تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    شعبة السيارات: التجار أكثر ناس تضررت من ارتفاع الأسعار..المبيعات تراجعت 90%    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    حزب الله اللبناني يقصف إسرائيل بالصواريخ الموجهة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    روسيا: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    الدوري الإنجليزي.. تشيلسي يحول تأخره بهدفين أمام أستون فيلا لتعادل 2-2    روما × نابولي.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 28- 4- 2024 في الدوري الإيطالي    عاجل| مفاجأة كبرى في أزمة حسام حسن وصلاح.. والده رفض الصلح    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره مزلقان بقليوب    رحلة صد رد للإسكندرية.. السكة الحديد تطلق قطارًا للاحتفال بشم النسيم    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    فكري صالح: الزمالك قادر على تخطي دريمز والتأهل لنهائي الكونفدرالية    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    حزب الله يعلن استهداف إسرائيل بمسيرات انقضاضية وصواريخ موجهة ردا على قصف منازل مدنية    الإثنين.. وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار بغزة    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    شرايين الحياة إلى سيناء    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحات من تأريخ الموسيقى (11)
نشر في شباب مصر يوم 08 - 04 - 2014

مازال الحديث موصول حول موضوع صفحات من تأريخ الموسيقي ونقول بعون الله تعالي الأتي
إنما الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله قال تعالي في كتابه الكريم :
"ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب. إن
الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون".
قرآن كريم
موقف الإسلام من الغناء والموسيقى
بعض الأدلّة بعدم تحريم الغناء:
-ان النسوة في المدينة استقبلن النبي حين وفوده اليها, وهن ينشدن على إيقاع الدفوف ابيات منسوب لحسان بن ثابت.. طلع الفجر علينا ... من ثنيات الوداع
وكما سبق ان ذكرنا بأن الآذان كان النغمة الموسيقية الأولى في الإسلام, حين قال النبي لبلال الحبشي : يابلال غنّ الغزل . إذ ان الآذان نوع من الإلقاء الغنائي والذي يبدأ من مقام موسيقي معين وينتهي به, فأباحته كل المذاهب الفقهية إلّا ..الحنابلة .
ب?-هناك آيات قرآنية تدل بمفهومها على الصوت الحسن والأداء الجميل.." وإن مامن شئ الّا يسبح بحمده".."كما ورد في سورة المزمل " يا ايها المزمل,قم الليل الا قليلا,نصفه او انقص منه قليلا, او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا"
ت?-قول النبي لأبي موسى الأشعري وكان مشهورا في حلاوة صوته " لقد اعطي مزمارا من مزامر آل داود". وقوله :حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا ".
-قول النبي لعائشة بعد عودتها من عرس:
أأهديتم الفتاة الى بعلها؟ قالت : نعم . قال : وبعثتم من يغني؟ قالت : لا .
قال : أوما علمتم ان الأنصار قوم يعجبهم الغزل, الا بعثتم معها من يقول ..
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
ولولا الحبة السمراء لم نحلل بواديكم
ج-دخل النبي بيت الربيع بنت معوذ وعندها جوار يغنين, وعندما شعرن به غنت احداهن بقولها:
وفينا نبي يعلم ما في غد....
فضحك النبي وقال: دعي عنك هذا وقولي ما كنت تقولين.
ح – عن عائشة : إن أبا بكر دخل على عائشة وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي متغشى بثوبه , فأنهرهما أبو بكر فكشف النبي عن وجهه وقال: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد.
وعنها ايضا قالت : كانت جارية تغني عندي , فاستأذن عمر, فلما سمعته الجارية هربت .. فدخل النبي يبتسم، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله كأنه يسأله عن سبب ضحكه فقال: كانت جارية تغني فلما سمعت خطواتك هربت. فقال عمر: لن أرحل حتى أسمح ما سمع رسول الله. فاستدعى الرسول الجارية فأخذت تغني وهو يسمعها.
وهناك احاديث استدل منها على اباحة الغناء نسبت إلى النبي ومنها : " ما بعث الله نبيا إلا حسن الصوت. والله أشد أذنا للرجل الحسن الصوت من صاحب القينة لقينته".
وعن ابن مالك المتوفي عام 715م: "أن النبي كان يحدى له في السفر" والحداء يؤدى بأصوات طيبة وألحان موزونة.
خ- قال الشوكانى في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهرية، وجماعة الصوفية، إلى الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وقال أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع : أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأساً، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن الإمام علي بن ابي طالب .
