الفريق أسامة عسكر يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    ارتفاع أسعار الفول والزيت وتراجع اللحوم اليوم الجمعة (موقع رسمي)    سها جندي: ندرس إنشاء مراكز متخصصة لتدريب الراغبين في الهجرة    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    إسرائيل تُعلن استعادة 3 جثث لرهائن من قطاع غزة    موعد مباراة الأهلي والزمالك لحسم لقب دوري المحترفين لكرة اليد    رسميًا| ميلان يعلن رحيل بيولي عن تدريب الفريق (فيديو)    طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": انخفاض في الحرارة يصل ل 5 درجات بهذه المناطق    رفع 36 سيارة ودراجة نارية متهالكة.. خلال 24 ساعة    غدا، 815 ألف طالب يبدأون امتحانات الدبلومات الفنية التحريرية 2024    معدية أبوغالب.. انتشال جثة "جنى" آخر ضحايا لقمة العيش    قرارات جمهورية هامة ورسائل رئاسية قوية لوقف نزيف الدم بغزة    في ختام دورته ال 77 مهرجان «كان» ما بين الفن والسياسة    تجديد ندب أنور إسماعيل مساعدا لوزير الصحة لشئون المشروعات القومية    ألين أوباندو.. مهاجم صاعد يدعم برشلونة من "نسخته الإكوادورية"    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يطالب بالاستخدام الأمثل للموازنة الجديدة في الصيانة والمستلزمات السلعية    تراجع مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    سويلم يلتقى وزير المياه والري الكيني للتباحث حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين    «الجيل»: التشكيك في المفاوضات المصرية للهدنة هدفها استمرار الحرب وخدمة السيناريو الإسرائيلي    مصرع 14 شخصاً على الأقلّ في حريق بمبنى في وسط هانوي    نائبة رئيس الوزراء الإسباني تثير غضب إسرائيل بسبب «فلسطين ستتحرر»    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    17 رسالة من «التربية والتعليم» لطمأنة الطلاب    «المعلمين» تطلق غرفة عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية غدًا    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    أسعار الخضروات اليوم 24 مايو في سوق العبور    نقيب المحامين الفلسطينيين: دعم أمريكا لإسرائيل يعرقل أحكام القانون الدولي    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    ألمانيا: سنعتقل نتنياهو    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تدرس تعيين مستشار مدني لإدارة غزة بعد الحرب    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    نقابة المهندسين بالغربية تنظم لقاء المبدعين بطنطا | صور    قطاع السيارات العالمي.. تعافي أم هدوء قبل العاصفة؟    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    أشرف بن شرقي يقترب من العودة إلى الزمالك.. مفاجأة لجماهير الأبيض    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    عائشة بن أحمد تعلن اعتزالها التمثيل مؤقتا: شغل دلوقتي لأ.. عايزة استمتع بحياتي شوية    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    وزير الخارجية البحرينى: زيارة الملك حمد إلى موسكو تعزيز للتعاون مع روسيا    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحر والحب الأول ... قصة
نشر في شموس يوم 15 - 01 - 2013

جلست سلمى في الشرفة كعادتها كل يوم عند المغيب ترقب الشمس وهي تختفي ببطء في الافق البعيد.....تغوص في اعماق البحر مخلٌفة وراءها ذلك اللون الارجواني الذي ترتاح له سلمى كثيرا ......انها تعشق تلك اللحظات التي تعيشها كل يوم في صمت واسترحاء بعد تعب يوم كامل من السباحة واشغال البيت .......
