منتخب مصر بصورة داخل الطائرة: أنجزنا المهمة.. وفى الطريق راجعين    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    هاني شاكر ل اليوم السابع: شكرا لمصر وأخيرا أطفال غزة هتنام في أمان    جامعة جنوب الوادي تقيم حفل تأبين للدكتور أحمد عمر هاشم    حقيقة زيادة أسعار البنزين اعتبارا من اليوم الخميس| البترول تكشف    الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء    الموعد الرسمي لبدء التوقيت الشتوي في مصر 2025 وطريقة ضبط الساعة بعد انتهاء التوقيت الصيفي    نائبة وزيرة التضامن تبحث مع وزير التنمية الدولية بالنرويج سبل تعزيز التعاون المشترك    موعد سحب قرعة كأس العالم 2026 والقناة الناقلة بعد تأهل منتخب مصر    إطلاق قافلة زاد العزة ال47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    لليوم الثاني.. محكمة شمال بنها تواصل استقبال المرشحين لانتخابات مجلس النواب    الرئيس السيسي يوجه رسالة لمنتخب مصر بعد تأهله لكأس العالم    6 ميداليات لمصر في صباح اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية    مصرع وإصابة 20 شخصا في تصادم ميكروباص وملاكي بالصحراوي الغربي بالأقصر    يقتل شقيقه الأكبر بسبب الميراث بالشرقية    ننفرد بنشر بنود اتفاق إنهاء خصومة راح ضحيتها 11 قتيلا في أبو حزام| خاص    إصابة مواطنين في انهيار جزء من منزل بالفيوم    حبس المتهمين بقتل التيك توكر يوسف شلش فى المطرية 4 أيام    حقيقة تغيير امتحان اللغة العربية لصفوف النقل| مصدر بالتعليم يكشف    محافظ أسيوط يشهد احتفالية قصور الثقافة بالذكرى ال 52 لانتصارات اكتوبر المجيدة    بالحبر الطائر: صوت المرأة المتلاشى تحت وطأة القهر والخيبات    تفاصيل حفل أنغام المقبل في قطر أكتوبر الجاري    شباب المسرح يبدعون اليوم بثلاث تجارب جديدة في مهرجان نقابة المهن التمثيلية    هبة رشوان توفيق: والدي متألم من شائعات وفاته وجالى اكتئاب    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت صحية بالإسكندرية    الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة    تيودور بلهارس يعزز التعاون الدولى مع منظمة الصحة العالمية لمكافحة البلهارسيا    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    منسوب بحيرة ناصر مرتفع، خبراء بحوض النيل: السد العالي يستقبل مياه الفيضان من "مروى"    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و119 ألفا و390 فردا منذ بداية الحرب    لبنان.. انطلاق رابع مراحل خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    المنافذ "حاجة" والأسواق "حاجة تاني خالص"، مفاجأة في أسعار الطماطم اليوم الخميس    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    قاتلة ابن شقيق زوجها تدلي باعترافات أمام جهات التحقيق بقنا    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    الصحة: نجاح استئصال ورم بالجفن لمريضة عمرها 87 عامًا في مستشفى أتميدة المركزي    عاجل- رئيس الوزراء يحضر القمة الرابعة والعشرين لتجمع الكوميسا نيابة عن الرئيس السيسي في نيروبي    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    «مقنعة جدًا».. وليد صلاح الدين يكشف ردود سوروب على أسئلة «الأهلي»    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    وزير الداخلية: مصر تمضي بثبات وسط عالم يموج بالصراعات والأزمات    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثوره وحتمية ارتباط الامن القومي المصري بالامن العربي
نشر في شباب مصر يوم 07 - 10 - 2013

قال بطليموس الأول في القرن الثالث قبل الميلاد(إن الدولة المصرية يجب أن تكون لها حدود آمنه تبدأ من برقه في ليبيا غربا ومن فلسطين وسوريا شرقا ومن قبرص شمالا ومن منابع النيل في الجنوب) وذلك ليس مجرد اختيار ولكن تعبير عن الضرورة الملحة ونتيجة لدروس من التاريخ المصري نفسه ففي القرن الثالث قبل الميلاد فوجئت مصر بأول احتلال لها في التاريخ لقد اكتسح الهكسوس سيناء قادمين من وسط أسيا ويقول المؤرخ المصري القديم مانتيون (لا أعلم لماذا غضبت علينا الآلهة وهبت ريح من الصحراء حاملة معها إناسا من عنصر بزئ احتلوا البلاد بدون صعوبة فاستعبدوا النساء والأطفال وقتلوا الرجال وحرقوا القرى) بعد ذلك احتاج التخلص من الهكسوس سنوات طويلة ودماء و تضحيات و لم يتم إزالة الخطر في النهاية إلا بعد أن تعقبته مصر في فلسطين ونجحت في هزيمته في معركة شاروهن فهمت مصر الدرس بوضوح واتفق المؤرخون جميعا علي ان امن مصر يبدأ من الشام .
