تراجع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 10 مايو    ارتفاع معدل التضخم السنوي ل13.5% خلال أبريل الماضي.. والشهري يصعد بنسبة 1.3%    الولايات المتحدة تعرض على باكستان المساعدة في تسوية النزاع مع الهند    الاحتلال يواصل قصف مختلف مناطق قطاع غزة.. والمجاعة تفتك بالفلسطينيين    تعرف على مواجهات ربع نهائي أمم أفريقيا للشباب    مواعيد مباريات اليوم السبت 10 مايو 2025 والقنوات الناقلة    بالصور محافظ الغربية يتفقد أثار حرائق الكتان ويُعلن نجاح جهود اخمادها    موعد باريس سان جيرمان ضد مونبلييه في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    منة وهنا وأسماء وتارا.. نجمات يسيطرن على شاشة السينما المصرية    ريشة «الفلافلي» حائرة بين الراهب وآدم وحواء    الداخلية تنقذ سيدة من الموت.. طليقها استعان بعائلته للتعدي على طليقته    علامات لو ظهرت على طفلك، مؤشر للإصابة بمقاومة الأنسولين    إطلاق 5 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية "حياة كريمة"    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    الرئيس السيسي: أشكر بوتين على كرم الضيافة وأهنئ الشعب الروسي بعيد النصر    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    تكريم مجدي يعقوب ورواد الطب بنقابة الأطباء اليوم    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    حبس لص المساكن بالخليفة    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 10 مايو 2025    مسيرات باكستانية تحلق في سماء نيودلهي وسط تصاعد التوترات    «المضارين من قانون الإيجار القديم» توضح مطالبها من القانون الجديد (تفاصيل)    اليوم.. بدء الموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    أسعار الخضروات والأسماك اليوم السبت 10 مايو بسوق العبور للجملة    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتكار استخدام القوة علي مستوي العلاقات الدولية
نشر في شباب مصر يوم 03 - 05 - 2011

يكمن ذلك من خلال استفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولي وتهميش الأمم المتحدة والقانون الدولي :
1- احتكار الولايات المتحدة بالقرار الدولي :
تقف الولايات المتحدة الأمريكية في العالم اليوم لكافة مقاييس القوة التقليدية متفرجة ومنفرجة الساقين عبر الكرة الأرضية كما يلاحظ بروكس وولفورت لا توجد قوة أو كتلة في الكفة الأخرى من الميزان يمكنها أن تجبر الولايات المتحدة أن تفعل ما تريد أن تفعله في المضمار الدولي.[1]
وتستمد الولايات المتحدة أسباب قوتها وهيمنتها على عالم اليوم من مكونات عدة :
فعلى الصعيد العسكري : نجد أن من المتوقع أن تنفق الولايات المتحدة على الدفاع في العام 2003 أكثر من إنفاق الدول الخمس عشر إلى العشرين التالية لها الأكثر إنفاقا على الدفاع مجتمعة والولايات المتحدة تتمتع بتفوق مذهل، ولديها أقوى سلاح جوي في العالم، وأقوى قوات بحرية، وقدرة فائقة على ممارسة النفوذ العسكري حول العالم.
ويمكننا القول كذلك إن تفوقها العسكري سيظهر بشكل أوضح إذا نظرنا إليه بمعايير كيفية، وليست كمية فحسب. فالولايات المتحدة تتطوق في هذا الإطار على العالم أجمع في استغلال التطبيقات العسكرية للتقنيات المتقدمة في مجال الاتصالات والمعلومات كما أنها أظهرت قدرة لا مثيل لها على التنسيق ومعالجة المعلومات المتاحة عن ساحة المعركة، وعلى تدمير أهداف محددة بدرجة فائقة من الدقة واشنطن تعمل كذلك على تصعيب مهمة الآخرين باللحاق بها، الأمر الذي يتضح بالنظر إلى الفجوة الهائلة بين ما تنفقه هي على أنشطة البحث والتطوير. وبين ما ينفقه الآخرون عليها حيث إنها تنفق في هذا الصدد ثلاثة أضعاف ما تنفقه عليها القوى الكبرى الست التالية لها مجتمعة.
والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة تحقق هذا التفوق العسكري بنحو 3,5 فقط من دخلها المحلي.
ويقول المؤرخ Paul Kenndy "إن احتلال القمة بتكاليف باهظة هو أمر معقول، ولكن أن تكون القوة العظمى الوحيدة في العالم بتكاليف زهيدة فهو أمر مذهل".[2]
وفي الوقت ذاته نجد أن التفوق الاقتصادي الأمريكي سواء بالنسبة إلى الدول التالية لها الأكثر ثراء، أو بالنسبة إلى العالم ككل يفوق أي مثيل له حققته أية قوة عظمى في التاريخ الحديث.
كالاقتصاد الأمريكي اليوم ضعف حجم منافسه الأقرب أي الاقتصاد الياباني، بل عن اقتصاد كاليفورنيا فحسب قد حقق نموا مذهلا جعله الخامس في العالم، متفوق في ذلك على الاقتصاد الفرنسي، وثانيا مباشرة الاقتصاد المملكة المتحدة.
وأخيرا، فإن تفوق الولايات المتحدة في المجالين العسكري والاقتصادي له حدود مؤكدة تتمثل في موقعها كأكبر قوة تقنية على مستوى العالم.[3]
بناء على ما سبق، فإن الولايات المتحدة اليوم تتبوأ مكانة القوة الإمبراطورية الأقوى في العالم دون أي منافس حقيقي لها في أي بعد رئيسي من أبعاد القوة المشار إليها، وهو موقع فريد حيث لم يسبق أبدا أن كان هناك نظام دولي يحتوي على دولة واحدة تتمتع بكل هذه الدرجة من الهيمنة، إن حيازة أمريكا وبجدارة لمكانة القطب الأوحد في العالم يترتب عليها وبحسب الباحثين العديد من النتائج ومن ضمن هذه النتائج المترتبة على الأحادية القطبية ذلك أن الكثير من متخذي القرارات حول العالم يعملون في ظل مشاعر من التقيد، حيث إن جميع المشاركين في المناظرات الجدلية حول السياسات يدافعون عن خياراتهم المفصلة بالإشارة إلى العواقب المأساوية التي يمكن أن تترتب على عدم العمل بنصائحهم ولكن مصادر القوة الأمريكية هي مصادر متنوعة وممتدة الأثر للغاية لدرجة أن السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت تعمل اليوم في مجال الاختيار وليس الإجبار، أو الضرورة أكثر من أي قوة عظمى في التاريخ الحديث.
وسواء اعترف المشاركون في المناظرات بهذه الحقيقة أم لا، فإن حرية الاختيار الجديد هذه غيرت بشدة من طبيعة الجدل حول ما يجب أن يكون الدور الأمريكي عليه.[4]
بناء على ذلك يدخل التعاطي الأمريكي مع المنظومة الدولية لما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تبدو الولايات المتحدة اليوم غير مهتمة بالأمم المتحدة ولا بالعمل الجماعي إلا بقدر ما يخدم مصالحها وحسب.
أما إذا تعارضت مصالحها مع الأشياء، فإنها تعمل منفردة دون الإحساس بأي حرج أو خشية من العواقب.
2- تهميش الأمم المتحدة والقانون الدولي :
يسعى تيار المحافظين الجدد ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي إلى التأكيد على هيمنة الولايات المتحدة في السياسة العالمية، باعتبارها القطب الوحيد، وللقيام بهذه المهمة يجب أن لا تقيد الولايات المتحدة أو تجدها المؤسسات والأعراف الدولية، بل هناك من يرى أن أمريكا تفعل بناء ما بدأت به عند نهاية الحرب العالمية الثانية حيث شغلها عن هذه المهمة الصراع مع الشيوعية العالمية.
