نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد العباسي ببورسعيد (بث مباشر)    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    اسعار الاسمنت ومواد البناء اليوم الجمعة 26ديسمبر 2025 فى المنيا    قصف مدفعي لقوات الاحتلال يستهدف تل أحمر شرقي جنوب سوريا    أحمد عبد الوهاب يكتب: حل الدولتين خيار استراتيجي يصطدم بالاستيطان    داليا عثمان تكتب: لماذا "لبنان"؟    الهلال يستضيف الخليج في الدوري السعودي    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    الحماية المدنية تنقذ عاملين سقطا في خزان مياه بالقاهرة    وزارتا الخارجية والاتصالات تعلنان إطلاق خدمة التصديق على الوثائق عبر البريد    المتحف القومي للحضارة يطلق فعاليات «روح ومحبة» احتفالًا برأس السنة وأعياد الميلاد    خطوات هامة لضمان سلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع لجنة المسؤولية الطبية    كلية المنصور الجامعة تعزّز الثقافة الفنية عبر ندوة علمية    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    وزير الكهرباء يبحث مع مجموعة شركات صاني الصينية التعاون في مجالات الطاقة المتجددة    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بقنا    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    هل انتهى زمن صناعة الكاتب؟ ناشر يرد بالأرقام    جيش الاحتلال: قصفنا مجمع تدريب ومستودعات أسلحة تابع لحزب الله في لبنان    نقل الفنان محمود حميدة للمستشفى بعد تعرضه لوعكة.. اعرف التفاصيل    وزارة التضامن تفتتح غدا معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية بالبحر الأحمر    كامل الوزير: إلزام كل مصنع ينتج عنه صرف صناعي مخالف بإنشاء محطة معالجة    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 26-12-2025 في قنا    بحوث الإسكان والبناء يواصل ريادته العالمية في اختبارات الخط الرابع للمترو    فضل شهر رجب.. دعاء مستحب واستعداد روحي لشهر رمضان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26-12-2025 في محافظة قنا    زيلينسكي: اتفقت مع ترامب على عقد لقاء قريب لبحث مسار إنهاء الحرب    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    مسؤول أمريكي: إسرائيل تماطل في تنفيذ اتفاق غزة.. وترامب يريد أن يتقدم بوتيرة أسرع    شروط التقدم للوظائف الجديدة بوزارة النقل    زعيم كوريا الشمالية يدعو إلى توسيع الطاقة الإنتاجية للصواريخ والقذائف    مخاطر الوجبات السريعة على صحة الأطفال    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    لاعب جنوب إفريقيا: أثق في قدرتنا على تحقيق الفوز أمام مصر    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحات من تأريخ الموسيقى اشكال الغناء (الجزء 12 )
نشر في شباب مصر يوم 14 - 04 - 2014

مازال الحديث موصول حول موضوع صفحات من تأريخ الموسيقي ونقول :
" قال بعض الحكماء: إذا وقع في يدك يوم السرور فلا تخله فإنك إذا وقعت في يوم الغم لم يخلك."
(1)أشكال الغناء العربي
أولا: الموشحة و الموشحات
الموشحة هي نوع من الشعر الذي ليس لها وزن معين ولا شكل محدد الملامح, وهي والموشح يعتمدان على الإيقاع الموسيقي. وعدد الايقاعات تربو على العشرين ايقاعا, ومنها الثقيل وسماعي ثقيل والسربند والمصمودي والسماعي دارج وغيرها من الإيقاعات.والموشحة من حيث النظم لاتعتمد على شكل محدد كما ذكرنا , فهي تارة شعرا فصيحا واخرى مزيجا بين الفصيح والزجل ( لنا وقفة مع الزجل والمواليا والكان كان والقوما في الصفحات المقبلة ). ونشأت الموشحة في ربوع الأندلس ,وقيل انها ظهرت في عصر ما قبل الإسلام وانها تطوير لما يعرف بالمسمّط. والمسمط نوع من الشعر, وهو ماقفيت بعض ابياته عدا البيت الاخير الذي يكون بقافية مختلفة تتكرر بانتظام يطلق عليه اسم ..عامود القصيدة.
