الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة
تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بداية تعاملات الجمعة 23 مايو 2025
أخبار × 24 ساعة.. حوافز استثمارية غير مسبوقة لتعزيز مناخ الأعمال فى مصر
جامعة دمنهور تشارك فى فعاليات إطلاق برنامج عمل "أفق أوروبا Horizon Europe" لعام 2025
خروجه مجانية.. استمتاع أهالى الدقهلية بالويك إند على الممشى السياحى.. صور وفيديو
بقيمة 19 ألف جنيه.. كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي تعبيراً عن الوحدة الوطنية
الضرائب تنفي الشائعات: لا نية لرفع أو فرض ضرائب جديدة.. وسياستنا ثابتة ل5 سنوات
مصطفى بكري لملاك الإيجار القديم: وسط البلد أغلبه اتباع.. والوحدة هترجعلك لكن بالقانون
أرقام رافينيا مع برشلونة بعد تمديد عقده حتى 2028
روسيا.. توقف الرحلات الجوية في مطاري فنوكوفو وجوكوفسكي بسبب تفعيل الدفاعات الجوية
انفجار كبير بمخزن أسلحة للحوثيين فى بنى حشيش بصنعاء
باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. النيران تلتهم عشرات السيارات والمنازل بكاليفورنيا جراء تحطم طائرة.. نتنياهو يتحدى القضاء ويعين رئيسا جديدا للشاباك.. بوتين يعلن منطقة عازلة مع أوكرانيا
شيخ الأزهر يُعزِّي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه
في حضور طارق حامد وجوميز.. الفتح يضمن البقاء بالدوري السعودي
دورة هامبورج: روبليف إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ فبراير
عامل يصيب نفسه بطلق ناري بالخطأ بطما في سوهاج
«الطقس× أسبوع».. درجات الحرارة «رايحة جاية» والأرصاد تحذر من الظواهر الجوية المتوقعة بالمحافظات
بسبب ماس كهربائي.. حريق محل مصوغات ذهبية في جرجا دون خسائر بشرية
مصرع ربة منزل في حريق مول شهير بشبرا الخيمة
دينا فؤاد: صحابي كانوا كتار ووقعوا مني في الأزمات.. بالمواقف مش عدد السنين
بعد الإفراج عن عمر زهران .. هالة صدقي توجه رسالة ل مرتضى منصور
خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025
اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين
كرة يد - موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية
الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد
بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار
بدون الأهلي «بطل آسيا».. تحديد رباعي السوبر السعودي 2025
وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة
سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025
تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية
جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك
فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة
اللقطات الأولى لحريق منطقة الروبيكي والحماية المدنية تدفع بتعزيزات (فيديو)
مصرع طالب أسفل عجلات قطار الركاب بمحطة كفر الدوار بالبحيرة
بالصور| حريق هائل بمصنع بمنطقة الروبيكي في العاشر من رمضان
مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بقنا
بعد غضب الزعيم.. كوريا الشمالية تفتح تحقيقًا بشأن حادث المدمرة
تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري
Spotify تحتفل بإطلاق أحدث ألبومات مروان موسى في مباراة "برشلونة"
عمرو سلامة: "الزمالك ضار أكتر بالصحة"
طرح البوسترات الترويجية لأبطال مسلسل «مملكة الحرير»
تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)
الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)
ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب
أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب
قباء.. أول مسجد بني في الإسلام
«المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟
«بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)
«لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟
مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين
"القومي للمرأة" ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان" النساء يستطعن التغيير"
تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج
«المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل
هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب
البابا تواضروس يستقبل وزير الشباب ووفدًا من شباب منحة الرئيس جمال عبدالناصر
وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر
جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الجمعة 23 مايو 2025
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
فِي ذِكْرَاه العَائِدَهْ ... الأديب التُّونِسي "محمود المِسْعدِي" ... مُبْدِعٌ جَدِيرٌ بإحْتِرَام الحَيَاة ْ... !