وقد جاء عدم الاهتمام بالأمم المتحدة واضحا في كتابات وتصريحات كل من ريتشارد وجون بولتون الذي يعتبر الرجل الثاني في وزارة الخارجية، أيام كولن باول يقول بولتون "لا يوجد شيء مثل الأمم المتحدة هناك الجماعة العالمية التي تقودها القوة الوحيدة في العالم وهي الولايات المتحدة وذلك عندما تتوافق الحاجة إليها مع مصالحنا، وعندما نجد أخريين ينخرطون معنا في الركب".[5]
هذا التوجه المتمثل في عدم الاكتراث بالمؤسسات والأعراف الدولية والتركيز على البعد الأحادي في السياسة الخارجية في عهد بوش الإبن، كان سببا في توترات في العلاقات الأمريكية الأوروبية ففيما نرى أن الولايات المتحدة قوية وتركز في الوقت نفسه على مجموعة متميزة من التهديدات الأمنية، مما جعلها تسعى في السنوات الأخيرة إلى زيادة حريتها في العمل إلى الحد الأقصى وتقليل القيود على تصرفها، من أجل احتواء هذه التهديدات ودحرها، وحدها عند الضرورة.
ونرى أنها تميل إلى الانعزال والتصرف الأحادي الجانب، ذلك أن ذوي النزعة الأحادية الجانب يحتلون الآن مناصب مرموقة في الإدارة. وخاصة في كونغرس، وهم يركزون على تعزيز القوة الأمريكية والحفاظ على السيادة الأمريكية. فهم يفضلون الاعتماد على الذات، ويرفضون النزوع إلى العمل الجماعي، والمعاهدات الدولية باعتبارها قيودا غير ملائمة على قدرة أمريكا على تنفيذ إرادتها، فهم يفضلون القوة الصلبة والجبروت العسكري والعضلات الاقتصادية والزعامة الدبلوماسية على القوة اللينة[6] للمعاهدات والأعراف الدولية، ومنابر التفاوض.
وعند الكثير منهم لا يمكن أن ترفع نفقات الدفاع الأمريكية على نحو كاف أبدا. كما أن المساعدة والدعم الخارجيين اللذين تقدمهما الولايات المتحدة للمنظمات الدولية لا يمكن إنقاصها بما فيه الكفاية على الإطلاق.
أما المشاورات فهي من أجل التحدث، وليس الاستماع، والمساواة تنطوي على أخذ لأعلى عطاء، إنها السياسة الخارجية الواقعية العنيدة القائمة على فكرة قديمة وهي الفكرة القائلة إن القوي يفعل ما يشاء، أما الضعيف فيفعل ما هو مضطر إليه، وليست هذه الطريقة الأوروبية في القرن الحادي والعشرين على الأقل، فالأوروبيون يتبعون تقاليد الاندماج الأوروبي المتعدد الأطراف، ومرغمون بسبب نقص القوة على التحرك على أساس التعاون، هكذا يرون أن السياسة الخارجية ينبغي أن تهدف وبشكل رئيسي إلى بناء أنظمة دولية. وصياغة تعاون موسع، ويتبع جراء من الإيمان بالحلول التعددية عند الأوروبيين من الاعتقاد بأن كثيرا من التحديات العالمية من الاحتباس الحراري، والهجرة إلى موقف انتشار الأسلحة والتدخل في الدول ومصالحها ليست قابلة لحلول أحادية الجانب حتى لو اضطلع بها بلد مثل الولايات المتحدة. ورغم أن التركيز على الأحادية الأمريكية لم يبدأ بشكل كبير إلا منذ مجيء جورج بوش، فإن الفوارق بشأن كيفية معالجة القضايا الكبرى بين الولايات المتحدة وبقية العالم لم تكن ظاهرة حديثة. فإدارة كلينتون بعد فترة رئاسته الأولى كثيرا ما كانت تهتم بإتباع طريق أحادي الجانب، وقائمة الشكاوى طويلة رفض أمريكا التوقيع على حظر الألغام الأرضية، ورفضها أن تكون طرفا في محكمة الجرائم الدولية.[7]
لقد طرح بعض المحللين سؤالا يفرض نفسه وهو لماذا تغشى الولايات المتحدة أن يطول قضاء المحكمة رعاياها ؟ ولماذا التخوف على أفراد جيشها من الذين قاموا بمهمات التدخل العسكري في أقطار أجنبية إذا لم يكن لهم ما يؤاخذون عليه ؟ لاشك أن خوف الولايات المتحدة من المحكمة ما يبرره لذلك فإن معارضة الولايات المتحدة لهذه المحكمة لازالت مستشرية وقوية حيث ظهر من تدخلاتها المتعاقبة رفض مبدأ خلق المحكمة وعدم قبول الاحتكام إلى العدالة الدولية.
