ما ان تواترت انباء مقتل اسامه بن لادن زعيم تنظيم القاعده وابرز رموزه واكثرهم شعبيه حتى تعالت شهقات العجب من هنا وصيحات الانبهار والتهليل من هناك على اثر ما صوّر للأمريكيون بالحدث والانجاز الضخم الجدير بعظيم الاحتفاء. " بما افاد العالم الاسلامى؟ " ، " هل نال بن لادن الشهاده ام لم ينل؟ " ، تلك هي التساؤلات التي احتدم بشأنها الصراع الجدلى فى العالم العربى بين العموم ، ذاك في الواقع هو اقصى ما توقفوا عند حدوده . دعوني بداية اوضّح بإختصار معنى العدميه والفكر العدمي . العدميه بإيجاز وبقول مقتضب هي اعلان الافتقاد للإيمان المطلق والافتقار الى حس الغايه . يرى الشخص العدمى انه ما من اي شيء موضوعي جدير بالايمان المطلق به وان العالم ككل يفتقر الى حس الغايه او الهدف الاسمى . العدميه تعلن انتفاء الغائيه ، فلا علّه تكمن خلف الوجود . فقط نحن في صراع متواصل ودائم من اجل البقاء . تأخذ العدميه في الواقع عدة اشكالاً كالعدميه الوجوديه التي تفيد بأنه لا طائل من الاعتقاد بوجود الله او عدم الاعتقاد بوجوده فالإثنين سواء ، والعدميه الاخلاقيه التي تفيد بأنه ما من مرجعيه ثابته تُحدد بموجبها ماهية الفعل الاخلاقى ونقيضه ، وعلى ذلك فما من معايير ثابته لرصد مفاهيم ميتافيزيقيه كالخير و الشر .. فالعدميه في الواقع شكل من اشكال تجاوز الميتافيزيقا . لسنا هنا بصدد الحديث والمقارنه بين شكل العدميه السلبي وشكلها الايجابي . العدميه في الواقع ليست ايديولوجيا بالمعنى المتعارف عليه ، اي ليست لها نسق فكرى متفرد او اهداف محدده تسعى من اجل تحقيقها ، وعلى ذلك فالعدميه ليست لها مفكرين او منظرين بشكل واضح كما عداها من المذاهب الفكريه بل سار في هذا المضمار بعض من المفكرين كل في اتجاهه كفريدريك نيتشه وهيدجر على سبيل المثال وليس الحصر . لسنا الآن بصدد التوغل في معنى العدميه وما بعد الحداثه ( ما بعد سيطرة الفكر البرجوازى ) ولكننا بصدد التساؤل : هل هنالك علاقه بين الفكر العدمى وبين ما ينتهجه تنظيم القاعده ( وعلى رأسه الراحل اسامه بن لادن ) ؟ هل في تتبع اساليب تنظيم القاعده في تنفيذ عملياتهم ما يقودنا الى ادراك اي تناقض بين ما ينتهجه هؤلاء وبين الفكر العدمى؟ اجد نفسي اتسائل هل يظن هؤلاء انهم يذودون عن الدين بوسائل هي متناقضه كل التناقض مع ما تقر به كل الاديان؟ ام انهم فقط يبرزون اللحى ويلوحون بالعباءه في حين انهم قد سلكوا في الواقع درباً مخالفاً تماماً ؟! هل هؤلاء على دين حقاً ؟ وهل لما ينتهجون فكرياً وعقائدياً اية صلة بأي من الاديان؟ وهل تسنى لهم الاختيار الموفق لسلاح المجابهه؟ قد استخدم الخصمان السلاح ذاته ، ولكن هل كانت العصا القصيره خياراً موفقاً في مواجهة العصا الطويله الاشد غلظه؟ الاجابه على مثل تلك التساؤلات تقتضى في الواقع الاجابه على التساؤل الاهم الذي يبرز امامي : أيجدر بنا ان نتسائل ( كيف هو العالم اليوم؟ ) ام ( كيف ينبغى ان يكون وجه العالم؟ ) ؟ ملحوظه : ليس في كلماتي اي نزوع نحو التحريض او التوجيه ، ولكنها فقط تساؤلات .