خلال سبعينيات القرن العشرين تعالت الصيحات من تيارات عدة تنادى بالجهاد .. وأن الحكومات العربية والأسلامية قد غيبت هذه الفريضة الهامة .. وظهرعلى إثر ذلك من التنظيمات الإسلامية عدد لا حصر له تنادى جميعها بالفريضة الغائبة ( الجهاد) .. وامتلأت الساحة بالكتب والتفسيرات وأُلقيت الخطب وبنيت الزوايا فى ربوع البلاد .. ومع كل ذلك انتشر ت الملابس المصاحبة للدعوة الجلباب القصير واطلقت اللحى .. وتركزت الدعوة للفريضة الغائبة على العقول الشابة سهلة التقبل والانصياع للدعاة الجدد بداية الشحن تركزت على البائسين اليائسين من الحالة المتردية للبلاد اقتصاديا وسياسيا وأمنياَ ..هرول الكل نحو الدعاة الجدد دعاة الجهاد ... تصفحنا كتبهم استمعنا الى خطبهم فما وجدنا الى قولا واحدا .. الجهاد ضد الكفر والكافرون .. الجهاد ضد الحكومات الكافرة والشعوب الفاجرة الكافرة .... وعندما كان يدور حوار مع واحد منهم لا تجد منه الا خواء تام وجهل تام بالدين وأحكامه وقواعدة فما هو إلا ناقل لما يبثه آخر أعلى منه فى الترتيب الهرمى للجماعة .... كان هذا أول استغلال واضح لطاقة الشباب المسلم العربى .. أستغلال يبعده عن التفكير فى عدوة الأصلى اليهود وأذنابهم .. فكان حتما أن يتم استغلال هؤلاء لفرض أمر هم يريدونه أن تتحول افكار وأنظار العالم العربى والإسلامى بعيدا عن فلسطين ومحتليها من اليهود واذنابهم ....أستغلت الصهيونية الإنجلية حماس الشباب وأوغلت فى سبر الأغوار لتصل الى بغيتها من خلال استخدام هؤلاء .... تحولت التنظيمات الإسلامية الى مفارخ لهؤلاء وصاروا قوة يحسب لها الف حساب لدى أجهزة الدولة .. خاصة أن هذة التنظيمات أصبحت ذات قوة مالية .. مكنت لها من شراء السلاح ومصارعة كل من يقف فى طريقها .. وتوالت عليها الاعانات والتبرعات والهبات منهنا وهناك دون رابط لها ... وأكاد أجزم أن هذه التنظيمات لعبت برأس مؤسسيها مخابرات أجنبية .. فطريقة عمل هذه التنظيمات انصب على مناصبة الحكومات والشعوب العداء الشديد إلا انهم لم يناصبوا الصهيونية عداءَ سوى بخطب عنترية وكتابات لا تغنى ولا تسمن من جوع .. فلم تتحرك قياداتهم فى اتجاه التجيش اللازم لنصرة القدس ومحاربة اليهود فى أرض ثالث الحرمين ... وهذا أمر لافت للنظر ...بل تمحورت التنظيمات الجهادية حول محاربة الكفار من الحكومات والشعوب فقط...فدارت حرب ضروس بين حكومات وشباب غٌرربه خلال حقبة طويلة من القرن الماضى وما زال... ودارت ماكينات لتخرج آلاف من الكتب تحمل فتاوى وأحكام غرر بهم آخرون بمدهم بالمال فصاروا فى اعين الشباب البائس صورة للمجاهدين فى سبيل الله لدحر أعداء الإسلام فى أرض الإسلام!! أحتكرت تلك المنظمات الدعوة والجهاد وجمع المال ، الذى انهال عليهم من كل صوب وحدب.. وسار المسلسل كما وضعه المؤلف فى غرته المظلمة .. ليصير الجهاد منجم على بابا للمال لمن أراد .. استخدم السادة الشيوخ لبث دعواهم فتاوى ابن تيمية – لاننكر أن ابن تيمية شيخ له قيمته العلمية فى الحياة الإسلامية ولا نعيب عليه فتواه لانه عاصر غزو صليبى وغزو تترى لديار الإسلام -- .. اما تطبيق فتاوى ابن تيميه اليوم فهذا ليس ذنب يتحمله ابن تيميه ولكن يتحمله من حملوا فكرة بلا تفكير بل كانوا ناقلين للفتوى دون تروى واحكام للعقل ... ولذا انتشر القتل فى ربوع البلاد ليحصد البرئ والمذنب على حد سواء ....