إفْكٌ افْتَراه (من قصائد الديوان الجديد: سِفر الشهداء)

رأيتُ فى الميْدانِ..
يالَهَوْلِ ما رأيتُهُ.. ولم أزلْ أراهْ!
هل التَحَى الميدانُ..
ثم انتقبَتْ مِن بَعدِهِ الثورةُ!
فاحتلَّ المكانَ الآنَ: هؤلاءِ أعداءُ الحياهْ!ِ
………………………..
رأيتُ فى الميدانِ ما يعجِزُ عن بيانِهِ اللِّسانُ..
حيثُ تعثُرُ الحروفُ بالشِّفاهْ!
رأيْتُ حشْدَ المُلتَحِينَ..
والمُجَلبَبِينَ.. والمُعمَّمِينَ.. والدُّعاهْ
فيالَهَوْلِ ما أراهْ!
……………………..
أيَّةُ ثورةٍ تُرى تلك التى يَعِيثُ فيها:
هؤلاءِ الأدعياءُ والمَعاتِيهُ.. ومَن أشبَهَهُمْ
كلٌّ على هَواهْ!
قال إمامُهمْ.. وقد راقتْ لهُ الفكرةُ:
ما الثورةُ إلا بدعَةٌ كُبرَى
قد استحدثَها الكافِرُ.. ثُم بثَّها الثائرُ
فهْىَ إفْكٌ افتَراهْ!
…………………….
وقال: كلُّ بِدعَةٍ ضلالَةٌ
كلُّ ضلالَةٍ يَبوءُ أهلُها بالنارِ لا مَحالَةٌ
يومَ يُجازِى اللهُ مَن عَصاهْ!
فاستغفِرُوا اللهَ.. وتُوبوا أيها التُّقاهْ
فليسَ لِلرعيَّةِ الخروجُ
عن طوْعِ وُلاةِ الأمرِ والرُّعاهْ!
طاعَتُهم واجِبةٌ لأنَّها مِن طاعةِ المَوْلَى
رِضاهمْ مِن رِضاهْ!
………………………..
وفى الختامِ صاحَ فى الحشْدِ الجَميعِ:
قد أُمِرتُمْ أنْ تُطيعُوا.. فاذكُرُوا اللهَ..
فردَّ خلفَهُ القطِيعُ: لا إِلهَ إلّا اللهْ!
……………..
سألتُ نفْسِى: يا تُرَى:
كيفَ رأَى الثوَّارُ ما رأيْتُ..
ثُم انصرفُوا عنهُ.. فلا حِسَّ ولا انتِباهْ!
وكيف ظلَّ مَجلسُ العسْكَرِ فى غفلتِهِ
مُنشغِلًا بالكشفِ فى الميدانِ عن عُذريَّةِ الفتاهْ!
………………………
فيا صنائعَ الطُّغاهْ
خِبتُمْ وخابَ سعيُكمْ بينَ السُّعاهْ
كلُّ الذى ذكَرْتُموهُ..
ليسَ إلّا محْضَ إفْكٍ افتَريْتُموهُ..
ليسَ مِثلُ هذا المُستبِدِّ الفَدْمِ بالرَّاعِى
ولا نحنُ الشِّياهْ!
فلْتَذهبُوا عنَّا.. وعن ميدانِنا
لستُمْ علينا بالوُصاهْ!
…………………….
ما ذلك الميدانُ بالمسجِدِ..
والثوارُ لم يأتُوا إليهِ لِمُجرَّدِ الصَّلاهْ!
وإنَّما نحنُ هنا
فى ذلك الميدانِ.. أو عَدَاهْ
جِئنا لكَىْ نهتِفَ باسمِ الوطَنِ الغالِى
الذى أرواحُنا فِداهْ
…………………………
ثوْرتُنا البيضاءُ قامتْ ضدَّ كلِّ مَن طغَى
شِعارُها: الحريَّةُ الغايَةُ..
وهْى المُبتَغَى
ودِينُها: العدلُ.. ولا دِينَ لها سِواهْ!
………………………..
فإنْ أردتُمْ أنْ تَظلُّوا بيْنَنا فى ذلك الميدانِ..
فى ساحتِهِ الحَرامِ
فاسجُدُوا هنا فى مَعبَدِ الحُريَّةِ الدَّامِى
وعَفِّروا الجِباهْ!