إياكم واللحن إياكم واللحن، فإنه مهلكة وتردِّي في غياهب ضلال الفكر والحدس والتخمين، وعواقبه وخيمة ومدمرة … ونقصد باللحن هنا نطق اللغة بصورة خاطئة أو محرفة دون تطبيق قواعدها اللغوية، وهذا فيه هلاك مبين وشر مستطير، فقواعد اللغة العربية يجب أن نطبقها ونراعيها في كلامنا، فاللغة العربية لغة القرآن الكريم، والله تعالى خالقنا وأعلم بأحوالنا منَّا كرَّم اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم، وعليه فهي أفضل لغة وأنسبها للمسلم ويجب أن يلتزم بها عند قراءة القرآن الكريم، يقول تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[يوسف:2]، ويقول سبحانه وتعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)[الشعراء:195].. وكثير من الآيات الكريمة التي نفهم منها وجوب الالتزام بقراءة القرآن الكريم باللغة العربية بالصيغة التي أنزلها الله تعالى بها، فلماذا يصرُّ بعض الأشقياء من البشر البعد عن اللغة العربية وقواعدها؟؟ ويا للأسف كثيرٌ ممَّن يلحنون، ويتكلمون اللغة العربية بطريقة خاطئة يجهلون أن اللحن ضلال عن طريق الصواب الذي سار عليه نبينا وصحابته وكل علماء العربية وعامتهم ممَّن يعتزون بدينهم وعربيتهم، وتراثنا اللغوي العربي يعج بالأمثلة والشواهد التي تؤكد ذلك ولا داعي للإطالة. الله تعالى بعلمه القديم علم أن اللغة العربية خير وسيلة للفهم والإفهام والتواصل ونفل المعاني والتعبير عنها أكثر من غيرها من اللغات، وجاء العلماء على مرِّ القرون السابقة وبينوا لنا قواعد اللغة العربية، وبذلوا في ذلك أعمارهم، ونأتي اليوم لنهمل كل ذلك ونخالفه، ونحاول هدم تلك الصروح ونضرب عرض الحائط بكل هذه الجهود والتضحيات لنعود باللغة إلى العصور الحجرية، فنأتي بكلمات محرفة مشوهة تشوه الفكر وتشتت العقل وتفرق المجتمع وتوقعه في الشرور، وتجعل الناس يعيشون فيما بينهم في جُزر منعزلة، لا يفهم بعضنا كلام بعض، ويتصدر المشهد قلة شاذة ببعض الكلمات التافهة الممقوتة من معظم أفراد المجتمع العربي (شهيص – حبشتكنات – تيكأنص – شلولخ …الخ) كلمات أشبه بالطلاسم التي يستخدمها السحرة والمشعوذين، واللغة العربية بها أكثر من (17) مليون كلمة يستغنون عنها ويحاولون عبثًا التكلم بكلمات لم ينزل الله بها من سلطان، فمثلاً الكلمة الأولى تجد لها في اللغة (فرَّج – وسَّح – أكرم – ..الخ) والثانية (الأمور – الأشياء – الحاجات..)..الخ. أيهما أيسر وأكرم وأفضل قولك (ظبط الحبشتكنات) أم قولك(ضبط الأمور) أم قولهم (التيتة في الننا) ما هذا الهراء والعبث والإسفاف؟؟!! الحيوانات –عافاكم الله- عندهم قدر من لغة الإشارة وغيرها للتفاهم وتصريف أمور معيشتهم، ونحن البشر – ولا حول ولا قوة إلا بالله- نحاول أن نبتعد عن بشريتنا وعن لغتنا العربية التي كرَّمها ربنا وخالقنا وكرَّمنا معها، حيث يقول سبحانه وتعالى (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)[الشعراء:195] ألا نعقل ما ننطق به ؟؟!! يا للأسف تحاول قلة جاهلة بكل أمور الحياة لا قواعد اللغة فقط؛ تحاول نشر بعض الكلمات والمصطلحات الخاصة الغريبة المبهمة التي يزعمون أنهم يعرفون هم معانيها فقط، وكأنها لغة جديدة ترتقي بالبلاد والعباد، لكنهم في حقيقة الأمر يدمرون كل شيء بفعلتهم الشنيعة هذه، فهم يجهلون أبسط قواعد اللغة العربية والعلوم الأخرى، ولم يتذوقوا حلاوة العربية فلو فهموها وتذوقوها ما كانوا ليقدموا على فعلتهم الشنيعة هذه، فمن ذاق عرف. وأُبشرهم –إن كانوا يعقلون أنهم شرذمة قليلون- أنَّ اللغة العربية تجري في عروق أبناء العربية مجرى الدم، ومهما وقع من أخطاء غير مقصودة على ألسنة بعض أبنائها، فإن ذلك لن يزحزحها عن مكانتها في القلوب والعقول والألسنة، وعلى الرغم من كل ذلك وتلك المؤامرات والمحاولات المدبرة أو العفوية فإن اللغة العربية باقية محفوظة؛ فالله تعالى يقول (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر:9]، والذكر باللغة العربية، ونحن نؤمن بربنا وقدرته وحكمته وتصريفه للأمور.