الذهب يواصل الصعود القياسي ويكسر حاجز 4050 دولارا للأوقية    الرئيس السيسي يستقبل رئيسة وزراء إيطاليا قبل قمة شرم الشيخ للسلام    العربية: إلغاء مشاركة نتنياهو في قمة شرم الشيخ    محافظ المنوفية يترأس اجتماعا موسعا لمناقشة موقف مشروعات الخطة الاستثمارية    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات محلية    رئيس الوزراء يتابع جهود تنفيذ إجراءات خفض الانبعاثات والتحول الأخضر المستدام    كلمة ترامب أمام الكنيست: حان الوقت لتترجم إسرائيل انتصاراتها إلى السلام    "من أنت".. ترامب يهاجم مراسلة بولتيكو ويتهم الصحيفة بنشر أخبار كاذبة    استبعاد لياو من المشاركة مع البرتغال ضد المجر فى تصفيات كأس العالم    «حسام زكي»: الموقف المصري كان له بالغ الأثر في تغيير دفة الحوار السياسي    وزير الرياضة يلتقي إنفانتينو على هامش مؤتمر السلام بشرم الشيخ    تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك يعتذر رسميا عن المشاركة فى البطولة العربية لسيدات الطائرة    إصابة 8 أشخاص فى حادث تصادم بالطريق الزراعى فى البحيرة    محافظ قنا يوجه بتقديم كافة الرعاية الطبية لمصابى حادث أتوبيس الألومنيوم    ضبط متهم تحرش بعاملة داخل صيدلية في سوهاج بعد انتشار فيديو فاضح.. فيديو    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    الرئيس الأمريكى ترامب يلقى خطابا أمام الكنيست وسط تحية كبيرة من الحضور    خالد جلال ضيف بودكاست كلام فى السينما مع عصام زكريا الليلة على الوثائقية    مسلسل لينك الحلقة 2.. تحالف غير متوقع بين بكر وأسما لكشف سرقة أموالهما    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    وكيل صحة سوهاج فى زيارة مستشفى جرجا : لا تهاون مع أى تقصير فى خدمة المواطن    هل يمكن حصول السيدات الحوامل على لقاح الأنفلونزا ؟ فاكسيرا تجيب    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    بتواجد أبو جريشة.. الكشف عن الجهاز الفني المساعد ل عماد النحاس في الزوراء العراقي    ب 35 لجنة.. بدء التسجيل ب «عمومية أصحاب الجياد» في الإسكندرية    الغرف السياحية: قمة شرم الشيخ السلام رسالة قوية للعالم بالريادة المصرية    ارتفاع أسعار النفط مع بوادر تراجع حدة التوتر التجاري بين الصين وأمريكا    جامعة بنها: فحص 4705 شكاوى بالمنظومة الموحدة.. تفعيل نقطة اتصال جديدة لخدمة المواطنين    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    إخماد ذاتي لحريق داخل محطة كهرباء ببولاق دون وقوع إصابات    لحضور أولى جلسات الاستئناف.. وصول أسرة المتهم الثاني في قضية الدارك ويب لمحكمة جنايات شبرا    وزيرا ري مصر والأردن يفتتحان الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    مبيعرفوش يمسكوا لسانهم.. أبراج تفتش الأسرار في أوقات غير مناسبة    أحمد فهمي الأعلى مشاهدة ب «ابن النادي»    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    مصادر تكشف مصير 4 أعضاء ب«النواب» تم تعيينهم في «الشيوخ»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    شراكة بين أورنچ مصر وسامسونج إلكترونيكس لتجربة الأجهزة المتعددة المدعومة بالذكاء الاصطناعي    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    نتنياهو يصف الإفراج المتوقع عن الرهائن بأنه حدث تاريخي    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    فاروق جعفر: هدفنا الوصول إلى كأس العالم ونسعى لإعداد قوي للمرحلة المقبلة    صلاح وزوجته يحتفلان بالتأهل في أرضية ستاد القاهرة    البطاقة 21.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرات في كتاب الوهابية بين الشرك وتصدع القبيلة-الأصول الاجتماعية للحركة الوهابية

وبحث لماذا نشأت الدولة السعودية في العارض ... كلاهما ل/د خالد الدخيل
طالعت الكتاب ودوّنت الملحوظات التالية:
- يُلحظ أن البحث ذو نزعة مادية في تفسير المواقف والأحداث, ويُغرق في تضخيم وتهويل الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي, وفي نفس الوقت يتقصّد تحجيم البعد الديني وتقليص أثر العقيدة في تلك المتغيّرات.