ويقول الدكتور جمال حمدان في موسوعته شخصيه مصر (إننا نجد بلا استثناء ان كل خطر خارجي يهدد الشام يهدد مصر تلقائيا وعلي الفور بل نكاد نقول إن مصير مصر مرتبط عضويا وتاريخيا بمصير الشام عموما وبالأخص منه فلسطين إن الذي يسيطر علي الشام يهدد مصر استراتيجيا بمثل ما يهددها هيدرولجيا من يسيطر علي السودان)
فليس من قبيل الصدفة إن معظم معارك مصر الحربية الفاصلة سواء منها المنتصر أو المنهزم دارت في ربوع الشام وعلي أرضه وحسمت وحسم معها مصير مصر إبتداء من شاروهن الهكسوس وقادش تحتمس إلي حطين صلاح الدين وعين جالوت قطز و مرج دابق الغوري وحمص ونصيبين محمد علي
* * * * * *
السياسة الخارجية لأى دولة يجب ان تمثل نظرية امنها والدولة مثل السفينة ركابها الشعب والقبطان مؤتمن على أرواح ركاب السفينة وإذا أخطاء القبطان فى تحديد الاتجاه الصحيح فان هذا يمثل كارثة. فقد أخطأنا مرات عديدة أخطأنا فى فهم عظمة مصر وأهميتها وفى فهم التزامات هذا الموقع اخطأنا عندما قبلنا قيودا على صناعتنا الوطنية وقيودا على جيشنا فى القرن التاسع عشر (بعد محمد على) دفعنا ثمنا فادحاً احتلال بريطانية لمصر ... أخطأنا عندما لم نستطيع ترجمة الخطر السياسى لوجود قناة السويس بعد حفرها أصبحت مصر مملوكة لقناة السويس بدلا من أن تكون القناة مملوكة لمصر .
أخطأنا عندما تخلفنا عن فلسطين وما جرى فيها . فوجئنا بدولة معادية ومعتدية وعدوانية بجوارنا وكلفنا ذلك الكثير وما زال . أخطاء كثيرة ارتكبناها .... والسبب أننا لم نع بالكفاية نظرية الأمن المصرى .
أخطأنا عندما تصورنا إن فلسطين بعيدة عنا وما يجرى بداخلها من تسرب للصهيونية وبناء دولة لها فى بداية القرن الماضى . ولم تنتبه له . لقد خدعتنا أصوات من بيننا إما جهلا أو بالعمل لحساب أطراف أجنبية . قالت لنا ما لكم ومال فلسطين . دعوا فلسطين للفلسطينيين وبعدها أفقنا على دولة إسرائيل . وكم كلفنا ذلك من نشأة تلك الدولة وما زال . أفقنا على دولة ترسل لنا شبكات تخريب تنسف منشأة داخل مصر لتخريب العلاقة مع الأمريكان وتعطيل الجلاء عن مصر . أفقنا على دولة تمارس ضغطا وبشراسة حتى تمنع تمويل السد العالى .