" فالشعر المسمط ، هو أن يبتدئ الشاعر ببيت مصرع، ثم يأتي بأربعة أقسمةعلى غير قافيته، ثم يعيد قسيماً واحداً من جنس ما ابتدأ به، وهكذا إلى آخر القصيدة،مثال ذلك قول امرئ القيس، وقيل إنها منحولة:
توهمت من هند معالم أطلال غفاهن طول الدهر في الزمن الخال
مرابع من هند خلت ومصايف يصيح بمغناها صدى وعوازف
وغيرها هوج الرياح العواصف وكل مسف ثم آخر رادف
بأسحم من نوء السماكين هطا ل
وهكذا يأتي بأربعة أقسمة على أي قافية شاء، ثم يكرر قسيماً على قافية اللام، وربما كان المسمط بأ قل من أربعة أقسمة كما قال أحدهم:
خيال هاج لي شجنا فبت مكابداً حزنا
عميد القلب مرتهنا
بذكر اللهو والطرب
سبتني ظبية عطل كأن رضابها عسل
ينوء بخصرها كفل
ثقيل روادف الحقب
وربما جاءوا بأوله أبياتاً خمسة على شرطهم في الأقسمة، وهو المتعارف، أو أربعة، ثم يأتون بعد ذلك بأربعة أقسمة، كما قال خالد القناص، أنشده الزجاجي أبو القاسم:
لقد نكرت عيني منازل جيران كأسطار رق ناهج خلق فاني
توهمتها من بعد عشرين حجة فما أستبين الدار إلا بعرفان
فقلت لها: حييت يا دار جيرتي أبيني لنا أنىّ تبدد إخواني
وأي بلاد بعد ربعك حالفوا فإن فؤادي عند ظبية جيراني
فجاء بأربعة أبيات كما ترى، ثم قال بعدها:
رما نطقت واستعجمت حين كلمت وما رجعت قولاً وما إن ترمرمت
وكان شفائي عندها لو تكلمت إلي ولو كانت أشارت وسلمت
ولكنها ضنت علي بتبيان
وهكذا إلى آخرها، وقد جاء هذا الشاعر في قصيدته بخمسة أقسمة مرة واحدة، ولم يعاودها، ولو عاودها لم يضره، وكذلك لو نقص، إلا أن الاعتدال أحسن. والقافية التي تكرر في التسميط تسمى عمود القصيدة. وقال أبو القاسم الزجاجي: إنما سمي بهذا الاسم تشبيهاً بسمط اللؤلؤ، وهو سلكه الذي يضمه ويجمعه مع تفرق حبه، وكذلك هذا الشعر لما كان متفرق القوافي متعقباً بقافية تضمه وترده إلى البيت الأول الذي بنيت عليه في القصيدة صار كأنه سمط مؤلف من أشياء مفترقة."العمدة في محاسن الشعر وآدابه ..ابن رشيق القيرواني"
يقول ابن خلدون: وأما اهل الأندلس كما كثر الشعر في قطرهم وتهذّ بت مناحيه وفنونه وبلغ التنميق فيه الغاية ....إستحدث المتأخرون منهم فنا سموه..بالموشحة.
ويقول ابن خلدون: "كان المُخترع للموشحات بجزيرة الأندلس " مُقدّم بن مُعافى القبري" من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني وأخذ عنه أبو عمر أحمد بن عبد ربه صاحب العقد الفريد"
وقد عرّف ابن سناء الملك الموشّح فقال: الموشح كلام منظوم على وزنٍ مخصوص.