محيى الدين الشارنى
نشر في
شموس
يوم 14 - 12 - 2012
إذا أمْعَنَّا النَّظرَ وأجَدنَا تَسَلُّلَ التَّوقُّع في سَنَا يَاسَمِين ما رَسَمَه الأدِيب التُّونِسي "محمود المسعدي" مِنْ نَجَمَاتٍ مِنْ فَرْطِ حُلْمِهَا تَكَادُ تُضِيءُ ، لإنْتَبَهْنَا أنّ هَذا المُبْدع كان فيلسوفا راقِيًّا في أحوال الحياةِ وشاعرًا ، مَزَاهِرُ الشّذى فيه نَضَّاخَة الأكْمَام والأبْعَاد ، مُبدع أرادَ تَخْلِيصَ الفِكْر مِنْ أوثَان فُجَاجهِ ... أرادَ بدَهْشَةِ كِتَابَاتهِ أن يَتَمَادى فِيه الإنْغِمَارُ تَلَطُّفًا والإحْسَاسُ بجَوَانِح الأ ُقْحُوَان وأطْيَاف إنْعِتَاق كَفَاتِحَةِ تَاج وأسَاسْ ... أرادَ أنْ يَكُونَ مَلْمَحًا إسْتِثْنَاءا ... فَأسَّسَ مَنْشَأ مُتَفَرِّدا ... وإنْتَشَى في يَنَابيع رُبوعهِ كَوْنٌ حَدَاثِيٌّ رَخِيمٌ ، حَاوَرَ مِنْ خِلالِهِ طُلُولَ عَقْلِهِ ووَازَنَ بَنَفْسَجات شَدْوهِ وأخَذ برَمْز جُلُّنَار بَحْرهِ وبَاطِن سَوْسَن خَثَارَات لَذاذات فِكْرهِ إلى عَالَم جَمِيل رَحْبٍ يَطْمَحُ أنْ تُزْهِرَ الأمْطَارُ مِن بُدُورهِ كَفَيْرُوز التَّوَامُض والفِرَاسَةِ والزَّعْفَرَان .. عَالَمٌ لنْ يَفْهَمَ تِلالَ بَوْحِهِ إلاّ مَنْ أعْلَى البَصِيرة النَّافِذة التوّاقة إلى أمَل الخَلاص مِنْ بَرَاثِن القَدِيم الجَالِس قُدَّامَ بَوتَقَة المَوْتِ القَادِم مِنْ شَجَر التَّفَجُّع والإضْمِحْلال .. عَالَمٌ لنْ تُفَتَّحَ مَرَاميهِ إلا لِمَنْ صَادقَ التَّمَعُّنَ الجَيِّدَ والخَيَالَ الثَّاقِبَ ورَمَزَ لِصَوَابِ المَكَان لِلإلْتِحَافِ بِكَيْنُونةِ الوُجُودِ والشَّاهِدة والحَياة ...
وبرغم أنَّه أ ُتّهمَ بإشْتِعَالاتٍ وُجُوديّةٍ عَبَثيّة يَتَقدّمُ بهَا الفَيَضَانُ في أحَافِير التَّرَاشُق بذبُول التّراتِيل جَرَّاءَ خَلْط نَدَهَاتِ الصَّحْو بخَيْلاء الغُمُوض رقَّط وحَرَّرَ ما به من صِنْو زئبق ودُمُوع تُرَابْ ، فَقَدْ كان هذا الإتِّهَامُ رَهْبَة إخْفَاق في الإحَاطَة بتَوَاشيح أدَبهِ بمَا تُقَرُّ به عَيْنُ العَقْل القريب مِن تَبَاهُج الإدْرَاكِ وفَوَانِيس الإلْتِمَاع ..
وكُلُّ مَنْ لَمْ يُحَاكِ ما به مِنْ أنْسنة وأ ُبْنُوس صُعُود وإنْفِتَاح فِضَّة وإسْطِرلاب ماء ، وكُلُّ مَن لم يُدَرِّبْ أقانِيمَ زَهْوهِ وجُمَانة تُكَاشِفُ الهَوَائِج على المُخَاطَرة ، وكلُّ مَن لم يَصْبر على " المسعدي " وعلى دُخُول مَمَرَّاتِ طَالِع الخيال في نُسَيْمَات حَريرهِ تَسَرَّعَ لَحْظ الوَقْتِ في كَعْبِ إخْتِلاجه وتَسَربَلَتْ شِفَاهُ الوَقْع / أغْصَانُ الطَّشِيش فِيهِ جَيَّاشة ، مُكْتَظَّة بتَمَاوُج المَتَاهَة وحَيْرة الغُمُوض وطَلاسم الفِكْرةِ والبَيَان ...
