بعيدا عن التحزب, والتجنّس, والتعاطف...! إقرارا للحق وأزهاقا للباطل...! حفاظا على المعاني المقدسة: ثورة, شهادة, حرية, شرف, كرامة إنسانية لكل البشرية, حيادية, ضمير...! كيف لعاقل أن يصدّق إعلاميين؛ حرّضوا بين شعبين, وأوقعوا الفتن بينهما؟ ووصفوا شعبا بأكلمه يشهد العالم أجمع بثورته التي قدّمت مليونا ونصف مليون شهيد, بل أسهمت في حركات تحرّر العالم الحديث, كيف يتهمونهم بأنهم شعب المليون لقيط, وشعب " قوّاد", ''وخائن'', و بلا ''هوية'', وهو الشعب الذي مرّت عليه 132 سنة استدمارية, لم يتخل فيها عن دينه وثقافته وأصالته وهويته, الأمازيغية الإسلامية العربية؟ ناهيك عن حضارات أخرى على غرار: حضارات عصور ما قبل التاريخ, والحضارة الفينيقية, والحضارة الرومانية, ومرور الوندال, والحضارة البيزنطية, والحضارة, الإسلامية العربية, والتركية, وصولا إلى فترة الاستدمار الفرنسي الاستيطاني الغشم, الذي صنفه التاريخ الإنساني بأنه أعتى وأشرّ وأكبر استدمار عدواني استيطاني في تاريخ البشرية...! مع ذلك كله ظل هذا الشعب متمسّكا بقيمه ومبادئه وتراثه, ورافضا لكل دخيل عليه, حتى سمّاه بعض المؤرخين" بالشعب الرافض أو الحرّ أو البربري الأمازيغي, وكلمة بربري وأمازيغي ليست سُبّة في حقه بل شهادة فخر واعتزاز أنه عصيٌ على أي لبوس...! بعد كلّ هذا يأتي أولئك ليقولوا ما قالوه في حق هذا الشعب...! ثمّ انكشف بعد ذلك, أن كل ما قالوه زورا وباطلا وإفكا, وأن الأصل في الشعوب أنها محبة لبعضها, مهتمة بقضايا أمّتها, لأن الأصل فيها شعب واحد...! كيف لعاقل أن يصدّق إعلاميين؛ اتهموا شبابا سلميين خرجوا قبل عامين أو أزيد بأنهم قطاع طرق, و"بلطجية", ومأجوين, وعملاء, وشواذ, وفيهم من البلايا ما فيهم؟!!! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ كانوا بالأمس نجوما للفتنة والإشاعة والتلفيق والاختلاق, وأصبحوا اليوم نجوما للمصالحة والحقيقة والشفافية والصدق كما يزعمون.؟؟ كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ كانوا عبيدا فجّارا, أصبحوا اليوم ثوارا أحرارا؟! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ باعوا رئيسا صفقوا له ثلاثين عاما, أو كان فيهم من هو من حزبه, أو كان مروّجا لحملته, أو كان يستعطف مواليه كي يقيم معه لقاءً أو مقابلة أو حوارا واحد ولو بالهمس, ومنهم من كان يبقل يد سيده, ومنهم من كان يستميت ليبين ولاءه له, بل كان يسبح بحمده ويقدّس له, كيف له أن يصير اليوم عدوا لدودا, ناقدا, حاقدا, كاشفا, شاتما, متشفيا, مصفقا, لا له كما كان, وليته بقي على ما كان دون إبراز ذلك للناس, إنما صار فجأة يصفق ضده وعليه...! فالعيب ليس أنه كان مواليا له اقتناعا ورغبة واختيارا, فالثبات على المبدإ في حد ذاته مبدأ, بل إن العار والخزي كله, حين ينقلب المرءُ على عقبيه ويخون " العيش والملح" ويتبرأ من تاريخه ومساره ويتنكر لمن أطعمه ذاك" العيش والملح...! فكم نعرف من أناس ظلوا ثابتين على قناعاتهم واعتقاداتهم حتى اليوم, ومنهم من مات على ذلك خلال العامين السّابقين, في دول كثيرة, سواء من شخصيات مشهورة, أو من أناس بسطاء, أو من أصدقاء مقربين, لم يتنصلوا من أنظمة سابقة أو ممن لازموا طويلا, ولا زالوا يجهرون إلى اليوم أنهم مع من كانوا يوالونهم ولم يدّعوا يوما أنهم "ثوار أحرار سيكملون المشوار"...! أو ليت هذا الصنف من المتأخرين المتخلفين عن الرّكب, ليته اعترف بباطله الذي كان عليه ثم أناب, كي يمكننا من أن نلتمس له عذر التوبة المتأخرة ومعرفة الحقيقة, وندخله تحت مظلة" العدول عن باطل في وقت متأخر, خير من الاستمرار عليه", لكان الأمر أخف بكثير....؟! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ أتوا بشخصيات وهمية في اتصالات هاتفية تحت أسماء مستعارة, واستأجروا بنات عائلات محترمات ليمثلوا دور "بنات ليل", وأجرَوْا محادثات من غرف الكونترول ليثبتوا أن المتصل حقيقيا, وليوهموا الناس البسطاء الذين يملكون ثقافة على قدر عقولهم, بل أوهموا مثقفين وعاقلين ومتأملين متعاطفين, غلّبوا العاطفة على العقل والمنطق, بأن تلك هي الحقيقة في ظل ميثاق الشرف الإعلامي...! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ لفقوا, وزورا, وحوّروا, وزيفوا, وصحفوا, وبدلوا, وعدّلوا, وخانوا, وباعوا, وكذبوا... وآخرها كافية لتخرجه من التزامات أيّ دين كان, بل من أية أخلاق إنسانية تُجمِع عليها الأديان والأعراف والقوانين الوضعية كلها...! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ نسَوا أن هذا وهذا ابن وطنهم, وذاك وذلك جارهم وقريبهم, وشقيقهم, وأنه ليس عدوهم بمجرد أنهم خالفهم وأبى أن يحالفهم؟!! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ اعتمدوا الذاتية, أن يلتزموا الموضوعية؟! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ يقولون إنّ أعداء الثورة بالأمس هم أصدقاء الثورة اليوم...؟! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ خربوا البلاد ودمّروا العباد, أنهم يصلحون اليوم في الأرض ولا يفسدون؟! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ الدّرهم والدينار آلهتهم, والمنصب والشهرة قبلتهم, أن يكون الفقير والمسكين وابن السبيل والإنسان والوطن همّهم؟! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ وضعوا أيديهم في أيد مشبوهة, وقبضوا أجورهم من أموال لا يعرفون مصادرها إن لم تكن أموال الشعب أصلا, وقبلوا التعامل مع رجال ظل فساد سابق...! كيف لعاقل أن يصدّق إعلاميين؛ لا يصنعون الرأي العام في العالم بأسره, ويحرّكون الشعوب, ويذهبون بهم بعيدا ثم يرجعونهم حيث كانوا, بل يغيرون آراء, وتوجهات, واعتقادات مثقفين حتى...! كيف لعاقل أن يصّدق إعلاميين؛ ليسوا إعلاميين...؟!