فقد أثبت علماء النفس بأن الإنسان بطبيعته وفطرته بحاجة دائما إلى الانتماء وتكون هذه الحاجة بأعلى مستوياتها في سن الثالثة عشر وسن الرابعة عشر من العمر وليس هناك أفضل من إشباع هذه الحاجة بانتماء الإنسان إلى عائلته التي تتمتع بالقيم والمبادئ والأخلاق والنسب الشريف وهذه الحاجة لدى الإنسان إذا لم يتم إشباعها بانتماء ايجابي وطبيعي فيمكن أن يتم إشباعها بانتماء سلبي كالانتماء لعصابة مثلا أو الانتماء لجماعة متطرفة ذات أفكار سلبية لمة العائلة دائما مفتاح لانتشار الخير و لن يكون العكس أبدا, لأن لمة العائلة تعني وجود الكبيرين والتواصل وبالتالي الاستعراض الدائم للتطور الحياتي لأفراد هذه العائلة وتصحيح الخاطئ ومعالجة القاصر والسلبي منها, ولأن كل فرد من أفرادها عندما يعلم بأنه ينتمي لعائلة لها سمعتها ومكانتها الاجتماعية والخلقية تتنمى عنده المسؤولية عن تصرفاته بشكل أكبر ويبقى حريصا على التخلق بأخلاقها ويبتعد عن التصرفات الغير لائقة لأن موقفه سيكون مخزي ومخجل وغير محمود أمام بقية أفرادها, وأحيانا قد لا يمتثل أحد الأفراد لتطبيق آية قرآنية بقدر امتثاله لتطبيق أمر عائلي كأن تحصل وفاة مفاجأة أو مرض عضال لأحد أفراد العائلة فبدلا من أن تواجه أسرته هذه المصيبة بمفردها يكون هناك سند وعون لتخطي هذه الأزمة أو أن يقع أحد أفرادها في مشكلة نتيجة خطأ ارتكبه أو نتيجة ظرف خارج عن إرادته فيوجد من يساعده ويسانده للخروج من محنته وأزمته بأقل الخسائر وحتى في الأفراح فقد يكون أحد أفرادها على مقتبل الزواج فيجد من يسانده ويساعده بمختلف المجالات التي يمكن للعائلة تقديم المساعدة من خلالها وستكون عزوة للتالف والتحابب والتكافل والتضامن والتكاتف على عمل الخير وبما ينفع أفراد وأسر هذه العائلة الذي يصب في النتيجة في نفع المجتمع والوطن ككل- الامان بإنقاص حدة الخوف من الزمن, فعندما يكون هناك تواصل دائم بين أفراد العائلة فان كل فرد يعلم بأنه إذا أصابته مصيبة أو وقع في مأزق فلن يكون لوحده في مواجهة هذه المصيبة أو هذا المأزق وأن أقرباؤه لن يتخلوا عنه وإنما يوجد من أقربائه من يشعر بشعوره فيحزن لحزنه ويفرح لفرحه لا يوجد أي دين سماوي عبر الأزمنة إلا وكان من أهم أوامره الدعوة لصلة الأرحام, ولعل من أهم آثار وفوائد لم شمل العائلة هو المحافظة على صلة أرحامها من خلال التواصل المستمر ومن خلال القضاء واجتثاث أي خلاف ممكن أن ينشأ بين أفرادها أو أسرها لأن العقلاء في هذه العائلة والقدوة فيها لن يسمحوا بوجود مثل هذه الخلافات وإنما سيسعون دائما لحلها وإصلاح ذات البين فيها ضمن إطار المودة والاحترام والنصح والإرشاد والاستفادة من التجارب السابقة لان الخلافات لن تؤدي الا إلى الكراهية والحقد والبغض وهذا كله سيؤدي إلى الفساد والظلم ولعل من أول أسباب الفساد والظلم والانحلال الخلقي في أي مجتمع هو قطيعة الأرحام . . فيقول تعالى في كتابه العزيز: ( فهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) .محمد 22 حضن العائلة هذا الحضن الذي يعطي دفئ التحابب والتالف والتكاتف والتكافل والتضامن والتواصل هذا الحضن الذي يجمع الصغير والكبير, القريب والبعيد, القاصي والداني, بمختلف الأعمار والدرجات العلمية والاجتماعية والثقافية, ضمن إطار الأخلاق والمحبة والتعاون والأدب والاحترام