أقُولُ برغم مَنْ يَتَمَشَّى في مَحَاجر اليُبْس فهُناكَ مُدِلٌّ يُورقُ بَيْدرهُ بَهْجَة وعِنَاقًا ، وبرغم هَيْدَبٍ تَتَنَصَّتُ النَّوَاعِيرُ فِيهِ على جَدَائِل الإنْتِمَاء ، وبرغم أنَّ ضَجَّة إتِّهَام " المسعدي " بالوُجُوديَّةِ العَبَثِيَّة التي طَرَأتْ على مُغَالَبَةِ وعَقِيق التَّمَاثُل النَّظِير ... وكَثَّفُوهُ بعَتِيق إسْتَيْأسَ وقَطَرَتْ نَوَاطِيرهُ وتَفَرَّع مَرشُوقُ الكَلام وقَالُوا تَأثَّرَ بما أدْرَكَ مِنْ " ألْبَار كَامُو " أو " سَارتر " أو هَوْسٌ جَهْمٌ أفْقَدَ زَمَانَ الحُروفِ تَلَمُّسَ دفْقة أو وقْدة مَا تَحَرَّرَ عَلَنًا أو رشاقة ، فإنَّ " المسعدي " كان مُبْدِعا خلاّقا مُغَامِرًا لا تَذوي خَلجَات الخُطَاف فِيه ولَيْسَتْ تَتَغَرَّبُ دَوالي اللآلىء فيه أو تُطْمَرُ ، طَرَّ زَ لَنَا كِتابة مُضَمَّخة الدِّيبَاج والتَّوزُّع ، قَلِيلُونَ مَنْ يَجْرُؤُونَ على سَرْمَدِ مَيَامِينِهَا أو حتَّى طَلّ المَسَاس بأطْرَافِ إحْتِمَالاتِهَا ...
إذنْ هَا هُوَ ذا " المسعدي " يُنَاسِبُ كلَّ إبْداع بطرفٍ ... يُنَضِّدُ الفلسفة على إعْتِبَار أنَّهَا نَقِيضٌ للشِّعْر أو على الأقلّ مُقَاربة تَتَقَاطَرُ إخْتِلافا ومُغَايَرة لِفَهْم هذا العالَم ، وبرغم أنّ الفَنَّ القَصَصِيّ يَكَاد يُجَانِب فُجَّة الإثنين مَعًا فَقَدْ أجَادَ " المسعدي " المَسْكَ بخُيُوط التَّمَيُّز والتَّمَايُز وأحْسَنَ حَبْكَ الإشْتِغَال على تَفَاريح الإنسان والكَيْنُونة وسَبْر أغْوَار أبْكَار مَا بالأحْلام مِنْ الوُجُود بمَسَالِك طَوَّع التَّفَيّؤ في زُمرها بعَبْقريّة.
سَوْسَنَ الفلسفة على أنّها إعْتِمَارُ أ ُسْلُوب وفُسْتُقُ تَحْلِيل وشَامة إسْتِقْرَاء تَنْهَلُ من بَاب الفَرَضِيَّات ومَشْرَب البَرَاهِين ونَيْسَم الأسباب ومَبْسَم النّتائج في تَقرِّي تَفْسِيرهَا لِبَوَارج الظَّواهر أو في تَهَجِّي طَرْحِها لِبَارح الأسئلة ... وعَزَفَ الشِّعْرَ مُعْتَمِدًا أسَاسًا على كَمَان الإسْتِعَارة ومَنَارة المَجَاز وسِحْر أسْرَاب غزلان الصُّوَر التي تُبَاغِتُ البَيَاض في شَتَاتِهِ فتَكْسر حَاشِيَّة قَوَانِين العَقْل وتََتَجَاوزُ عَتبَات قواعد اللُّغة القريبة مِنَ الإنْضِبَاط ...
ومَشَّط وَهَجَ الفَنّ القَصَصِيّ على أنّه مَسْكٌ باللَّحْظَةِ المُوَاتِيَّة وخُرُوجٌ عن الإعْتِيَادِ المُعَادِ والمُكَرَّر، وتَألُّقٌ لإسْتِكْشَافِ البَوَاطِن الحِسِّيَّة لِشَخْصِيَّات الأحْدَاث، (عَناصِرٌ ثلاثة ، يَكُونُ لِقاؤهم في خَيَال واحدٍ وإبْداعُهُمْ في تَخْييل مُتَعَدِّدٍ ) مُعْتَمِدًا في كلِّ هذا على سُلُوكِيّات ظواهر تَخْفَى على العَقْل المُجَرَّد إذا لَمْ نَذهَبْ به بعيدا إلى شُمُولِيّة التَّوقّع والتِّبْيَان وبذلك إسْتَطَاع أن يُرَتِّبَ حَيْرَتهُ الفلسفيّة / الشّعريّة والقصصيّة إبْدَاعًا مُتَمَاسِكَ الفَوْضَى والجَمَال ...
