يشهد المجتمع المصري في الوقت الحالي ازديادا ملحوظا وانتشارا ملموسا لسلوكيات منحرفة غير سوية غريبة علي ثقافتنا وقيمنا الأصلية. ومن هذه السلوكيات غير السوية التحرش الجنسي بالفتيات. ويعتبر التحرش الجنسي شكلا من أشكال العنف ضد المرأة. ويعرف التحرش الجنسي ضد المرأة بأنه فعل أو سلوك يصدر من ذكر ضد أنثي سواء كان بالنظر أو اللفظ أو الاحتكاك الجسدي ينتج عنه تأثيرات مرتبطة بالجنس لدي الأنثى التي لا تقبل هذا الفعل أو السلوك. وقد يترك هذا الفعل أو السلوك أذي نفسيا أو ماديا أو اجتماعيا لدي الأنثى التي تتعرض له. ويمارس سلوك التحرش الجنسي داخل الأسرة وداخل مؤسسات الأعمال والجامعات والأماكن العامة والطرق. وينتج التحرش الجنسي كسلوك غير سوي من سلوكيات العنف ضد المرأة عن عوامل متعددة اقتصادية واجتماعية وثقافية. ولقد ساهم انتشار تعاطي المخدرات وأقراص الترامادول بين الشباب في اتساع نطاق هذه السلوكيات وانتشارها. وسوف نركز هنا علي العامل الاقتصادي ودوره في ظهور وانتشار سلوكيات التحرش الجنسي داخل المجتمع المصري. فمن أهم العوامل التي أدت إلي ظهور وانتشار التحرش الجنسي ضد الفتيات تأخر سن الزواج وازدياد المسافة بين نضوج الشباب فسيولوجيا وحاجته الشديدة إلي الجنس وبين نضوجه الاقتصادي وقدرته علي الزواج والذي يحتاج إلي عدة سنوات من التعليم والعمل وفرص عمل مناسبة وأجور تكفي متطلبات الحياة مع ارتفاع الأسعار والمغالاة في المهور وتكاليف الزواج. ويعتبر الفقر إحدى المشكلات الخطيرة التي تسهم في ظهور السلوكيات المنحرفة غير السوية والمتمثلة في التحرش الجنسي الذي زاد علي نحو واضح في الأحياء الفقيرة في المدن وكما تعتبر مشكلة الإسكان عاملا مهما في عزوف الشباب عن الزواج. حيث ارتفعت أسعار الوحدات السكنية بشكل أصبح صعب المنال علي قطاعات كبيرة من الشباب الذي زادت معاناته وتبددت آماله في تحقيق الاستقرار بالزواج. وأدي ذلك إلي بحث الشباب عن صياغات حياتية أخري للإشباع الجنسي مثل التحرش والاغتصاب. كما تعتبر البطالة وقلة فرص العمل وانخفاض مستويات الأجور والمرتبات مع تزايد معدلات التضخم وارتفاع الأسعار وارتفاع تكلفة المعيشة من أهم العوامل التي ساهمت أيضا في العزوف عن الزواج واتساع نطاق سلوكيات التحرش الجنسي ضد الفتيات. وتتضافر الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه الشباب والتي تحول دون تحقيق الشباب احتياجاتهم الأساسية مع الغزو الثقافي الوافد بسلبياته وضعف الرعاية الأسرية وضعف منظومة القيم الثقافية في المحيط الاجتماعي في دفع الشباب نحو هذه السلوكيات غير السوية وممارسة أنماط سلوكية منحرفة. وهذا الوضع بصورته الحالية في المجتمع المصري يفرض علي القائمين علي شئون البلاد القيام بمهام ضرورية وملحة في تكثيف الجهود والعمل علي التخفيف من حدة الفقر ومشكلة البطالة وتوفير فرص العمل المناسبة وتوفير المسكن الملائم لمستويات الأجور والمرتبات السائدة للشباب. إن نجاح الدولة في بلوغ هذه الغايات من شأنه يساهم بدرجة ملحوظة في مواجهة سلوكيات التحرش الجنسي المنحرفة.