الفنان احمد ضياء الدين المخرج سينمائيا بدأ أحمد ضياء الدين ( الذي ولد في 2 مارس عام 1902 بقرية ابو الغيط بمحافظة القليوبية ) هو المخرج العالم وعالم القلوب والوجدان وخفايا المشاعر بدا حياته الفنية ممثلا هاويا في (جمعية أنصار التمثيل والمسرح) في الثلاثينات، وممثلا في (مسرح الطبيعة).. بعدما حصل على شهادة الكفاية ودبلوم مدرسة ليوناردو دافنشي عام 1929، وهو في عامه السابع والعشرين، ثم دخل عالم السينما عام 1937 كمساعد مخرج لشيخ المخرجين (محمد كريم) أحد رواد السينما المصرية. ظل أحمد ضياء الدين يعمل كمساعد مخرج لأكثر من عشرين فيلما إلى أن واتته الفرصة وشارك في الإخراج لأول مرة عام 1949، مع مهندس الديكور والفنان والمخرج (ولي الدين سامح)، الذي رحل عن مصر منذ الستينيات ليدرس في جامعات سويسرا، فقاما بعمل فيلم "ذو الوجهين" 1949 الذي اتخذ الشكل البوليسي وقام ببطولته نادية السبع وعباس فارس، وظهر فيه رشدي أباظة لأول مرة في دور ثانوي، وحصل فيلمه الثاني "من غير وداع" 1951- أو فلنقل (الأول) إخراجا وإنتاجا- إذ أقرضه حماه الذي كان تاجرا غنيا مبلغا استطاع أن ينتج به الفيلم، وحصل على شهادة تقدير من مهرجان برلين الثالث عام 1953، وكان من بطولة عقلية راتب وعماد حمدي ومديحة يسري، والفيلم دراما عاطفية تتميز بتفوق الأداء التمثيلي، وبالعاطفية التي تجعله أقرب على المليودراما، وقد حقق هذا الفيلم نجاحا جماهيريا كبيرا شجع أحمد ضياء الدين على مواصلة تجربة الإنتاج فيما بعد مؤسسا)(شركة الضياء). وبعد هذا النجاح قدم ثلاثة أفلام لمؤلف فيلمه الأول (محمد كامل حسن المحامي) وهي أفلام: "بعد الوداع" 1953 بطولة فاتن حمامة وعماد حمدي، "نافذة على الجنة" 1953 بطولة مريم فخر الدين ومحسن سرحان "مرت الأيام" 1954 بطولة ماجدة ويحيى شاهين، وهي أفلام تسير في الخط الرومانسي الرقيق نفسه الذي يعالج مشاعر الحب والعشق في أشكاله المختلفة الذي بدأ به فيلمه الأول، مع لمسة غموض أقرب إلى الحبكة البوليسية، بالإضافة إلى استخدامه لمختارات من الموسيقى العالمية في شريط الصوت، من بينها مقطوعات لخاتشادوريان أبهرت وجذبت أذن المشاهد المصري لأول مرة. وفي عام 1954، قدم أحمد ضياء الدين، فيلم "قرية العشاق" قصة وحوار وأمين يوسف غراب وسيناريو حسين حلمي المهندس، وهو أول فيلم مصري يتم تصويره بالسينما سكوب (مدير التصوير: روبير طمبا) وكان من بطولة ماجدة ويحيى شاهين، وفيه يتناول جانبا عاطفيا أيضا من حياة الريف. ويعد المخرج أحمد ضياء الدين المخرج الوحيد الذي استطاع أن يقنع الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي بالعودة إلى التمثيل في السينما، بعد انقطاع سنوات طويلة اعتزلت فيها الحياة الفنية، فشاركت في فيلمه السابع "دعوني أعيش" 1955 مع ماجدة ومحسن سرحان وكمال الشناوي. ولهذا الفيلم طابعه الخاص، نظرا لأن أحداثه تدور في مناطق استخراج البترول، وهو جو جديد ومثير