أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم أمام الجنيه المصري    حصيلة ضحايا حرب غزة تتجاوز 65 ألف شهيد فلسطيني و165 ألف مصاب    رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ الأمريكي: يجب التخلص من مجلس حقوق الإنسان    نتنياهو ل حماس: إذا مسستم شعرة من أي رهينة ستكون نهايتكم أسرع مما تظنون    الخارجية التركية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة محافظة السويداء السورية    «فاشل ولا يصلح».. نجم الأهلي السابق ينتقد ترشيح فيتوريا لتدريب الأحمر    مفاجأة القرن، رونالدو ينقذ الزمالك ماليا ويقرر استثمار أمواله في شركة النادي (فيديو)    طقس حار ورطوبة مرتفعة اليوم على مختلف أنحاء الجمهورية    وزير التعليم يعلن تفاصيل امتحانات البكالوريا 2025 .. 85% من الأسئلة اختيار من متعدد    غرف الفندق حُجزت بالكامل، موعد وتفاصيل حفل الزفاف الأسطوري ل سيلينا جوميز    السيطرة على حريق هائل بمطعم شهير في «أبوحمص» بالبحيرة    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    أسعار الخضار في أسوان اليوم الأربعاء 17 سبتمبر    أسعار طبق البيض اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    مباحثات سعودية إيرانية في الرياض حول المستجدات الإقليمية    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    موعد إعلان نتيجة تنسيق جامعة الأزهر 2025 رسميا بعد انتهاء التسجيل (رابط الاستعلام)    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    مصرع وإصابة 3 شبان بحادث تصادم في محافظة البحيرة    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع في سعر الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    على باب الوزير    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية في كتاب "أكل الولد التفاحة" للشاعر والمفكر الفلسطيني تركي عامر
نشر في شموس يوم 26 - 07 - 2013

صدرت الطبعة الثانية من " أكل الولد التفاحة" للشاعر تركي عامر عن مطبعة ليال، جنين، فلسطين، بعد طبعة أولى صدرت بالجزائر في العام 2010 عن دار الثقافة الجزائرية لمناسبة "القدس عاصمة للثقافة العربية".
جاء الديوان في 196 صفحة من القطع الوسط، احتوت لغة تركعامرية ( تيمنا بصاحبها) الذي خلق لغة متفردة تخصه وحده ومعجما مميزا من حروف لا تشبه أحدا "أُمْهُودَة، شعريائيّة، نثريائيّة، لباتيب، سأشقُّ العديلة، أوزانستان ، قوافيلاند، كالورياليٌّ".. وسواها.
للشاعر فلسفة مفادها أن لا حياة دون خيال، دون حلم يسعدنا ويرتقي بنا "وليس آخرًا، لا تراوحُوا أمامَ مرآةٍ لا تحرّضُ على الحُلُم" .كي تصطلح الحياة وتزهو "علَّها تتقمّص في نفقٍ يجيدُ أبجديّةَ الضّوء". يفتتح عامر قصيدته برثاء حال مريرة مفروضة على شعب لم يخير بحكم قاهر لا حول لهم فيه ولا قوة:
"- لن أعودَ إلى المرعى".
- من أين؟ من جزيرةِ "لن".
- مفتوحةٌ على التّأويل.
راثيا حال العرب التي أودت بهم كأمة مغلوبة على أمرها إلى غياهب النسيان والتهميش:
لنْ أُقْلِعَ عن تدخينِ العروبة، ولو ألحقْتُ ضررًا
بصحّتِنا "القوميّة". مِنَ المجيطِ إلى الخليج. لا، لستُ
عميلاً لشركاتِ السّجائر. لمزارعي التّبغ.
لينعي باللوعة ذاتها مرارة الحال:
عندَنا "قواعد" وليس عندَنا "لعبة".
ليعرب عن غضب جم حول اتهام الغرب للشرق المسلم بالإرهاب، معترضا على مشيئة لا يراها إلهية:
سيخرجُ دخانٌ أبيض. لن نقبلَ أنْ يموتَ قداسةُ
البابا، هذهِ المرّةَ، قبلَ أنْ يعتذرَ ل "غيرِ المغضوبِ
عليهم ولا الضّالّين"، عنْ تهمةِ الإرهاب.
