نائب رئيس جامعة الأزهر يشدد على ضرورة الالتزام بالضوابط واللوائح المنظمة لأعمال الامتحانات    هيئة الرقابة النووية: لا تغير في المستويات الإشعاعية داخل مصر    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    جامعة جنوب الوادي تشارك في الملتقى العلمي الثاني لوحدة البرامج المهنية بأسيوط    «التعليم العالي» تنظم حفل تخرج للوافدين من المركز الثقافي المصري لتعليم اللغة العربية    إعلان نتائج مسابقة الطلاب المثاليين بكليات جامعة المنيا الأهلية    وزير النقل يتابع أعمال تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الأتوبيس الترددي BRT    سعر الذهب اليوم السبت 14 يونيو 2025 بعد الارتفاع الكبير.. وعيار 21 الآن يتجاوز ال 4800    والد طفلة البحيرة: استجابة رئيس الوزراء لعلاج ابنتى أعادت لنا الحياة    إزالة 60 حالة تعد على مساحة 37 ألف م2 وتنظيم حملة لإزالة الإشغالات بأسوان    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    إعلام عبرى: نقل طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى أثينا مع بدء هجوم إيران    إعلام عبرى: توقعات إسرائيلية بهجوم إيرانى على تل أبيب خلال ساعات    ميسي ينتظر الهدف 50 مع إنتر ميامي ضد الأهلي    شعار الأهلي على حساب ميسي.. ما القصة؟    "الناس لا تخاف الله".. يزن النعيمات يكشف حقيقة مفاوضات الزمالك    بعد توصية ميدو.. أزمة في الزمالك بسبب طارق حامد (خاص)    ديمبلي: أطمح للفوز بالكرة الذهبية    مصرع شخص خلال مشاجرة بالأسلحة النارية بسبب خلافات الجيرة في البحيرة    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    «انطلاقًا من المسؤولية الوطنية».. أول تعليق من السياحة على تأجيل افتتاح المتحف الكبير    فايز فرحات: مفاوضات إيران وإسرائيل تواجه أزمة والمواجهة أنهت "حروب الوكالة"    «إيه اليوم الحلو ده؟».. أول تعليق ل يوسف حشيش بعد زفافه على منة القيعي    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل ب زاوية صقر بالبحيرة (صور)    مسلسل فات الميعاد.. هل تطلب أسماء أبو اليزيد الطلاق من أحمد مجدي بعد سرقته لها    محافظ أسوان: بدء التشغيل التجريبى لبعض أقسام مستشفى السباعية    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    بريطانيا تنفي تقديم الدعم لإسرائيل في الهجوم على إيران    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    فضل صيام أول أيام العام الهجري الجديد    القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين إلى عدد من المنشآت.. صور    توقيع بروتوكول تعاون بين جامعة كفر الشيخ وأمانة المراكز الطبية المتخصصة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    البنك الدولي" و"شبكة المنافسة الدولية" يمنحان مصر الجائزة الأولى عن سياسات المنافسة لعام 2025    يسرى جبرى يرد على من يقولون إن فريضة الحج تعب ومشقة وزيارة حجارة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة رزق درويش الابتدائية بزاوية صقر الطلاب: البرنامج الصيفي مهم جدا لصقل المهارات    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    نجاح استئصال جذرى للكلى بالمنظار لمريض يعانى من ورم خبيث بمبرة المحلة    صحة غزة: 90 شهيدا و605 إصابات جراء العدوان آخر 48 ساعة    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    الإثنين.. العربي للطفولة يسلم الفائزين بجوائز "الملك عبد العزيز للبحوث العلمية"    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    نجم الأهلي: لن نبخل بنقطة عرق أمام إنتر ميامي    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    على غرار ياسين.. والدة طفل تتهم مدرب كاراتيه بهتك عرض نجلها بالفيوم    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي أرى
نشر في شباب مصر يوم 09 - 06 - 2011

أيام قلائل تلك التي أمضيتها بين ظهران شعب 25 يناير، لم تمتلكني مشاعر الرهبه التي سبق وأن استوحشت منها في مجتمعات أخرى، منها العربية وغير العربية، لأنها تلك السمراء التي رسمتُ لها لوحة في مخيلتي سابقاً، والتي تمنيت زيارتها لأكتب في صفحة عمري أن قدماي وطأت كنانة الناصر جمال، والفاتح عمرو بن العاص، والثائر أحمد عرابي، والشباب البسيط الذين حولوا "ميدان التحرير" لمحارة تخرج من جوفها ما ينبض بالأمل والمستقبل، وحياة عنوانها المساواة بين ملايين الفقر وجموع الأثرياء، وحشود مليونية ترسم بين أذرع حاضنة النيل قصة الهرم ويناير.
