مد الفترة المخصصة للاستديوهات التحليلية في الإذاعة لباقي مباريات الدوري    وزير الأوقاف: نحرص على تزويد الأئمة والواعظات بكل ما يرتقي بهم دعويًا وعلميًا لبناء الوعي    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    450 كيلو وبرقبة طويلة.. تعرف على أهم النصايح لشراء الأضحية    محافظ الإسكندرية يستقبل سفيرة الاتحاد الأوروبي لبحث سبل التعاون المشترك    يجب إسقاط المشروع.. برلماني: الحكومة سقطت في اختبار قانون الإيجار القديم وانحازت للملاك    المجلس الوطني الفلسطيني يدين مجزرة مخيم جباليا    إعلام إسرائيلي: إغلاق مطار بن جوريون تحسبًا لصاروخ تم إطلاقه من اليمن    أستاذ جيولوجيا: موجات مغناطيسية شمسية تعطل الراديو وتستعد لضرب التكنولوجيا الأرضية    أتلتيكو مدريد يسقط أمام أوساسونا بثنائية في الدوري الإسباني    نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية للشباب| شوط أول سلبي بين مصر والمغرب    وفد اللجنة الأولمبية يدعم اتحاد الدراجات ويشيد بتنظيم بطولة أفريقيا للمضمار    انتشال جثة طالب بعد غرقه في نهر النيل بقنا    صفحة منسوبة لأسرة عبد الحليم حافظ تكشف وثيقة لغز «زواج العندليب»    إعلان الفائزين بجائزة «المبدع الصغير»    مهرجان العودة السينمائى يُكرّم أحمد ماهر وسميحة أيوب وفردوس عبد الحميد    «ملامح من المنوفية» فى متحف الحضارة    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الدين والتدين    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    حبس عامل مغسلة 4 أيام بتهمة هتك عرض طفلة في بولاق الدكرور    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    طارق محروس: مشاركة منتخب الناشئين في بطولة أوروبا أفضل إعداد لبطولة العالم    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    «الرعاية الصحية» تبحث آليات تعزيز التعاون في سلاسل الإمداد وتوطين الصناعة الطبية    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى رمد شبين الكوم ويتابع معدلات الأداء.. صور    بسبب سوء مستواه.. لجنة تخطيط الزمالك توصي برحيل دونجا أو إدراجه في صفقة تبادلية (خاص)    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    كيف تلتحق ببرنامج «سفراء الذكاء الاصطناعي» من «الاتصالات» ؟    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    ترامب: لا أرغب في اللجوء إلى القوة مع إيران وسنراقب تطور المفاوضات معها    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مياه النيل ...ونظرية المؤامرة
نشر في شباب مصر يوم 24 - 10 - 2010

تظل قضية مياه النيل شغلآ شاغلآ للكثيرين منا، ليس باعتبارها إحدى قضايا الساعه ، ولكن لأنها قضية ذات أبعاد إستراتيجيه ، وتترتب عليها مسائل ذات حيويه ستلقى بظلالها على أوضاعنا السياسيه والإقتصاديه والإجتماعيه وتلك التى تتعلق بأمننا القومى، على مر الدهور وتتابع الأجيال. ومن هنا لا بد لنا من معالجة هذه القضيه، من كل الزوايا والجوانب ، تبصيرآ بالحقائق وتأهيلآ لمتخذ القرار والمتأثر بالقرار على حد سواء. ويذكر القارئ أن موضوع مياه النيل قد قفز مؤخرآ إلى قمة القضايا المتداوله على امتداد دول حوض النيل، إثر الأزمة التى ثارت بين دول الحوض ( إثيوبيا ويوغندا وكينيا وتنزانيا والكونغو الديمقراطيه ورواند وبوروندى من جانب ، ومصر والسودان فى جانب آخر) حول الحصص المقرره لدول الحوض وحول المسائل التنمويه المرتبطه بقضايا المياه فى إحتياجات الإنسان والحيوان والزراعه وتوليد الطاقه الكهربائيه وغير ذلك من المنافع . علاوه على الوضع القانونى للإتفاقيات التى تنظم الإنتفاع بمياه النيل ، إذ تدفع بعض الدول أنها إتفاقيات تستدعى المراجعه لأنها – فى رأى ذلك البعض- انعقدت إبان الحقبة الإستعماريه ، كما لم يعد لحاكميتها باعتبار أن التعاون الدولى ، مبرر ، فى ظل التطورات السكانيه ينبغى أن يبنى على إرادة جديده ! غير أن السودان ومصر أعلنا تمسكهما بالإتفاقيات السابقه ( 1929 و1958 على وجه الخصوص ) ويدفعان بأن الإحتفاظ بهاتين الإتفاقيتين لا يتعارض مع مبادرات جديده فيما بين دول حوض النيل للتعاون فى إطار شامل يوافق عليه الجميع.
