سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه بداية اليوم 15 نوفمبر 2025    التضامن: صرف دعم تكافل وكرامة عن شهر نوفمبر.. اليوم    وزارة التخطيط تقدّم الدعم الفني واللوچستي لإتمام انتخابات نادي هليوبوليس الرياضي    تحذير أممي من الذخائر غير المنفجرة بغزة    اللجنة المصرية بغزة: استجابة فورية لدعم مخيمات النزوح مع دخول الشتاء    ترامب: سأطلب تعويضات 5 مليارات دولار من BBC لتلاعبهم بخطاباتي    موعد مباراة البرازيل والسنغال والقنوات الناقلة    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    إحالة 13 سيدة للمحاكمة بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب بوسط القاهرة    الطقس اليوم.. أمطار واضطراب بالملاحة على عدة مناطق    وصول الطفل ياسين إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا ملابس سبايدر مان    تجديد حبس عصابة التنقيب عن الآثار في المطرية    بدء أولي جلسات استئناف حكم سائق التريلا المتسبب في وفاة فتيات العنب بالمنوفية    إصابه 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي بطريق سفاجا-الغردقة    المتحف المصري بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    حسين فهمي: نؤدي دورًا محوريًا في ترميم الأفلام بمهرجان القاهرة السينمائي    «عبدالغفار»: الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية تهدف لتطوير قطاع الرعاية    وزير الصحة يطلق الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية 2025–2029    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    نشر أخبار كاذبة عن الانتخابات يعرضك لغرامة 200 ألف جنيه    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    سعر طن الأسمنت اليوم السبت 15نوفمبر 2025 في المنيا بسوق مواد البناء    الري: الاعتماد على البصمة المائية لتحديد المحاصيل التي يتم زراعتها بالمياه المعالجة    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لشبيبة القبائل بدوري الأبطال    منشورات المتوسط تطرح «اسمي عليا وهذا أبي» لعلي الشعالي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    آخر يوم.. فرص عمل جديدة في الأردن برواتب تصل إلى 33 ألف جنيه    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لقرية أم خنان بالحوامدية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل ثلاثة فلسطينيين ويداهم عدة منازل بنابلس    انتخابات النواب، تفاصيل مؤتمر جماهيري لدعم القائمة الوطنية بقطاع شرق الدلتا    مواعيد مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الصحة يستقبل وفد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار لبحث تطوير المنشآت الصحية    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    رفع أسعار كروت شحن المحمول| شعبة الاتصالات تكشف "حقيقة أم شائعة"    ضبط المتهم بصفع مهندس بالمعاش والتسبب في مصرعه بالهرم    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 15 نوفمبر 2025    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    نانسي عجرم عن ماجد الكدواني: بيضحكنى ويبكينى فى نفس الوقت    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في رواية “هناك في شيكاغو” للكاتبة المقدسية “هناء عبيد”
نشر في شموس يوم 30 - 04 - 2020

الرواية التي تقع في 214 صفحة من القطع المتوسط هي من إصدارات دار فضاءات -الأردن عام 2019 تعتبر جسرا ثقافيا نحو الغرب ، تحاول الروائية من خلال مضمونها ايصالنا لجمال شيكاغو المعماري الفريد ، تحاول بكل ما اوتيت من قوة لغة ورصانة فكر ان توصلنا لما لا ندركه بقناعاتنا المغلفة بالكره والحقد على انساس أو مدن براء مما نسب اليهما ، وما من جريمة ارتكبوها ، الا أن ساستها واعلامييها هم من ساهم في تكوين قناعاتنا بكل قصد ، وكأن الروائية أخذت على عاتقها انصاف المدينة “شيكاغو ” بشكل خاص ثم أمريكا بشكل عام ، فالجمال المعماري يسيطر على تفاصيل السرد ويتربع على عرش الجمال الذي يبهر بطلة الرواية “نسرين ” ويجعلها بكل إرادة حرة في داخلها تتحدى الشعور القاتم الذي يسكن المغترب في بلاد لا هم له فيها الا كسب المال او الشهادة والعودة مسرعا لجذوره التي لا ينسلخ عنها البتة مهما ادعى انسجامه فيها وحبه لها.