انها تسكن هذا البيت الجميل الذي يشرف على البحر في اجمل مدينة ساحلية يقصدها السياح من اطراف العالم لما تتميز به من جمال شواطئها وشمسها المشرقة وطابعها المعماري الذي خلٌفته حضارات عديدة مرت عليها.....تاتيه كل سنة في فصل الصيف مع اسرتها الصغيرة لتقضي العطلة الصبفية ثم تعود الي حيث تعيش بقية السنة وتباشر عملها هي وزوجها .......وبينما هي مستغرفة في التفكير ......شاردة الذهن .....في حالة استرجاء على مقعدها المتارج .....يتناهى الى سمعها صوت اغنية لفيروز بصوتها الملائكي اذ تدخل عليها ابنتها سارة وتقطع عليها وحدتها بصوتها الجهوري الذي تتخلله نبرات الاستعطاف والدلال ......ماما اريد ان ننزل البحر ليلا ....كم اهوى السباحة ليلا ....ارجوك وافقي يا امي لقد اتفقت مع صديقاتي ان نلتقي على الشاطئ ونسهر معا.........نظرت اليها الام بتظرات معاتبة وردت عليها بنبرة حادة :الم اقل لك قبلا ان لا سباحة ليلا؟.....لماذا تلحٌين في الطلب؟
- ولكن لماذا يا امي؟
- اولا لان اباك مسافر ولا يعود الا غدا.......ثانيا لاني اخاف من البحر ليلا .....ثالثا اخشى عليكم من التهور عند السباحة والتوغل في المياه....ماذا لو غرق احدكم .....هل اكون قد حافظت على الامانة؟......
- اعدك يا امي ان نسبح قريبا منك وعلى بعد امتار منك.
وافقت الام على مضض ....كانت تعلم انها لا تقدر ان تقاوم رغبة ابنتها....انها تحبها كثيرا ....هي بمثابة صديقتها احيانا كثيرة تحكي لها بعض اسرارها او ذكرياتها......
وصلت سلمى الى الشاطئ مع ابنتها التي التقت بصاحباتها ورحن يسبحن معا في جو من المرح والصخب وبقيت سلمى فترة وهي جالسة على حافة البحر تراقب الامواج وهي تلامس الرمال بانسياب وعذوبة وكانها تداعبها ......فكرت بابنها احمد الذي تركته في البيت ....رفض ان ياتي معهم وبقي مشغولا بالعاب الفيديو ......لا شك انه سيقوم باحدى الحماقات كعادته.......
احست ان البحر يجذ بها رغم انها تخاف هذه الظلمة ولكنها في لحظة قررت ان تنزل في مياهه ....ان تنعم بالسباحة لتطفئ حرارة جسدها ........فخطت خطوات ثم قفزت في الماء وكانها تعانق البحر عناق حبيبة مشتاقة.........واخذت تتعمق شيئا فشيئا نسيت كل من يحيطون بها ........استمرت في السباحة .....وفجاة وكانها استفاقت من غفوتها ارادت العودة فلم تقدر وجدت انها في مياه عميقة شعرت بخوف شديد ......وارتبكت حركاتها واخذت تتخبط في محاولة يائسة للخروج من هذا المأزق....استحضرت حركات السباحة التي تعلمتها قبلا....لكن لا فائدة .........الخوف تملكها ......اوقف تفكيرها ......أيقنت انها هالكة لا محالة فصرخت تطلب النجدة باعلى صوتها.........النجدة انقذوني .....اني اغرق....اني اغرق..............
وفي تلك الاثناء كان هناك رجل يسبح غير بعيد عنها سمع صراخها المتقطع ..اسرع نحوها بكل قوة واندفاع ....وكان من حركاته تعرف انه سباح ماهر ....كان يخبط المياه
بذراعيه القويتين الى ان وصل اليها....اخذ يدفعها الى الامام دون ان يتركها تتشبٌث به حتى لا تشل حركته .....ثم اخذ يسحبها بقوة ليخرجها من تلك الدائرة وعندما اقترب من الشاطئ حملها بين ذراعيه ومشى بها بخطى بطيئة ليضعها برفق على الرمال.......كانت سلمى خائرة القوى ....في حالة يرثى لها ....فقد شربت كمية كبيرة من الماء ومن شدة الخوف اغمي عليها.........حاول الرجل اسعافها واخراج كمية الماء التي ابتلعتها......ثم حاول معها عملية التنفس الاصطناعي.......