ويتضح لنا ان الموشحات تختلف عن القصيدة وتخرج عن مبدأ الروي الواحد والقافيةالواحدة. ويعتمد الموشح على قواف متعددة متناوبة ومتناظرة ضمن سياق معين, ويختلف عن القصيدة من ناحية اخرى من انه ينطوي على عبارات عا مية وخاصة في نهاياته. والموشحات متصلة بفن الموسيقى وهي تنظم على الأغلب بقصد التلحين , ومن هنا تأتي مسألةاضافة كلمات عامية فيه واختلافات في تفعيلته لينسجم مع اللحن.
"وأخذ الموشّح تسميته من "الوشاح" على الأرجح , وهو"سير منسوج من الجلد، مُرصّع بالجواهر واللّؤلؤ، تتزيّن به المرأة". ولهذا سُمّي هذا النّمط بالمُوَشّح لما انطوى عليه من ترصيعٍ وتزيين وتناظر صنعه".
وقد قسّم ابن سناء الملك الموشح الى قسمين:-
- قسم يستقل التلحين به ولا يفتقر الى ما يعينه عليه وهو أكثرها.
- قسم لايحتمله التلحين ولا يمشي به الّا بأن يتكئ على لفظةلا معنى لها تكون دعامة للتلحين وعكازا للمغني..ومثاله قول ابن بقّي :
من طالب ......... ثار قتلي
ظبيّات الحدوج ...... فتانات الحجيج
فاللحن لا يستقيم الّا ان يقال" لالا" بين الجزئين الجيميين من هذا القفل.
والموشحات غالبا على نوعين من حيث النظم.. التام والأقرع .
والموشح التام..ماابتدئ فيه بالقفل كقول ابن زهر الأندلسي :
ايها الساقي اليك المشتكى .. قد دعوناك وإن لم تسمع (وهذا القفل )
ونديم همت في غرته (وهذه الأبيات)
وبشرب الراح من راحته
كلما استيقظ من سكرته
جذب الزق اليه واتكا .. وسقاني اربعا في اربع (وهذا القفل )
أما الموشح الأقرع.. فهو ما ابتدئ فيه بالابيات كقول الأعمى التطيلي:
سلوة الحبيب..أحلى من جني العسل (وهذه الأبيات)
وعلى الكئيب.. ان يخضع للذل
انا في حروب .. مع الحدق النجل
ليس لي يدان .. بأحور فتان.. من رأى جفونه .. فقد افسدت دينه (وهذا القفل )
أنواع الموشّحات من حيث الأوزان المُلحّن عليها:
لقد لحنت مئات الموشحات وعلى ايقاعات شرقية وعربية متنوعة عرف البعض منها وضاع آخر. وهنا يمكننا ان تلخص الإيقاعات المتداولة في تلحين الموشحات من انها قد تكون ايقاعات بسيطة سريعة مرحة كالسربند8/3.. كما في موشح يامن لعبت به شمول من مقام الرست وفي العراق يعزف هذا الموشح على ايقاع الجورجينا وعلى مقام الأوشار, وا يقاع الفالس الذي يستعمل احيانا مع ايقاع الفوكس4/3 .. كما في موشح راحت الأطيار تشدوا وهو من مقام البيات . ومنها الإيقاعات العرجاء المركبة كإيقاع الأقصاق التركي4/5 كما في الموشح العربي يامن بعادي ألف من مقام الرست.والإيقاع الهندي8/7 وهو مركب اعرج كما في موشح جادك الغيث من مقام السيكا. وايقاعات الورشان والترس والمخمس المصري والفكرة والبطايحي والكثير الكثيرمن الايقاعات. وهناك موشحات تدخل فيها أوزان غير اوزان العرب وهي عديدة لا تحصى.
القالب الموسيقي للموشح :-
يمكننا القول ومن خلال الضروب والأوزان التي تقدم ذكرها , ان للموشح قالبا محددا يصاغ منه, وهو على ما يلي:
1- يطلق اسم البدنية أو الدور على القفل في الموشح التام . وعلى هذه البدنية او الدور يقاس تلحين أجزاء القفل والأقفال كلها.
2- يطلق اسم الخانة او السلسلة او الدولاب على الأبيات التي تلي القفل.