وهكذا يتضح لنا ان مسألة الموسيقى والغناء في الإسلام شابها الكثير من عدم الوضوح, ولم يبت اللاحقون من الفقهاء حتى الساعة أكانت المعازف والغناء حلالا ام حرام . فاختلف الفقهاء فيما بينهم وكل ينظر من زاوية يراها هي الصحيحة ..وكأن هذه المسألة تتوقف عليها نهاية العالم ,و لقد نسي الفقهاء أو تناسوا بأن الأصل في الأشياء هي الإباحة , وأهملوا مصادر اخرى مهمة من مصادر التشريع كالأعراف السائدة والقياس وغيرها من مصادر التشريع الثانوية وباب الإجتهاد الذي من شأنه ملائمة الفكر الديني وديمومته ومواكبة كافة التطورات التي طرأت وتطرأ على كافة الأمور التي تمس الإنسان في العصر الحديث .
ان الموسيقى والغناء تستلذها النفس ويشتهيها السمع والقلب , وتتوازن فيها العقول , كماهي رؤية المنظر البديع راحة ولذة للعيون , فهل هناك نص رباني او قانون طبيعي يمنعك من حقك في امتلاك الطيبات ؟ جاء في الكتاب الكريم : (يسألونك ماذا أحل الله لهم قل أحل لكم الطيبات) (سورة المائدة/ 4).
ان الموسيقى والغناء موهبة غريزية انسانية لها ذلك التأثير في مجالات عديدة. فترنيمة الأم وهي تنوم رضيعها ومنذ القدم ,تساعده على النوم والهدوء. ويرى العلماء الأمريكان أن العلاج بالموسيقى الذي استخدم لزمن طويل في معالجة المشكلات والاضطرابات السلوكية يساعد في تحسين قدرات التكلم عند الطفل المصاب بحنك مشقوق, ويتيح له الغناء أيضا عبر تفاعله مع الأفراد الآخرين، وتشجيعه على النطق السليم للكلمات ومخارج الحروف بتعليمه تمرينات خاصة بالمشكلات المتسببة عن حالته المرضية.
و كان الرازي يعاوده الحنين إلى الموسيقى بعد ان تركها وتفرغ لدراسة الطب والكيمياء. فكان يعزف بعض الوقت داخل المستشفى ، ولشد ما كان يدهشه عندما يرى المرضى وهم يعانون آلاما قاسية يتركون أسّرتهم ويلتفون حوله ، حيث كان يشملهم السرور والبهجة عندما يسمعون هذه الألحان الشجية وينسون آلامهم المبرحة . فأدرك أثر الموسيقى في تخفيف الآلام وفي شفاء بعض الأمراض.
وقداهتم ابن رشد بالموسيقى كفرع من فروع الفلسفة، فقد كان يرى: ان غرس الفضائل في النفوس ضرورة أكيدة، وان السبيل الى ذلك وسيلتان هما الرياضة والموسيقى، وإذا كانت الرياضة عنده تعنى بغرس الفضائل الجسدية ويخشن بها عود الانسان، فإن الموسيقى تعنى بتثقيف النفس وتمريسها على الفضائل الخلقية وتلطف من خشونة الطبع ولذلك فهو يصر على عدم الاسراف في طلبها لأن الخروج عن قاعدة الاعتدال في الاستماع الى الموسيقى يؤدي لا محالة الى نقيض ما يراد بها.
"ورأى ابن رشد ان الموسيقى القادرة على القيام بهذه المهمة موسيقى غنائية لكلماتها مضمون أخلاقي، فالموسيقى بنظره هي الأقاويل الحكيمة ذات اللحن. وفي رأيه ان الهدف الأساسي للموسيقى أخلاقي محض وهو حث المرء على الشجاعة والاعتدال . ومن الملفت للانتباه هنا ان دور الموسيقى في خلق التوازن والاعتدال مفهوم صيني قديم يبدو غائبا عن الفكر العربي الاسلامي حتى ذلك الحين، وأن مفهوم استخدام الموسيقى لتحريض الشجاعة في النفس مفهوم أفلاطوني كان ابن باجة الفيلسوف الموسيقار قد تبناه تأثرا بفلاسفة اليونان وهو الذي وصف بأنه أكثر فلاسفة الاسلام اطمئنانا الى النظريات اليونانية والى التوفيق بينها وبين ما كان عليه أصحاب صناعة الغناء في المغرب والأندلس ."(ابن عبد الجليل ص 44 ومابعد). " مقالة لزينة العظمة عن الواقعية والتنظير في فلسفة ابن رشد الموسيقية"
ان الموسيقى علم وفن, فهي علم لكونها مبنية على علم وقواعد الرياضيات. والموسيقى فن فهي علم العزف على الآلات الموسيقية .وقد قالت جميع الشرائع السماوية بوجوب نوال العلم, وكذلك الأحاديث النبوية وغيرها. جاء في القرآن(قُل هَل يَستَوِي الَّذينَ يَعلَمونَ والَّذينَ لا يَعلَمونَ.. من سور ة الزمر), وقال النبي : أكثَرُ النّاسِ قيمَةً أكثَرُهُم عِلمًا ، وأقَلُّ النّاسِ قيمَةً أقَلُّهُم عِلمًا.
