«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحر والحب الأول ... قصة
نشر في شموس يوم 15 - 01 - 2013

جلست سلمى في الشرفة كعادتها كل يوم عند المغيب ترقب الشمس وهي تختفي ببطء في الافق البعيد.....تغوص في اعماق البحر مخلٌفة وراءها ذلك اللون الارجواني الذي ترتاح له سلمى كثيرا ......انها تعشق تلك اللحظات التي تعيشها كل يوم في صمت واسترحاء بعد تعب يوم كامل من السباحة واشغال البيت .......
انها تسكن هذا البيت الجميل الذي يشرف على البحر في اجمل مدينة ساحلية يقصدها السياح من اطراف العالم لما تتميز به من جمال شواطئها وشمسها المشرقة وطابعها المعماري الذي خلٌفته حضارات عديدة مرت عليها.....تاتيه كل سنة في فصل الصيف مع اسرتها الصغيرة لتقضي العطلة الصبفية ثم تعود الي حيث تعيش بقية السنة وتباشر عملها هي وزوجها .......وبينما هي مستغرفة في التفكير ......شاردة الذهن .....في حالة استرجاء على مقعدها المتارج .....يتناهى الى سمعها صوت اغنية لفيروز بصوتها الملائكي اذ تدخل عليها ابنتها سارة وتقطع عليها وحدتها بصوتها الجهوري الذي تتخلله نبرات الاستعطاف والدلال ......ماما اريد ان ننزل البحر ليلا ....كم اهوى السباحة ليلا ....ارجوك وافقي يا امي لقد اتفقت مع صديقاتي ان نلتقي على الشاطئ ونسهر معا.........نظرت اليها الام بتظرات معاتبة وردت عليها بنبرة حادة :الم اقل لك قبلا ان لا سباحة ليلا؟.....لماذا تلحٌين في الطلب؟
- ولكن لماذا يا امي؟
- اولا لان اباك مسافر ولا يعود الا غدا.......ثانيا لاني اخاف من البحر ليلا .....ثالثا اخشى عليكم من التهور عند السباحة والتوغل في المياه....ماذا لو غرق احدكم .....هل اكون قد حافظت على الامانة؟......
- اعدك يا امي ان نسبح قريبا منك وعلى بعد امتار منك.
وافقت الام على مضض ....كانت تعلم انها لا تقدر ان تقاوم رغبة ابنتها....انها تحبها كثيرا ....هي بمثابة صديقتها احيانا كثيرة تحكي لها بعض اسرارها او ذكرياتها......
وصلت سلمى الى الشاطئ مع ابنتها التي التقت بصاحباتها ورحن يسبحن معا في جو من المرح والصخب وبقيت سلمى فترة وهي جالسة على حافة البحر تراقب الامواج وهي تلامس الرمال بانسياب وعذوبة وكانها تداعبها ......فكرت بابنها احمد الذي تركته في البيت ....رفض ان ياتي معهم وبقي مشغولا بالعاب الفيديو ......لا شك انه سيقوم باحدى الحماقات كعادته.......
احست ان البحر يجذ بها رغم انها تخاف هذه الظلمة ولكنها في لحظة قررت ان تنزل في مياهه ....ان تنعم بالسباحة لتطفئ حرارة جسدها ........فخطت خطوات ثم قفزت في الماء وكانها تعانق البحر عناق حبيبة مشتاقة.........واخذت تتعمق شيئا فشيئا نسيت كل من يحيطون بها ........استمرت في السباحة .....وفجاة وكانها استفاقت من غفوتها ارادت العودة فلم تقدر وجدت انها في مياه عميقة شعرت بخوف شديد ......وارتبكت حركاتها واخذت تتخبط في محاولة يائسة للخروج من هذا المأزق....استحضرت حركات السباحة التي تعلمتها قبلا....لكن لا فائدة .........الخوف تملكها ......اوقف تفكيرها ......أيقنت انها هالكة لا محالة فصرخت تطلب النجدة باعلى صوتها.........النجدة انقذوني .....اني اغرق....اني اغرق..............