فوضع فاه على فاها واخذ ينفخ بقوة الى ان شهقت انفاسها.......افاقت فوجدت نفسها في ذلك الوضع الغريب مع رجل لا تعرفه في مكان ما على الشاطئ ....يكاد يكون خاليا من المصطافين.....تلفهما الظلمة وقد انحنى فوقها ......دفعته بحركة تلقائية وقد فتحت عيناها وهي في حالة ذعر ......استعادت بسرعة ما حصل وعرفت ان هذ الرجل هو من انقذها من الموت .......تمتمت تشكره وتدعو له بالخير بصوت مبحوح ومتقطع .....استوت جالسة وتبينت ملامح الرجل الذي يجلس قبالتها......التقت عيناها بعينيه......يا للمفاجأة .....إنها تعرف هاتين العينين جيدا من قبل وهذه الملامح وهذه الابتسامة...........إنه هو.......نعم هو ........نظرت اليه مليا وهي في حالة ذهول ونطقت شفتاها ببعض الكلمات......:غير معقول....انت؟....احمد.. يا للصدفة بعد كل هذه السنوات نلتقي .....وفي هذه الظروف.........امسك بيديها وهو غير مصدق انها تلك الفتاة التي احبها وتمنى ان تكون زوجته ولكن الظروف حالت بينهما.......: يااااه انت حبيبتي سلمى.......كيف انت ؟ ...لا اصدق يا احمد اني التقيك بعد سبعة عشر سنة فاستطرد هو وشهران وعشرة ايام.......فابتسمت وهي تنظر الي عينيه في وداعة .....وبعد لحظات صمت نطقت فيها العيون تذوب حنين السنين.....تكلم احمد بصوت تطغى عليه نبرة الالم....."لم انس يوما حبك يا سلمى انت تعيشين داخلي ......معي في كل لحظة تمر بي.....رغم انك فضلت عني رجلا اخر ولكني لم استطع نسيانك ولا كرهك.......من يحب بصدق ......حبا حقيقيا لا يعرف الكره طريقه الى قلبه.......المهم ليس وقت عتاب الان....اخبريني كيف انت؟ هل انت سعيدة هل ؟؟.....هل.... انهال يطرح اسئلة تراكمت في ذهنه طيلة السنوات التي مرت..........كان شوقه اليها لا يوصف..........اما سلمى فقد نسيت للحظات انها تزوجت غيره وعادت بها الذاكرة الى ايام مرت اختزنت في الذاكرة كاجمل فترة من حياتها.......كان اول حب في حياتها.....واخر حب ...لانها بعده لم تعرف الحب قط.....كان يعملان معا وعاشا قصة حب جميلة انتهت بفراق بدون وداع......حيث تزوجت هي من رجل غني اختاره لها ابوها الذي رفض خطوبتها من احمد ا لذي كان كل عيبه انه مازال في بداية حياته لا يملك سوى مرتبه ....وكانت نهاية حبهما تعيسة لكل منهما .
......امسك يدها وسالها ما بك حبيبتي ؟ هل انت بخير؟ هل احملك الى المستشفى؟........ردت عليه بصوت منخفض وحزين .....انا بخير اريد العودة الى البيت.....يجب ان التقي بابنتي انها تسبح مع صدياتها في مكان غير بعيد من هنا......
ساعدها على الوقوف ...ووضع يده على خصرها لتتكئ عليه وكتفه يلامس كتفها ...مشيا ببطء وفي الاثناء همس لها انه ينتظرها غدا في نفس المكان.............كم شعرت بالشوق اليه....بالدفء.....بالحب الذي لم يمت يوما في فؤادها.....كانت تود لو انها ارتمت في احضانه.....تبكي على كتفه وتشكوه قساوة الايام ومرارة الحياة بدون حبه......كيف تعيش الحرمان العاطفي منذ ان فارقها.....كانت تريد ان تعتذر له انها لم تكن بمستوى حبه ولم تقاوم سلطة ابيها وامها ....لم تقاوم العرف والتقاليد.....كيف ضعفت وضحت بحبها...........كانت تريد ان تخبره انها ليست سعيدة وانها لم تعرف الحب بعده ولكنها تمالكت نفسها وكتمت كل مشاعرها وتماسكت وتظاهرت بالقوة......ولم تنبس بكلمة مما دار في ذهنها......وما هي الا دقائق خالتها ساعات حتى وصلت الى حيث تجمعت ابنتها مع صديقاتها وعندما علموا بالامر التففن حولها يطمئنون عليها ......