وله ايضا : أفضَلُكُم ، أفضَلُكُم مَعرِفَةً.. وردا في غرر الحكم ومعاني الاخبار.
والحق يقال ان العلم هو المعيار الحقيقي للإنسان. . فهو الكنز الذي به تثرى الأمم وهو الدليل المرشد لسلوك الإنسان الصحيح . عن الإمام علي بن ابي طالب في أهمية وتبيان قيمة العلم وطلبه والمفكرين الذين يبنون مجتمعاتهم وفق المعاييروالمفاهيم الإنسانية الرائعة يقول :
" ينبئ عن قيمة كل إمرئ ..علمه وعقله ."
وله : " العلم ينجد , الحكمة ترشد ". احاديث عن غرر الحكم
أما بعد هذه الوظائف الإيجابية والدور المهم للموسيقى والغناء والفن عموما , يقف المتشددون القائلون بحرمة الموسيقى والغناء موقفا فسّروه على انه الصواب ضاربين عرض الجدار هذه الفضائل التي حتى الرب دعى اليها. فمن غير المنطق ان يكون الله جميلا ويحب الجمال ويقف رهط من المفتين مع الإتجاه المعاكس ..والعياذ بالله!!!!
قال عبد الملك لعبد الله بن جعفر: من أين استجزتم معشر أهل المدينة الغناء الذي استقبحناه؟ فقال له ابن جعفر: أنت تأتي ما هو أقبح من هذا وأنت في غفلة عنه، يأتيك أعرابي جلف مهلب العجان منتن الإبطين، فيقذف عندك المحصنات ويشيب بربات الحجال ويقول فيهن الزور، ثم يشبهك مرة بحجر ومرة بشجر، ومرة بالأسد والسيل والبحر، فتصغي إليه وتخلع عليه. محاضرات الادباء ومحاورات الشعراء والبلغاء .. الراغب الأصفهاني
ان من اهم اسباب تخلف الأمم هو وقوف رهط من الفقهاء القائمين على امور الدين موقفا لا يواكب حركة التاريخ والحاضر والمستقبل. وإلّا افتونا من فضلكم.. هل رسالة الفن الرائعة التي تدعو الى عالم يسوده الرفاه الإقتصادي والسياسي والاجتماعي ..حرام أم حلال؟ هل الأغنية والتأليفات الموسيقى التي تصف البحر والبر والورد والمطر .. حرام أم حلال؟ وهل الاغنية التي تتحدث عن حالة الإنسان المقهور المنفي عن وطنه بفضل الأنظمة الدكتاتورية و الشوفينية التي ابتلي فيها.. حرام أم حلال؟ وهل الأغاني التي تعرّي أنظمة القرون الغابرة والحاضرةالماكرة .. حلال أم حرام وهل..وهل.. وهل ؟
أود في هذا الموضع الإشارة لما قاله الأقدمون في إباحة الغناء , وهي اباحة تستخلص من اسئلة واراء طرحها الامام الغزالي . وهي بحق اراء قيّمة تقف بوجه المتشددين القائلين بتحريم الغناء بشكل قاطع !!!
