يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ……}النساء43. استشهد الدعاة بهذه الآية ويستدلون بها على منهج التدرج في تحريم الخمر، وما أرى أن الله تدرج مع السكارى تلطفا بهم، وما أرى أيضا بأن هذه الآية متعلقة بشرب الخمر، سواء أكان مسكرا أم لا. فالآية تخص الصلاة والخشوع فيها ولا تخص الخمر بحال، وهناك آيات أخرى تخص الخمر ليس لها علاقة بالصلاة. وليس بالقرءان ناسخ ولا منسوخ. فهل يعي موعد الصلاة شارب الخمر لدرجة السكر، بينما لا يعلم معنى الكلمات التي يقولها بنفسه في الصلاة ؟؛ [حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ]. وكلمة [سكارى] ذكرها الله في غير شرب الخمر مرتين، مرة بهذه الآية السابقة، وأخرى بسورة الحج، حيث يقول تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }الحج2. فالناس سكارى لكنهم لم يكونوا سكارى من شرب خمر إنما هي سكرة العذاب الواقع عليهم نتيجة قيام الساعة وما يصاحبها من زلزلة الأرض واشتعال البحار وهدم الجبال وغير ذلك. يعني هذا بأن السكر هو الانشغال والهموم التي تصيب البعض فيضيع تعقله للأمور، والآية الأولى من سورة النساء لا تعني الخمر من قريب أو بعيد، لأن المخمور لدرجة السكر لن يعرف موعد الصلاة حتى يأتيها سواء ببيته أو بالمسجد، لكن الله يريد منا تفريغ أذهاننا للصلاة حين نعمد إليها حتى نعلم ما نقول. وهذا يجعلنا نستنتج أن تعقل كلماتك في الصلاة إنما هو أحد الفرائض، وأن ضياع معاني كلمات الآيات والتسبيحات التي تقولها في الصلاة إنما هو أمر منهي عنه، بل لا يجب عليك أن تصلي وأنت منشغل البال أو مهموم، إنما عليك تجميع طاقتك لله حين تعمد للصلاة.