أفقنا على دولة تحتل أرضنا عام 1956 ثم فى عام 1967 تحتل سيناء بالكامل . أفقنا على ضرب العمق المصرى فى نجع حمادى وبحر البقر اكتشفنا أن ثمن الجلاء عن سيناء نزع سلاح سيناء . وتنازلات أخرى
* * * * *
كان الخطر الصليبي هو أول حرب عالمية في التاريخ حرب اشتركت فيها كل القوي الرئيسية في أوربا ضد كل القوي الوطنية في العالم العربي ........ وكان الخطر المغولي إعصارا مدمرا اختصر في أربعين عاما كل الدمار الذي حققه الصليبيون في مائتي عام وفي كلتا المرتين تراوحت الحركة في المنطقة ابتداء من مصر إلي سوريا إلي العراق ثم مره أخري من العراق إلي سوريا إلي مصر تراوحت الحركة بين اليأس في مواجهه الخطر وبين التنبه إلي ضرورة رفض الاستسلام كمقدمه للمواجهة ومن ثم الانتصار
في كلتا المرتين جرب العالم العربي كل وسيله ممكنه للتعامل مع العدو. ابتداء من التحالف معه إلي معايشته ومهادنته إلي حتمية مواجهته أخيرا ...... كانت هناك مبررات كثيرة لعدم الصمود والمواجهة ضد الخطر (في كلتا المرتين) ابتداء من الفقر والضعف إلي الأزمة الاقتصادية إلي النقص في السلاح .لكن كان هناك مبرر واحد للصمود هو الأمن ... أمن مصر بالدرجة الأولي وأمن العالم العربي بالدرجة الأكبر .
في كلتا المرتين سلك العالم العربي كل الطرق ابتداء من طريق السلام المنفرد جربته مصر مع الصليبيين مره وجربته العراق مع التتار مره ثم الي طريق المواجهة الشاملة في النهاية ضد العدو المشترك
الطريقة العملية التي انتهي إليها كل واحد من الطريقين معروفه والدروس المستفادة من مواجه الخطر في كلتا المرتين معروفه ..... أولها خطر السلام المنفرد . فسلام مصر مع الصليبيين له نتائجه وسلام العراق مع المغول له نتائجه أيضاً . استطاع الصليبيون أن يتحالفوا مع دمشق مره ضد حلب ثم انقضوا عليهم وتحالفوا مع طرابلس ضد دمشق ثم استولوا عليها وتحالفوا مع الموصل ضد حلب ثم استداروا ضدها تحالفوا مع القاهرة ضد دمشق ثم انقلبوا عليها وفي كل مره ينقضوا عهدهم بعد أن يصبحوا أكثر قوه والحكام العرب أكثر تمزقا وانقساما .
* * * * *
بدأت المرحلة الأولي من الحملة الصليبية في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي والحجة المعلنة (تحت شعار الصليب) استرداد القدس من أيدي المسلمين والهدف الرئيسي الغير معلن هو احتلال له أهداف سياسيه محدده وبمجرد أن تحقق نصر للصليبيين واستولوا علي أنطاكيا قدموا عرض إلي مصر بان تستولي مصر علي القدس وأصبح هذا العرض دليل علي حسن النوايا . ووجد من يروج له وفعلا دخل المصريون بيت المقدس . وعقد حلف دفاعى بين الصليبيين وبين الخليفة الفاطمي ودوافع هذا التحالف مثيرة فالخليفة الفاطمي أعطي السلطة الفعلية لوزيره ابن بدر الجمالي ولم يكن مصرياً وأصبح ابن بدر الجمالي وزير التفويض وأقنع الوزير خليفته بهذا التحالف بحجه أن الصليبيين سيتفرغون لتصفية المسلمين السنه في الشام الأمر الذي يقوي المسلمين شيعه مصر ( ما أشبه اليوم بالبارحة ) وأيضاً أقنعه بحجه كل متخاذل وفي توفير نفقات الحرب والخراب الذي ستجره الحرب علي مصر ....... بعد أن تفرغ الصليبيون لحروبهم في الشام وانتهت بعد تحييد مصر استداروا علي الهدف الأصلي مصر ونقض الصليبيون تحالفهم مع مصر بعد عامين وانقضوا علي المصريين ليذبحوهم عن أخرهم في مدينه القدس ثم القضاء علي المصريين في مدينه عسقلان .
مره أخري نصيحة انهزاميه أخري أن الصليبيين يملكون قوه عسكريه ضخمه ولا قبل لمصر بهم ونستطيع تفادي خطرهم عن طريق رشوتهم وبدأت مصر تدفع الإتاوة بالذهب للصليبيين وحتى هذه اللحظة كان يمكن صد الخطر لو تجاوز الخليفة الفاطمي والخليفة العباسي خلافاتهم ولكن كل سلطان في العالم العربي يريد أن ينجو بجلده من الخطر الصليبي يريد صلحا منفرداً .