ليس غزل ذاك الذي أكتبه بعد أيام، فلا أجيده ولا أتقن أبجدياته، ولكنه إحساس وإنطباع بسيط لا يتعدى حدود الشعور الداخلي الذي إرتسم على لوحة الأعماق، وخاصة عندما داست قدماي (ميدان التحرير) الذي وقفت وسطه مندهشاً، هل هذه البقعة المزدحمة مَن غيرت وجه التاريخ المصري، لا بل والعربي، والمنطقة؟!!! وهل تشهد فعلاً ميلاد يُشرق مستقبل واعد لأجيال يحذوها الأمل بغدٍ أفضل؟ وشمس أدفء؟
لست مستوحشاً الساعات والأيام، ولا يغزوني الحنين لأقسى بقعة حياتية في عالمنا المعاصر(غزة) لأن الوطن دوماً يستحضر روحه في الوجدان، ويبعث فينا آيات الصبر، ويحثنا على الصمود والتحدي، ويأمرنا أن نقاتل ونثابر للعوده له بذكريات، وأدوات الصمود، لذلك لم تسعفني وجدانيات القلب للإستوحاش لأننا نقف بلحظة وسط مسكن مؤقت بين من أؤمن بهم(الفقراء)، والمهمشون على خارطة تضاريسية بشريه إقتصادية، تمتزج آهاتهم وآلامهم، ومعانياتهم، لأستلهم منها قبلة الشرق وأخاطب غزة من هنا، صادحاً إشهدي أن هناك من يُحبك. هم آولئك اللاهثون في طوابير صباحية كعادة يومية لمن يمارس رياضة الاصطفاف والوقوف على عتبات رغيف العيش المدعوم حكومياً، يعضون آه الجوع، ويحتضنون آلم غزة، كما يحضنوا آلم قاهرة المعز، الباسمون في شوارع مزدحمة يكسوها الزمن بقسوته، مستصرخين عنفوانك، ومستذكرين شهداؤك.
بالأمس امتزج دم شهداء النكسة في ذكراها الرابعة والأربعين مع تلك النظرات البريئة، والإنبهار من ذاك الشاب الأسمر الصغير الذي ما أن عرف فلسطينيتي حتى باغتني بالقول" سنذهب لكم" "سنآتي لكم".
إذن هي مصر الشعب الذي تمرد علىّ الفتنة بعدما تمرد على القهر والظلم، وإنعتق من عبودية " ثقافة الرعب" التي تكونت مع الجنين في رحم الرعب العربي الرسمي، متغلباً على عثمانية التخلف التي عشنا في عزلتها أبان حقبة الإنحصار القومي، والحصار الثقافي في دهاليز القرن التاسع عشر، ولكن إلى أين؟!!!
سؤال يحاكي أيام قلائل رأيت صياغتها في نظرات أبناء مصر، مسلمين وأقباط، فقراء وأثرياء، تتحادث بها نظراتهم، وتنطق بها ألسنتهم، بالجهر والعلن، وينتظرون ريشة الثورة أن ترسم لوحة المستقبل ومعالمه، وتتخذ من الماضي والحاضر مزيجاً من الألوان المنسجمة لتبهر الناظر لبريقها.
إلى أين؟!!!!!
لا يمكن الحكم على التجربة في هذا الزمن البسيط، ومن الغباء أن نطالب مصر بالكثير الآن، ومن الغباء أيضاً أن لا نطالبها بالكثير كذلك، لماذا؟!! لأنها مصر التي منحها التاريخ صكوك وِزر هذه الأمة، وصدى صرخاتها وآلامها المبعثر في أرجاء ممتدة ما بين المحيط والخليج، منبعثة من صدور مكلومة.
لأنها مصر التي دون التاريخ على صفحاتها وتضاريسها مواقع المسؤولية، دوماً في رسم مستقبل ومعالم المرحلة، ومحاكاة نبض القلب وفكر العقل، دون الغفران لها سقطاتها، وتقاعسها عن أدوارها، ومهامها.
إننا نحزن على مصر ولكن ليس حُزن على ضعيف، أو كسير، بل حُزن على عبء المسؤولية، وحجمها، في مثل هذه الظروف العصيبة والخطيرة التي تلقي بظلالها على مصر بعد التغيير.
أعود للوراء خطوة واحدة لأقف أمام المشهد من جديد، وأنا أتأمل ذاك العجوز الذي تملئ وجهه تجاعيد الزمن، وهو متكئ على عصاه يستوحي من الذاكرة التاريخ ليعبر عنها بثقافته بكلمات مختصرة تحمل من المعانِ الكثير الكثير، فيقول: " الأصيلة تعمل بأصلها"، لذلك نحن دوماً نقسوا على الأصيلة، ونغضب منها، ونقول لها هل من مزيد؟
إذن، فالمرحلة صعبة وخطيرة، ومعقدة ومتشابكة في طلاسمها الغامضة، ولكنها منظمة وهادئة، تدرك مفاتيح الحل وفك رموز شيفراته، وهي تمضي ما بعد 25 يناير مدركة أن القادم أكثر تعقيد، وأن المسؤوليات متشابكة بين المحلي، والإقليمي،ِ والدولي، في منظومة مصالح سياسية، واقتصادية متشابكة ومترابطة، وضغوط يومية دائمة، أكثر جسامة مما مضى.
نعم، نستصرخ حضارات فرعون ووادي النيل أن تكون كما نأمل ونطمح، ونريد لأنه لا يمكن غض البصر عنها، فهي قاعدة ثابتة لا إجتهاد فيها، ولا تتعدد فتاويها، لأنها مصر.
لا زلت مؤمناً أن الثقافة تُستمد من آلام البسطاء والمعصومين من ترف الحياة، لأنهم من يزدونا بنبض الحقيقة ووحي أفكارها، ومصداقية التعبير عنها، والكتابة على جداريتها الفسيفسائية، ولذلك استدرجتني الأحياء الشعبية لأتناقل بين تلك الوجوه مستنبطاً وحي البدايات، وأولى الحلقات في الكتابة عن مصر.
سامي الأخرس
6 حزيران(يونيو) 2011م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.