يبرهن الشاعر تركي عامر عن انتمائه العربي، بإشارته لأصله اللبناني قبل أن يكون فلسطينيا كذلك:
"أتحدّرُ مِنْ عائلةِ مستوطنينَ لبنانيّة، تقيمُ في الجليلِ منذُ فخرالدّين. قبلَ الزّلزال"،
واصفا النكبة ليناقش قضايا لبنانية داخلية ملبسا إياها ثوبا عربيا وإقليميا:
من قتلَ الحريري؟ سؤالٌ لن يطويَهُ أيُّ تفاهمِ نسيان.
أرجو التّدقيقَ والتّحقيق، أيّها السّابحُ في بركةِ الدّم!
موجها اتهاما واضحا وصريحا نحو "مَن يغارُ مِن ستِّ الدّنيا، أمِّ الشّرائع، (ضالعٌ في مستفيدٌ من) اغتيالِ الحريري".
لتركي عامر ميول شعبية تضامنية واضحة، فهو من عامة الشعب وإليه يعود "صرخةُ "بَيّ العيل المستورة" تفتّتُ الحجر. لا تسمعُها، الأنظمةُ المتحجّرة"، معقبا على مقتل الحريري. مشيرا لما للمكان من أهمية، ولخطورة الأطماع التي تحيط بنا "العصمةُ بيدِ الجغرافيا. قد تقصمُ ظهرَ التّاريخ".
كما هو واضح مدى اكتئاب الشاعر وإحباطه على المستوى الداخلي الوطني الذي يعيشه مغيبا باحثا عن الوطن الحق، الوطن المسلوب "مِن هنا لا أرى الأفُق. أرى طريقًا إلى حيثُ أنتِ، أيّتها الحرّيّةُ ال (بيضاء)! " ما الحبُّ إلاّ....".
متهكما على سخرية الموقف، متهما العرب والعالم بالتضليل وبالاتجار بالقضية:
مَوْتُ رئيس، أوّلُ فيلمٍ تسجيليّ فلسطينيّ يحصدُ
جوائزَ ثلاثةِ مِهْرجانات: كان والقاهرة ورام الله.
آملا أن يخيب ظنه، ويحظى ببعض سكينة وهناءة بال، ضد عالم متآمر وزمن لا يرحم "يا دارَة" لا تدوري "فينا" عكسَ العقارب!". لديوان الشاعر عامر عاليات ثمان، مما جاء فيها:
الصّمتُ العالي: إبرةٌ لا خرمَ لها ضائعة. كومةُ
القشِّ محصّنةٌ بوجهِ الرّيح. سارقُ النّارِ محكومٌ
بالسّجنِ المؤبّد.
ليعود آخذا دور المشتكي، معبرا عن إحساسه الحقيقي وواقع الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج:
الشّرقُ والغربُ والشّاشاتُ تعرفُني،
والقمعُ والقهرُ والإعدامُ والعدمُ!
معلنا هجرته الحياة اليومية التي باتت بنظره سقيمة الى ملاذه الأقل ألما والأكثر أمانا، نحو الكتابة :
بمقص،ٍّ مِن القَلَقِ،
سأقص،ُّ شريطَ الصّباحِ وأمضي
إلى الوَرَقِ.
عالما متيقنا بأنه يحاول الهرب من شدة الألم:
أقولُ ولا أقولُ ولا أُبالي،
فهذا الحبرُ من بحرِ السّؤالِ!
بين الشاعر والزمن عقدة لا حلّ لها، هو يرفض الزمن، لا يتقبله:
وقتٌ حُوتُ،
ياقوتُ الرّوحِ لَهُ قُوتُ.
وفي مكان آخر:
سأراوحُ، إذَنْ،
في زماني، خارجَ المكان،
إلى أنْ يُبَيِّضَ اللهُ مُسَوَّدَةَ القصيدة.
وفي مكان آخر:
الوقتُ أفعى تبدّلُ ثوبَها كلَّ ثانية.