* * * * *
فرض الصليبيون علي مصر الإتاوة مقابل حماية مصر عسكرياً . اكتشف الخليفة الفاطمي أن قوه الحماية التي جاءت لتحمي مصر احتلت مصر تنبه الخليفة الفاطمي بعد أكثر من نصف قرن أخيراً تنبه بعد نوم طويل والبحث عن سراب الحل المنفرد فأرسل إلي نور الدين سلطان دمشق يستغيث به قائلا (هذه شعور نسائي يستغثن بك لتنقذهم من الإفرنج) أغاثت دمشق القاهرة بعد ضياع الوقت في البحث عن الحلول المنفردة التي جعلت العرب جثث منفردة وتحولت الجثث المنفردة إلي جيوش مقاتله تعتمد علي ضوء استراتيجيه جديدة تماما تعتمد علي الأمن العربي الشامل والمواجهة العربية الشاملة ضد العدو المشترك
جاء صلاح الدين إلي مصر وخلال ثلاث سنوات بعد أن وحد القاهرة ودمشق وحلب والموصل ضد الخطر المشترك وأدرك صلاح الدين ان امن مصر يبدأ بالنهوض ضد الخطر في فلسطين وفي خلال ستة عشره سنة استطاع العرب بقياده صلاح الدين أن يحصلوا علي أضخم انتصاراتهم في (حطين) ضد الصليبيين انتصار أصبح هو المقدمة الحتمية لزوال الدولة الصليبية نهائيا في القرن التالي
لم تمر فتره طويلة حتى أتي درس أخر فقدت مصر فيه أمنها بسبب تفريط الآخرين فيه ومره أخري يكون السبب هو سراب الحل المنفرد ففي بداية القرن الثالث عشر ظهرت غارات المغول قادمة من وسط أسيا متجه غربا وأصبح الزحف المغولي يهدد العراق ولكن الخليفة العباسي ( المستعصم ) لم يتنبه للخطر القادم علي أبواب دولته حتى أرسل هولاكو قائد المغول إنذاراً إلي الخليفة المستعصم يطالبه بتسليم مفاتيح بغداد كثمن للاحتفاظ بحياته ....... (ودائما) الوزير الأول للمستعصم مؤيد الدين بن العلقمي ينصح خليفته بالاستسلام وان جيش المغول لا يقهر ونصحه بدفع إتاوة اتقاء لخطره ونصحه بتخفيض جيش الخلافة إلي الخمس كدليل علي حسن النية من جانب الخليفة نحو هولاكو وفعل الخليفة المرتعد كل هذا ولكن يفاجأ الخليفة بأن اللعبة قد انتهت والمغول علي أبواب بغداد
* * * * *
المغول علي أسوار بغداد والخليفة العباسي المعتصم مستعد لأي شيء. أي شيء إلا الصمود والمقاومة . أرسل الخليفة العباسي وزيره (ابن العلقمي) لكي يتفاوض مع هولاكو وعاد الوزير ليخبر خليفته بأنه حصل علي عرض مدهش هو أن يسلم الخليفة نفسه وأسرته وحاشيته وموظفيه إلي هولاكو مقابل ضمان حياته واستمراره كخليفة اسمي ونفذ الخليفة نصيحة وزيره . انه يريد أن ينجو بجلده وبمنصبه بأي ثمن . وذهب الخليفة بأسرته
وحاشيته إلي معسكر هولاكو بناء علي النصيحة المخلصة من وزيره ابن العلقمي وفورا اكتشف الخليفة أن وزيره ابن العلقمي يعمل لحساب هولاكو ومهمته إقناع الخليفة بالاستسلام وعدم جدوى المقاومة