- الباحث مولع بالمراجع الغربية, والنقل عنها, والتعليق عليها, ومع أن ثمة رسائل علمية متينة في بلادنا تستوعب وتعالج أجزاء كثيرة من موضوع البحث, إلا أنه لم يرفع بذلك رأساً.
- لم يكن الباحث موضوعياً في توصيفه للدعوة الوهابية, فالتوثيق لكلام إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه, واستقراء ما حرره لم يكن حاضراً ولا ظاهراً.
- يسوق الباحث جملة من القضايا على هيئة تساؤلات, وتارة يعقبها بتعليق و تحليل, وتارة يوردها في مقام تشكك وتردد, دون تحقيق أو تحرير, ويكتنفه الغموض في مسائل, والجرأة والإقدام في تقرير مسائل أخرى!
- يلحظ أن إلمامَ الباحث بتراث إمام الدعوة وتلاميذه قاصرٌ, مما أوقعه في مآخذ علمية, تخالف توصيف الدعوة الوهابية وحالها.
- خاض الباحث في قضايا عقدية, وجزم في مسائل من أصول الدين بغير علم ولا هدى, ويبدو أن مقرراته السابقة, وموروثه الفكري كان حاكماً ومؤثراً على توصيف الدعوة الوهابية-كما سيأتي بيانه-.
- اتهم الباحثُ الشيخَ محمد بن عبدالوهاب بالتناقض, ووصفه بمخالفة الحقيقة والواقع! وأسوأ من ذلك أن يقوّله ما لم يقله!
يقول الباحثُ : "لكن التعميم المقصود في قول الشيخ [وقوع الشرك في نجد] يظل مناقضاً لتأكيداته الأخرى بأن غالبية في نجد كانوا يتبعون جادة الصواب".
ثم إن زعمه أن غالبية الناس في نجد على جادة الصواب.. كذبٌ على الشيخ الإمام وتهوين لدعوته الإصلاحية, واستبعد الكاتب-وبلا دليل-أن يعمد المويس إلى لعن دين الله ورسوله! , مع أن في الترجمة غلطاً بيّناً, فالمثبت في "الرسائل الشخصية" ص 141: سبّ دين الله ورسوله, وليس لعن..
ويدّعي الباحث أن اتهام الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله-الرؤساء بمحاولة تضليل الناس.. أن ذلك مخالف للحقيقة! .
ويحكى في موضع رابع أن رأي الشيخ محمد بن عبدالوهاب في تفشي الشرك.. يناقض تماماً الوجهة التاريخية!
والباحث لم يفقه كلام الشيخ, ولم يحرر ما سُطّر في كتب التاريخ, وإنما إغراق في التحليل وفق مقررات سابقة!
فلو طالع رسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه, وراجع الرسائل العلمية بشأن تاريخ نجد قبل الدعوة-كما في رسالتي الماجستير والدكتواره لعبد الرحمن العريني: الحياة الاجتماعية عند بادية وحضر نجد منذ القرن العاشر الهجري إلى قيام دعوة الشيخ- لما توصّل إلى هذه التنائج.
وافترى الباحث على الشيخ الإمام فقال: "وأما بالنسبة إلى الشيخ, فإن أي مخالفة للتوحيد تعدّ مخالفة خطيرة تكفي لإخراج مرتكبها من الملة" وهذا كذب بارد, فإن طلاب المرحلة الإعدادية قد درسوا كتاب التوحيد, ويميّزون بين ما حرره الشيخ من الشرك الأكبر والأصغر.