حيث أباح غناء الحجيج , حيث كانوا يدورون أولاً في البلاد بالطبل والغناء وذلك مباح لما فيه من التشويق إلى الحج وأداء الفريضة وشهود المشاعر. ثم ما يعتاده الغزاة لتحريض الناس على الغزو وهو مباح أيضاً لما فيه من استثارة النفس وتحريكها على الغزو .. وتحسين الشجاعة وتقبيح الفرار. و ما يرتجزه الشجعان عند اللقاء في الحرب وهو مباح ومندوب لما فيه من تشجيع النفس وتحريك النشاط للقتال والتمدح بالشجاعة والنجدة وقد فعله غير واحد من الصحابة منهم الامام علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وغيرهما.ثم السماع في أوقات السرور تأكيداً للسرور وتهييجاً له إن كان ذلك السرور مباحاً كالغناء في أيام العيد وفي العرس وفي وقت قدوم الغائب ووقت الوليمة والعقيقة وعند الولادة والختان وعند حفظ القرآن، وكان ذلك معتاد لأجل إظهار السرور.. ووجه جوازه أن من الألحان ما يثير الفرح والسرور والطرب , وكل ما جاز السرور به جاز إثارة السرور فيه. ثم غناء و سماع من أحب الله سبحانه واشتاق إلى لقائه فلا ينظر إلى شيء إلا رآه فيه، ولا يقرع سمعه قارع إلا سمعه منه أو فيه، فالسماع في حقه مهيج لشوقه، ومؤكد لعشقه وحبه، وتسمى تلك الأحوال بلسان الصوفية وجداً - مأخوذ من الوجود – نهاية الأرب..النويري
أسئلة لا تحتاج لإجابات من القابعين في مغارات الظلام والتخلف , بل ينبغي على المبدعين رفد الفكر الإنساني بما تجود به ارادتهم وعقولهم وأن يتواصلوا مع كل ما من شأنه ان يرفع من مستوى الوعي في مجتمعهم من خلال رفده بإبداعاتهم الفنية والأدبية والعلمية , وعدم الإلتفات الى فرمانات التخلف , فسعادة الإنسان هي الغاية , فهو المخلوق الذي له الحق بالتمتع بكل شئ جميل في هذا الكون الرحب.
نرجع الي موضوع الغناء وقواعده وفنوانه ونقول:
هناك سؤال يؤرق الباحثين في شؤن الموسيقى والغناء , لم يجد جوابه الشافي , وان لامست بعض الآراء والإجابات لأولئك المختصين وجه الحقيقة القائلة , بأن الاغنية العربية لم تقدم الجديد ولم تكن بمستوى الطموح . فقد ظلت الأغنية قانعة قابعة بمكانتها المحلية التي ارتضته لنفسها, من كونها حبيسة بيئتها وموقعها الجغرافي. ولا أدّل من هذا سوى سهولة تمييز المتلقي العربي للأغنية العربية وردّها لمناخات منشأها الإقليمي , ثم التحديد و القول بأن هذه الأغنية مصرية او شامية او عراقية او مغاربية , حيث تلعب اللهجات دورا كابحا لإنتشارها في عموم البلدان العربية , كما ان عدم ادراك الموسيقي العربي لدوروأهمية التجارب العالمية المتطورة في المضمار الموسيقي يسبب عائقا رئيسيا في عدم انتشار الأغنية العربية الى الأمم الأخرى , الا من استثناءات متواضعة لبعض الفنانين العرب. والحقيقة تقال بأن الأغنية العربية وعلى مدى اكثر من 70 عاما لم تطرق ابواب العالم وإقتحامه , فلم تحصل على جواز سفر لرحلتها عبر البلاد الأوربية والأمريكية وغيرها من البلدان المتطورة في هذا المجال. فلا الدولة اهتمت بهذا اللون المهم من بساتين الإبداع, ولم يكن فناننا يمتلك عنفوان الطموح لإختراق الحواجز الطبيعية والمصطنعة..ولم تعين وسائل الإتصال الحكومية والخاصة المهتمة بالشأن الثقافي والفني الخالص الفنانين المتحمسين على قلتهم لتحقيق حلمهم الخاص .. حيث هذه الأخيرة لاتمتلك الوسائل التي تمتلكها الدولة. فلعبت العلاقات الخاصة بين القائمين على الشأن الثقافي والفني وما جرى وما يجري من الصفقات المشبوهة دورا ساهم في توصيل الفن السئ الى عشاق هذا الفن الجميل.وفي الحقبة الزمنية القريبة التي عشناها ونعيشها الآن من خلال ثورة الاتصالات وما اتبعها من انشاء الفضائيات العربية تلعب هذه الاخيرة لعبة خطرة في تسويق اردأ ماينتجه تجار الموسيقى والغناء وما يسمى بالفنان الحالم ببريق الشهرة الوقتية, حيث لا مضمون ولا شكل ولاطعم ولاهدف سوى جني الأموال وحب الشهرة الزائفة التي سرعان ما تذوب كفقاعة صابون
وهناك من يقول ,ان الأغنية العربية في خير وربيع.. والجو بديع !!! وحجتهم في ذلك هي .. سهولة مشاهدتهم الأغنية العربية من خلال قنوات التلفزة الفضائية وعلى مدار الساعة والتي قدمتها التكنلوجيا المعاصرة , وهم جالسون على ارائك صالوناتهم المنزلية والمكتبية وحتى في مواقع عملهم . لقد توهموا بأن العالم جميعه يشاركهم هذه المتعة في المشاهده , ان هذا الرأي ان دل على شئ فإنما يدل على عدم إدراك القائلين بهذه القولة لوظيفة الفن ورسالته وطيرانه اللامحدود في ارادة وعقل وروح الفنان .هذه الرسالة التي من خلالها ان تساهم في بناء المجتمعات وتقويمها وثورتها على المفاهيم المتخلفة السوداء.