3- يطلق اسم القفلة أو الغطاء على القفل الاخير أي الخرجة التي تصاغ الحانها وفق تلحين البدنية او الدور.
مثال : موشح جادك الغيث وهو من شعر لسان الدين بن الخطيب والحان الفنان الكبير مجدي العقيلي وهو على إيقاع ..الدورالهندي 8/7 ومن مقام الهزام.
( دور أو البدنية 1 ) جادك الغيث اذا الغيث همى .... يازمان الوصل بالأندلس
( دور أو البدنية 2 ) لم يكن وصلك الّا حلما .... في الكرى أو خلسة المختلس
( الخانة ) حين لذّ الأنس مع حلو اللمى .... هجم الصبح هجوم الحرس
( الغطاءأو القفلة أو الخرجة) غارت الشهب بنا أو ربما .... أثّرت فينا عيون النرجس
فالموشح يتألف موسيقيا من دور يسري على كل الأقفال والخرجة التي يحتويها , وعلى عدد الخانات أو السلاسل وهي عاد 5 مقاطع. .وهذا بالنسبة للموشح التام.
اما بالنسبة للموشح الأقرع.. فإنه يماشي التام في كل شئ ويخالفه في الإبتداء لأن الموشح الأقرع يبدأ بالأبيات بخلاف التام الذي يبدأ بالقفل.
أنواع الموشّحات من النّاحية الموسيقيّة:
يمكننا ان نؤكد القول بأن هناك 3 أنواع من الموشحات أو لنقل مدارس مهمة له . وهي الموشحات الأندلسية والموشحات الحلبية والموشحات المصرية. ويمكن أضافة الموشحات الأندلسية في تركيا إضافة لمحاولات بعض الموسيقيين العرب المهتمين في هذا اللون من الغناء حيث نستطيع ادراجه تحت مسمى الموشح الحديث.
1- الموشّحات الأندلسيّة:
بدأت الموشّحا ت وازدهرت في الأندلس منذ القرن الرّابع الهجري وما زالت تُغنَّى كأغان للمجموعة في ليبيا والجزائر والمغرب حتى الآن. ولقد ساهم أهل الموسيقى على الإستزادة منه حتى شمل غناء أصحاب الطرق الصوفية. ويعدالموشح اهم الفنون الموسيقية التي ابدعت في الأندلس , ويرجع سبب الإبداع هذا الى ان العرب كانت لديهم حاجة في موقعهم الجغرافي الجديد الى التخلص والتحرر من القيود الصارمة في العروض والقافية التي كبلت النظم واللحن لفترة طويلة جدا وضرورة ملائمة الغناء والموسيقى لجمال الطبيعة الجديدة وسحر الفتنة المحيط بهم. وكان الهدف الأبعد لهذا الإبداع هو احتضان وتشجيع الموسيقيين والمغنين من قبل الأمراء والولاة في الأندلس لكي يتفوق غناء الأندلس على غناء بغداد حيث كان زرياب في الأندلس يعد من أهم أعمدة الغناء والموسيقى في عصره هناك . وأصبحت قرطبة موقعا ومركزا موسيقيا وثقافيا متميزا, اضافة لتلاقح ما انجبته الممارسة الفعلية والعملية في مجال الموسيقى والغناء للعناصرالبشرية المكونة للمجتمع الأندلسي وهم العرب والبربر والصقالبة والقوطيين.
ورغم مرورالزمن على البدايات الفعلية لاكتشاف الأغنية الأندلسية لم يطرأ أي تغير يذكر وقد ضاعت ثمانية إيقاعات من أصل أربع وعشرين إيقاعا هي التي تتكون منها الموسيقى الأندلسية التي تتناسب كل واحدة منها مع ساعة من الساعات الأربع والعشرين لليوم..وقد ذكرنا في الصفحات السابقة ان الموشحات انتقلت الى المغرب العربي عن طريق الرحلات التجارية والحروب والهجرة بعد انحسار الامارةالعربية في الأندلس.