أوت الى فراشها بعد ان استحمت وجففت شعرهاواستلقت متهالكة على الفراش وهي لا تكاد تصدق ما حصل لها هذه الليلة من احداث مثيرة......مواجهة الموت من جهة ومواجهة الحب الاول من جهة اخرى.......استرجعت احداثا مضت وهي تبتسم....ما اجمل لحظات الحب والسعادة التي عاشتها معه.....صحيح ان العمر ليس بالسنوات التي نحياها بل باللحظات السعيدة فقط التي ترسخ في اعماقنا ....نظل نذكرها بكل حنين ....بكل ود وراحة نفسية ونعيش عليها بقية العمر............اخرجت من صندوق صغير كتابا به ورقة مطوية احتفظت بها طويلا .....هي صورة برفايلها رسمها لها احمد ذات يوم واهداها لها ........كان موهوبا في الرسم.....وبقت سهرانة الى طلوع الفجر...........يداعبها طبفه تارة وتناجيها عيناه الحالمتين....... وفي الصباح افاقت سعيدة ....مبتسمة.....وقفت امام المرآة لترى جسدها الفاتن الجميل......هل لازت جميلة؟ ترى كيف وجدني ؟ هل تزوج من هي اجمل مني ؟....لا شك انه لازال يحبني .......عيناه تنطقان حبا وحركاته وصوته ولهفته عليها.....ثم تتذكر زوجها وعودته بعد بضع ساعات فتغيب البتسامة وتقطب الجبين عابسة.......انها لم تعرف معه طعم السعادة ....سامح الله اباها الذي أقنعها ان الحب يولد مع العشرة.....وتمتمت قائلة :حكمت عليا بالموت البطيء يا ابي.....ماذا أنا فاعلة بالفيلا ....بالمال....بالسيارة ؟؟؟ ها انا اعيش الحرمان العاطفي والجسدي حياتي صحراء قاحلة جافة .... لا غيمة حب ترويها ولا كلمة حلوة تنعشها لا شيء سوى النفور والخصام لاتفه الاسباب.....كل يعيش في عالمه .....كٌل له طباعه المختلفة عن الاخر.....تنهٌدت واطرقت وهي تجلش القرفصاء على سريرها وشعرها الاسود الجميل ينسدل على كتفيها كقطعة من حرير .......ماذا افعل ؟ هذا قدري.....هذا حظي ....ماذا لو طلبت منه الطلاق؟ ولكن ابنائي ما مصيرهم؟هل اضحي بسعادتهم من اجل انانيتيي؟......لا..........لن افعلها.... سابقى سجينة تعاستي وحرماني........ياضحي بحياتي مقابل امومتي......سانفي وجودي وأخنق عواطفي لاعيش فقط لابنائي....هكذا هي الام والا فما هي الامومة اذن ؟تحركت نحو النافذة لتلقي نظرة من الشرفة تطل على البحر وشروق الشمس كما عادتها كل يوم .......فتراجعت خطوات وهي مأخوذة ......ثم تقدمت مرة اخرى لتتاكد مما رات عيناها......انه هو يقف غير بعيد عن البيت ينظر باتجاهها .....أشار اليها يحييهاوالابتسامة على شفتيه....ترددت قليلا ثم ردت التحية باشارة خفيفة ومرتبكةوتراجعت الى الداخل وقد ايقنت انه قد تبعها وعرف عنوانها....وانه يفكر بها مثلما فكرت به ....وانه لم ينم الليل مثلها..........يا لهذا الحب الذي كان كالنار تحت الرماد ...لازال يلتهب في الفؤاد........