ان الغناء والموسيقى الكلاسيكية الراقية في العالم تقوم على أسس وقواعد لا مناص منها , فالفيوغا والسوناتا والسمفونيات وغيرها من اشكال التأليف الموسيقي الغربي لها شكلها الذي استقر بعد تجارب عديدة اي بعد مرورها بفترات زمنية طويلة من الدراسة والتفكير العميق لدى الفنان , حتى استقرت بشكلها النهائي الذي وصل الينا وأصبحت اقرب الى الأشياء المقدسة لدى المهتمين بالموسيقى والمبدعين من عمالقة التأليف الموسيقي ( هايدن , بتهوفن , باخ واخرين ) . وهذا ينطبق ايضا على التأليف الموسيقي العربي والشرقي عموما كالسماعيات والبشارف وتاج الموسيقى العربية الموشحات, وقد أهمل فنانونا للأسف المبادرات والتجريب والإستفادة من تجارب فناني العالم المتطور في هذا المجال...كي ننهض بموسيقانا العربية.
هناك حيرة حقيقية تتملك المهتم في الشأن الموسيقي والغناء , عندما يفجر رأسك قائل بان الزمن تغير وان هناك حاجة لرفض القوالب الموسيقية القديمة , او تقتحمك الفضائيات العربية وأحدهم ينظّر لمقولة غريبة يدعو فيها الى ثورة في الموسيقى من خلال اغنية تؤلف وتلحن خلال24 ساعة فقط لاغير.. وحسب الطلب ..وزورونا فستجدون ما يسركم ... ثم من مسك دفا وصرح بأنه ولادة جديدة لملحن لا يشق له غبار وهو لايفقه مقاما وسلما موسيقيا واحدا اضافة لإفتقاده الحس الإيقاعي الذي هو من اهم مميزات الموسيقى !!!! أو ادراج ايقاعات مثلا لا تتناسب مع الكلمة.. ان كانت هناك كلمة حقا !!! ثم رفض والغاء كل شئ جميل في موسيقانا .
اقول ,هناك حيرة في فهم ما ينادي به هؤلاء الدخلاء على العملية الإبداعية , من رفض لكافة موروثاتنا الفنية الموسيقية التي هي نتاج شعوب توحدت في مناخ متشابه وموقع جغرافي محدد . هناك الكثير من الأغاني التي أرقت المبدعين كي تقدّم على طبق من ذهب للمتذوق والمستمع العربي ,كأعمال السيد درويش والقصبجي والسنباطي وآخرين والذين لهم رؤيا خاصة في التطور!! ولقد جهل القائلون بهذه الآراء التي ترفض الأشكال الموسيقيةالعربية الموروثة , الحقيقة والسياق التاريخي لمفهوم التطور. ان الموسيقيين الأوربيين عند احتدام الصراع بين الكلاسيكيين والرومانتيكيين الرافضين للقوالب الموسيقية القديمة , اقول ان الرومانتيكيين اضطروا للتعبير عن ارائهم وافكارهم من خلال الشكل التقليدي للموسيقى ولكنهم أبدعوا في الوقت ذاتة اساليب جديدة اصبحت فيما بعد قواعد اساسية في التأليف الموسيقي والغنائي , دون الغاء للقوالب القديمة. فالموسيقى تحتاج دائما لافكار حديثة منسجمة مع روح العصر, وبغض النظر عن القوالب الموسيقية حديثة كانت ام كلاسيكية.
