متابعة على جمال : حلقة مثيرة وممتعة بكل ما تحمله كلمة مثيرة وممتعة تناول فيها الكاتب الصحفى أحمد عبدالهادى، رئيس حزب شباب مصر، فى برنامجه "مصر الأخرى" أزمة الكبت الجنسى فى مصر والعالم العربى، أوضح فيها أن أزمة الجنس خطيرة ولا أحد يجرؤ على الحديث عنها خوفًا من العادات والتقاليد.. موضوع حساس تطرق له "عبدالهادى" بأسلوب مثير ومختلف للغاية عن كل الكتاب والصحفيين والمحللين النفسيين الذى سبقوه من قبل، حيث ربطه بالإقبال الشديد من قبل الجمهور المصرى على مسلسل الفنانة غادة عبدالرازق "زهرة وأزواجها الخمسة"، ورفع من خلال حلقته عنوانًا رئيسيًا على الشاشة هو "الجنس فى مصر اسمه زهرة" هكذا تناول عبدالهادى القضية الأكثر حساسية فى مجتمعنا المصرى والعربى بعد أن كثُر تحرش الذكور الجنسى بالإناث إلى حد الاعتداء عليهن وخطفهن. تناول "عبدالهادى" هذه الظاهرة الخطيرة فى العالم العربى بأسلوبه الجذاب للغاية دون أن يعطى للمشاهدين سابق إنذار.. هذه الظاهرة التى ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالوضع الاقتصادى والتعليمى والثقافى المتردى الذى أضاع الكثير من فتيات المجتمع وأسكنهن تحت وطأة التحرش الجنسى والاغتصاب، وأسكن البعض منهن ما بين جريمة الزنا والزواج العرفى وزواج المتعة وأسكن الأخريات فى مهن غير شريفة فى دور الدعارة التى انتشرت فى المجتمع المصرى الراقى منه والشعبى حتى وصلت إلى الأزقة والحدائق العامة.. هكذا لامس عبدالهادى عقولنا إلى قضية معروفة لنا ولكننا نصمت عنها ولا نواجها على الرغم من أن الدين تناولها كثيرًا ووضع حلولًا لها، وهناك الكثير من المؤلفات التى تناولت هذه الأزمة، إلا أننا صامتون وكأن على رءوسنا الطير، فالجنس والتحرش الجنسى ذُكرا فى القرآن علانية فى سورة "يوسف" لما للجنس من أهمية كبيرة فى التكوين النفسى للإنسان عندما تحرشت زوجة عزيز مصر بسيدنا يوسف -عليه السلام- لكننا لا نعى ولا نتعظ بالإحصائيات والتقارير التى تُداهمنا بين الحين والآخر والتى تتناول الزيادة المستمرة لعمليات التحرش بالمحجبات قبل السافرات سواء فى مصر أو فى العالم العربى أجمع حتى أصبح التحرش بالنساء منتشرًا فى الأسواق العامة وعلى أبواب المدارس وفى وسائل المواصلات وفى الحدائق والمتنزهات، حتى وصل صيت هذه الحدائق إلى العالمية كحديقة الميريلاند بمصر الجديدة والحديقة الدولية وحديقة الأسماك والأورمان حتى حديقة الأزهر فتحت أبوابها لذلك، وكل ما تريده فقط لكى تستمتع بوقتك هذا تذكرتان واتنين حاجة ساقعة ليخلو لك الجو كما تشاء، ومع كل ذلك لم يحرك أحد ساكنًا ولا يزال الشباب يتحرش جنسيًا بالفتيات المارة فى الشوارع بخلاف محاولات الاغتصاب التى أصبحت تتم نهارًا جهارًا، ولا يمكن أن ننسى أكبر حادثة تحرش جنسى حدثت فى مصر، عندما تحرش أكثر من 60 شابًا بأربع فتيات فى وضح النهار فى شارع جامعة الدول العربية بالجيزة، ولنا ان تصور ماذا حصل بعد إنقاذ الأربع فتيات والتراكم النفسى الذى وقع عليهن من حالة الاعتداء غير الآدمية هذه وكيف ستؤثر فى مستقبل كل من سمع بهذه الحادثة المريعة؟ دون أن يقوم أحد باستعراض هذه الواقعة ويقول ويرشد الشباب لكى يتوقفوا عن التحرش بأخواتنا وأمهاتنا، لكننا للأسف بدلاً من أن نواجه المشكلة نتبع سياسة النعامة فى كل أمورنا الحياتية بل السياسية والدينية والثقافية، ولا نحب تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية التى خُلقت عليها، ولم يساعد أحد فتياتنا اللاتى يواجهن مشكلة العنوسة بمفردهن وكلنا نعلم جيدًا الإحساس النفسى الذى ينتاب كل فتاة يتأخر زواجها بسبب الظروف الاقتصادية التى يعانى منها بعولة المستقبل والتى جعلت سن 35 السن المناسبة لزواج الفتاة وسن 40 للرجال، لكن للأسف الجميع مُشارك فى هذه الجريمة التى جعلت من الشباب العاطل قنبلة موقوتة تحتاج أن تُفجر شعورها الجنسى بأى طريقة شرعية أو غير شرعية، لكن للأسف الكل يرى ولا يتكلم.. هكذا فتح "عبدالهادى" الجرح الذى رفضنا جميعًا مداواته بطريقته السلسلة الساخرة ليقدم لنا محاولة جادة للكشف عن أسباب "الانتفاضة" والانتفاضة هنا ليست انتفاضة الأقصى بل هى "انتفاضة القاهرة الجنسية" بل "انتفاضة العرب الجنسية" التى لو صبرنا عليها دون أن نداويها فستتحول إلى ثورة عارمة فى الشارع المصرى والعربى. بدأ عبدالهادى حلقته بعنوان بليغ عبّر فيه عن كل المشكلة رافعًا عنوانًا رئيسيًا لحلقته اسمه "الجنس فى مصر اسمه زهرة" مؤكدًا أن إقبال الجمهور المصرى والعربى على مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" هو ظاهرة تستحق أن ندرس أسبابها، حيث إنها ظاهرة تدق ناقوس الخطر أمام الجميع، خاصة أن المسلسل الذى قامت ببطولته الفنانة غادة عبدالرازق لم يكن على قدر كبير من المهنية و السيناريو مهلهل ومُمزق بطريقة مشلوحة. وعلى الرغم من ذلك وصل حد المتابعة للمسلسل لمؤشر خطير، متسائلاً عن السبب الكامن وراء متابعة الجمهور مسلسلًا يفتقد كل معالم المهنية الدرامية، وما الذى يجعل الإعلانات تنهال على مسلسل إلى هذا حتى إن منتجى المسلسل لم يتوقعوا كل هذا النجاح؟!، مُقدمًا تقريرًا راصدًا به كيف تحول المسلسل من مجرد مسلسل مساحته 35 دقيقة إلى مسلسل وصلت مدته بالإعلانات إلى ساعتين ونصف الساعة ، فلماذا نسبة المشاهدة وصلت إلى مُعدلات غير مسبوقة؟ ولماذا نسبة الإعلانات وصلت إلى مُعدلات غير مسبوقة، وأصبحت القنوات الفضائية تعطى له أهمية قصوى لدرجة غير عادية؟ حتى إنه أصبح يُعرض على مدار ال 24 ساعة فى مختلف القنوات وأصبح العالم العربى ليس له حديث إلا عن زهرة وأزواجها الخمسة. وسرد "عبدالهادى" فى تقرير قصير فعاليات أحداث المسلسل قائلاً إن المسلسل بدأ بأن قامت زهرة "غادة عبدالرازق" بالزواج من الفنان مدحت صالح ثم هجرها مدحت صالح وسافر للخارج بعد أن قام بتطليقها ثم ردها ثانية إلى عصمته على يد محضر إلا أن إخاها الفنان حجاج عبدالعظيم رفض إبلاغها بأن زوجها قام بردها، وتمر الأحداث فتقابل الفنان حسن يوسف المريض لديها بالمستشفى فيتزوجها حتى تنجب له ولدًا ثم تمر الأحداث ويُتهم بتجارة المخدرات فترفع عليه قضية طلاق وتحصل على حكم الطلاق، ومن عجائب الظروف أن يقوم حسن يوسف بالاستئناف على الحكم ثم يخرج براءة من قضية المخدرات المُلفقة ويربح قضية الطلاق، تكون وقتها غادة عبدالرازق مرتبطة بالزواج من الفنان باسم ياخور "ماجد" ثم تشاء الظروف أن تحدث حادثة للفنان باسم ياخور الذى كان يعمل طيارًا فتتزوج من زميله أحمد السعدنى وفجأة ودون سابق إنذار يتضح أن ماجد لا يزال حيًا، ويرجع مدحت صالح من السفر فتصبح زهرة مُقسمة بين أزواجها الخمسة!.. فإذا دققنا فى المسلسل لوجدنا