ورفضها تسديد ديونها بالكامل للأمم المتحدة ورفض مجلس الشيوخ الأمريكي لمعاهدة منع التجارب النووية، وطريقة إدارتها الدبلوماسية والعسكرية لأزمة كوسوفو وحربها.[8]
ثم رفضها إيجاد حل وسط بشأن تطبيق بروتوكول كيوتو حول التغيير العالمي في المناخ، ومتابعتها لنشر دفاعات ضرورية صاروخية محظورة بموجب معاهدة عام 1972 التي تحظر القدائف الصاروخية ذاتية الدفع.
وقد اكتسب هذه القضايا أهمية بارزة في عهد كلينتون ومعظمها باق كمصدر للنزاع اليوم، ومع ذلك فإن رد الفعل الأوروبي إلى الأحادية الأمريكية كان خافت الصوت، طيلة سنوات حكم كلينتون أكثر مما هو عليه اليوم في الأشهر التي تلت مجيء بوش للسلطة.
ويعود جزء من سبب هذا التغير في اللهجة إلى أن الرئيس كلينتون كان كثيرا ما يعطى لنفسه مظهر شخص مرغم على اتخاذ مواقف أحادية ضد رغبته الذاتية الصريحة، فقد كان كرئيس يتحدث بلغة التعددية، حتى ولو لم يغشى مشية التعددية.[9]
وعلى العكس من ذلك فقد أعطت إدارة بوش كل إشارة إلى أنها صالحة تماما في كثير من هذه السياسات الأحادية الجانب. فالرئيس الأمريكي ومستشاروه يعتبرون وبشكل صريح، أن الاتفاقيات الدولية أداة متجاوزة لهذا قررت الإدارة الأمريكية مراجعة اتفاقاتها الدولية. مما يعكس حالة من العداء الإيديولوجي من طرف الأمريكيين للقانون الدولي، وهو شعور بدأ يتنامى منذ مدة بين ما يعرف باليمين المتطرف وأصبح عاما في الحزب الجمهوري، تحت إدارة بوش.
ويرجع هذا إلى قناعة راسخة، بأن المعاهدات الدولية والقانون الدولي يشكلان خطرا على الولايات المتحدة الأمريكية لأنهما يحدان من حريتهما وسيادتهما.[10]
هذا التوجه الأحادي النزوع، كان سببا في الكثير من الاحتجاجات الصارمة، والتي لم تقتصر على قرار بوش بإعلان وفاة الاتفاق المتعددة الأطراف حول التغير المناخي الذي وقعه أكثر من مائة بلد، ومن ضمنها الولايات المتحدة برئاسة كلينتون بل شملت التعليل الذي برر هذا القرار أيضا، فمعارضة بوش لكيوتو لم تقم أساس التدرع بأن الاتفاقية غير فعالة. أو حتى على أساس أن المشكلة التي تسعى الاتفاقية لمعالجتها قد بولغ فيها. ولكن على عدم الاستعداد لدفع شحن معالجة مشكلة عالمية تتحمل الولايات المتحدة عنها مسؤولية غير متناسبة.
وأوضح بوش أنه نظرا لكون الولايات المتحدة تواجه أزمة طاقة، ولأن اقتصادها قد تباطأ فإن تقليص انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون ليست واردا في جدول الأعمال، وهكذا فإن ما أزعج أوروبا وبقية العالم هو تدرع بوش بحجة أمريكا أولا وعدم اهتمامه الظاهر بالكيفية التي تؤثر بها أعمال أمريكا على الآخرين.