الروائية بدأت بسرد معاناة بطلة الرواية “نسرين” وعلى لسانها كفلسطينية اقتلعت من جذورها مرتين مرة عندما ترك والدها فلسطين مجبرا ليقيم في الأردن ويعمل بكد ليعيل اسرته وتبقى ذكريات فلسطين والقدس عروستها تراوده كلما هم بالانفراد مع ذكريات طفولته وشبابه ،وبالتالي يغرس كل تلك الذكريات في عقول وقلوب اسرته بما فيهم بطلة الرواية من خلال بعض زيارات لها للقدس بلد النشأة والأصل، وعشقها الأبدي ، ثم ما آلت اليه ظروفه. وغربة ثانية تجبر بطلة الرواية ان تهاجر مرة أخرى لامريكا لتعيش الغربة والاغتراب معا ، ربما محاولة منها للانسلاخ عن ذكريات تؤرقها ، ربما اختارت الروائية فكرة السفر كوسيلة للهروب من ذكريات مؤلمة تعتري البطلة ، لتعبر عن هشاشة الانسان وضعفه أمام ألم الفقد، فجعلت البطلة تفقد نصفها الذي أحبته بقرار من والدها، وربما ومن باب التأدب لم تشأ البطلة “نسرين ” أن تعاند رفض والدها للزواج من شاب تعرفت عليه أثناء دراستها في الجامعة لأسباب لا تفهمها ، فتقرر الانعزال عن العائلة، وتنفرد بمشاعرها وتحتفظ بها لذاتها بعيدا عن ارهاق اسرتها بما تكنه من احترام وحب لنصفها الذي غاب قسرا بعد لقاء الوالد بحيث يلازمها طوال فصول الرواية وتختم به ، ثم لا تلبث أن تفقد والدها بسبب مرض ألم به فجأة ، وغادر هو الآخر محملا إياها والعائلة هما إضافيا فوق غربتهم ، ومن ثم تفقد والدتها أيضا بعد فترة وجيزة من فقد الوالد ، فتقرر البطلة الهروب لأقصى ما تستطيع لتنجو بروحها من ذكريات المكان وحضوره في تفاصيل يومها ، لتقرر ترك كل التفاصيل التي تؤرقها، هواجسا ، احلاما وكوابيس مفزعة وتقرر مغادرة المكان الذي يذكرها بكل هؤلاء ، لتترك شقيقتها الوحيدة “نور ” وتنجو بعيدا بروحها المعذبة بذكرياتها وتقرر الهجرة لهناك ، بعيدا وبعيدا جدا كما اعتقدت كي تبدا مشوار حياتها بدون كل تلك الذكريات ، كأنها أرادت أن تحفر قبرا لكل ماضيها ، وتنسلخ منه بارادتها ، مما جعل الروائية تكرس كل تفاصيل الرواية بجمالية فائقة تبعد البطلة عن ماض أرقها ، فتكرس الرواية لخدمة هدف جميل وراقي يتعلق بأحلام وردية في شيكاغو ، أبعد ما تكون عن واقع أرقها ، بقيت تلازم تلك الأحلام البطلة طيلة فترة اغترابها من الأردن الى أمريكا ، كأن الروائية لا تريد للبطلة أن تنسلخ من كل التفاصيل المتعلقة بفلسطين وقضيتها كأنها تريد ان تقول للفلسطيني أينما شرقت او غربت فالذاكرة مثخنة بالألم والأمل ، بالشقاء والسعادة ، بالحلم والواقع كلها تباينات ومفارقات لا بد ان تعيدك لتوازنك يوما .
حاولت الروائية بكل جهد أن تنصف الحياة في أمريكا بجمالها ، وسحرها الأخاذ ، ونمط حياتها المتجدد الذي يبهرك في كل تفاصيل يومك ، او لنقل انصفت الروائية الشعب الأمريكي ايما انصاف ، كشعب يتمتع بحرية وديمقراطية ونمط حياة عصري يجسد كل معاني الإنسانية وفي ذات الوقت تزدري منهج الساسة وافعالهم الشنيعة وجرائمهم التي تمزق الإنسانية ايما تمزيق ، وتعرج الروائية كثيرا على الاعلام الذي يتفنن أصحابه بالتلويح بأفكار الساسة حتى ليبدو العالم لنا مغلف بالجريمة السياسية الاعلامية على حد سواء ، بحيث تصل الشعوب الى كم من الكراهية تنسلخ فيها عن انسانيتها كما حدث في برجي التجارة العالميين حيث تتعرض الرواية ومن خلال حركة البطلة وتفاصيل علاقاتها المتشعبة في شيكاغو لتفاصيل الكراهية التي برزت بعد الحادثة المأساوية وما نتج عنها من ممارسات الشعوب ضد بعضها البعض بفعل الاعلام المطعم ببذور الإرهاب.
تخلق الروائية عدد من الشخصيات المتنوعة والمتطورة عبر السرد ، فكرا وعقيدة وانتماء لتجسد فكرة الإنسانية في أبهى صورها ، فالشخصيات في الرواية متعددة منها العربي ،الياباني ،والكوري والهندي . كما اليهودي المتدين ، المسلم والملحد كلهم يجتمعون بكل تناقضات فكرهم وخلفيات منشائهم ليتحدو معا في شيكاغو بانسانيتهم المحضة ويشكلون وحدة لا تفرقها الأصول ولا العرقيات .
تنتهي الرواية بانصاف الوطن ومحبيه وترك الغربة بكل ما فيها من مغريات وجماليات تغرم البطلة فيها حد التماهي بجمالها ، كي تعود محملة بكل عشقها وترتمي في حضن من أحبت وعشقت .
نهاية غاية في الدهشة تنتصر فيها الكاتبة لقضية شعبها وطنها ، وكانها أرادت بكل اقتدار دمج الأردن وفلسطين في بوتقة واحدة للكل الفلسطيني الأردني ، كانها لا تعترف بدولتين انما بجذور تجمع الضفتين معا ليكون وطن واحد ، القدس بوصلته .
في النهاية أود أن أشير الى أن الرواية تستحق أن تكون تحفة جميلة في مكتبة كل بيت ، فهي تجسد معاني سامية ، وقيم غاية في الجمال ، تتجاوز فيها الكاتبة كل الفوارق العرقية والدينية والجغرافية حتى لتشعر أن المدن الامريكية لا تختلف كثيرا في روحها عن المدن العربية ، فهي الرواية المنصفة للإنسان المتشظي على نار الفرقة والاغتراب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.