لبست فستانا مكشوفا يبرز مفاتن جسدها الغض الجميل واطلقت شعرها الاسود الطويل بحرية ينساب على كتفيها وتناثرت بعض خصلات منه على جبينها اللجين تزيد من جمال وجهها .....كانت بيضاء البشرة ....ذات عينين دعجاوين .....وانف شامخ في الفضاء يوحي بالاستعلاء والثقة بالنفس ......انثى تثير الفتنة بالقلوب وتحرك شهوة النفوس.....تجمٌلت وتعطٌرت بعطر تعوٌدت ان تضعه دوما....كان احمد يعشقه ويحبه كثيرا..... نزلت الى الشارع متجهة الى مغازة قريبة لتبتضع بعض لوازم المطبخ وفطور الصباح........وتركت ابنها احمد وابنتها سارة وهما يغطان في نوم عميق......انه سمٌت ابنها بهذا الاسم حتى لا ينقطع لسانها عن النداء به......وما ان مشت خطوات حتى لحق بها احمد في خطى حثيثة ووجهه مشرق بابتسامة عريضة ......اقترب منها وهمس لها :صباح الخير على اجمل وردة.......صباح الحير يا قمري الغالي ......انه اجمل يوم في حياتي......كيف اصبحتي اليوم يا حياتي؟....... ردت عليه بصوت متلعثم وفد ارتبكت خطواتها وكأن العالم كله يرقبها....صباح الخير يا احمد......انا بخير ....اشكرك كيف عرفت بيتي هل تبعتني؟.. -نعم يا حياتي وهل اترك هذه الفرصة تضيع مني وقد قضيت عمري انتظرها....وابحث عن اي خيط يوصلني بك بعد ان تزوجت وسافرت مع زوجك وانقطعت عني اخبارك؟ -العمر يمضي يا احمد .....والظروف تحكمنا.....احيانا تجرفنا برغم عنا فنضيع في وسط الزحام........ - انا لم اتغبر .....لازلت كما تركتني......عزفت عن جميع النساء ......لم اتزوج حتى الساعة .....لا ارى في النساء واحدة تملأ مكانك.....او تملا قلبي...... - بالله عليك يا احمد لا تقل هذا الكلام ....لماذا تفعل هذا بنفسك؟....لماذا تترك عمرك يضيع من اجل حب مضى واصبح ماض؟ استمرٌا في الحديث والعتاب ولم يشعرا بالوقت.....ونسيت سلمى ما خرجت من اجله......تمشيا على شاطئ البحر ....ينتقلان من موضوع الى اخر.....وجرٌهما الحديث الى مشروعه الذي لاقى نجاحا كبيرا في تلك المدينة .....كان يحب الرسم وموهوبا فيه....منذ ايام الجامعة وانه منذ فارقته انكب على فنه التشكيلي.... يرسم لوحاته بكل احساس وروعة وجمال.....يصور فيها حزنه والمه وفرحه واحلامه........ رافقته سلمى الى حيث يقيم معرضه ....يعرض فيها فنه ولوحاته......وعندما وصلا ....فسح لها الطريق باشارة انحاء قائلا:تفضلي يا اميرتي ......مرحبا بك في عالمك السحري الجميل......ابتسمت وشكرته على رقته ولطفه لطالما احبت فيه هذه الرومنسية . دخلت تتمشى في الرواق الجميل الذي تحفه باقات الزهور....وقد انتشر الزائرون هنا وهناك امام كل لوحة يتأملونها باعجاب ..... رفعت عينيها الى اول لوحة فصدمت مما رأت...اسرعت الى اللوحة الثانية.......ثم الثالثة.....ثم الى اخرى انها لا تكاد تصدق ما ترى ........جميع لوحات المعرض تجمل صورتها ....بروفايلها .....وجهها يندسٌ في كل اللوحات...انها هي بوجهها القمري الجميل ...بعينيها الواسعتين وفمها القرمزي المثير...... أصيبت بحالة من الذهول ونظرت اليه والدموع تترقرق في عينيهاولم تقدر على الكلام........كانت دموعها افضل تعبير عن الحالة النفسية التي تعتريها امسك بيدها ومضى بها نحو لوحة كبيرة في اخر القاعة اشار اليها قائلا ....انظري اليها ....الست ملاكا يا حبيبتي؟......كانت تتصدر اللوحة بفستان ابيض جميل وكانها عروسا او ملاكا نزل من السماء......
- هذه انت كما في خيالي وفي قلبي وعقلي ..... اسرعت سلمى بالخروج وهي تجري وكأنها تهرب من شيء ما...وقد اجهشت بالبكاء من شدة التأثٌر..........لحق بها وهو مستاء .... - لم اقصد ازعاجك يا سلمى سامحيني ارجوك.... - احمد ارجوك انا زوجة وام ....ماذا تفعل بي ؟ انت تفجٌر داخلي طاقة حب خلته مات واصبح من الماضي .....ارجوك دعني ارحل ولا تحاول ان تتصل بي او تراني ..... لا اقدر يا حبيبتي ...انا مجنون بك ....هذه بطاقتي فيها رقم هاتفي واميلي احتفظي بها ارجوك .....ولا تحرميني منك بعج اليوم ....لنبق على اتصال اطمئن عليك عن بعد.....يكفيني ان احس انك سعيدة لاكون سعيدا ....لن ازعجك ابدا يا حياتي...... تركته ورحلت مهرولة والبطاقة في يدها والدموع تسيل على خديها وقلبها يخفق بشدة تكاد تسمع دقاته...................