ان الموشحات وليد جميل للحضارة في الأندلس. وارى من المفيد التذكير , بأن الأشكال والقوالب الموسيقية والغنائية انتقلت الى المغرب والأندلس من الشرق مع العرب الفاتحين. وقد حملت معها ملامحها المحددة التي أثّرت وبشكل واضح في الغناء الأندلسي الخاضع للذوق العربي بالرغم من استقرارها في اسبانيا سنوات طويلة. ومن ملامح الشرق الموسيقي والغنائي هذه , تعدد المقامات واعتماد الخط الميلودي الأفقي والرتيب احيانا , ونفوذ مقامات شرقية اخرى في الموسيقى العربية كالسوزناك والنهاوند والفرحناك وهومقام رست على الدوكاه ويستقر على درجة العراق وهو مقام سيكا تركي, ثم سيادة الصوت البشري , والارتجال والمواويل وغيرها . الّا انّّ الغناء الأندلسي اضاف الى هذه الملامح الشرقية ملامح فنية بربرية وافريقية كاستخدام السلم الخماسي واضافة ايقاعات متعددة.
يقول الأستاذ عبد العزيز بن عبد الجليل وهو باحث موسيقي مغربي : " لقد كان من وجوه التفاعل بين الموسيقى العربية والموسيقى القوطية بالاندلس لجوء المنشدين الى اشباع حروف لايتبعها حرف مد, او تجزئةالكلمة الواحدة الى مقاطعها, بحيث ترجعّ هذه المقاطع مستقلة ومنفصلة عن بعضها , ويمكن ملاحظة ذلك في بداية وتصدرة بسيط رمل الماية ......... مثلا " صلوا يا عباد " فإن كلمة صلوا تأتي حافلة بالشغل الذي يتخلل مقطعيها على نحو يبتعد عن الاسلوب العربي, بحيث ينشد حرف الصاد المفتوح وحرف اللام الممدود ضما, كل منهما بمعزل عن الآخر , الامر الذي يذكرنا بطريقة الانشاد الكنسي."
ومن خصائص الموشحات الأندلسية في الأداء هي استعمال مقاطع لاتحمل اي معنى لغوي وتسمى " التراتين" ومثالها يالالان...طيري طا ن طار لاطي ..... هانانا . وهي امتدادات لحنية لا علاقة للنص المنظوم بها يرددها المنشدون خلال الغناء لملئ الفراغات الذي يحدثه طول الجمل اللحنية او هو تعبير عن التحرر من قيد الأشعار الموزونة والتي تتحكم عروضها باللحن وتفرض عادة نهايته بنهاية البيت المنظوم , وقد أصبحت تقليدا متبعا في الموشحات كما يذكر الباحث الأستاذ محمد الفاسي المغاربي.
وتجدرالأشارة الى ان المغاربة ساهموا مساهمة كبيرة في اغناء الموشحا ت يوم كانت سوق الموسيقى نشيطة رائجة. ولما اصاب هذه السوق ركودا كما يقول الباحث الأستاذعبد العزيزبن عبد الجليل انحصراهتمام اهل الفن في حفظ وترجيع ماكان بينهم متداولا , وأبوا على انفسهم وعلى غيرهم الزيادة فيه , بدعوى الحفاظ عليه. وهنا يدخل الموشح الحلبي ساحة التوشيح.