وفي تلك الاثناء كان هناك رجل يسبح غير بعيد عنها سمع صراخها المتقطع ..اسرع نحوها بكل قوة واندفاع ....وكان من حركاته تعرف انه سباح ماهر ....كان يخبط المياه
بذراعيه القويتين الى ان وصل اليها....اخذ يدفعها الى الامام دون ان يتركها تتشبٌث به حتى لا تشل حركته .....ثم اخذ يسحبها بقوة ليخرجها من تلك الدائرة وعندما اقترب من الشاطئ حملها بين ذراعيه ومشى بها بخطى بطيئة ليضعها برفق على الرمال.......كانت سلمى خائرة القوى ....في حالة يرثى لها ....فقد شربت كمية كبيرة من الماء ومن شدة الخوف اغمي عليها.........حاول الرجل اسعافها واخراج كمية الماء التي ابتلعتها......ثم حاول معها عملية التنفس الاصطناعي.......فوضع فاه على فاها واخذ ينفخ بقوة الى ان شهقت انفاسها.......افاقت فوجدت نفسها في ذلك الوضع الغريب مع رجل لا تعرفه في مكان ما على الشاطئ ....يكاد يكون خاليا من المصطافين.....تلفهما الظلمة وقد انحنى فوقها ......دفعته بحركة تلقائية وقد فتحت عيناها وهي في حالة ذعر ......استعادت بسرعة ما حصل وعرفت ان هذ الرجل هو من انقذها من الموت .......تمتمت تشكره وتدعو له بالخير بصوت مبحوح ومتقطع .....استوت جالسة وتبينت ملامح الرجل الذي يجلس قبالتها......التقت عيناها بعينيه......يا للمفاجأة .....إنها تعرف هاتين العينين جيدا من قبل وهذه الملامح وهذه الابتسامة...........إنه هو.......نعم هو ........نظرت اليه مليا وهي في حالة ذهول ونطقت شفتاها ببعض الكلمات......:غير معقول....انت؟....احمد.. يا للصدفة بعد كل هذه السنوات نلتقي .....وفي هذه الظروف.........امسك بيديها وهو غير مصدق انها تلك الفتاة التي احبها وتمنى ان تكون زوجته ولكن الظروف حالت بينهما.......: يااااه انت حبيبتي سلمى.......كيف انت ؟ ...لا اصدق يا احمد اني التقيك بعد سبعة عشر سنة فاستطرد هو وشهران وعشرة ايام.......فابتسمت وهي تنظر الي عينيه في وداعة .....وبعد لحظات صمت نطقت فيها العيون تذوب حنين السنين.....تكلم احمد بصوت تطغى عليه نبرة الالم....."لم انس يوما حبك يا سلمى انت تعيشين داخلي ......معي في كل لحظة تمر بي.....رغم انك فضلت عني رجلا اخر ولكني لم استطع نسيانك ولا كرهك.......من يحب بصدق ......حبا حقيقيا لا يعرف الكره طريقه الى قلبه.......المهم ليس وقت عتاب الان....اخبريني كيف انت؟ هل انت سعيدة هل ؟؟.....هل.... انهال يطرح اسئلة تراكمت في ذهنه طيلة السنوات التي مرت..........كان شوقه اليها لا يوصف..........اما سلمى فقد نسيت للحظات انها تزوجت غيره وعادت بها الذاكرة الى ايام مرت اختزنت في الذاكرة كاجمل فترة من حياتها.......كان اول حب في حياتها.....واخر حب ...لانها بعده لم تعرف الحب قط.....كان يعملان معا وعاشا قصة حب جميلة انتهت بفراق بدون وداع......حيث تزوجت هي من رجل غني اختاره لها ابوها الذي رفض خطوبتها من احمد ا لذي كان كل عيبه انه مازال في بداية حياته لا يملك سوى مرتبه ....وكانت نهاية حبهما تعيسة لكل منهما .
......امسك يدها وسالها ما بك حبيبتي ؟ هل انت بخير؟ هل احملك الى المستشفى؟........ردت عليه بصوت منخفض وحزين .....انا بخير اريد العودة الى البيت.....يجب ان التقي بابنتي انها تسبح مع صدياتها في مكان غير بعيد من هنا......
ساعدها على الوقوف ...ووضع يده على خصرها لتتكئ عليه وكتفه يلامس كتفها ...مشيا ببطء وفي الاثناء همس لها انه ينتظرها غدا في نفس المكان.............كم شعرت بالشوق اليه....بالدفء.....بالحب الذي لم يمت يوما في فؤادها.....كانت تود لو انها ارتمت في احضانه.....تبكي على كتفه وتشكوه قساوة الايام ومرارة الحياة بدون حبه......كيف تعيش الحرمان العاطفي منذ ان فارقها.....كانت تريد ان تعتذر له انها لم تكن بمستوى حبه ولم تقاوم سلطة ابيها وامها ....لم تقاوم العرف والتقاليد.....كيف ضعفت وضحت بحبها...........كانت تريد ان تخبره انها ليست سعيدة وانها لم تعرف الحب بعده ولكنها تمالكت نفسها وكتمت كل مشاعرها وتماسكت وتظاهرت بالقوة......ولم تنبس بكلمة مما دار في ذهنها......وما هي الا دقائق خالتها ساعات حتى وصلت الى حيث تجمعت ابنتها مع صديقاتها وعندما علموا بالامر التففن حولها يطمئنون عليها ......