وبالمثل فيما يخص الدفاع الصاروخي، لم يكن الموضوع هو رغبة إدارة بوش في الدفاع ضد تهديدات جديدة في عالم ما بعد الحرب الباردة، بقدر ما هو عزم أمريكا الواضح على متابعة هذا الطريق مع العلم الكامل بأن ذلك ينطوي على خرق معاهدة حظر القذائف ذاتية الدفع أو الانسحاب منها وهي تحظر تطوير وتجربة، ونشر هذه الدفاعات نفسها التي تسعى الإدارة لنشرها.[11]
هذا البعد الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية في عهد بوش الابن قاد بعض الدارسين إلى الاهتمام بالنزعة الإمبريالية للإدارة، وقد جاء أشمل توصيف لهذه النزعة فيما أورده إيكنبيري في تقييمه للسياسة الخارجية لإدارة بوش، فهو يرى أن لأمريكا طموحات إمبراطورية، فقد تخلت الإدارة عن مرتكزات السياسة الخارجية في إطارها العام. التي تقوم على الواقعية والتوجه الليبرالي ويعتقد أن إدارة بوش رسمت إستراتيجية جديدة تقوم على ستة مقومات وهي باختصار :
1- المحافظة على نظام القطب الواحد.
2- تحليل جديد للأخطار العالمية.
3- زوال إستراتيجية الردع، وظهور إستراتيجية الهجوم الوقائي.
4- إعادة تعريف مفهوم السيادة، بملاحقة الإرهابيين.
5- التقليل من أهمية القواعد والمعاهدات الدولية.[12]
[1] أنظر نصير عاروري : "جدور الحملة الأمريكية لمحاربة الإرهاب"، مجلة المستقبل العربي رقم 392 شهر 6/2003، ص : 8.
[2] أنظر وليام سي وولفورت : "تأملات في أبعاد القوة الأمريكية الراهنة"، ترجمة محمد عالي ثابت، مجلة الثقافة العالمية، العدد 115، السنة الحادية والعشرون نوفمبر/ديسمبر 2002، ص : 9.
[3] نصير عاروري : المرجع السابق، ص : 9.
[4] وليام سي وولفورت : المرجع السابق، ص : 18.
[5] أنظر سميح فرسون : "جذور الحملة الأمريكية على الإرهاب"، مجلة مجلس المستقبل العربي، 292 شهر 6/2003، ص : 78.
[6] القوة اللينة عند "جوزيف ناي" هي القوة التي تجسدها أمريكا كنموذج، يحتدى به وثقافة وسلوك محط إعجاب وقدرات على التواصل والتعاون مع الآخرين في إطار التعددية والشراكة ومراعاة وجود هؤلاء الآخرين.
أنظر بهذا الخصوص: البيان الإماراتية، 25/09/2002، الموقع على الانترنيت : www.albayan.net.
[7] لقد كانت الولايات المتحدة حائرة ومتعسفة في معارضة إقامة محكمة للجنايات الدولية أكثر من أية دولة أخرى، وتعلل إدارة بوش في شرحها لأسباب التراجع عن توقيع المعاهدة أن هذه المحكمة المنقوصة البناء والتي تتمتع بصلاحية اعتبار ما تراه بأنه يندرج ضمن مفاهيم كجرائم الحرب أو أعمال عدوانية قد تشكل خطر على قوات حفظ السلام والمقاتلين من أفراد الجيش الأمريكي خاصة أولئك الذين اشتركوا في الحرب الغامضة ضد الإرهاب كما أن المشكلة ليست متمثلة في أن المحكمة فوق القانون ولكن أيضا في حقيقة أنه لا يوجد قانون جني وواضح يعدو عليها.
[8] للاطلاع على ملابسات الموقف الأمريكي من حرب كوسوفو ووجهة النظر القانونية من هذه الحرب أنظر كتاب عبد الواحد الناصر : "حرب كوسفو الوجه الآخر للعولمة"، منشورات جريدة الزمن أكتوبر 1999.
[9]أنظر ايفورد دالدر : "هل تتجه الولايات المتحدة وأوروبا إلى الطلاق"، ترجمة د.محمد توفيق البيجرمي، مجلة الثقافة العالمية، العدد 114، سبتمبر 2002، ص : 83.
[10] انظر محمد الأمين الركالة : "أحداث 11 سبتمبر محاولة لفهم ما يجري"، مجلة وجهة نظر، العدد 12/13-2001، ص : 23.
[11] أنظر إيفورد دالدر : مرجع سابق، ص : 84.
[12] سميح فرسون : مرجع سابق، ص : 74.
شنكاو هشام باحت في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.