ومن هنا يمكننا القول بأن الغناء العربي قد أتخذ سماته واشكاله بعد فترة طويلة إثر تلاقح الحضارات الشرقية كالهندية والفارسية وغيرها. وقد ازدهرت الفنون جميعها في العصور الإسلامية لا سيما في العصر العباسي والأندلس, وبدأ الخط البياني للغناء والموسيقى يتصاعد في العصر الفاطمي وخصوصا في مصر. وبعد زوال الدولة الفاطمية في مصر انتكست الفنون في العهد الأيوبي تحت وطأة الحروب بخاصة ما تسمى الحروب الصليبية . الا انها عادت للإنتعاش في زمن محمد علي في مطلع القن التاسع عشر في مصر ايضا .
لقد كان الغناء قاصرا على القصائد ومنها الدينية, والموشحات , التي لم تنقطع روايتها وغنائها بين المغنين في الأندلس والمغرب ومصر. وتفنن الجميع في ادائها وتلحينها حيث انتقلت من الأندلس الى المغرب بعد مشوار طويل قطعه الفن الأندلسي في ظروف صعبة منذ سقوط غرناطة .وفي عام 1987 كتب رولاند رايس اليهودي الجزائري وابن الأديبة اليسا رايس أن الانتشار الكبير الذي عرفته الموسيقى الأندلسية في أوروبا الغربية عندما كانت الأندلس في قمة حضارتها يعبر عن قوتها العالمية البعد، ويؤكد بكل ثقة وافتخار أن الأندلس الإسلامية هي الأم الملكة الأصيلة للموسيقى الحديثة حتى في هذا الغرب، وهذا شرف كبير للإسلام الذي افتتح عهد الحداثة..
ورولاند رايس عندما يتحدث عن الغناء والموسيقى الأندلسيين يفعل ذلك بقداسة وإكبار يعبران عن حب وتقدير عميقين لهذا الفن العتيق من طرف فنان خبير وعارف بعالم الموسيقى حتى يبدو وكأنه يتحدث عن الغناء وعن نصوص روحية دينية لأحد الأديان السماوية.
ورغم مرور القرون على ذلك الزمن وعلى البدايات الفعلية لاكتشاف الأغنية الأندلسية لم يطرأ أي تغير يذكر باستثناء ضياع ثمانية إيقاعات من أصل أربع وعشرين إيقاعا هي التي تتكون منها الموسيقى الأندلسية التي تتناسب كل واحدة منها مع ساعة من الساعات الأربع والعشرين لليوم..
منذ 1391 بدأ المسلمون يتراجعون في الأندلس, وقد فر آلاف المسلمون واليهود من قشتاله والبانيار إلى المدن الساحلية بالمغرب الأقصى والجزائر , ومع هذه الحركة الديمغرافية انتقلت ثقافة وحضارة بأكملها إلى الضفة الجنوبية من المتوسط وكان من أجملها في عناصره البنائية الغناء والموسيقى الأندلسيان بالموشحات والأزجال ومختلف الطبوع.
في سنة 1492 سقطت غرناطة آخر معقل للمسلمين في الأندلس وتكرر بالتالي سيناريو اللجوء الجماهيري إلى المغرب العربي بعشرات الآلاف هذه المرة،وقد استقر عدد كبير من هؤلاء الأندلسيين في مدن الجزائرو قسنطينه وغيرها , ومع هؤلاء تجذر الفن الأندلسي وتداوله الناس أبا عن جد. ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان الغناء الأندلسي في المدن الجزائرية الكبيرة والمتوسطة في الشمال قد عرف انتشارا جماهيريا واسعا وأصبحت له الصدارة بين أنواع الموسيقى الأخرى. "عن مجلة العربي"
وقد تابعت الموشحات رحلتها الطويلة حيث وصلت الى مصر ثم المشرق , فظهرت المدرسة الحلبية والتركية التي يمكن اعتبارها الأهم في الوقت الراهن وبعد غياب عباقرة ملحني الموشحات الحلبيين ..علي الدرويش.. والعقيلي واخرين , حيث حافظت ولا تزال على سمات الموشح الرئيسية إضافة الى جهد الفنانين الأتراك لإضافات جميلة سواء من ناحية الإيقاعات المتعددة أوالتركيز على روح الموشح, وخاصة في مجال التوزيع الموسيقي البديع. لقد وصلت الموشحات الينا دون انقطاع للأسباب المذكورة اعلاه بعكس القصيدة الغنائية الأموية والعباسية التي لايعلم احد و بشكل دقيق شيئا عن قوالبها وأشكالها الموسيقية وذلك بسب انقطاع روايتها وغنائها بين الأجيال المتعاقبة. وهنا تحسب للحملة الفرنسية على مصرتدوينها للأشكال الموسيقيةالعربية كما شاهده علماء الحملة , فدوّنوا في هذا المجال غناء العوالم والغوازي,والمتشردين,والبهلوانات, والموسيقى العسكرية , والآذان وحلقات الذكر,والآلات المصرية القديمة والبدائية , ودونوا الموشحات والمقامات الموسيقية العربية وايقاعاتها وذلك في
اعوام1798 – 1801م .وطبع هذا الكتاب مطلع القرن التاسع عشر. "الاغنية العربية..صميم الشريف".