أوت الى فراشها بعد ان استحمت وجففت شعرهاواستلقت متهالكة على الفراش وهي لا تكاد تصدق ما حصل لها هذه الليلة من احداث مثيرة......مواجهة الموت من جهة ومواجهة الحب الاول من جهة اخرى.......استرجعت احداثا مضت وهي تبتسم....ما اجمل لحظات الحب والسعادة التي عاشتها معه.....صحيح ان العمر ليس بالسنوات التي نحياها بل باللحظات السعيدة فقط التي ترسخ في اعماقنا ....نظل نذكرها بكل حنين ....بكل ود وراحة نفسية ونعيش عليها بقية العمر............اخرجت من صندوق صغير كتابا به ورقة مطوية احتفظت بها طويلا .....هي صورة برفايلها رسمها لها احمد ذات يوم واهداها لها ........كان موهوبا في الرسم.....وبقت سهرانة الى طلوع الفجر...........يداعبها طبفه تارة وتناجيها عيناه الحالمتين....... وفي الصباح افاقت سعيدة ....مبتسمة.....وقفت امام المرآة لترى جسدها الفاتن الجميل......هل لازت جميلة؟ ترى كيف وجدني ؟ هل تزوج من هي اجمل مني ؟....لا شك انه لازال يحبني .......عيناه تنطقان حبا وحركاته وصوته ولهفته عليها.....ثم تتذكر زوجها وعودته بعد بضع ساعات فتغيب البتسامة وتقطب الجبين عابسة.......انها لم تعرف معه طعم السعادة ....سامح الله اباها الذي أقنعها ان الحب يولد مع العشرة.....وتمتمت قائلة :حكمت عليا بالموت البطيء يا ابي.....ماذا أنا فاعلة بالفيلا ....بالمال....بالسيارة ؟؟؟ ها انا اعيش الحرمان العاطفي والجسدي حياتي صحراء قاحلة جافة .... لا غيمة حب ترويها ولا كلمة حلوة تنعشها لا شيء سوى النفور والخصام لاتفه الاسباب.....كل يعيش في عالمه .....كٌل له طباعه المختلفة عن الاخر.....تنهٌدت واطرقت وهي تجلش القرفصاء على سريرها وشعرها الاسود الجميل ينسدل على كتفيها كقطعة من حرير .......ماذا افعل ؟ هذا قدري.....هذا حظي ....ماذا لو طلبت منه الطلاق؟ ولكن ابنائي ما مصيرهم؟هل اضحي بسعادتهم من اجل انانيتيي؟......لا..........لن افعلها.... سابقى سجينة تعاستي وحرماني........ياضحي بحياتي مقابل امومتي......سانفي وجودي وأخنق عواطفي لاعيش فقط لابنائي....هكذا هي الام والا فما هي الامومة اذن ؟تحركت نحو النافذة لتلقي نظرة من الشرفة تطل على البحر وشروق الشمس كما عادتها كل يوم .......فتراجعت خطوات وهي مأخوذة ......ثم تقدمت مرة اخرى لتتاكد مما رات عيناها......انه هو يقف غير بعيد عن البيت ينظر باتجاهها .....أشار اليها يحييهاوالابتسامة على شفتيه....ترددت قليلا ثم ردت التحية باشارة خفيفة ومرتبكةوتراجعت الى الداخل وقد ايقنت انه قد تبعها وعرف عنوانها....وانه يفكر بها مثلما فكرت به ....وانه لم ينم الليل مثلها..........يا لهذا الحب الذي كان كالنار تحت الرماد ...لازال يلتهب في الفؤاد........