إذنْ بَنَى " المسعدي " كَونَهُ بالإعْتِمَادِ على وَمْض الشِّعْر ورَغْوَةِ الفلسفة التي تَنْقَسِمُ في عَالَمِهِ إلى فلسفة مع حَكْي مَسْمُوع يَكَادُ يَكُون مَرئيًّا لِشَفِيفِ نَضَارَتِهِ ، فهو بَحْثٌ وتَحْصِيلٌ لِلْحِكْمَةِ مِنْ خِلال الفلسفة وسُمُوٌّ ورفْعَة وإبْدَاع مِنْ خِلال الشِّعْر، وهو إمْتَاع ومُؤَانَسَة من خلال قَصٍّ وحَكْيٍّ يَبْحَثُ له دائِمًا عن نِهايةٍ ولكِنَّه أبَدًا لا يَنْتَهِي ... لِيَجْعَلَ كلّ هذه العناصر الثّلاثة تَلْتَقِي في آنْ أو في رَاويَّهْ ... أو تَلْتَقِي في لُجَّة واحدة لِتُؤَسِّسَ كَونًا لَمْ نَعْتَدْ تَشَاخُصَ بُرهَته فكَانَ في بدايَاتِهِ غَريبًا عصيًّا حتَّى على أفْذاذ الأدَبِ واللُّغة ، وها نحن في كلّ حِين في مُقَاربة تُبَاركُ أصْدَاء الإهْتِمَام وكَامِن الإنْتِمَاء ... وهَلْ لنا أنْ نَتَخَيَّرَ ما في حَضْرَةِ كِتَابَاتِهِ مِنْ ذوق يَأتَنِسُ البَذرة قَبْلَ الثَّمْرَة ْ ... !!!
هكذا كان إبداع " المسعدي " مع تَوَفُّر وتَوَافُر أدَوَاتِهِ الإبْداعيّة وهو لَعَمْري تَفَرُّد يُذكَرُ فَيَنْدلِقُ خَاتَمًا حَافِلا بألَق الطُّيُوبِ وشَمِيم الأعْمَاق فَيُلْزمُكَ أنْ تَنْتَبهَ له ولا تَمُرّ دُونَ أنْ تَسْألَ عَن أحْوَال القَلْب ونَعِيم العَقْل وبَقَايَا الحَيَاةِ فِيكَ ... فكانَ التَّمَرُّد على وَاجم المُعْتَادِ والنَّفَاذِ إلى بَاطِن الوجْدَان وإفْشَال كلّ عَقْل إقْتَنَعَ بمَسِير مَحْو يَكُونُ آخِره لَيْلٌ مُدقعٌ بعِبْءِ الجُمُودِ وكَاسِر الغَثَيَان ...
وكأنِّي به يَقُولُ لنا ...
أنا أ ُنْبئُكُمْ عن تَقَاعُدِ التُّفاح مِنْ صَيْرُورَةِ ذاتهَا ... أنا أ ُنْبئُكُمْ عن مَاءٍ طَاعِن في الحُبِّ ... أنا أ ُنْبئُكُمْ عَن تَعَاطُفِ حََيْوَنة التُّرَابِ مع كُرُومِهَا ...
أنا أ ُنْبئُكُمْ عن صَحْرَاء الوُجُودِ قَبْلَ أنْ تُعْربَ عن أسَفِهَا ... وتُوقِظ فِيكُمْ الجُمُوحَ أو جَمْرَكُمْ المُبَقَّع أو المُقَمَّط بأمْر رُشْدِهَا ...
كَأنِّي بالمسعدي الآنَ يَقُولُ لنا ...
" هَذا صُبَّارٌ لِلْمَاء ولنْ تُفْلِحَ إنْ أرَدْتَ المَسْكَ بأنْدَائِهِ ...
وهَذهِ قَانِيَّة مُبْصِرَة مِنْ أحْلام طُفُولَتِهَا تَمْرَحُ وتُسَرِّحُ شَعْرَ جَدَاولهَا على مَقْعَدٍ مِنْ حَرير فَيَّاض في قَلْبِ سُلالَتِهَا ...