كما ويخشى الموت، لا يحبه، راثيا نفسه بنفسه:
بتغريبةٍ
أسمّيها "على هامشِ القصيدة".
بصَماتٌ يتركُها، دونَ أنْ يدري، على شبابيكِ الرّوح،
لا تمحُوها الرّيح. لا الشّمسُ ولا المطر.
هو تركي عامر الإنسان الذي لا ييأس، لا يكل ولا يمل، ليعود محاولا إيجاد حل للازمة:
أم تُرى في بالِ المتوسّطِ
أغنيةُ تْسُونَامِي تصرُّ لنا كَمُّونَة؟
واجدا بالكونية الحل الأمثل، نابذا العنف، ماسحا الحدود، معلنا المواطنية حسب الإنسانية فحسب، مناشدا الأمة داخليا وعلى مستوى الخارج المثابرة في سبيل تحصيل الحقوق المكتسبة، ومهددا بالاندثار نتيجة التخاذل فيما لو حصل:
سأمحُو الحدودَ مِنَ الخريطة. يصيرُ الكوكب دولةً
واحدة. أسمِّيها "إنْسانِسْتان".
سأمُحو حدودَ "الوطنِ العربيّ". تصيرُ العرب دولةً
واحدة. أسمّيها "عَرَبِستان".
سأغيّرُ كلمتَيْن في "وثيقةِ الاستقلال. تصيرُ "دولةً
لجميعِ مواطِنيها. أسمّيها إسْراطينِسْتان".
مع ضمانِ "حقِّ العودة"؟
وفي موضع آخر:
أمامَنا عملٌ كثيرٌ، وإلاّ اندثرْنا شرَّ اندثار.
وعن المرأة:
نسخِّرُ عطاءَها. ونسخرُ مِن
أدائِها. نقدِّسُها. وندنِّسُها.
وعن الأطفال:
جيوشٌ عاطلةٌ عَنِ العمل،
ولا طفلٌ واحدٌ يبكي.
رغم لقبه الشهير "مجرم حبر" وضلوعه المنقطع النظير ببحور الشعر وقوافيها، إلا أن للشاعر موقفا من الحداثة، يرى فيها الأمل والاستمرارية ومواكبة روح العصر، معلنا تمرده على مجتمع لطالما قمع الموهوبين قاتلا مواهبهم:
ثأْرًا لشجرةِ نثرٍ تنزفُ تحتَ قباقيبَ موزونات،
شُوهِدَتْ واحدةٌ "موزونةٌ" عالقةً بشعرِ شلعةِ "نثاثير".
منزَّهَةً عن الحُلُم، تطرحُ أسئلةً يجيبُ عليها الدِّينُ أو
العلمُ أو الدّولة، هل تكونُ قصيدة؟
لا تذهَبْ بعيدًا جدًّا! نحنُ قومٌ لا يحبُّ الّذينَ
يذهبُونَ بعيدًا جدًّا.
يُحِبُّونَ أن يَكْرَهُوا.
يَكْرَهُونَ أن يُحِبُّوا.
لينهي ديوانه، بدعوة صادقة للحب، متصالحا مع نفسه راضيا بقدره المحتوم، معترفا بالوقت، ولكن على هواه:
لم أحبَّ
مثلما أحبُّ الآن. أريدُ أنْ أموت. على حبٍّ يجعلُ
الموتَ تافهًا.
موعدُ سفرٍ وشيك. تتثاءبُ
الحقيبة. لا شيءَ سوى حجرٍ وغصنِ زيتون. يتمزّق.
سينسحب. سيتركُ لاشيءَ ويرحل. لكنَّهُ لا يَجْرُؤُ
على الموت.
وبخفة دمه المعهودة، يعود لاستخدام معجمه الخاص، مصنفا كتاباته بأسلوب مبتكر، أسرودةٌ، أنصوصةٌ. معترفا بأن ليس لهذا الزمن من أبطال، مخاطبا والده المرحوم، مستبقا اللقاء المحتوم، بطلٌ من ذاكَ الزّمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.