للدهشة بالنسبة للمشاهد المصري، وكان عن قصة لأمين يوسف غراب وسيناريو حسن حلمي المهندس، وفي عام 1956 قدم رواية إحسان عبد القدوس الشهيرة "ابن عمري" من بطولة ماجدة ويحيى شاهين وذكي رستم وأحمد رمزي، سيناريو علي الزرقاني وعرض هذا الفيلم في مهرجان برلين السينمائي السادس عام 1956، وحصل على شهادة تقدير، وهو من الأفلام الجادة التي تتبدى فيها قوة وروعة الأداء لدى ذكى رستم، ويتناول جانب المشاعر والعواطف لدى فتاة تتزوج عجوزا وتقع في غرام شاب، وهو العالم الذي شغف به أحمد ضياء الدين. وفي العام نفسه يخوض مع القاص والروائي يوسف جوهر مغامرته الأولى في الإنتاج ليقدما معا فيلم "أرضنا الخضراء" بطولة ماجدة وشكري سرحان، ويعد هذا الفيلم من الأفلام المميزة في تاريخ السينما المصرية؛ لأنه عكس الفكر السائد في الخمسينات بعد 23 يوليو 1952، والذي يقوم على مهاجمة الإقطاع والظلم، وقضية الأرض والفلاح، وعلاقتها الحميمة، في إطار مليودرامي، وهو موضوع خال لا ينتهي في عصر أو زمان. وتنجح المغامرة، فيقدمان مغامرة ثانية، فيلمهما التالي "مع الأيام" عام 1958، بطولة ماجدة وعماد حمدي، وفيه يلتقي الكاتب والمخرج في المزاج والفكر، فيوسف جوهر كاتب خبير ببواطن المشاعر والأحاسيس، وأحمد ضياء الدين مخرج شغوف بعالم المليودراما، فقد كان يرى كما جاء في حديث صحافة معه : أن قصص المليودراما تنجح جماهيريا مع الكثيرين في الشرق، وفي العصر المادي الذي نعيشه نجد أن مثل هذه القصص تصادف هوى في نفوس الكثيرين. ثم يتحول أحمد ضياء الدين إلى الكوميديا في نهاية الخمسينيات، فيقدم فيلم "أيامي السعيدة" عام 1958، قصة وسيناريو وحوار أبو السعود الإبياري وتمثيل فيروز وعبد المنعم إبراهيم وحسن فايق، والفيلم الكوميدي الغنائي "كل دقة في قلبي" 1959 للمؤلف نفسه، بعدما أسند البطولة للمطربة السورية نازك والتى تغنت اشهر اغنياتها ولحن كل دقة فى قلبى ومع محمد فوزي وفي عام 1960، يقدم واحدا من أهم أفلامه التي أثار الرأي العام في تلك الفترة وهو فيلم "المراهقات" من بطولة ماجدة وحسين رياض ورشدي أباظه، فتناوله الكثيرون بالمناقشة؛ لأنه طرق مشكلة اجتماعية مؤثرة (المراهقة) وعلاقتها بالتربية في البيت، وفي المدرسة، والانحرافات التي تنتج عن الإهمال وعدم الرعاية، ولو كان أحمد ضياء الدين حيا الآن لاكتشف أن "الانحرافات" التي ارتكبتها بطلة الفيلم تعد شيئا هينا بالمقارنة بما يجري الآن. وفي العام نفسه أيضا شدة حنينه على المسرح الذي تربى ونشأ فيه هاويا، فيقدم فيلما عن رواية (قيس وليلى) قاصدا فيه القيمة الفنية، إذ حرص على تقديم القصة بكشل مختلف عن الأصل، بعدما أسند دور البطولة إلى ماجدة وشكري سرحان وعمر الحريري في عام 1960، لكن أحمد ضياء الدين لم ينقل قيس وليلى حرفيا، بل حافظ على المكان والزمان التاريخيين، ولكن من منظور مختلف، واتبع الأسلوب نفسه بعد سنوات، وأن لم يحافظ على البعد التاريخي وقدمها