وانقض هولاكو علي الخليفة وعلي من معه فذبحهم جميعاً حتى النساء والأطفال وحتى ابن العلقمي ودخل المغول بغداد ليقتلوا مليونا من سكانها في أبشع مذبحه عرفها التاريخ ...... أن الخليفة العباسي لم يدفع وحده وبحياته ثمن سراب السلام المنفرد مع هولاكو ولكن العراق كله دفع الثمن موتا وخرابا واحتلالا ودمارا حتى لون النهر تغير بلون الحبر من جراء اللقاء المغول أمهات الكتب وخلاصه العلوم والآداب في النهر واختفي بعد ذلك منصب الخلافة الإسلامية .......... مثلما فعل المستعصم فعلت دمشق وحلب وصيدا تصوروا أن الخطر بعيد عنهم وبمجرد تدمير بغداد اجتاح الإعصار المغولي دمشق وحلب وصيدا في غمضه عين بعد أن ذبح أكثر من خمسين ألف مسلما في حلب وحدها ........... أما مصر فمن داخلها صوتين صوت يقول ما يحدث في العراق والشام بعيد عنا بما فيه الكفاية ولن تتعرض مصر لخطر إذا رأي المغول أن مصر مسالمة وخاصة أن المغول قوم (لا يقهرون) والمواجهة معهم مستحيلة ولن تجر الحرب سوي الخراب والدمار والهزيمة ........ والصوت الأخر يقول أن لم نتصدى للخطر في فلسطين سنفاجأ به داخل شوارعنا
* * * * *
كانت دروس المواجهة مع الصليبيين لا تزال في الأذهان . وروح المقاومة التي أشعلها صلاح الدين لا تزال حيه وشعب مصر أكتشف أن أمنه أصبح مهددا نتيجة لتفريط الخليفة العباسي في أمن العراق وبحثه عن السلام المنفرد وبالتالى التفريط فى الأمن العربى الشامل هكذا خرج الجيش المصرى بعدما رفض إنذار هولاكو وقتل رسله بقيادة سيف الدين قطز إلى فلسطين ليواجه ويخوض المعركة الفاصلة ضد المغول فى سبتمبر سنة 1260 محققاً انتصاراً مدوياً فى عين جالوت حفظ أمن مصر لأكثر من مائتين وخمسين سنه . وبكلمات المؤرخ البريطانى (انتونى ناتنج) يقول أن نجاح مصر فى إيقاف التقدم المغولى خلف الحدود المصرية وخروجها لمواجهته فى فلسطين بدلاً من التفكير فى انتظاره قد أنقذ مصر من المصير المرعب الذى سقطت فيه سوريا والعراق . ومن ثم ضمن لمصر زعامة ثقافية وسياسية للعالم العربى استمرت وبلا منازع لستة قرون بعدها إن الذى حقق انتصار حطين والذى حقق انتصار عين جالوت الأول جرب التعايش مع الخطر الصليبى فدفع ثمناً غالباً . والثانى رفض أسلوب التعايش مع الخطر المغولى من البداية . ولكن جمع بينهما . أن كلاهما رأى فى وحدة القاهرة ودمشق و بغداد هو المدخل الوحيد لمواجهة الخطر وكلاهما أدرك أن أى عاصمة عربية تبحث عن السلام المنفرد خطر يهدد جميع العواصم العربية . وكلاهما فهم أن ما يجرى فى فلسطين وفى سوريا وفى لبنان وفى العراق . لابد أن يكون من صميم الاهتمامات الجوهرية لأمن مصر وأن كل خطر جديد يأتى إلى المنطقة . قد لا يبدأ بمصر ولكنه حتماً سينتهى على أعتابها .
ومع ذلك ومن درس الخطر الصليبى والمغولى . هناك درس خطير وجوهرى ويحتاج إلى التأمل هذا الدرس هو : أن لحظات اليأس القاتل فى التاريخ المصرى . كانت هى نفسها أقرب اللحظات إلى الانتصار الكامل .
* * * * *
اخترنا من التاريخ المصرى تجربتين محددتين كنموذج لفترات اليقظة المصرية فى محاولة لاستخلاص الدروس منهما فى التاريخ المعاصر ولندع التاريخ جانباً ونعيش الواقع . إننا استمعنا ونستمع كل يوم (مالنا ومال فلسطين) (ومالنا ومال العراق) (ومالنا ومال التحرش بسوريا) إننا فى سلام فلنستريح وكفانا ما كان .