- غابتْ الموضوعية في موقف الباحث من خصوم الدعوة الوهابية, فيبرر ويعتذر للخصوم المعارضين للدعوة, ويهوّن الخلاف بين الدعوة وأولئك الخصوم, وربما دافع عنهم, بل طال الاعتذار والتبرير مسيلمة الكذّاب!
- يهوّن من تأثير الخصوم-في نجد-ويقلل من عددهم دون دليل ولا توثيق!
مع أن د. عبدالله العثيمين-والذي ينقل عنه في بعض الأحايين-ذكر أن أكثر من عشرين عالماً في العارض كانوا خصوماً للشيخ في وقت من الأوقات, وأن لهم مجالات متعدد وشرسة في مواجهة الدعوة (ينظر: بحث الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبدالوهاب, للعثيمين و كما هو مبسوط في الرسالة العلمية : " المعارضة المحلية في نجد لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب.." لمحمد النويصر) لكن الباحث لم يرجع إليها, فهي في جامعة "الإمام" محمد بن سعود الإسلامية.
يدّعي الباحث أن الخلافات بين الشيخ وخصومه في "تفاصيل بعض المسائل التي لا تمس أسس العقيدة"
ويحكي الباحث أن معظم كتابات خصوم الشيخ قد اختفت !وهذا غير دقيق, فمقالات ابن فيروز مطبوعة, وكذا مقالات ابن سحيم موجودة في مخطوط "فصل الخطاب في ردّ ضلالات ابن عبدالوهاب" للقباني, وكذا "الصواعق والرعود" لعبد الله الزبيري, و "فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبدالوهاب" لسليمان بن عبدالوهاب, وكذا مقالات وكتابات ابن عفالق.. الخ
وكأن الباحث يتكلف الاعتذار للخصوم, بعدم وجود كتبهم, ويوهن من شأن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
ويبرر مذهب الخصوم, وأنهم يقررون توحيد الألوهية والربوبية.. وأن الشيخ وخصومه في خلاف, ويشددان على جانب معين, فهم حنابلة! , ويهوّن من ذلك الخلاف, فيزعم أن ثمة اتفاق حول المبادئ, وخلاف في تفسيرها! وكأن الباحث يريد إقصاء مسألتيّ: التكفير والقتال, وقصر الحديث على مجرد معرفة وتنظير! –كما كان خصوم الدعوة من قبل-وبرر الباحثُ صنيعَ ابن سحيم وسليمان بن عبدالوهاب, وأنها يتفقان مع الشيخ في معنى الشرك, وهذا خلاف الحقيقة فابن سحيم لا يعتبر دعاء الأموات والنذر لغير الله شركاً أكبر, وكذا سليمان- كما في كتابه فصل الخطاب-.
وأما عن مسيلمة الكذّاب, فنقل الباحث أنها: "قضية مقنعة! حركة مسيلمة نتاج حياة تحضّر عميقة الجذور"!
وفي مواطن يلحظ الاحتفاء بمسيلمة, وتهوين دعواه للنبوة ،وأن حركة مسيلمة ردّ فعل على انتشار الإسلام .
وأن بني حنيفة متمسكون بالاستقلال و"إيدلوجية" مسيلمة الكذاب تعزز ذلك! في مواجهة إيدلوجية الإسلام التوسعية-على حدّ تعبيره -ويعتذر مرة أخرى أن مسيلمة-حسب بعض المصادر-لم يطلق النبوة على نفسه! وكأن النبوة-عند مسيلمة-منصب سياسي ديني .
ويتأوّل الباحث لبني حنيفة (المرتدين) بأن الإسلام عندهم "محاولة من جانب قريش لفرض سيطرتها.. منتهكة حقوق القبائل.."
- لدى الباحث خلط ولبس في موضوع الشرك والردة, بل يعتريه جهل كثيف في فهم قضية الشرك, وعنده جرأة في إحداث تقاسيم للشرك تفتقر إلى الدليل والبرهان, وتطويع موضوع الشرك والردة وتفسيره تفسيراً سياسياً, فهناك الردّة السياسية! والتوحيد بمعنى الوحدة!