بشكل معاصر حين قدم فيلمه "عاشق الروح" 1973 عن رواية (غادة الكاميليا) (لألكسندر دوماس الابن)، بطولة نجلاء فتحي وحسين فهمي وهذا الفيلم يختلف عن الفيلمين السابقين الذين قدما عن الرواية نفسها في السينما المصرية وهما "ليلى" 1942 إخراج توجو مزراحي و"عهد الهوى" 1955 إخراج أحمد بدرخان، حيث لم يجعل دور نجلاء فتحي مطابقا تماما لشخصية مرجريت جوتيه في غادة الكاميليا، لكنه اقتبس الفكرة ولم ينقل العمل كاملا، فمرجريت في الرواية الأصلية غانية وهي في فيلم "عشاق الروح" فتاة كباريه، وفيلم أحمد ضياء الدين قام على الإطار الخارجي لقصة غادة الكاميليا وإن احتفظ ببعض ملامحها، حيث بدت نجلاء فتحي فقيرة وأصغر سنا من حسين فهمي، بي نما مرجريت في الأصل أكبر سنا وأكثر ثراء من (أرمان وتتوالى أفلام أحمد ضياء الدين "كلهم أولادي"، مذكرات تلميذة، وفاة إلى الأبد، من غير ميعاد، عريس لأختى (عن قصة لإحسان عبد القدوس وسيناريو عبد الحميد جودة السحار)، الحسناء والطلبة. وبعد عشر سنوات يلتقي مرة أخرى وللمرة الأخيرة مع محمد كامل حسن المحامي في فيلم "دعني والدموع" 1946، وهو مليودراما مشحونة بالعاطفة المبالغ فيها وتدور محول الموضوع نفسه الذي قدماه معا في الخمسينيات، وفي الوقت نفسه تتوالى أفلامه الكوميدية: لو كنت رجلا، فتاة شاذة، هل أنا مجنونة (الذي ظهر فيه الممثل عادل إمام لأول مرة في السينما كاكتشاف لأحمد ضياء الدين)، الأصدقاء الثلاثة، وكذلك الأفلام التي تتناول المشاكل الاجتماعية: "مدرس خصوصي"، "الباحثة عن الحب". ويدخل في عالم الرواية الأدبية فيقدم للسينما رواية (محمد عبد الحليم عبد الله) "سكون العاصفة" وروايتي أمين يوسف غراب "الليالي الطويلة" و"أشياء لا تشترى" والذي عمل فيه الفنان علي بدرخان كمساعد مخرج في بدء حياته السينمائية، ورواية الكاتبة المميزة فوزية مهران (ببيت الطالبات)، وأخيرا قدم روايتي ثروت أباظة "ثم تشرق الشمس" وآخر أعماله السنيمائية "لقاء هناك" الذي يتناول العلاقات الاجتماعية عندما تتعارض مع الأديان من خلال حب شاب مسلم لفتاة مسيحية ينتهي بالفشل وقد شارك أحمد ضياء الدين في كتابة السيناريو لعشرة من أفلامه الثلاثة والأربعين، بالإضافة إلى فيلم قصير بعنوان "الديك" أخرجه للتليفزيون المصري عام 1967 ظل أحمد ضياء الدين يعمل في حيوية ونشاط، محافظا على منهجه في الإخراج الذي يقوم على الدقة والنظام بحيث كان يرسم كل مشهد على الورق قبل تنفيذه إذا استعصى على فهم مساعديه، وساعدته موهبته في الرسم على القيام بذلك باقتدار وحرفية، ويقوم أيضا على عالم عرفه جيدا هو عالم العواطف والمشاعر الإنسانية الدافئة والأفكار النبيلة، إلى أن عاودته النوبة القلبية التي أصابته قبل ثلاث سنوات، وانتهت برحيله عن دنيانا في 24 مارس 1976 عن أربعة وستين عاما المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجية ندى [email protected] 01006802177 – 01204653157