والسؤال هنا كيف نستريح ؟ هل نستريح وبجوارنا ترسانة نووية إسرائيلية تهدد كل بيت فى مصر بل كل بيت فى الوطن العربى . هذه حقيقة . ولكن هل هى حقيقة نهائية . وأمر مسلم به ؟
عندما حدث ما حدث فى السودان من تقسيمه وزعزعة استقراره وفصل جنوبه عن شماله بتدخلات خارجية ورائها الصهيونية هل منع السلام مصر من تهديد المواطن المصرى بالتحكم فى شريان الحياة وإقامة السدود على منابع النيل . لابد م ان تعي مصر الدرس جيداً . ولكن هل ندافع عن حياة المواطن المصرى بتوفير المياه (الذى منها كل شئ حى) لتقدمه ممتلئ المعدة هدية لإبادته بالصواريخ الإسرائيلية .
مقولة شهيرة لنابليون (أن مصر أهم بلد فى الدنيا) إذاً الأصل هو دائماً قوة مصر وليس ضعفها . لنترك الماضى . نترك ما حدث وما فعلته إسرائيل فى دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا وقانا (1) وقانا (2) وضرب المفاعل النووى العراقى وبحر البقر ونجع حمادى وأبو زعبل نترك قتل الأسرى المصريين وهم معزولى السلاح فى سيناء . نترك دماء الدكتور المشد والدكتورة سميرة وغيرهما من علماء مصر والعرب . نترك كل هذا وبرغم مرارة وفظاعة ما فعلته إسرائيل وما زالت تفعله بأشقائنا الفلسطينيين كل يوم نترك كل هذا ولا نجعل الموضوع ثأر وتصفية حسابات ولكننا أمام تحديد لاحتمالات المستقبل . مستقبل مصر أهم بلد فى الدنيا بل ومستقبل الوطن العربى كله .
* * * * *
لابد لنا من تحديد احتمالات المستقبل . إننا أمام اختيارين لا ثالث لهم . إما نكون أو لا نكون بتعبير شكسبير الشهير فلابد من التفكير والبحث عن حلول للخروج من هذا الواقع المرير . إننا لا نملك رؤية للمستقبل ونكتفى بتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى . إننا لا نملك إلا تنفيذ ما يتخذ من قرارات وضعت بعيداً عنا ولم نشارك حتى فى أخذ رأينا فيها وليس فى صنعها . يخرج علينا من يقول الحل هو الحياد وكفى الله المؤمنين شر القتال . حل لا أخلاقى وانتهازى كيف أكون محايداً بين أخى (المظلوم) وبين عدوى (الظالم) وبرغم سذاجة الحل . هل غفر لمصر حيادها لمدة نصف قرن تقريباً وبعد رحيل محمد على فى القرن التاسع عشر ؟ جربت مصر الحياد وانتهى باحتلال بريطانيا لمصر ولمدة أربع وسبعون عاما وليكن لنا فى حياد لبنان عبره . هل نجاها حيادها من القصف الإسرائيلى واحتلال جزء من أرضها ومن المؤامرات الصهيونية التى تحاك كل يوم لإشعال نار الفتنة والحرب الأهلية هل نجا لبنان حيادها . هل نجاها من محاولات التمزق .
إن حماية الدولة التى تتخذ الحياد طريق لها مرهون بالمصالح الأمريكية الأوربية الإمبريالية وعندما تنتهى المصالح تجد الدول التى تتخذ الحياد منهج لها تجد نفسها فى معمعة الصراعات مثل بعض دول أوروبا الغربية .
إننا نعيش حالة من التخبط والضياع وأغرب مثال على ذلك . عندما كانت قواتنا المسلحة متواجدة على الأراضى السعودية أبان حرب الخليج الثانية أو ما سمى بحرب تحرير الكويت أو عاصفة الصحراء أو هالا ماريا [ المجد للعذراء ] . أو تحت أى مسمى .
كانت قواتنا فى منطقة حفر الباطن وعندما يستمع جنودنا المصريون عن طريق الراديو بقصف تل أبيب بالصواريخ العراقية . كانوا يرقصون فرحاً وإعجاباً بمن !؟ بالمفترض أن يكون عدوهم الذين جاءوا لقتاله . أى حالة من التخبط والضياع هذه نحن مع من وضد من ؟ والآن والقوات الأمريكية تحتل العراق وتسعى إلى تفتيته وقواعدها المنتشرة على أراضى الخليج وفى مياهه الإقليمية . والآن تحرش بسوريا . والآن قتل الفلسطينيين والجدار العازل . والآن تهديد لكل الدول العربية . مطلوب رؤية واضحة للمستقبل مطلوب وقفه تعيد العزة والكرامة :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.