يهوّن الدخيل أمر الشرك-في نجد- ويفسّره تفسيراً مادياً, فيقول : "الشرك كان يتعلق بمسألة مادية بسيطة, تعكس حاجات الناس المباشرة.." فهم يشركون ويكفرون بالله لأجل مال أو صحة..!
ويقطع بأن "المحور الرئيسي لحركة الشيخ هو التوحيد : أي الوحدة" ،ويهوّن من الشرك الواقع في نجد, ويصفه أنه من "الأشكال الخفيفة من الشرك"! ثم يتدارك ذلك, بأن هذه "الخفيفة" ليس ثمة دليل على انتشارها في نجد! ومن جهله الكثيف وتهوينه لشأن الشرك, قوله : "وقد أعلن الشيخ صراحة خلو القصيم من الشرك"
فالباحث كَذَب على الشيخ الإمام, وإنما قال الشيخ: "وأهل القصيم غارّهم إن ما عندهم قبب ولا سادات" الرسائل الشخصية ص322.
فليس الشرك مجرد اتخاذ قباب وسادات فحسب كما هو معلوم عند العامة والخاصة, ثم إن الركون إلى قبة الضريح, كالركون يا د.خالد إلى قبة البيت الأبيض!
وأحدث الباحث ما أسماه ب"الردة السياسية": وهي الانفصال عن الدولة ،والردّة اسم شرعي ديني, لكن الولع بالتفسير السياسي, وتهوين المصطلحات الشرعية الخطيرة هو الذي أوقعه في هذا المزلق.. و"ابتكر" الباحث تقسيماً جديداً للشرك, ما أنزل الله به من سلطان: (الشرك المؤسساتي والشرك الثقافي) وساق كلاماً هلامياً لا يميّز بين ما أحدثه من هذا التقسيم.
- انهمك الباحث واستطرد في تبرئة نجد من مظاهر الشرك قبيل الدعوة, وأن نجداً بعيدةٌ عن حالات الشرك, وأن الشرك كان ضيق الحدود, وبسيط! ومجرد أفراد, وينحصر في "الرياض" وتكلّف في إيراد الدلائل على هذه الدعوى, وادّعى أن رسائل الشيخ لا تضمّن دلالات واضحة على وجود الشرك, وتارة يقول إن كتابات الشيخ ليست دليلاً قوياً على تفشي الشرك, وتارة يعوّل على سوابق ابن بشر بأنها لم تذكر مظاهر الشرك.
ولم يكن الباحث منصفاً, ولم يكلّف نفسه البحث في هذه المسألة التي تحدّث عنها غير واحد-وأكثرها بسطاً رسالتيّ العريني للماجستير والدكتوراه-فصور الشرك ومظاهره لم يتحدث عنها ابن غنام فحسب.
بل إن الشيخ الإمام قد حكى هذا الواقع القاتم في عدة مواضع من رسائله, وأورد جملة من أسماء الطواغيت مثل : تاج, وشمسان وأولاده, ويوسف, وإدريس, وحطاب, وحسين, وعثمان, وأبي حديدة.. (ينظر: تاريخ ابن غنام 1/8, 217, 225, ومؤلفات الشيخ 4/16, 5/54, 75, 89, 188, 216, والحياة الاجتماعية عند حضر نجد للعريني ص41-61, والحياة الاجتماعية لدى بادية نجد للعريني ص206).
وحكى ما عليه أعراب نجد من كثرة نواقض الإسلام, وأنّ فيهم أكثر من مائة ناقض وما تلبسوا به من إنكار البعث وسبّ الشرع, وتفضيل حكم الطاغوت على حكم الله, (تاريخ ابن غنام 1/108).
وحكى تلاميذه الحالة المزرية لنجد آنذاك فقالوا : "وقعنا في الشرك, فذبحنا للشياطين, ودعونا الصالحين, ونأتي الكهان.." الخ (علماء نجد للبسام 4/367), ثم إن هذا الوضع المتردي صوّر الشعراء كراشد الخلاوي (ينظر : ديوان الخلاوي ص237).
