تعتزم مصر المضي قدما في مشروع لإصدار صكوك إسلامية في محاولة لإنعاش الاقتصاد المتعثر. لكن خصوم الرئيس الإسلامي محمد مرسي انتقدوا مشروع الصكوك وقالوا إنه غير واضح ويهدد سيادة مصر. ووقع مرسي في وقت سابق من الشهر الجاري قانونا يسمح للدول بإصدار صكوك بشروط تتفق مع الشريعة الإسلامية. وكان مجلس الشورى الذي يتولى السلطة التشريعية في مصر في الوقت الراهن بصفة مؤقتة قد وافق على مشروع القانون بعد إدخال بعض التعديلات عليه بناء على توصيات الأزهر. وتأمل الحكومة التي يقودها الإسلاميون الحصول على المليارات منسوق الصكوك الإسلامية لتعزيز موارد الدولة المالية التي تضررت بشدة منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011. وقال وزير المالية المعين حديثا فياض عبد المنعم خلال مؤتمر عن الصكوك الأسبوع الماضي إن الاصدارات الجديدة ستساهم في تعويض العجز في موارد التمويل. وأضاف "الصكوك أداة تمويلية جديدة لم تكن موجودة في السوق المصري. سوف نستفيد من الإمكانيات الموجودة لها في تحسين الموارد التمويلية. كلنا نعلم أن هناك عجزا أو نقصا في الموارد التمويلية التي نحتاجها من أجل الاستثمارات وإقامة مشروعات. فدا سيؤدي إلى هذا." وصوت مجلس الشورى بالإجماع على اعتماد ملاحظات الأزهر الذي كان قد تحفظ على بضع مواد من مسودة القانون التي كان المجلس قد اعتمدها في مارس اذار دون أخذ رأي الأزهر رغم نص الدستور على ضرورة استشارته في الأمور المتعلقة بالشريعة. وكان الأزهر رفض في ديسمبر كانون الأول أول مسودة لقانون الصكوك أرسلها إليه وزير المالية آنذاك معتبرا أنها تتيح تمليك أصول الدولة لحملة الصكوك في حال التعسر. وفي يناير كانون الثاني طرحت الحكومة نسخة ثانية معدلة قسمت الأصول الحكومية إلى نوعين "أصول مملوكة ملكية عامة للدولة" و"أصول مملوكة ملكية خاصة للدولة." ولم تنص هذه المسودة على تعريف محدد لنوعي الأصول وسمحت باستخدام الأصول الحكومية من النوع الثاني لضمان الصكوك. وتركت المسودة لمجلس الوزراء حق تصنيف الأصول في الفئتين. وشدد وزير المالية الأسبق سمير رضوان على ضرورة النص في القانون على استثناء الأصول السيادية من ضمانات الصكوك. وقال "أنا بأقول لحضرتك إن أنا قدامي قانون.. قانون الصكوك..معيب. ليه معيب؟ لأن خطورة الصكوك هي أنها تنسحب على أصل من أصول الدولة خاصة الأصول السيادية. يعني قناة السويس.. سكك حديد الحكومة المصرية.. ميناء السويس.. ميناء الأسكندرية.. ميناء السخنة.. ميناء دمياط.. دي مسائل كلها لا يجوز الاقتراب منها ولا بد أن يكون القانون واضح وضوح الشمس باستثناء هذه الأصول." وأضاف رضوان أن إصدار صكوك يجب أن يخضع لشروط محددة لا تتوفر في مصر في الوقت الراهن. وقال "لا إصدار للصكوك على المشاع.. فلازم تبقى لفترة زمنية محددة وبقوانين محددة. ثلاثة.. لا بد أن يعتمدها مجلس الشعب أو النواب.. البرلمان يعني. أنت هنا هل عندك هذه الشروط.. هل عندنا وضوح في هذه الشروط.. لأ. إلى جانب الشروط الدينية اللي تحفظ عليها الرجل الفاضل (الشيخ أحمد) الطيب والجامع الأزهر." وتحتاج مصر للتحرك سريعا في إصدار صكوك سيادية لتمويل عجز موازنة متفاقم وإنشاء مشروعات تخفف الغضب الشعبي المتأجج منذ ثورة يناير كانون الثاني 2011. وقدر وزير المالية السابق المرسي السيد حجازي أن الصكوك ستدر على مصر عشرة مليارات دولار سنويا. لكن متعاملين في الخليج يرون أن طرح سندات إسلامية على المستوى الدولي بقيمة مليار أو ملياري دولار سنويا سيكون أقرب إلى الواقع. وربما تستطيع الحكومة تعزيز القدرة على الاقتراض محليا من البنوك خصوصا المصارف الإسلامية بعرض أدوات اقتراض إسلامية بالجنيه المصري. لكن إجمالي المبالغ التي قد تجمع من مثل هذا لطرح يرجح أن تتضائل بجوار عجز الميزانية التي يقول مسؤولون إنها قد تصل إلى 180 مليار جنيه مصري (26.7 مليار دولار) أي عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي تنتهي في يونيو حزيران. محسن عادل المحلل المالي ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار قال إن الصكوك التزام ضخم للحكومة. وأضاف "السؤال الأهم هو ليس فقط أن أجتذب المستثمرين ولكن هنا كما يطلق عليه القدرة الاستيعابية للاقتصاد. هل الاقتصاد المصري قادر على استيعاب أدوات دين بهذا المبلغ؟ مصر إجمالي السندات وأذون الخزانة بكل إصداراتها الموجودة حاليا هي 710 مليون جنيه مصري يعني أقل من 100 مليار دولار. فإذا كنت ح أتحدى بأني أضيف أدوات دين جديدة بمئتين مليار دولار يعني أنا بأضاعف أدوات الدين للدولة إلى 300 مليار دولار." وتروج حكومة مرسي للصكوك الإسلامية على أنها الحل الشامل لكل متاعب مصر المالية لكن المعارضين للصكوك ما زالوا غير مقتنعين.