وجدير بالذكر هنا ان الموشحات انتقلت الى مصر عام 1840م عن طريق الفنان الحلبي شاكر الحلبي, وفي عام 1857 تشجع عدد من الموسيقيين المصريين في البحث عن تراثهم من الغناءالعربي القديم فاعتنى الشيخ عبد الرحمن المسلوب بفن الموشحات ثم محمد عثمان فداود حسني والخلعي وسيد الصفتي واخرين. كما اهتم الفنان الخالد سيد درويش بالمسرح الغنائي والأدوار حيث لحّن 10مسرحيات منها شهرزاد والعشرة الطيبة والبردة اليتيمة وغيرها ولحّن اروع الأدوار ومنها "انا هويت" و "ضيعت مستقبل حياتي" ومن الموشحات"يا شادي الألحان و منيتي عز اصطباري وغيرهما ". وتميزت حلب بموشحاتها والقاهرة بالأدوار.
وقبل استعراض اشكال الموسيقى والغناء العربي لابد من الإشارة الى ان هناك نوعان من الغناء العربي هما :-
1-الغناء الكلاسيكي .. الموشح ..الدور ..القصيدة ..الموال.. ويتميز هذا النوع من الغناء بايقاعات ثقيلة ومركبة احيانا .
2- بقية انواع الغناء ومنها ..المونولوج ..الطقطوقة.. الديالوج ..اغاني الأعراس ..الأغنية الشعبية وغيرها.
كما يمكننا اضافة اشكال للتأليف الموسيقي العربي والأسلامي ومنها البشارف والسماعيات والدواليب وغيرها.
استراحة:
في وصف القيان والمغنين:
قال أبو عثمان السرقسطي الملقب :
لا عيشَ إلاَّ في المدامِ وقينةٍ تشدُو علَى وَتَرٍ فصيحٍ ألثغِ
تُعنَى بتقديرِ الزَّمانِ ومسحِهِ فيجيء بين مُملأٍ ومُفرَّغِ
وكأنَّما نغماتُها في لفظِها ذَهَبٌ أُسيلَ علَى لجينٍ مُفرَغِ
وإذا نظرتَ إلى محاسنِ وجهِها ناديتَ يا قمرَ السَّما لا تبزُغِ
*****
قال ابن هذيل في العود:
علَى جيدِ الغزالةِ خَلْقُ جيدي وأطرافُ الكواعِبِ من عقودي
يزيدُ الحنْوَ في نَفَسي ونفسي يقالُ لها بحقِّ اللهِ زيدي
إذا هبَّتْ أهازيجي صَبَتْ لي قلوبٌ لسنَ من قلبِ العميدِ
وللأوتارِ في صدري حنينٌ يهيجُ الشَّوقَ في نَفْسِ العميدِ
*****
قال يوسف بن هارون في اشراق الوجه :
وكأنَّ دُرَّ الخدِّ يُكسر حُمرَةَ ال ياقوتِ من نظرِ العيونِ إليهِ
وكأنَّ خَجلَتَهُ إذا ما فارقتْ وَجَناتِهِ عادتْ إلى خدَّيهِ
وقال أيضاً:
وتنعَّمتُ في خدودٍ صِباحِ زائداتٌ علَى بياضِ الصّباحِ
صار فيها الخيلانُ في الوردِ شِبهاً للغوالي في أحمرِ التُّفَّاحِ
عن التشبيهات من اشعار اهل الأندلس
ابن الكتاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.