هذه الإحالات السابقة والمراجع المتخصصة في حال نجد قبل الدعوة, ولم يلتفت إليها الباحث لا نقلاً و لا تعقيباً!
وأما تعويله على سوابق ابن بشر, فهذا السوابق مجرد نتف يسيرة لوقائع تاريخية, لا تكفي في تصور أحوال نجد عموماً, ثم علام يعتمد عليها-مع اختزالها-ويُعرض عن تاريخ ابن بشر مع بسطه وتفصيله-؟!
- الباحث انتقص الدعوة الوهابية, فلم يعطها حقها من العلم والعدل, بل قلل من شأنها وتأثيرها, وحجّم الأثر الديني, وحاول تغييبه وتهميشه! وبالغ وهوّل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية, فالوهابية عنده مجرد نتاج استيطان, وتأسيس دولة, والدين ليس مصدر الحركة الوهابية-على حدّ دعواه- وإن كان هدفها المعلن حرب البدع! وكأن دعوة الشيخ لها ظاهر وباطن, كما في مذاهب الباطنية والليبرالية, وساق عبارة شنيعة لأحدهم بأن الوهابيين جعلوا الزكاة ديناً لاستغلال السكان! ولم يعلّق عليها الباحث "الموضوعي"! وقرر أن محور حركة الشيخ : التوحيد, وهو الوحدة ضد التفكك السياسي! وأن الردّة استحالت من الخروج عن الملة, إلى الانفصال عن الدولة! وأخبث من ذلك لما ادّعى أن السعوديين وخصومهم تميّزوا بتطوير أديولوجية التوحيد التي مكنتهم من حشد مؤيديهم! فالتوحيد تمّ تطويره لأجل كسب الحشود-على حدّ تقريره-!
وزعم أن الحركة الوهابية ردّ فعل على استمرار الأوضاع الساسية, لتأمين بديل سياسي قابل للتطبيق, ويصرّ الباحث على أن التفسير الديني لظهور الدعوة ليس كافياً, وأن الوهابية ردّ على ظروف اجتماعية وسياسية لادينية, وأنها نشأت في مناخ معظم أركانه غير دينية! وأن الوهابية نتاج مجتمع المدن, فليس الصراع لأسباب دينية بل لأسباب اقتصادية وسياسية, وأن الشرك-عندهم-يتمثل في النزاعات السياسية, وليس في الشرك الديني, وتصدّع القبيلة, وليس محاربة الشرك هو سبب قيام الدولة والدعوة.
-وفي الختام نورد أمثلة لمأخذ جزئية متفرقة-في ثنايا البحث منها:
اتهم الكاتبُ الحركة الوهابية ابتداء بالتعريفات الضيقة, والمسلك الظاهري وانتقد مسلك ابن خلدون دون تبيين .
ويظهر أن الباحث يعاني من قلة الاطلاع , وعدم الاستيعاب للقضايا الشرعية والمسائل العقدية , وعدم الالتفات إلى مراجع أصلية ورسائل علمية في موضوعه مثل الدرر السنية و ومجموعة الرسائل والمسائل النجدية وغيرها.
ويصف الدعوة بأنها تدخل ديني في الأحداث السياسية والاجتماعية , ويزعم أن النزاع بين الشيخ وخصومه يدخل في تفاصيل نظرية مجردة .
وصف الباحث رسالة الشيخ لابن سحيم في كشف ضلالاته بأنها معرقة في الجدل ! مع أن الرسالة واضحة ومحكمة, و إذا كان الباحث لا يستوعب الرسالة المذكورة , فكان عليه أن يوردها بنصّها أو بعضها, لينظر القارئ, أهي مبنية على الاحتجاج , أو مغرقة في الجدال!
