اتهمت تركيا جماعة لها صلات بالمخابرات السورية بالمسؤولية عن تفجير سيارتين ملغومتين في بلدة تركية حدودية مما أسفر عن مقتل 46 شخصا وقالت إن الوقت قد حان كي يتخذ المجتمع الدولي اجراء ضد حكومة الرئيس بشار الأسد. وزاد التفجيران اللذان وقعا في شارعين مزدحمين للتسوق في منطقة ريحانلي يوم السبت المخاوف من امتداد الحرب الأهلية في سوريا إلى الدول المجاورة رغم تجدد الجهود الدبلوماسية الرامية لانهاء القتال. ونفت دمشق أي مسؤولية لها عن التفجيرين لكن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو قال إن الجناة من "منظمة ارهابية ماركسية قديمة" لها صلات بنظام الأسد. وقال أوغلو في مؤتمر صحفي خلال زيارة لبرلين "حان الوقت كي يتحرك المجتمع الدولي سويا ضد هذا النظام." وقال رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان في خطاب أذاعه التلفزيون التركي في وقت لاحق "لن نفقد هدوئنا. لن نتخلى عن التفكير السديد ولن نقع في الفخ الذي يحاولون دفعنا إليه." لكنه أضاف "أيا كان الذي سيستهدف تركيا سيدفع الثمن عاجلا أم آجلا." وردت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي على القوات السورية عندما سقطت قذائف مورتر على أرضها لكن رغم اللهجة الحادة فإنها بدت عازفة عن استخدام قوتها العسكرية في هذا الصراع. وتكافح أنقرة للتعامل مع اكثر من 300 الف لاجيء لكنها ليست وحدها التي تخشى من تداعيات الحرب السورية التي تساهم في اشعال الصراع الطائفي والديني والقومي في الشرق الأوسط. وقال داود أوغلو "نحن مثل الأردن نستضيف مئات الالاف من (اللاجئين) السوريين. المخاطر الامنية على الدول المجاورة تتزايد." وجاء التفجيران في الوقت الذي تحسنت فيه فيما يبدو هذا الأسبوع الفرص الدبلوماسية لمحاولة إنهاء الحرب بعد أن أعلنت موسكو وواشنطن بذل مساع مشتركة للجمع بين الحكومة ومقاتلي المعارضة في مؤتمر دولي. وقال مسؤولون من ائتلاف المعارضة السورية الذي يواجه أزمة منذ استقالة رئيسه في مارس اذار ان الائتلاف سيجتمع في اسطنبول في 23 مايو ايار لاتخاذ قرار بشأن المشاركة في المؤتمر. وقالت جماعة سورية معارضة ان عدد القتلى في الحرب الاهلية الدائرة في سوريا منذ اكثر من عامين وصل إلى 82 الف قتيل على الاقل بالاضافة إلى اعتبار 12500 في عداد المفقودين. واتهم وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في تصريحات للتلفزيون الرسمي تركيا بالمسؤولية عن العنف في سوريا من خلال مساعدتها لمقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة. ونفى أي ضلوع لدمشق في التفجيرين. وقال "سوريا لم ولن تقدم أبدا على هكذا تصرف لأن قيمنا لا تسمح بذلك... ليس من حق أحد أن يطلق الاتهامات جزافا." وقال بشير اتالاي نائب رئيس الوزراء التركي للصحفيين إن السلطات ألقت القبض على تسعة أشخاص جميعهم أتراك منهم المدبر المزعوم للتفجيرين. وقال وزير الداخلية التركي معمر جولر إن جماعة لها صلات مباشرة بالمخابرات السورية هي التي ارتكبت الهجوم. وتسبب التفجيران في هدم منازل خرسانية وتحطيم سيارات على مسافات تبعد ثلاثة شوارع على الاقل. وانتشرت قوات من الشرطة والجيش بأعداد كبيرة اليوم الأحد في ريحانلي حيث طوقت قوات الأمن موقعي التفجيرين في حين ازالت الجرافات الحطام والزجاج المتناثر. وتجول أشخاص في انحاء البلدة ينظرون هنا وهناك وغالبا ما يدخلون في مناقشات حامية بخصوص الاحداث التي وقعت في اليوم السابق. وهناك مشاعر غضب واضحة تجاه عشرات الالاف من اللاجئين السوريين في البلدة التي اصبحت قاعدة إمداد وتموين لمقاتلي المعارضة السورية عبر الحدود. ومع إطالة أمد الصراع يزاد شعور السكان المحليين بالاستياء بسبب استنفاد الموارد الاقتصادية والعنف الذي يمتد إلى بلادهم. وهشم البعض نوافذ سيارات عليها لوحات معدنية سورية في حين انتقد اخرون السياسة الخارجية لتركيا. وقال مدرس في ريحانلي ذكر ان اسمه مصطفى "لم نعد نرغب في وجود السوريين بعد الآن. لا يمكنهم البقاء هنا. سواء كنا نريدهم أو لا فلا يمكنهم البقاء بعد هذا." وأضاف أن سياسة الحكومة تجاه سوريا هي السبب. وتابع "سياسات طيب اردوغان هي التي تسببت في ذلك. كان يجب ألا تتورط تركيا على الإطلاق في هذه الفوضى. لدينا حدود مع سوريا تمتد لمسافة 900 كيلومتر. إنهم يأتون ويذهبون وقتما يريدون. الجميع هنا يشعر بالخوف." ولزمت عائلات سورية منازلها اليوم الأحد وسط مخاوف من الخروج. وقال داود أوغلو إنه يعتقد أن مرتكبي تفجيري ريحانلي من نفس الجماعة التي نفذت هجوما على بلدة بانياس الساحلية السورية قبل اسبوع والذي اسفر عن مقتل 62 شخصا. وأذكى الصراع السوري المواجهت في انحاء المنطقة بين السنة والشيعة حيث تدعم إيران الشيعية الأسد في حين تدعم قوى سنية مثل السعودية مقاتلي المعارضة السورية. وشنت إسرائيل هجمات جوية على سوريا قبل اسبوع بهدف منع وصول صواريخ إيرانية إلى حزب الله اللبناني الحليف لإيران خشية امكانية استخدامها ضد إسرائيل. وقال الامين العام لحزب الله حسن نصر الله بعد ذلك بأيام إن قواته تدعم اي محاولة سورية لاستعادة مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل مما اثار احتمال تجدد الصراع بعد سنوات من الهدوء على تلك الحدود. وفي تطور منفصل يوم الأحد أفرج مقاتلون من المعارضة السورية عن اربعة فلبينيين من قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة الذين اختطفوا عند خط وقف اطلاق النار بين سوريا والجولان الاسبوع الماضي.