وهَذهِ شَمْسِي تَجيءُ مُتَأخِّرة عَن قَلْبهَا ... !!! مَنْ عَلَّمَهَا أنْ تُضِيء خَارجي ... ومَنْ سَانَدَهَا على إتِّقَاء مُهْجَتِي ... ؟؟؟
أنَا سَأ ُودِّعُنِي اللَّحْظة عَلَّنِي أجدُنِي دَاخِلَ مَلْهَاة هَوَاجسِي أو عَلَّنِي أمُوتُ قَبْلِي وأنَا وَحِيدٌ في رمَال الفُؤادِ ...
سَأ ُمْسِكُ بي الآنَ كَيّ لا تَضِيعَ مِنِّي نَفْسِي فَأنَا حِينَ خَرَجْتُ مِنْ مَبَادِىء الرُّوح تَنَعَّمَ وفَرحَ وتَنَغَّمَ فِِيَّ قَبَس المَكَان ... "
لا أقُولُ هذا رَسْمٌ على المَاءِ ...
بَلْ أقُولُ هو حَفْرُ ضَفَائِر المَاء ... وهذا هو " المسعدي " إنْ أرَدْتَ أنْ تَعْرفَهُ ...
إنَّهُ مُبْدِع إنْتَبَهَ لِخَلَل في مَزَايَا نَوَافِذِ الكَلِمَات ، فَأخَذ بأيَادِي مَغَانِيهَا لِتَتَسَنَّى لنا رُؤيَتهَا مِنْ بَعِيد ...
مُبْدِع يُشَاكِسُنَا في عُقْر قُلُوبنَا ومَصَابيح عُقُولنَا ولا يَتْعَبُ بَلْ يُوَاصِلُ فَيَبْنِي لنَا أحْجَارًا تَفْهَمُ عِزَّ الذهَابِ إلى تَوَتُّر الأشْيَاء فَتُغْدِقُ عَلَيْنَا شُمُوسًا تَصِلُ إلى كَيْفِيَّةِ نَفْسهَا قَبْلَهَا ... وتُضِيءُ حُسْنهَا بلَمْسِهَا ...
مُبْدِع رَائِدٌ وفَيْلسُوفٌ نَوَّرَ خَارطة هَدِيل عَقْلِه وحَرَّكَ حَافِلَ شُمُولِيَّتِهِ ووَحَّدَ تَبَاعُدَ المَرْجَان بأفْلاذِ تَقَشُّر الوَصَايَا والنَّجَمَاتْ ... غَامَرَ فَأجَادَ لازَوَردَ المُغَامَرة وكَتَبَ فَإنْسَاقَتْ لهُ تَحَايَا الكَلِمَات وجَاءَتْهُ تَوقُّعَات السُّهُول والصُّوَر طَائِعَة فَأحْدَثَ كَونَهُ الجَمِيل وقَالَ أ ُدْخُلُوا لو إسْتَطَعْتُمْ ... ومَا أجْمَلَ أنْ تُحَاولَ مَسْكَ حُلْم يَعْتَلِيكَ ويَعْتَريكَ رَذاذهُ عَسَلا مُزَوّقًا بالحُرِّ والقَسْطَلْ ... !!!
لَقَدْ ظُلِمَ " المسعدي " حِين أ ُتُّهِمَ بالإقَامَةِ في مَجَاهِل الوُجُودِيَّةِ العَبَثِيَّةِ وهو الذِي أتَمَّ حِفْظ القُرآن قَبْلَ بَدْء تَعْلِيمهِ الإبْتِدائيّ .. فَكَيْفَ يُتَّهَمُ مَنْ حَفِظ القُرآن وجَالَ في تَمَام نَفَائِسِهِ بغَيَاهِبِ الوُجُودِيّة العَبَثِيّة ؟
وهَلْ مِن السَّهْل أنْ يَكُونَ المُفَكِّرُ العَربيّ المُسْلِم على نَحْو مِنَ الشُّرُودِ والتَّمَرئِي خَارجَ بُنُودِ الذاتِ وتَدَلُّل الإنْسِيَاق إلى مَرَاتِيج الإنْغِلاق الحَبيس بنَاطِرَاتِ الخَلْط والتِّيه ؟
ولِمَنْ عَابَ على " المسعدي " أ ُسْلُوبَهُ أو مَنْهَجَهُ أو بَيَانهُ ، أقُولُ أنَّ السَّدِيدَ وشَامِخَ الوُجُودِ أنْ يَكُونَ الوَاحِد فِينَا مُوَرَّدَ التَّفَكُّر والكِتابَة ولو كان مَبْحُوحَ الطّوَى والتَّصَيُّف ، أمَّا تَرَدّم الأشْيَاء وتَرهُّل تَلَمُّظهَا فهو حَقيقة الضَّيَاعات التي تُعْلِنُ عَنْ شَفِيفِ حَلِيبهَا ...