أحداثه لا تدخل العقل "بتلاتة تعريفة" -على حد تعبيره- فالواقع يقول إن المسلسل ليس السبب الرئيسى أو حتى الفرعى لهذا الإقبال الكبير على المسلسل خاصة أن السيناريو سيئ للغاية وليس به أحداث على الإطلاق، كما أن الإخراج أسوأ من السيناريو نفسه، وإنما حقيقة المشكلة كلها كانت فى "زهرة" الفنانة غادة عبدالرازق وكم العُرى وكم البذخ الذى ظهر عليها فى المسلسل فى ظل الانهيار الاقتصادى الذى تعيشه مصر وفى ذروة الأزمة الاقتصادية، فأصبحت زهرة تعويضًا عن حالة الكبت الاقتصادى والاجتماعى وأصبح جسم الفنانة غادة ورقصها وعروض الأزياء التى كانت تمارسها على الملأ وكم الثراء الفاحش والعُرى الفاحش الذى ظهرت عليه السبب الرئيسى وراء هذا الإقبال المروع، فأصبح كل العالم العربى يجرى ويلهث وراء مسلسل زهرة، وجمال ودلال غادة عبدالرازق فى المسلسل، وهو ما عبر بشكل واضح وصريح عن بوادر أزمة جنسية تُداهم المجتمع المصرى والعالم العربى.. أزمة كانت تكمن فيه منذ وقت طويل وتعيش داخله تتمدد وتتمدد حتى قاربت على الانفجار وللأسف لا يهتم بها أحد، وما حدث ما هو إلا مقدمة مرعبة لانفجار بركان الكبت الجنسى لدى الشباب المصرى بل مُسنى العالم العربى، لذا فعلينا أن ننتظر مزيدًا من حالات الاغتصاب والتحرش التى حدثت وستحدث علنية وجماعية فى وضح النهار بسبب حالة الجنس المأزوم، فالمسلسل أثبت بالدليل القاطع هذه الحالة وجسّد حالة الانحراف والكبت، وكشف أن العالم العربى فيه أكبر قدر من الجنس المكتوم. وأكد "عبدالهادى" أن علينا أن ندرك أن هناك أزمة جنس فى مصر والعالم العربى، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها مصر وفى ظل البطالة المستشرية فى قطاع كبير من الشباب العاطل البائس والمُحبط والمحروم جنسيًا، لذلك فكل شبابنا وشاباتنا فى حالة عدم استقرار فكرى ونفسى وفى اكتئاب جماعى، فأصبح شبابنا عنده مرض لعين هو مرض "الجنس المكتوم"، خاصة أن الشباب المصرى بل العربى أصبح لا يجد أى وظيفة أو مهنة تُدر عليه أى ربح على الإطلاق، فلجأ إلى الهجرة غير المشروعة والانتحار وأصبحت الخيارات أمامه محدودة إما أن يموت بحرًا أو منتحرًا أو يُكبت فيجن أو يرتكب جريمة جنسية. وفى نهاية الحلقة وجه "عبدالهادى" نداءً لسياسيى مصر والخبراء بأن يجدوا لنا حلًا لهذه الأزمة التى تكاد تعصف بالمجتمع ككل، متسائلاً: متى نستطيع أن نبحث ونجد حلولًا لها؟ متى نخرج من حالة الحواجز التى ارتضينا بها؟. مشاهدات الحلقة (1) اعتمد "عبدالهادى" على أسلوب العرض والتحليل واستخدام الإحصائيات الحديثة التى تدور حول مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" (2) رفض "عبدالهادى" الظهور بقلمه الشهير كمحاولة لرثاء العلماء الذين تركوا الشعب المصرى والعربى أمام هذه الأزمة الجنسية المكتومة دون إيجاد حلول لها (3) أمسك "عبدالهادى" بقلمه عندما بدأ الحديث عن حوار العقل مُحللاً أسباب الإقبال الجماهيرى على هذا المسلسل (4) استخدم "عبدالهادى" بعض العبارات التى تتساءل عن أسباب هذه الأزمة الجنسية المتأزمة التى تجتاج الشعب المصرى مثل "الجنس أصبح اسمه زهرة" و"تفننت غادة عبد الرازق فى إظهار عُريها وجسدها " ( 5 ) استخدم "عبدالهادى" أسلوب الترجى فى نهاية حلقته أملاً فى أن يكون للعلماء والخبراء دور فى إيجاد حلول للأزمة الجنسية فى مصر.