فما أن تخبو النار إلا وبثت الصهيونية الإنجلية نيرانها فى الهشيم لتوغر الصدور .. ومن القتل واراقة الدماء داخل البلاد الا وبدأ مسلسل الجهاد خارج الوطن مع بداية حرب البوسنة ثم الشيشان ثم أفغانستان ، تلك الحروب التى خطط لها فى غرف المخابرات الأمريكية والمنظمات اليهودية الماسونية ، ليبدأ مشهد جديد لتفريغ طاقات الشباب المسلم فى حروب البلقان ثم الشيشان ثم أفغانستان لتأمين حقول النفط فى الشرق الادنى وتقسيم البلقان دون أراقة دماء امريكية يهودية بل بدماء مسلمة نحن فى اشد الحاجة اليها ! خلال أعوام طويلة من الحروب لم يخرج من كل هذه التنظيمات الجاهدية مجموعة واحدة تكون اولوياتها محاربة اليهود واسترداد الاقصى من تلك الطغمة الماسونية .. بل كانت جميع التنظيمات تتحدث عن فلسطينوالقدس كأنها دولة فى كوكب أخر وليست دولة فى قلب العالم العربى الإسلامى .. وأنصبت الفتاوى على الصرب والروس دون ذكر لليهود بل ان ذكر امريكا ياتى على استحياء فى احاديثهم العامة والخاصة ... بذلك التكوين الفكرى أمتلأت العقول بأهمية الجهاد فى جبال افغانستان محطة اولى لقطار الجهاد بدلا من القدس !! مال وسلاح وشباب مغيب مغرر به مثلث مكتمل الأضلاع استطاعت الصهيونية ( الحكومة الخفية) أن تصرف الأنظار عن القدس تماما منذ أربعينيات القرن العشرين طيلة اعوام الحرب ضد الروس بأفغانستان تكونت ثروات لا مثيل لها لاباطرة المخدرات قدرت فى بعض الاحصائيات بخمسمائة مليار دولار وتجارة السلاح بحوالى 22 تريليون دولار .. هذا هو الجهاد الذى صدعت رؤسنا به منذ سبعينيات القرن العشرين .. قتل فيها شباب مسلم وفقد منهم الكثير دون ان ينال شيوخهم ومن أفتى لهم بالجهاد أدنى أذى بل على العكس حصلوا على الفيلات والقصور والسيارات الفارهه وتكدست الاموال فى البنوك ليظلوا فى مأمن من الحرب وويلاتها... بخروج الروس من افغانستان استدارت الافعى اليهودية نحو ربيبتها لتقضى عليه وتناصبة العداء ويتحول شعار المجاهدون الاطهار الى الارهابيون ! من هنا بدا الجزء المرسوم بدقة فى الغرف المغلقة باستحواذ اليهودية الصهيونية الانجيلية الامريكية على البلقان وافغانستان والعراق هذا الاستحواذ الذى ظل اليهود من عقد مؤتمرهم فى بازل بقيادة هيرتزل يخططون له ... واليوم صار الجهاد داخل البلاد فى تناقض تام مع الايدلوجيات التى وضعوها من ذى قبل .. فقد تغيرت النظريات وتحولت الى نظرية التفتيت والفوضى بتونس ثم مصر ثم ليبيا ثم سوريا دون ان تتحرك اليهودية باساطيلها بل وكلت الجيوش التى دربتها فيما سبق لتكون بديلا جاهزا لتنفيذ المخطط كما رسم من ذى قبل .. مع بداية حكم الاخوان المسلمون بمصر تحول العديد من الجهادين المنتشرين فى ربوع العالم الى التمركز فى مصر – الخطة تجميعهم فى مصر - ونسى هؤلاء أن الجهاد ليس فى مصر بل فى فلسطين الا انهم تناسوا تماما هذا الجهاد ضد اليهود واستبدل بالجاد ضد مصر شعبا وجيشا الجهاد فريضة غائبة نعم غائبة ولم تكن من اولويات الحكومات المتعاقبة فى العالم العربى ولكن تواجد هذه المنظمات ودعوتها لى الجهاد لا ينم عن فهم واضح لمعنى الجهاد بل وضعوه على راية سوداء دون ان يكون مضمونه بقلوبهم .. حول هؤلاء الجهاد الى سبوبة للاسترزاق منها .. ان ما نعانيه اليوم نتيجة صمت الازهر عن هؤلاء منذ القرن الماضى .. لذا وجب اليوم بل الان ان تتحرك جيوش العلماء من الازهر الشريف لوقف هذا الامر لما له من عواقب وخيمة على مصر مع تغير كامل للمناهج الدراسية وتوضيح حقيقة الجهاد وغرس مفاهيم صحيحة فى عقول الشباب كى لا يكونوا مطمع لكا من هب ودب ممن ليس لهم علم فى الفقه والشريعة الا بقدر علم طفل فى سنة أولى كى جى وان !!!!