ثانيا : الموشّحات الحلبيّة
انتقل فن الموشح من غرناطة في الأندلس الى سوريا ولبنان واستقر في مدينة حلب حيث تطوروازدهر. وقد اتّبع الوشّاحون الحلبيّون في الموشحات الأندلسيّة طريقة غنائها وليس طريقة نظمها، فقطّعوا الإيقاع الغنائي على الموشّحات الشّعرية وعلى الموشّحات الأخرى التي لا تخضع بطريقة نظمها لبحور الشّعر، ثم طبّقوا أسلوب الأندلسييّن في تلحينها. إلاّ أنّهم خرجوا عليها في المقامات بحيث غدت الأدوار مطابقةً في غنائها للحن الغطاء دون الخانة التّي يكون لحنها مخالفًا للحن الدّور الأوّل والغطاء. وبذلك اكتسبت الموشّحات الأندلسية التي لُحّنت بالطّريقة الحلبية كثيرًا من التّحسينات التي أسهمت في تطويرها. وقد ساهم في انتشار وازدهار الموشحات في حلب اهتمام الفنانين في تأليفها ونشرها بين الناس والمهتمين في الشأن الموسيقي عامة في مطلع القرن التاسع عشر. وقد لعب الشيخ علي الدرويش الملحن السوري الشهير دورا رائعا في حفظ هذا التراث الجميل حيث دوّن بالنوتة الحديثة عدد كبير من الموشحات.
ولقد طرأت تغيرات حقيقة في طريقة تلحين الموشحات الأندلسية في حلب وبلاد المشرق عموما كما حدث في بلدان المغرب العربي. لقد ابتعد الموشح عن الأسلوب اللحني والإيقاعي عما كان سائدا في الأندلس. يقول الأستاذ محمود الحفني في المجلة الموسيقية: لما اخذت مصر هذه الموشحات سارت فيها على النظام الموسيقي الأندلسي , وحفظت اصوله ونظرياته المكتسبة . غير ان تأثير المقامات العربية والتركية سرعان ما استطاع ان يقود العملية اللحنية للموشح بما تتضمنه من ارباع النغمات فتغير المجرى اللحني للموشح.
ولقد حدث التغييير في النصوص ايضا فزيدت كلمات أعجمية واستحدثت ترنيمات واشكال نغمية لا تزال جارية لحد الآن .. ياللّي أمان .. جانم ..الخ.
يقول البارون رودولف دي لانجيه في تقريره المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية في القاهرة1932 عن الموسيقى الأندلسية : اذا كان موسيقيو مصر ودمشق وحلب يحتفظون بذكرى الموسيقى العربية –الإسبانية الممثلة في الموشحات ففي المغرب العربي اخذت موسيقى الأندلس كاملة متمثلة بمفهوم موسيقى النوبة وملحقاتها المركبة, التي تسير اي الموشحات على مقام واحد لا يفرّق بينها سوى طريقة اوزانها.
كما أضاف الحلبيّون على غناء الموشّحات نوعًا من الرّقص عُرِفَ بإسم رقص السّماح الذي كان مقصورًا على الرّاقصين من دون الرّاقصات. وبفضل الفنّان الحلبي الشيخ عُمَر البَطش (1885-1950 ) الذي لحّن ماينوف عن المائة واربعين موشحا , تطوّر رقص السّماح فغدت حركات الأيدي والأرجل خلال الرّقص تنطبق مع إيقاعات الموشّحات بحيث يختصّ كلّ إيقاعٍ إمّا بحركات الأيدي وإمّا بحركات الأرجل أو بالاثنتين معًا, كما اختزل زمن الغناء الى ساعة واحدة تقريبا بعد ان كان الغناء يأخذ زمنا قد يفوق الساعتين. وقد وضع الشيخ عمر البطش خانات عديدة لموشحات بدأها ملحنون اخرون امثال الشيخ علي الدرويش. وقد اشتهرت حلب في تلحين الموشحات كما ذكرنا واصبح لها ذاك الألق المتميز كما تألقت مصر في تلحين الأدوار.
يمكننا القول ان بلدان المشرق العربي تقرن الان بالموشح الأندلسي كما تقرن تونس "بالمألوف" والجزائر" بالغرناطي" والمغرب " بالآلة" .
ومن اجمل الموشحات الحلبية من مقام الهزام موشح (لوكنت تدري ما الحب يفعل ..) والشعر للإستاذ مصطفى خلقي وقد لحنه الفنان مجدي العقيلي وايقاعه يوروك 8/6 ويضرب الإٌيقاع مشابها للسنكين سماعي الذي يدور في اطاره معظم الغناء العراقي التراثي( الجالغي) مثل ( حمّل الريل وشال..ولتظن عيني تنام . . .. وربيتك زغيرون حسن ..الخ).