فى ظل هذا الوضع ، ظهرت إجتهادات كثيره حول دور إسرائيلى يتفاعل من طرف خفى أحيانآ ومن طرف بائن للعيان أحيانآ أخرى ، ويكاد البعض أن يستسهل التفكير إلى درجة تصنيف ذلك كله تحت بند " نظرية المؤامره " التى يلوذ إليها الكثيرون منا ، من أصحاب الكسل الفكرى والعجز السياسى الذى لا يرى فى الأمور سوى أيادى الآخرين ، و لا يرى أبدآ ما جنته يداه هو ، مما يهيئ الأجواء لأولئك المتآمرين !!
ونحن نتحدث عن الدور الإسرائيلى فى تداعيات مسألة مياه النيل ، ، فإن الإسراع للتدثر بغطاء " نظرية المؤامره" التى ترى فى إسرائيل " صانعآ " لأزمة بين دول حوض النيل فيه غلو أو ربما هروب من مواجهة العناصر الموضوعيه لهذه الأزمه . ليس هذا وحده، بل أن الحديث المطلق بأن إسرائيل هى " الصانع " أو " المحرض " لدول حوض النيل على إثارة المشاكل مع مصر والسودان ، حديث لا يخلو من الإساءة لهذه الدول لأن ذلك يفترض أنها تتحرك بإرادات الإيادى الخفية للآخرين مثلما هو الحال بالنسبة للدمى والأراجوزات !!! فنحن ينبغى أن ندرك بأننا نتعامل مع دول شقيقة ويقودها – فى معظم الأحوال- جيل يتطلع لأن يكون له دور أصيل فى التعامل مع المسائل الإستراتيجية المحيطة بالمنطقه. وحسب متابعاتى فإن دول المنبع فى منظومة دول الحوض، كانت لها متابعات وحوارات مستمره فى هذا الشأن ، ولعل مبادرة السلام لدول البحيرات العظمى فى إفريقيا، والتى قصد منها الخروج من متاعب العنف إلى مشارف السلام، كانت أحد المنابر التى هيأت لهذه الدول مجالآ لطرح العديد من القضايا الخاصه بحوض النيل.
غير أننى فى نفس الوقت لا أرمى بنفسى فى حبال السذاجة والرومانسية السياسيه تجاه دور يمكن أن يكون لإسرائيل فى خضم هذه الأزمه ، وهو فى تقديرى دور موجود ولكنه لم يصنع المشكله ، وإنما رآها تلوح فى الأفق وتختمر بذورها فسارع إلى إزكاء نارها – إن صح التعبير – وبالتالى هو دور " مستغل" ( بكسر الغين ) لعناصر الأزمه لتقع فى إطار خدمة الإستراتيجية الإسرائيليه العريضه . وهكذا فإن التفكير السليم يدعو لتوضيح الدور الإسرائيلى هنا بأنه " الدور الطامع" فى الخروج بغنائم سياسية واقتصادية واستراتيجية من تداعيات مسألة علاقات دول حوض النيل .وهى ستستغل كل صلاتها بهذه الدول لدق الأسافين بينها وبين مصر والسودان... ولكن هذه الأسافين لن تجد لها بيئة تخترقها إلا إذا ما فشلت مصر والسودان فى الحوار الفاعل والموضوعى القائم على تبادل المنافع فيما بين دول الحوض، بما يقطع الطريق أو يخفف من أية آثار سلبيه للتحرك الإسرائيلى .