لبست فستانا مكشوفا يبرز مفاتن جسدها الغض الجميل واطلقت شعرها الاسود الطويل بحرية ينساب على كتفيها وتناثرت بعض خصلات منه على جبينها اللجين تزيد من جمال وجهها .....كانت بيضاء البشرة ....ذات عينين دعجاوين .....وانف شامخ في الفضاء يوحي بالاستعلاء والثقة بالنفس ......انثى تثير الفتنة بالقلوب وتحرك شهوة النفوس.....تجمٌلت وتعطٌرت بعطر تعوٌدت ان تضعه دوما....كان احمد يعشقه ويحبه كثيرا..... نزلت الى الشارع متجهة الى مغازة قريبة لتبتضع بعض لوازم المطبخ وفطور الصباح........وتركت ابنها احمد وابنتها سارة وهما يغطان في نوم عميق......انه سمٌت ابنها بهذا الاسم حتى لا ينقطع لسانها عن النداء به......وما ان مشت خطوات حتى لحق بها احمد في خطى حثيثة ووجهه مشرق بابتسامة عريضة ......اقترب منها وهمس لها :صباح الخير على اجمل وردة.......صباح الحير يا قمري الغالي ......انه اجمل يوم في حياتي......كيف اصبحتي اليوم يا حياتي؟....... ردت عليه بصوت متلعثم وفد ارتبكت خطواتها وكأن العالم كله يرقبها....صباح الخير يا احمد......انا بخير ....اشكرك كيف عرفت بيتي هل تبعتني؟.. -نعم يا حياتي وهل اترك هذه الفرصة تضيع مني وقد قضيت عمري انتظرها....وابحث عن اي خيط يوصلني بك بعد ان تزوجت وسافرت مع زوجك وانقطعت عني اخبارك؟ -العمر يمضي يا احمد .....والظروف تحكمنا.....احيانا تجرفنا برغم عنا فنضيع في وسط الزحام........ - انا لم اتغبر .....لازلت كما تركتني......عزفت عن جميع النساء ......لم اتزوج حتى الساعة .....لا ارى في النساء واحدة تملأ مكانك.....او تملا قلبي...... - بالله عليك يا احمد لا تقل هذا الكلام ....لماذا تفعل هذا بنفسك؟....لماذا تترك عمرك يضيع من اجل حب مضى واصبح ماض؟ استمرٌا في الحديث والعتاب ولم يشعرا بالوقت.....ونسيت سلمى ما خرجت من اجله......تمشيا على شاطئ البحر ....ينتقلان من موضوع الى اخر.....وجرٌهما الحديث الى مشروعه الذي لاقى نجاحا كبيرا في تلك المدينة .....كان يحب الرسم وموهوبا فيه....منذ ايام الجامعة وانه منذ فارقته انكب على فنه التشكيلي.... يرسم لوحاته بكل احساس وروعة وجمال.....يصور فيها حزنه والمه وفرحه واحلامه........ رافقته سلمى الى حيث يقيم معرضه ....يعرض فيها فنه ولوحاته......وعندما وصلا ....فسح لها الطريق باشارة انحاء قائلا:تفضلي يا اميرتي ......مرحبا بك في عالمك السحري الجميل......ابتسمت وشكرته على رقته ولطفه لطالما احبت فيه هذه الرومنسية . دخلت تتمشى في الرواق الجميل الذي تحفه باقات الزهور....وقد انتشر الزائرون هنا وهناك امام كل لوحة يتأملونها باعجاب ..... رفعت عينيها الى اول لوحة فصدمت مما رأت...اسرعت الى اللوحة الثانية.......ثم الثالثة.....ثم الى اخرى انها لا تكاد تصدق ما ترى ........جميع لوحات المعرض تجمل صورتها ....بروفايلها .....وجهها يندسٌ في كل اللوحات...انها هي بوجهها القمري الجميل ...بعينيها الواسعتين وفمها القرمزي المثير...... أصيبت بحالة من الذهول ونظرت اليه والدموع تترقرق في عينيهاولم تقدر على الكلام........كانت دموعها افضل تعبير عن الحالة النفسية التي تعتريها امسك بيدها ومضى بها نحو لوحة كبيرة في اخر القاعة اشار اليها قائلا ....انظري اليها ....الست ملاكا يا حبيبتي؟......كانت تتصدر اللوحة بفستان ابيض جميل وكانها عروسا او ملاكا نزل من السماء......
- هذه انت كما في خيالي وفي قلبي وعقلي ..... اسرعت سلمى بالخروج وهي تجري وكأنها تهرب من شيء ما...وقد اجهشت بالبكاء من شدة التأثٌر..........لحق بها وهو مستاء .... - لم اقصد ازعاجك يا سلمى سامحيني ارجوك.... - احمد ارجوك انا زوجة وام ....ماذا تفعل بي ؟ انت تفجٌر داخلي طاقة حب خلته مات واصبح من الماضي .....ارجوك دعني ارحل ولا تحاول ان تتصل بي او تراني ..... لا اقدر يا حبيبتي ...انا مجنون بك ....هذه بطاقتي فيها رقم هاتفي واميلي احتفظي بها ارجوك .....ولا تحرميني منك بعج اليوم ....لنبق على اتصال اطمئن عليك عن بعد.....يكفيني ان احس انك سعيدة لاكون سعيدا ....لن ازعجك ابدا يا حياتي...... تركته ورحلت مهرولة والبطاقة في يدها والدموع تسيل على خديها وقلبها يخفق بشدة تكاد تسمع دقاته...................