الموشح:
لوكنت تدري ..ما الحب يفعل
بالوصل يوما ماكنت تبخل
ظبي كحيل حلو المحيا
الغصن منه ان ماس يخجل
يامن هواه أضنى فؤادي
كالبدر انت بل أنت اجمل
شرب الحميا منكم حلالي
قم يانديمي نشرب ونثمل
مالي سواكم روحي فداكم
دوما رضاكم والله أسأل
إن كان حبي يقضي بقتلي سلمت امري لله فأفعل
وعندما نتحدث عن الموشح المشرقي لابد من ذكر القدود الحلبية التي اقترن صيتها بالموشح وقد يعتبرها البعض هي هي الموشح.
"القدّ" نوعٌ من أنواع الموشّح، ومن إيقاعٍ صغير كالوحدة 4/2 وايقاعات مرحة سريعة . و يبدأ القد بالمذهبٍ يردّده االكورس ثم يتناوب المطرب معهم الغناء ويتبادلان الأدوار احيانا . وأوّل ما لَحّن هذا اللّون سُمّي بالموشّحات الصّغيرة ولا يجوز أن نطلق عليه إسم "أغنية" بل نقول "قد"، وجمعه قُدود. وكلمة "قد" كلمة حلبيّة تعني "شيء بقدّ شيء" أيّ على نفس القدر. و القُدود خلقت في مدينة حلب السورية وهي بالأصل أناشيد دينيّة في مدح الله والأولياء . ثمّ تحوّلت كلمات المدح الإلهيّة إلى كلمات غزلية ، فجاء الكلام الغَزَليّ بقدّ الكلام الدّيني، لذلك سُمّي بالقدّ. والقدود تغنى كوصلات بذاتها او بعد جولة من غناء الموشحات ولايجوز غناء اشكال الغناء الاخرى معها عدا المواويل بمقامات متعددة.
ومن اشهر المغنين في هذا النوع هو الفنان المتميز صباح فخري و الفنان الدايخ وهو من حلب ايضا والسراج وغيرهم. ومن اجمل ما غنيّ من القدود ( صيد العصاري ياسمك بني... تلعب بالمية ولعبك يعجبني.. ثم سكابا يادموع العين سكابا.. ويامال الشام والله يامالي والكثير الكثير) .
ان الملاحظ في غناء القدود الحلبية انها لم تغنى باصوات نسائية الا ما ندر, وقد يعود سبب هذا الى ان المجتمع الحلبي مجتمع بتقاليد متشددة فلا يستساغ هذا النوع من الغناء باصوات نسائية. ان هذا لا يعني عدم وجود فرق نسائية للغناء هنا اوهناك بل بالعكس فقد وجدت اغاني خاصة بالنساء في حلب ودمشق.
ثالثا: الموشّحات المصرية:
ذكرنا سابقا عن انتقال الموشحات الأندلسية الى المشرق العربي. فقد أكّد وجود هذا النوع من الغناء وخاصة في مصر , وجود اغاني بلدية يغنيها بعض الشبان " الجدعان " وهم يغنون في " الصهبات ".. والصهبات او (الصهبجية) جوقات من الهواة مكونة غالبا من خمسة افراد او اكثر يرأسهم مغن حا ذق بغناء الموشحات الأندلسية يغنونها معه.وكانت هذه المدرسة بزعامة ( سعد دبل ومحمد الحصري)بين اعوام1865 -1890 . وأشهر هذه الفرق كانت في زمن عبده الحامولي1845-1901 ولحد الآن جوقة عبد الحميد الشباشي ثم فرقة الأسطة حسنين المكوجي. يقول الاستاذفكري بطرس في كتابه الموسوم أعلام الموسيقى والغناء العربي عن هذه المدرسة:كان الفنانون ينشدون كلاما غير موزون وكانوا من طبقات عامية تجهل القراءة والكتابة واحترفوا الغناء عن طريق الكبار منهم وهم على شاكلتهم في الجهل..فكانوا يقصدوهم في المقاهي والمحلات العامة ويتلقون منهم الموشحات التي لا وزن ولا معنى لها كالاغنية التي تقول:
جابو رواية من حدا الكسباني
نغزل صمولي للطحال الضاني
ويطلعوا منها الفراخ كتله
زي الجاموس يطرح بلح حياني
وكل بلحةفيها معمل طرشي
وان خمّروها تطلع فول سوداني
الى اخر التحفة الفريدة هذه!!!
