ربها - لو تصورنا جدلا أن الأمة قصرت في أمر واجب كنصرة المظلوم أو تركت شيئا من شعائر الإسلام فمن الذي يأثم ؟ هل هو الحاكم والسلطان أم الأمة بعمومها لو تصورنا أن الحاكم فسق فسقا ظاهر بتقتيل المسلمين واعتقالهم والاعتداء على أعراضهم وتخلت الأمة عن القيام بما اوجب الله عليها من واجب النهي عن المنكرات ومنع المظالم فهل تبرا ذمة الأمة ويكون السلطان هو المسؤل فقط أمام الله أم إن الأمة هي المسئولة عن ذلك ؟؟؟ بناء على ذلك يجب أن تعرف جميع الشعوب وخاصة الشعوب العربية أنهم هم محاسبون على جميع المنكرات التي تحصل في المجتمع وان الحاكم والسلطان ما هو إلا نائب عن الأمة لا يمكن أن يتحمل وزر هذه المنكرات التي تعج بالمجتمعات لوحده وأنهم هم مصدر وقوة السلطة التنفيذية فإذا ساد هذا الشعور وتركز في نفوس و وجدان الأمة من شعوب وحكام تغيرت حياتهم تغيرا جذرياً ولم يعد بمقدور الحاكم الاستبداد بالسلطة والاستئثار بالمال العام ولا عقد التحالفات من لدن نفسه وحاشيته وبطانته لأنه يعلم أن الأمة التي انتخبته وعينته وكيلا عنها لا وكيلا عليها هي التي تراقبه وتحاسبه وإذا حاد عن الطريق الصحيح في خدمة الأمة فإنها تعزله وتنتخب أخر مكانه كما يعلم الحاكم أن الأمة حرة وان الأموال التي أفاء الله عليها إنما هو مال خاص بها لا يجوز له أن يتخوض فيه بحسب شهوته ورغبته . ويوزعه على أقاربه وحاشيته وبطانته وبقية شعبه يتضورون جوعا ومسغبة . ويعلم أن الأمة ليست متاعا يباع ويشترى في سوق النخاسة العالمي فيبيعه مرة للشرق ومرة للغرب بحسب مصالحة الذاتية القاصرة ؟إذا علم الشعب أنه مصدر قوة وشرعية السلطة التنفيذية، أدى ذلك إلي أن يكون المواطن عزيزاً وسيداً في وطنه، لا ذليلا مستصغراً ومستخذيا خاصة حينما نستحضر أن العزة والسيادة مطلوبة بالفطرة لجميع شعوب الأرض فضلاً عن المؤمنين منهم (إن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ....) نعم يشعر المواطن انه صاحب القرار الأول والأخير وان الحاكم ما هو إلا مجرد وكيل يستطيع المواطن عزلة إذا قصر في عملة. فتنعدم مظاهر الاستجداء والوقوف على أبواب القصور للحصول على المنح السلطانية أو التكرم بالأمر بالعلاج في المستشفيات المتخصصة . يستلم المواطن مستحقاته وهو رافع رأسه باعتبارها حقا مشروعا يجب على الدولة تسليمه له لا منحة كريمة من السلطان يتفضل بها. يشعر المواطن الموظف انه يعمل لامته لا لحاكمه يعمل بالنظام لا بالاستثناء والتوجيهات الكريمة ينتخب نوابه ويحاسبهم فيكون هؤلاء النواب خير محاسب ومراقب لتصرفات الحاكم ولا يخشى هؤلاء النواب من الحاكم عزلهم أو عدم التجديد لهم بل يعلمون أن من انتخبهم هم الشعب فتتجلى الصورة الجميلة لمظاهر العزة والكرامة والسيادة في عدة مظاهر وحقوق وأن كل ما يمكن أن يحدث للجماعة من مصائب وهزائم ونكسات هي دائما بسبب الأتباع الذين قد يكونون مقصرين في العبادة وإرساء ما يلزم من المؤسسات الشرعية التي من شأنها إقرار حكم القانون وفرضه على الجميع في إطار المساواة والعدل بين الناس دون تمييز لاعتبار الجنس أو اللغة أو اللون أو العقيدة أو غيرها؛ ومن هذه المؤسسات التي حرصت على تأكيد مبدأ حكم القانون وإقراره بين الجميع مؤسسة القضاء بشكل عام ومؤسسة ولاية المظالم بشكل خاص التي عملت على فرض المبدأ بين الجميع وبخاصة بين الحكام والمحكومين كلما تجاوز الحكام ما لهم من صلاحيات؛ ولنا في امتثال بعض الحكام والولاة وعلى رأسهم الخليفة عمر بن الخطاب أمام هذه المؤسسة الأخيرة خير مثال على ما تعرضوا له من إنذار أو توبيخ أو معاقبة في العديد من النوازل التاريخية إنصافاً للمتضررين من عامة الناس.