عادت سلمى الى البيت فوجدت سارة و احمد في المطبخ يعدٌان فطور الصباح ويجهزان لوازم البحر ......اتجهت مباشرة لغرفتها واغلقت على نفسها الباب متجاهلة نداءهما ....كانت تريد ان تخفي عنهما ما تمر به من اظطراب ومن علامات البكاء......
ارتمت على فراشها ولم تدر كم من الوقت مضى وهي على تلك الحال من الضياع والشرود......تسافر بها الفكر من رحلة الى اخرى......من شريط لاخر.....صراع بين الاحلام والواقع......بين الرغبات المكبوتة وبين الضمير الذي ما انفك يؤنبها.......أفاقت على صوت رنة الموبايل....انه صوت زوجها.... جاء بالوقت المناسب ليوقظها من غفوتها...تنهدت الصعداء وكانها غريق وجد قشة النجاة......جاءها صوته هادئا ....يعلمها انه يعتذر عن القدوم اليوم وانه مرهق ويؤجل الزيارة للغد.....نطقت بسرعة ولهفة ......يوسف تعال الان .....احتاج اليك.....رد :-اسف حبيبتي اليوم يتعذر علي ذلك ...غدا اكون معك ان شاء الله....وقفل الخط
بقيت مطرقة تفكر بعمق .....لماذا وصلت علاقتها بزوجها الى هذه الدرجة من البرود والفتور ....؟ومن السبب في ذلك ؟ هي ام هو؟....قد يكون احس بانها لا تحبه منذ اول يوم من زواجهما....قد تكون مقصرة في اظهار حبها له........وقد يكون هو ايضا مقصر ......باهماله لها....كم كانت تتمنى ان تسمع منه كلمة اعجاب....كلمة احبك... حركة اهتمام .....باقة زهور......هدية بسيطة...اي حركة تدل على حبه لها ......اصبحت علاقتهما اشبه بالقيام بواجب فقط ....بلا روح.....بلا مشاعر
ثم خرجت من غرفتها...... وانشغلت باعمال البيت وقد قررت ان تحبس نفسها اليوم في البيت حتى لا ترى احمد او تلتقي به في اي مكان......وفي المساء تركت ابنيها في البيت واوصتهما بعدم الخروج لانها مسافرة لتقضي الليل مع ابيهما وستعود غدا معه في الصباح الباكر.......نعم قررت ان تفاجئه بسهرة جميلة وفي نفس الوقت تطمئن عليه ....وتحسسه انها اشتاقت اليه جدا....
أدارت مفتاح الشقة وفتحت الباب بهدوء وهي تحمل كيسا به عشاءاعدته لهما خصيصا .....دخلت وماكادت تخطو خطوات قليلة حتى تناهى الى سمعها اصوات متاتية من غرفة النوم......خفق قلبها بشدة حتى كاد يخرج من بين ضلوعها.....ماذا تسمع؟.....اصوات ضحكات لامراة بغنج ودلال .....اتجهت الى الغرفة وفتحت الباب بيد مرتعشة ......ليقع بصرها على زوجها يخونها مع اخرى وعلى فراش الزوجية.............ومع من ؟ مع صديقتها وجارتها آمنة.......تراجع الى الوراء وهي تصرخ لالالالالا....لالالا مش ممكن ......غير معقول ....ثم اندفعت تجري مغادرة المكان في حالة هيستريا وجنون.......
تبعها زوجها وهو يصيح ....سلمى انتظري ارجوك.......
ولكنه ماكاد يخرج من باب البيت حتى شاهد ابشع حادثة اقترفتها يداه......كانت سلمى ملقاة في الطريق وقد صدمتها سيارة ............
........بعد ايام من الغيبوبة افاقت سلمى لتجد نفسها بالمستشفى يحيط بها الاهل والاقارب وبجانبها ابنتها وابنها وعلى بعد خطرات يقف زوجها ينظر اليها وفي نظراته انكسار واسف....اشارت اليه ان اخرج .....لا تريد رؤيته.....
بقيت سلمى في المستشفى تعالج من رضوض وكسر في رجلها اليمنى ....
وذات صباح وجدته امامها ........ انه احمد جاء وهو يحمل لها باقة من الزهور التي تحبها وعلبة من الشوكولاطة التي تعشقها....نظرت اليه واجهشت بالبكاء.....................


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.