غير ان الموشحات هذه لم تطل على هذه الشاكلة والنحو كثيرا , اذ عاد الشبان الذين تتلمذوا على كبارهم من الجهلة يعرفون الأوزان وصاروا يتقنونها فتفننوا في فن الموشحات الموزونة وصاروا يتغنون بها في المقاهي والمنتديات.
وبعد هجرة الفنان الرائد ابو خليل القباني قسرا عن دمشق بعد وشاية حساده وكتابتهم لعريضة الى دار الخلافة الإسلامية تتهم القباني بالفسق والفحشاء وتجاهل القيم انذاك نتيجة تشكيل القباني لفرقة مسرحية,فقد وصل الى الاسكندرية حيث بنى مسرحا ومارس رسالته الجميلة ونتيجة لهجرة فنانين آخرين من موسيقيين وعازفين , انتقلت الموشحات ضمن ماانتقل من فنون الى مصر عن طريق الفنّان شاكر أفندي الحلبي في عام 1840 الذي قام بتلقين أصولها وضروبها لعددٍ من الفنّانين المصرييّن الذين حفظوها بدورهم وأورثوها لِمَن جاء بعدهم. وأبرز مَن اهتمّ في الموشّحات من مصر الفنّانون المسلوب و محمد عثمان وعبده الحَمولي وسلامة حجازي وداوُود حسني وكامل الخلعي وسيّد درويش. ومن اهم الموشحات التي لحنها القباني الدمشقي ( برزت شمس الكمال..حب سلمى قد دعاني ..العيون النرجسية ..الخ)ومجموعة من الادوار منها ( الهنا يوم المنى..) . ومن اشهر الموشحات موشح (لما بدا يتثنى) وهو تراث قديم , وقد نسبه الأستاذ كمال النجمي للشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب . ونسبه اخرون الى سليم المصري ووزنه8/10 من مقام النهاوند. وتمر السنون ويأتي الفنان المصري صفر بك علي فطالب بإلغاء
الألفاظ التركية مثل ..يالالي وامان .. بالرغم من جذوره التركية. فقد دعى الى تحرير الموشح المصري من هذه الألفاظ ولحن عددا كبيرا من الموشحات منها موشح( ياقلبي من قال لك تعشق) من مقام الحجازكار ووزنه المربع4/13 ومن نظم ابراهيم حسني , ومن اشهرها ما يطلق عليه اصغر موشح وهو ( لحظك وسنان ) من نظم عز العرب علي. وقد ازدهرت الموشحات المصرية في زمن الخديوي اسماعيل باشا وجاء الفنان الكبير الشيخ محمود صبح الذي مزج بين الأنغام المصرية والتركية والتي انتشرت في عموم البلدان العربية. وهناك مدارس مصرية متعددة في الموشحات اهمها مدرسة المبدع الكبير الشيخ درويش الحريري وله موشحات كثيرة منها موشحة ( حبي زرني ما تيسر) وصاحب دور
( أحب اشوفك كل يوم) الذي غناه الفنان محمد عبد الوهاب وهو من نظم حسن بك انور.. ومن اشهر تلامذة الحريري الموسيقار المهندس احمد صدقي الذي يعتبر من احدث ملحني الموشحات
وللحديث بقية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.