وفي هذا أقُولْ ...
رَجُلٌ يَتْعَبُ ... ويَكْتُبُ ...
ورَجُلٌ يَتْعَبُ ... ولا يَكْتُبُ ...
ورَجُلٌ لا يَتْعَبُ ... ولا يَكْتُبُ ...
فَيَا حَبَّذا لَو نَتْعَبُ ... ونَكْتُبُ ...
أقُولُ رَحِمَ الله " المسعدي " الذي حَثَّنَا على التَّفْكِير والتَّفَكُّر والتَّدبُّر وأخْلَصَ لنا نَبَاريس أعْمَالِهِ فَجَعَلَنَا في كلِّ مَرّة نَلِجُ عَالَمَهُ ونَتَنَاولُ حَبَّات نشاطاتهِ إلاَّ وكانت الأسْئلة سَيِّدة المَكَان وقُمْصَان الذاكِرة وخَلاص قِيعَان المَاء والسَّادِرة التي لا تَكُون أبَدًا عَاطِلَة ... عَن الحَيَاة ْ... !!!
... / ...
* هوامش:
محمود المسعدي ( 23 جانفي 1911 16 ديسمبر 2004 ) .
* حياته في سطور:
كاتب ومفكِّر
تونسي
ولد بولاية
نابل
(
تونس
).
درس وأتمّ حفظ القرآن قبل أن يلتحق بمرحلة التّعليم الإبتدائي . في العام 1933 أتمّ دراسته الثّانويّة بالمعهد الصّادقي
بتونس
مُلتحقا في العام ذاته بكليّة الآداب بجامعة السّربون ليتخرّج منها سنة 1936 . بدأ حياته العمليّة بالتّدريس الجامعي في كلّ من
تونس
وفرنسا .
إلى جانب التّدريس الجامعي إنخرط المسعدي في الحياة السّياسيّة حيث كان مناضلا ضدّ الإستعمار الفرنسي ولعب دورا كبيرا في شؤون التّعليم بالبلاد التّونسيّة حينذاك.
أمّا بعد الإستقلال وفي سنة 1956 تولّى وزارة التّربية القوميّة التّونسيّة حيث أ ُقِرّت في عهده مجانيّة التّعليم لكلّ التّونسيين وأ ُسِّست الجامعة التّونسيّة .
وفي سنة 1976 تولّى وزارة الشّؤون الثّقافيّة التّونسيّة ليُنهي مشواره السِّياسي كرئيس لمجلس النّواب .
إضافة إلى كلّ هذه المسؤوليّات فَلَمْ ينس المسعدي نشاطه الثّقافي ، حيث أشرف عام 1944 على مجلّة " المباحث " كما أشرف في العام 1975 على مجلّة " الحياة الثّقافيّة التّونسيّة " إلى جانب ما كان له من حراك وافر في منظّمتيّ اليونسكو والأليكسو ومجمع اللّغة العربيّة في الأردن .
* مؤلّفاته :
" حَدَّثَ أبو هريرة قال ": ( سنة 1939 ليُعاد طبعه كاملا سنة 1973 . تُرجم إلى الألمانيّة سنة 2009 ) .
" السدّ " : ( سنة 1940 ليُعاد طبعه كاملا سنة 1955 . تُرجم إلى الألمانيّة سنة 2007 ) .
" مولد النسيان ": ( نُشر سنة 1945 وتُرجم إلى الفرنسيّة سنة 1993 والهولنديّة سنة 1995 والألمانيّة سنة 2008 ) .
" من أيّام عمران " .
" تأصيلا لكيان ": جُمعتْ فيه كلّ متفرقات كتاباته الأدبيّة والفكريّة طوال حياته.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
لعبة الأوراق والنور
يوميات ألبير كامو
شجرة العابد وتثوير العالم!
مسرحيات محفوظ السبع مولودة من رحم النكسة
الفكر الاجتماعي في العصر الحيث - الحلقة الثالثة عشر
الفكر الاجتماعي في العصر الحديث - الحلقة الثالثة عشر - مدرسة الفلسفة المثالية ودور العقلية البابلية في ميلاد العقلانية الغربية وكشف الخرافة التي هيمنت على العقل الغربي حول معجزة التوراة
أبلغ عن إشهار غير لائق