كما أننا يجب أن نفهم ، بأن إهتمام إسرائيل بمياه النيل ، ليس هو بالأمر الطارئ المعلق فى الهواء...لأنه إهتمام يعود إلى بدايات المشروع الإسرائيلى عندما كان مؤسسوها يبحثون عن مصادر للمياه لرى صحراء النقب. كما أن هذا الأمر أثير من جانب إسرائيل التى أرادت أن تستغل إتفاقية السلام التى وقعتها مع مصر عام 1979 للحصول على مزايا تمكنها من الحصول على مياه النيل عبر خط أنابيب يمر من تحت قناة السويس ، بحجة تدعيم السلام ...غير أن ذلك المشروع الإسرائيلى لم ير النور بسبب المعارضه الشديده له فى مصر ... ويرى بعض المراقبين أن إسرائيل لن تمحو هذا المشروع من أجندتها . ولذلك فإن التعاون الوثيق بين دول الحوض وتمتين المصالح وتدعيم خطى التنميه المشتركه فيما بينها ،وتجذير "الفكر الحصرى" للإستفاده على هذه الدول دون غيرها ، هو الجدارالواقى من الإختراق الإسرائيلى لتلك المنظومه. من ناحية أخرى ، فإن دول حوض النيل ، عليها أن تلتزم بأسس التخطيط الإستراتيجى الذى يخدم مصالحها مجتمعة ، على المدى الطويل. وهذا شرط ضرورى يهيئ لهذه الدول حماية مصالحها فى منظومة إستراتيجية متشابكة ، تغطى كل الجوانب الفنيه، والسياسيه ، والتنمويه والبيئيه .وإن حدث هذا، فإنه لن يحدث فى ظل التجاذب والتنافر، لكنه سيحدث فى ظل التعاون والتواصل والحرص على العمل المشترك الذى يتجاوز فى مضمونه كل الشكليات المقيده للحركه المتناسقة.ثم يترتب على ذلك المنفعه المشتركه والجدوى لكل شعوب حوض النيل ، وهم يتكاثرون بسرعه ، ويتوقون لإستخدام أمثل للموارد المتاحة لهم، دون تغول أو إملاء أو حتى تكالب هدام من جانب الآخرين. ومفهوم الإستراتيجية هنا ، أن تنطلق هذه الدول للنظر إلى المستقبل عبر نصف قرن من الآن. لترى كم سيكون عدد سكانها، وكم ستكون إحتياجاتها فى المنبع والمجرى والمصب، وتراعى الحقوق المستقره التى لا تؤثر سلبآ على حصة أولئك الذين يعتمدون فى معظم مواردهم المائيه على النيل ، فى مواجهة أخوانهم فى الحوض الذين يعتمدون على هذا المورد بنسبة أقل ، لتمتعهم بمصادر أخرى متمثلة بالدرجة الأولى فى الأمطار. وعندما تقدم دول حوض النيل نفسها فى شئ من الترابط والإنسجام إلى المجتمع الدولى ، فإنها ستحظى بالدعم المطلوب من مؤسسات التمويل الكبرى مثل البنك الدولى ، والحكومات القادره على التمويل مثل الولايات المتحده ، والإتحاد الأروبى ، والصين واليابان وووكالات الأمم المتحده المتخصصه والمؤسسات الإقليميه كبنك التنميه الإفريقى وغيره من مصادر تمويل المشروعات المرتبطه بتنمية حوض النيل لصالح شعوبه ودوله. فى هذا السياق، لعل تفكيرنا المتجه نحو العمل الإستراتيجى المشترك لدول حوض النيل، لن تكتمل عناصره إلا إذا رأينا تفكيرآ إستراتيجيآ موازيآ داخل هذه الدول ، على المستوى الوطنى لكل دوله. وهذا يأخذنا للحديث عن مصر ، لنطرح بعض الأسئله المشروعه هنا. وأول هذه الأسئله يدور حول المنظورالمصرى لمستقبل العلاقات مع دول حوض النيل. وبعبارة أخرى : هل نحن لدينا تصور لهذه العلاقه يمتد لعشرات السنين حول ما نريده من التعاون مع دول الحوض ؟ أنا لا أدرى إن كان لنا دراسه إستراتيجيه تحدد منظور الدوله فى هذا المجال. وفى كل الظروف فإن مثل هذه الدراسه لا يجوز أن تقل فى إطارها الزمنى عن عام 2050. لأن الأمر لا يتحمل المعالجات قصيرة المدى أو ردود الأفعال المبنيه على التداول الوقتى أو المعالجات القاصره على الجانب الفنى وحده ...ومثل هذه الوثيقه الإستراتيجيه او إن شئت فقل " ورقة سياسه " لا تصدر عن جهة فنية واحده كوزارة الرى ، ولكنها يجب أن تكون حصيلة تستوفى العناصر المكونه للمصلحة القومية الكبرى ، وتدخل فيها العناصر الإقتصاديه والإجتماعيه، والفنيه، والتنمويه وتلك المرتبطه بالبيئه، والسياسه الخارجيه والأمن القومى ....ولا بد أن تشمل عناصر مثل هذا التصور الإستراتيجى التوقعات الخاصه بإحصاء سكان مصر للفتره محل الدراسه، وتوفير المعلومات الفنيه المرتبطه باستخدامات مياه النيل فى الأغراض المختلفه ، وتوقعات معدلات النمو الإقتصادى ، واحتياجاتها من الطاقه المولده من المصادر المائيه ...ثم الأهم من ذلك ، كيف نرى تعاملنا مع الحصه المتاحه لنا حاليآ ، مع الأخذ فى الإعتبار أن امر زيادة هذه الحصه غير وارد فى المستقبل المنظور. حدوثه؟. .