عادت سلمى الى البيت فوجدت سارة و احمد في المطبخ يعدٌان فطور الصباح ويجهزان لوازم البحر ......اتجهت مباشرة لغرفتها واغلقت على نفسها الباب متجاهلة نداءهما ....كانت تريد ان تخفي عنهما ما تمر به من اظطراب ومن علامات البكاء......
ارتمت على فراشها ولم تدر كم من الوقت مضى وهي على تلك الحال من الضياع والشرود......تسافر بها الفكر من رحلة الى اخرى......من شريط لاخر.....صراع بين الاحلام والواقع......بين الرغبات المكبوتة وبين الضمير الذي ما انفك يؤنبها.......أفاقت على صوت رنة الموبايل....انه صوت زوجها.... جاء بالوقت المناسب ليوقظها من غفوتها...تنهدت الصعداء وكانها غريق وجد قشة النجاة......جاءها صوته هادئا ....يعلمها انه يعتذر عن القدوم اليوم وانه مرهق ويؤجل الزيارة للغد.....نطقت بسرعة ولهفة ......يوسف تعال الان .....احتاج اليك.....رد :-اسف حبيبتي اليوم يتعذر علي ذلك ...غدا اكون معك ان شاء الله....وقفل الخط
بقيت مطرقة تفكر بعمق .....لماذا وصلت علاقتها بزوجها الى هذه الدرجة من البرود والفتور ....؟ومن السبب في ذلك ؟ هي ام هو؟....قد يكون احس بانها لا تحبه منذ اول يوم من زواجهما....قد تكون مقصرة في اظهار حبها له........وقد يكون هو ايضا مقصر ......باهماله لها....كم كانت تتمنى ان تسمع منه كلمة اعجاب....كلمة احبك... حركة اهتمام .....باقة زهور......هدية بسيطة...اي حركة تدل على حبه لها ......اصبحت علاقتهما اشبه بالقيام بواجب فقط ....بلا روح.....بلا مشاعر
ثم خرجت من غرفتها...... وانشغلت باعمال البيت وقد قررت ان تحبس نفسها اليوم في البيت حتى لا ترى احمد او تلتقي به في اي مكان......وفي المساء تركت ابنيها في البيت واوصتهما بعدم الخروج لانها مسافرة لتقضي الليل مع ابيهما وستعود غدا معه في الصباح الباكر.......نعم قررت ان تفاجئه بسهرة جميلة وفي نفس الوقت تطمئن عليه ....وتحسسه انها اشتاقت اليه جدا....
أدارت مفتاح الشقة وفتحت الباب بهدوء وهي تحمل كيسا به عشاءاعدته لهما خصيصا .....دخلت وماكادت تخطو خطوات قليلة حتى تناهى الى سمعها اصوات متاتية من غرفة النوم......خفق قلبها بشدة حتى كاد يخرج من بين ضلوعها.....ماذا تسمع؟.....اصوات ضحكات لامراة بغنج ودلال .....اتجهت الى الغرفة وفتحت الباب بيد مرتعشة ......ليقع بصرها على زوجها يخونها مع اخرى وعلى فراش الزوجية.............ومع من ؟ مع صديقتها وجارتها آمنة.......تراجع الى الوراء وهي تصرخ لالالالالا....لالالا مش ممكن ......غير معقول ....ثم اندفعت تجري مغادرة المكان في حالة هيستريا وجنون.......
تبعها زوجها وهو يصيح ....سلمى انتظري ارجوك.......
ولكنه ماكاد يخرج من باب البيت حتى شاهد ابشع حادثة اقترفتها يداه......كانت سلمى ملقاة في الطريق وقد صدمتها سيارة ............
........بعد ايام من الغيبوبة افاقت سلمى لتجد نفسها بالمستشفى يحيط بها الاهل والاقارب وبجانبها ابنتها وابنها وعلى بعد خطرات يقف زوجها ينظر اليها وفي نظراته انكسار واسف....اشارت اليه ان اخرج .....لا تريد رؤيته.....
بقيت سلمى في المستشفى تعالج من رضوض وكسر في رجلها اليمنى ....
وذات صباح وجدته امامها ........ انه احمد جاء وهو يحمل لها باقة من الزهور التي تحبها وعلبة من الشوكولاطة التي تعشقها....نظرت اليه واجهشت بالبكاء.....................


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.