أعجبتني كثيراً هذه المقولة التي قالها لي أحد الأساتذة الأفاضل الذي ينمي إلى الزمن الجميل حينما كنت أتحدث معه عن جودة التعليم ومكنونها ومتطلبات تفعيلها داخل مؤسساتنا التعليمية البالية والذي من شأنه رفع مستوى التعليمي والاداري داخل هذه المؤسسات، فدفع إلى بهذه المقولة وأخبرني أن هذه رسالة التعليم المرجوة منه والتي كانت في الماضي ولكنها أتت الآن مغلفة بمفاهيم ومصطلحات مناسبة للعصر الذي نعيش فيه، فهي بضاعتنا ردت إلينا. وتعتمد جودة التعليم على العديد من الركائز الهامة والضروية المتعلقة بالمعلم والمتعلم والمنهج الدراسي والمجتمع المحيط بالمؤسسة التعليمية ولكن ترتكز في المقام الأول على وجود حوكمة رشيدة وقيادة تربوية قادرة على إدارة المؤسسة التعليمية باسلوب يسوده جو من الديموقراطية والسيطرة، والقضاء على كل المعوقات التي تعرقل الاصلاح، وإعادة هيكلة وتنظيم الأدوار داخل المؤسسة بما يخدم تفعيل مراحل التطوير المطلوبة، وترشيد النفقات بما يخدم تفعيل العملية التعليمية، وتقليل الهدر وتطبيق المحاسبية ومبدأ الثواب والعقاب، والحرص على المشاركة الفاعلة والشفافية، وحسن الاستجابة لمتطلبات الجودة، ووضع رؤية استراتيجية داخل المؤسسة يسير عليها الجميع في تطبيق مبادئ الجودة بها. وهو أسلوب جديد يتم اتباعه الآن لتشجيع التنافس الوطني والدولي للمؤسسات التعليمية، ولا يمكن تطبيقة إلا ضمن عملية تربوية سليمة لا تعاني من مشاكل يصعب حلها وتقف أمام التطور التعليمي المطلوب ، وهذا يستلزم محاولة القضاء على الفوارق وتشجيع القدرات والكفاءات وخلق جو من المنافسة التربوية داخل المؤسسة التعليمية واحترام الحقوق والواجبات، ورفع شعار تحسين وتطوير التعليم دون إبطاء أو تراجع حتى تتحقق الأهداف المرجوة منه. فالجودة ضرورة وهدف أسمى ووسيلة فاعلة للوصول بالمنتج التعليمي – المتعلم – إلى بر الأمان في ظل انفتاح ثقافي وإعلامي يؤثر تأثيراً خطيراً عليه إذا لم يجد من يأخذ بيده وبناء فكره وثقافته بعيداً عن هذه المؤثرات التي تعمل على ضياعه وبتالي تحطيم مجتمعاتنا والقضاء على آمالها . كل تعليم جيد يرقى بمؤسساته ويقود حتما إلى الرقي بمنتجه ومجتمعه من خلال تخريج متعلم ملائم لسوق العمل مما يسهم في بناء اقتصاد قوي ومجتمع مثقف وواع ، وكل تعليم يفتقر إلى الجودة وتفعيلها يقود حتماً إلى تخريج منتج تعليمي ضعيف فكرياً وثقافياً واقتصادياً وبالتالي ضياع المجتمع، كل هذا يدفعنا إلى الحديث دوماً على ضرورة تطبيق الجودة الشاملة ومآزرتها داخل المؤسسات التعليمية للوصول بمجتمعاتنا إلى مكانة أرقي وأفضل مما عليه الآن وحتى نكون بحق قد رددنا إلينا بضاعتنا.