افتتحت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية دورة الألعاب الأولمبية ال 30 في الملعب الأولمبي في لندن، والذى استمر حوالى اربع ساعات عابقا بالتاريخ والثقافة الانكليزية. تحت شعار "جزر العجائب"، وذلك بحضور 80 ألف متفرج وشاهده أكثر من مليار مشاهد في العالم، وجاء هذا الاحتفال بعد 7 سنوات من العمل المتواصل والمضني، وكلفة 12 مليار يورو ومشاكل في مجالي الامن والنقل. وقالت ملكة بريطانيا بصوتها المتموج "اعلن افتتاح العاب لندن للاحتفال بالاولمبياد الثلاثين في العصر الحديث"، وذلك في ملعب ستراتفورد وعلى مرأى من 80 الف متفرج واكثر من مليار مشاهد في العالم. وجسدت الملكة إليزابيث بذلك عادة عائلية. فجد ابيها ادوارد السابع ووالدها جورج السادس كانا افتتحا الدورة الأولمبية في لندن أيضا عامي 1908 و1948، وبذلك تعد العاصمة البريطانية هي المدينة الوحيدة في العالم التي احتضنت الالعاب الاولمبية ثلاث مرات. وتابع الحفل الذي قدرت تكاليفه ب27 مليون جنيه جمهور قدر بنحو مليار نسمة حول العالم. وتنظم الالعاب وسط اكبر عملية امنية في تاريخ بريطانيا في زمن السلم. وقد شملت هذه العملية نشر صواريخ مضادة للطائرات على اسطح المباني، وسفينة حربية في نهر التيمز. وسيرفع الرياضيون المشاركون وعددهم 10 آلاف و490 رياضيا ورياضية، شعار الالعاب الاولمبية الشهير "الأسرع الأعلى والأقوى" في المنافسات التي سيخوضونها على مدى 16 يوما حيث سيتبارون لحصد نحو 900 ميدالية منها 302 ذهبية في 28 لعبة معتمدة رسميا في الالعاب. وتشهد الدورة ايضا مشاركة 205 دول وهو رقم قياسي. وستقام منافساتها في 34 منشاة رياضية على امتداد بريطانيا تسع منها في المجمع الاولمبي (شرق لندن) الذي استغرق بناء الملعب الذي يتوسطه ثلاث سنوات واستخدم في انجازه عشرة الاف طن من الفولاذ. ومهد للحفل سرب من طائرات القوة الجوية البريطانية فوق الملعب عند الساعة 20 و12 دقيقة التي ترمز الى العام 2012. واطفئت الانوار بالكامل ايذانا ببدء حفل الافتتاح الذي شارك فيه 15 الف متطوع وخصصت الفقرة الاولى منه للثورة الصناعية في بريطانيا التي كان لها الاثر البالغ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية سواء في اوروبا او خارجها. ويقول مخرج الحفل بويل عن هذا الأمر بقوله "لقد بدأت الثورة الصناعية من هنا وقد تغير العالم منذ تلك الفترة، لقد أطلقت هذه الثورة العنان لقدرات هائلة، لقد تطورت المدن بفضلها والطبقة العاملة، وقد تغيرت حياتنا رأسا على عقب". وأضاف "بفضلها تم سن قوانين التعليم، وامكانية تعلم القراءة الكتابة". وكان الملعب عبارة عن قرية في الريف البريطاني تنتشر فيها الدواجن والماشية والرعاة قبل ان تتحول تدريجيا الى مدينة صناعية اجتاحها الالاف من العمال في صورة خلابة، ثم كان المشهد الختامي لهذه الفقرة رائعا عندما تجمعت الدوائر الاولمبية الخمس في وسط الملعب قبل ان تمطر شهبا نارية. وكانت الفقرة الثانية مستوحاة من فيلم جيمس بوند البريطاني الشهير حيث قام دانيال كريغ الممثل الذي يقوم بدور بوند على الشاشة الكبيرة، بزيارة قصر باكينغهام حيث رحبت به الملكة اليزابيث الثانية واصطحبته بطائرة هيليكوبتر في رحلة حول العاصمة قبل أن يهبط بمظلة فوق الملعب. ثم صدحت أغاني أشهر الفرق والمغنيين البريطانيين لتضيء على الثقافة الغنائية لبريطانيا وأشهر فرقها أمثال الرولينغ ستونز والبيتلز