وينقاد الباحثُ لمقالة "كوك" بأن الوشم خالية من الشرك , و انه لم يكن ثمة مجابهة بين الدعوة ودينهم الشعبي –على حدّ قوله-فأحوال الوشم لا تعرف إلا من كوك!
وينقل الباحثُ دون أدنى تعقيب مقالة لأحد الغربيين الذين أشربوا الحياة المادية فزعم أن توطين البدو , وانتشار التجارة في الحجاز من نتائجه: تأسيس مكة!! و كأن الحياة المادية من توطين وتجارة هوالذي صنع بيت الله الحرام و شعائر الحج !.
وينقل قول بعضهم :"أن القرآن اعترف بهذا الجانب من الشخصية الاجتماعية لبني حنيفة "
ولم يفصح الباحث عن هذا الكلام الموهم ! فهل يتعسر عليه مراجعة القرآن وكتب التفسير ؟.
و أظن المقصود بذلك : قوله تعالى" الأعراب أشد كفراً " مع أن الآية عامة بشأن الأعراب لا تختص بقبيلة منهم.
واحتفى الباحث باليمامة حتى عمل موازنة بينها وبين مكة -حرسها الله -وبين بني حنيفة وقريش !
ومقارنته السالفة تُذكر بمقارنة الرافضة بين كربلاء ومكة !
و أورد الباحث مقالة باهتة أن في مكة نصارى -في عهد النبوة -!
وادّعى أن بني حنيفة أنكروا سلطة الصدّيق فحسب , والحق أنهم مرتدون , وعلى أصناف كما هو مبسوط في موضعه.
واستملح الباحثُ الخوارجَ , فوصفهم ب" الأيدلوجية الليبرالية" !
لأنهم قالوا إن الخلافة لأيّ مسلم !
وهذا كلام مردود , وجهل كثيف ببدهيات السياسة الشرعية ويبدو أن عشق الباحث لليبرالية أوقعه في هذا الوصف لطائفة هم أشد الناس تشدداً وانغلاقاً وغلواً وعلى النقيض من الليبرالية.
وتجاوز الباحث هذا العشق فأضفى الشرعنة لليبرالية فزعم أن الأيدلوجية الليبرالية ليست دخيلة على الإسلام بل هي في صميم الإسلام!!
وفي فضل "المدن المستقلة" ظهر عدم فهم الباحث لمسائل فقهية كإحياء الموات والمزارعة
ثم بالغ وأطال, وهوّل و أطنب في شأن تقسيم المجتمع النجدي إلى قبيلي وخضيري وادّعى المساواة المطلقة ،وهذا تعبير غير صحيح , وإنما الحق هو العدل فليس الذكر كالأنثى , وليس الحرّ كالعبد في جملة من الأحكام الشرعية.
وبالجملة فتعبيرات الباحث لا تلتزم بالمصطلحات الإسلامية الدينية فيدّعى أن توحيد الألوهية أكثر مادية ! و هو يقبل القياس !
وتوحيد الربوبية فلسفي مجرد!
ووصف الباحثُ الله عز وجل بوصف فيه رعونة : "الكائن الوحيد الذي نعبده" ومن العبارات الرعناء قوله : "ثم بروز فكرة التوحيد التي دشنتها دعوة الشيخ"
وقرر أن نجداً قبل الدولة السعودية تابعة نظرياً للدولة العثمانية ،وهذه دعوى تفتقر إلى الدليل.
والحاصل أن البحث حافل بمآخذ علمية متعددة في المضامين وفي الأساليب, وفي المسائل وفي الدلائل.
وبالجملة فإن هذا الكتاب لا ينطلق من تصورات إسلامية شرعية, وإنما النَفَس المادي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي هو المهيمن على عقلية الباحث, ولذا استحوذ على البحث تحجيم وانتقاص الدعوة الوهابية, وتقليل أثرها, وفي المقابل : التبرير و الاعتذار لخصوم الدعوة الوهابية, وقصور الباحث وتقصيره في الرجوع إلى كتب الدعوة وأتباعها, وغلبة المقررات السابقة على قضايا البحث, هذا ما تيسّر تحريره وكتابته والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.