في تلك اللحظة الآنية ، لحظة التأمل في زمن ماضي ، والعودة لذكرياتي ، لحظة العبور عما في قوقعة ذاتي من الآمال المسلبة ، لحظة المرار عبر ما يجول في أغواري الباطنة الساكنة من جراح تتحرك بداخلي نيران مشتعلة بين دروبي تتكلم عنها صفحات وجهي المرصعة بحمرة الذكري المليئة بالآلام . حينما كنت مطأطأ رأسي عند تناولي أول رشفة من فنجان القهوة المعتاد مع صديقي في قهوة تسكن نفسي إليها لا تشعرني بالغربة عن بلدتي في الصعيد التي تركتها للالتحاق بكلية الآداب جامعة القاهرة ، طرازها من الأرابسك ، والمعماري القديم يأخذني في رحلة إلي الوراء مئات السنين ويفيض علي روحي بالأصالة المنقبة دائما عن قيم وهوية مجتمعنا المتناثرة. أما زبائنها أعلمهم جيدا أقرب إلي روحي وفكري يتسامرون دائما عن فتيات الحي وكأنهم في العشرين من العمر علي الرغم من أنهم تجاوزا السبعين يحترمون الصغير وقلوبهم صافية مثل صفحة السماء لا يوجد ما يدعوهم للتنافس في أيامهم القليلة الباقية. وقعت عيني عليها لا يوجد بين جمالها وبين جمال فاتنات أوروبا مسافات ، نعم هي التي أخذتني في رحلة عبر الذكريات عندما مرت من أمامي صديقي باسم رامقني علي اعتبار أنني متيم بها وطرف عينه عليها فثبت علي حاله لا يستطيع الرجوع أنها جميلة حقا ما من رجل يراها يستطيع أن يغض بصره عنها لحظة كما كنت عاشقا لنفس هذه الملامح ولنفس إشراقه هذا الوجه السافر عن عيون تأخذك في رحلة عبر جوهرة السفير في الهند، صديقي باسم ارتكز في قرارته إنني لا أحبها بل أعشقها من كثرة نظرتي أليها فبادرني مسرعا : _عروسة مفيش زيها ولا في أحسن من كده وعندما طرق حديثه علي مسامع أذاني تضاربت الأفكار في خيالي تخيلتها أنها نفس ملامح حبيبتي الخائنة في زمن ماضي ، خانتني مع أعز أصدقائي استيقظت من وهلتي التي استمرت بضع من الثواني وجدت نفسي أدٌب بيدي على النضد فوقع فنجان القهوة وقلت : _ أنهم صنف ملعون لا يعرفون الحب ولكن يعلمون جيدا كيف الخيانة. وبعد لحظات بدأت اهدأ خلال عودتها من حيث ذهبت فأشرت بأصابعي نحوها وبادرت في سخرية : _ أنت مش شايف لبسها جيبة قصيرة وكمان بشعرها فلحقنى مسرعا : _ أنها أفضل فتيات الحى خلقا وأنت تبحث عن المظهر على أي حال ياله بنا لحسن سارة مستنياك أكيد النها ردة ولاهي كمان هتبحث عن أخلاقها فلحقته في عجلة : _ أنا نسيت أسالك هي مين اللي كانت وقفة معا في كافيتريا الجامعة . فوضع يده على رأسه في حيرة نتيجة تفكيري وتحدث وجهه عما يجول بداخله في سخرية تقدمن نحو كافتيريا الجامعة وقع نظري عليها وهى تنقل بعض المحاضرات من زميلا لنا فاشتعلت نار الغيرة بداخلي وتقطعت أحشائي وكنت أتمنى في تلك اللحظة أن احبسها في غرفة لا يراها احد واصفعها عما فعلت لكى أهدأ من ناري الموقدة ولكن كيف أكون قاسيا هكذا نحو الفتاه التي أحببتها لأدرى هل أنا أحبها فعلا؟! ظللت في حيرة مع نفسي فرتب باسم على ظهري في وجد قائلا سارة أفضل فتيات الجامعة خلقا وكمان محجبة فبادرته في سخرية قصدك شبه محجبة فامسك بذراعي في دعوة منه للجلوس علي درج الكلية قائلا : _ هذه أوهام بداخلك نتيجة عقدتك الماضية قلت : _ لا أنا أفهم في البنات جيدا فتقدمت نحونا فتاة تعرفت عليها من فترة وجيزة تبعتها لم تحدث أحد من الشباب صفحتها في ابتسامة وتبادلنا نظرات الإعجاب وانصرفت معتذرة عن الوقوف من الواضح أنها خجولة جدا لديها من الحياء الكثير جدا الذي أندثر بين فتيات هذا الجيل فنظرت إلي باسم بعيون ملتمعة من أثر إعجابي بها وقلت: _ شايف الأدب ترتدي ملحفة مش بنطلون أنا بفكر أتقدم واخطبها فأشرق وجهه باسم فجأة وكأنه منتظر ردي هذا من فترة هب واقفا وقال : _ طب معطلكش أصل أنا كنت عازم علي خطبة سارة ولكن كنت منتظر الرد في أمرك وتركني وظللت شاردا تتضرب في لبى الأفكار تقدمت كعادتي نحو المقهى وقبل أن اعدل بالدخول رأيتها بجوار سنترال على الفور عقدة العزم على أن أتقدم في جراءه دون اكتراث وأصارحها عما أكن لها في نفسى وعند أول خطوة سرعان ما اختفت أمام ملهى ثبتت خطيا وبدأت أتجول بعين حائرة وصارت تضرب في رأسي التساؤلات أين ذهبت؟! ولماذا لا ادخل ؟ ربما يوجد لها معارف هنا أنا سوف أقطع حيرتي باليقين قررت المجازفة ودخول . وعند أول خطوات وقعت عيني على نضد أمامي بها حقيبة تشبه حقيبتها هي ، والحذاء يتألق في قدميها لون حذائها هي فتقدمت أكثر أدقق النظرات ظهرت يدها البرونزيتان و يزينهما الخاتم الأحمر نفس خاتمها هي لا لألالا يمكن أنا أصبت بالجنون هذه مكشوفة الكتفين والظهر ولكن سوف أجازف وأتقدم وليكن وما يكون . تقدمت في خطى وئيدة وهى تمد يدها وتأخذ شيك من شاب أنيق يجلس بجوارها ملابسه تدل أنه من الخليج مسكت ذراعها فجأة نظرت لي هذا مستحيل ! هي هي ولكنه اليقين !.