ما أراه من تداعيات متلاحقه لهذا الملف الخطير ، فإننى لم ألحظ طرحآ يستوفى هذه الصوره حتى الآن. ولا يمكن لنا أن نكون عنصرآ فاعلآ فى منظومة حوض النيل من خلال التحركات الآنيه أو قصيرة المدى أو حتى ردود الأفعال ..فالدوله يجب أن يكون لها منظور يرقى إلى مستوى التحدى التاريخى فى هذه القضيه الحيويه .وأجد نفسى حريصآ على عرض إقتراح يرمى إلى تكوين هيئة إستشارية عليا من المختصين والمشتغلين يقضايا مياه النيل وحوضه من كل الجوانب ، على أن تكون هذه الهيئه بمثابة الجهه التى تقوم بالدراسات وإعداد الوثائق وتقديم التوصيات واقتراح المشروعات من خلال المشاركه المتخصصه من الوزارات والهيئات المعنيه. والقصد من هذا المقترح أن نتجاوز الإطار الضيق الذى يحصر هذه القضيه فى مدارات فنيه، أو أكاديميه، أو سياسات متعجلة ، أو نظرات تحكمية لتنفيذين لا تمكنهم أوضاعهم من النظرة الشامله لهذا الملف الشائك.
لقد درجنا على إيثار القفز فوق المشاكل والقضايا الكبرى وعدم مواجهتها فى حينها حتى تنمو وتكبر وتتشابك إلى أن يصعب حلها. وبهذا فإننا ننزع عن أنفسنا " إرادة الحل" ونعلقها فى الهواء علها تجد حلآ لنفسها ونرتاح نحن من عناء البحث والتمحيص والمواجهة الموضوعيه. ولعمرى ففى ذلك خسران وضياع للفرص مشين. وبكلمة أخرى فإن التعامل مع ملف دول حوض النيل ، سيظل ممتواصلآ دون توقف، كماء الحوض ذاته... ولا سبيل لنا سوى التخلى عن عقلية ما يسميه أهلنا بأسلوب " رزق اليوم باليوم"...ونمضى فى أسلوب تفرضه متطلبات أمننا المائى والغذائى والإقتصادى ، بل والسلام الذى ننشده دونما تردد أو مساومه.
خلاصة القول أن قضية مياه النيل والتعاون بين دول الحوض، قضية إستراتيجية وأصلها ثابت فى المصلحة المشتركة لدول الحوض ، بغض النظر ع كون وصفها بأنها دول منبع أو دول ممر أو دول مصب. وإن دار حديث لدور إسرائيلى لدق الأسافين فيمل بين هذه الدول ، فهو حديث لم يصنع الأزمه الحاليه، ولكنه حديث حول إسرائيل باعتباره " مستغلآ" ( بكسر الغين ) للوضع ، جريآ وراء مطامع لها فى تلك المياه، أو سعيآ لإقلاق مضاجع مصر والسودان...ولكن أهل حوض النيل عليهم أن يأخذوا الأمور بمسبباتها الموضوعيه التى تستدعى تعاونهم ، وليس بظواهر من يسعى للصيد فى الماء العكر فى مواقع حوض النيل ، إن جاز التعبير.
بقلم د/ محمد حجازى شريف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.