وغيرها قبل ان ينشد المغني القدير بول ماكارتني الاغنية الختامية. طابور العرض وكما هو التقليد في الألعاب الأولمبية، كانت اليونان التي تعتبر مهد الألعاب والتي استضافت نسخة 2004 من الألعاب أول الدول في الدخول إلى أرض الملعب، وبريطانيا الدولة المضيفة اخر المطلين على الجمهور. وكانت الجزائر أول دولة عربية تدخل طابور العرض، فيما كان آخرها اليمن. الاحتفال الذي كلف الحكومة البريطانية 27 مليون جنيه (34 مليون يورو) بمشاركة أكبر جرس في أوروبا ترافق مع أصوات آلاف اجراس الكنائس لمدة 3 دقائق في جميع أرجاء بريطانيا بدءا من ساعة بيغ بن الشهيرة في الساعة 12ر8 صباحا. وهذه المرة الاولى التي يقرع فيها جرس بيغ بن في غير الساعات الاعتيادية منذ وفاة الملك جورج السادس والد الملكة اليزبيت الثانية في 15 شباط/فبراير 1952. وقطعت الشعلة الأولمبية مسافة 12875 كلم (8 الاف ميل)، وانتقلت عبر بريطانيا لمدة 10 أسابيع قاطعة ما معدله 177 ميلا يوميا، وبدأت مشوارها نحو الملعب الاولمبي حيث استقبلها الناس في الشوارع بحماس منطقع النظير، ثم صعدت على متن المركب الملكي الشهير "غلوريانا" الذي تواجد عليه نجم كرة القدم ديفيد بيكهام قبل أن توقد في الملعب الاولمبي مع بدء حفل الافتتاح. ثم كان القسم الاولمبي للاعبين وأدلت به سارا ستيفنسون، تلاه قسم الحكام عن طريق ميك باسي، وقسم المدربين بواسطة اريك فاريل. وقبيل افتتاح الألعاب رسميا من قبل الملكة، اعتبر رئيس اللجنة الاولمبية الدولية البلجيكي جاك روغ بأن الألعاب "عادت إلى مهدها" وقال "بمعنى أو بآخر، تعود الألعاب إلى مهدها. هذا البلد العاشق للرياضة يعرف بانه مهد الرياضة الحديثة". وأضاف: "هنا وضعت مبادىء اللعب النظيف في قوانين واضحة وهنا وضعت الرياضة ضمن البرنامج التعليمي في المدارس". أما رئيس اللجنة المنظمة العداء السابق سيباستيان كو فبعد ترحيبه بالجميع في كل مدينة وقرية في العالم، قال "لم أشعر بالفخر كوني بريطانيا وجزءا من الحركة الأولمبية أكثر من اليوم وفي هذه اللحظة بالذات". وأضاف: "في الأسبوعين المقبلين، سنبرهن للعالم لماذا لندن هي أعظم مدينة على الكرة الارضية. المدينة الوحيدة التي احتضنت الألعاب ثلاث مرات. في كل مرة احتضننا الألعاب كان العالم يشهد خضات ومشاكل، لكن في كل مرة أصابت الألعاب نجاحا". وجاءت اللحظة الأكثر إثارة عندما أوقد سبعة رياضيين بريطانيين شبان الشعلة الاولمبية. وأدخل الشعلة إلى أرض الملعب البطل الاولمبي في التجذيف خمس مرات السير ستيف ريدغريف قبل أن يسلمها إلى الرياضيين الشبان. رياضيا، سيكون التنافس على أشده بين الولاياتالمتحدة والصين حيث تسعى الأولى إلى استعادة ريادتها على الألعاب بعد أن انتزعت منها الصين صدارة الترتيب العام في النسخة التي احتضنتها قبل أربع سنوات. وحصدت الصين في بكين 100 ميدالية (51 ذهبية و21 فضية و28 برونزية) مقابل 110 ميداليات للولايات المتحدة (36 ذهبية و38 فضية و36 برونزية)، وجاءت روسيا ثالثة ولها 72 ميدالية (23 ذهبية و21 فضية و28 برونزية). وستخلو الساحة على مدى الأيام ال16 المقبلة للرياضيين والرياضيات، وستكون الأضواء مسلطة على النجمين السباح الأميركي مايكل فيلبس والعداء الجامايكي اوسين بولت اللذان سيشعلان الحماس في حوض السباحة ومضمار العاب القوى. ثم أطلق العنان للألعاب النارية التي أشعلت سماء لندن أنوارا وأضواء إيذانا بانتهاء الحفل.