دخل الفنان السكندري وائل شوقي العقد الرابع من عمره هذا العام (1971) وبذا فهو لا يعد من جيل الشباب الصاعد، وإنما هو من جيل رسخ أقدامه وأثبت تواجده علي ساحة الفنون البصرية المصرية بممارسته الإبداع الفني حتى قبل تخرجه من كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1994، لكنه مَثَلُه مثل كثيرون من أقران جيله أصبحوا ينالون نجاحا وشهرة خارج مصر بأكثر مما يلقونه في داخلها. لقد تركزت غالبية أعمال الفنان وائل شوقي في مجال الفيديو آرت، وكثيرا ما أثير جدل حولها سواء بسبب الأسلوب الحداثي الذي يتبعه، أو لتناوله موضوعات ذات حساسية سياسة مثل واقعة اغتيال الرئيس الراحل السادات، أو تعرضه لمواقف تتعلق بالقدس الشريف علي سبيل المثال، وقد لاحظت أن العرض الأول لأعماله كان يتم خارج مصر في أغلب الأحيان، وربما يرجع ذلك جزئيا إلي تبني مؤسسات وقاعات عرض أجنبية ( أوروبية، أو عربية) مهمة التمويل المالي لتنفيذ أعماله الفنية، ورعاية مشروعاته الفنية والترويج لها، وهو أمر لم يكن ليتحقق له بسهولة داخل مصر. انشغل الفنان وائل شوقي منذ عام 2010 بعمل فيلم فيديو مكون من أربعة أجزاء، يتناول فيها فترة تعرض منطقة الشرق الأدنى للحملات الأوروبية الصليبية، معتمدا في ذلك علي ما جاء بكتاب صدر عام 1986 عنوانه (الحروب الصليبية كما رآها العرب) للمؤلف اللبناني أمين معلوف، وحسب ما ذكره الفنان وائل شوقي لوسائل الإعلام فإن ذلك المشروع سيستغرق منه أربعة أعوام حسب تقديره، وقد أنجز منه حتى الآن جزأين أثنين فقط، وفي الجزء الأول والذي أسماه ( كاباريه الحروب الصليبية- ملف عرض الرعب) ومدته حوالي 30 دقيقة يتناول المرحلة التاريخية من عام 1096 إلي 1099 التي شهدت فيها منطقة الشرق الأدنى بدايات الحملات الأوروبية، وعرض تلك الأحداث من منظور عربي مستندا إلي كتاب أمين معلوف المشار إليه، وقد استخدم في تصوير الفيلم مجموعة من دمي خشبية (ماريونيت) ايطالية عمرها 200 سنة، تتحرك بالخيوط، والبسها ملابس القرن الحادي عشر لتجسيد شخصيات الفيلم الأوروبية والشرقية، وقد أنجز ذلك الجزء خلال فترة عمله فنانا مقيما بدار سيتاديلا آرت بايطاليا عام 2010 ، وقد عرض هذا الجزء بايطاليا وفي مدن أوروبية أخري حسب علمي. أما الجزء الثاني من مشروعه فقد أسماه ( كاباريه الحروب الصليبية- الممر إلي القاهرة) استخدم فيه دمي من الخزف ( البورسلين)، ويغطي المرحلة من 1099 وحتى 1145 ميلادية ، وعرض هذا الجزء في بروكسيل ( بلجيكا) خلال شهر مايو 2012 ، كما يعرض حاليا ضمن أعمال الدكيومنتا الثالثة عشر بمدينة كاسل بألمانيا ، ويخطط الفنان لإنجاز الجزء الثالث من مشروعة تحت اسم ( كاباريه الحروب الصليبية – أسرار كربلاء) ثم سيختمه بالجزء الرابع والأخير في وقت لاحق، ولم يستقر بعد علي تسميته. وهكذا نجد أن مشروع الفنان وائل شوقي يلقي استقبالا طيبا في الأوساط الفنية بالخارج، حتى أنه دعي للاشتراك في الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان مرسيليا السينمائي الدولي الذي سيقام اعتبارا من 4 يوليه وحتى 9 يوليه 2012 ليدخل المنافسة الرسمية ضمن 19 فيلما سيعرضها المهرجان، السؤال الآن .. هل ستجتذب أضواء السينما اهتمام الفنان وائل شوقي ليتحول من فنان بصري إلي مخرج سينمائي يسعي إلي الكسب المادي والمعنوي؟ وهو ما يتحقق في مجال السينما بأكثر مما يتحقق في مجال الفنون البصرية، ربما يحدث ذلك؟ ..... وعلي أية حال فستأتي لنا الأيام القادمة بالخبر اليقين، ولكن في كل الظروف لنا أن نفخر بالفنان وائل شوقي الذي يعد واحد من مجموعة فنانين مصريين نجحوا في وضع أقدامهم علي ساحة الحركة الفنية العالمية، يحققون فخرا ودعاية لمصرنا العزيزة.