يعد شهر رمضان من المناسبات الدينية التي يجب علي المسلم أن ينتهزها فرصة لصلة الأرحام وتبادل الزيارات للأهل والأقارب, وقد حملت لنا الشريعة الإسلامية الكثير من النصوص التي تطالب المسلم بأن يغتنم تلك الأيام المعدودة التي تتضاعف فيها الحسنات, والطاعات التي يري علماء الدين أن صلة الأرحام من أعظمها, وأن رعاية الأيتام وإدخال البهجة والسرور عليهم من أفضل القربات الي الله في شهر رمضان. وطالب علماء الدين أبناء الأمة الإسلامية بضرورة إرساء تلك القيم والتأكيد عليها حتي تنهض الأمة من كبوتها وتتجاوز المحن والشدائد التي تمر بها, لأن نشر قيم التكافل الاجتماعي يزيد من تماسك وقوة المجتمع. ويري الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن المسلم عندما يفعل ذلك فهو يلتزم بنصوص الشريعة الإسلامية كما جاء في قول الله عز وجل ز يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ز كما أن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف:س لما خلق الله الخلق قامت الرحم وتعلقت بعرش الرحمن وقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة, فقال الله تعالي ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ز وهذ يدل علي أن الشريعة الإسلامية أوجبت علي المسلم أن يصل الأرحام, كما أن الشريعة نهت عن قطع الأرحام في قوله تعالي ز فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمي أبصارهم ز ولذلك لابد أن يكون شهر رمضان فرصة لصلة الأرحام وإزالة الخلافات بين الأهل والأقارب. ويؤكد أن صلة الأرحام لها أولويات لأننا في الوقت الحالي نجد أن البعض يتقرب من الغني ويترك الفقير ويود القوي ويبعد عن الضعيف, وكل هذا لا ينطبق مع منهج الإسلام في صلة الأرحام, ولابد أن تكون الصلة أولا للقريب الضعيف والفقير والمريض والمحتاج والأرامل واليتامي والشيخ المسن الذي ليس له أولاد, وكذلك العمات والخالات, ولابد أن تكون صلة الأرحام خالصة لله عز وجل ولا تكون مرتبطة بمصلحة أو بحدث معين. ويؤكد الدكتور فياض عبد المنعم,أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر, أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن حاليا نتج عنها زيادة معدلات الفقر لتوقف بعض المصانع وتراجع معدلات الإنتاج وهناك الكثير من الأسر التي تعاني نتيجة لتلك الظروف ها بالإضافة لمن لا يجدون قوت يومهم وكل هؤلاء يحتاجون للمال والمساعدات العينية, ومعني هذا أن الأغنياء في الوقت الحالي عليهم مسئولية مضاعفة تجاه المجتمع فلابد أن يقوم الأثرياء والقادرين بدورهم وأن يقدموا الصدقات طوال شهر رمضان وبشكل أكبر من كل عام وعلي الجمعيات الخيرية أن تعمل بشكل أكبر وتصل لكل المحتاجين الذين يمرون بظروف طارئة ويعتقد البعض أنهم أغنياء وليسوا في حاجة لتلك المساعدات. ويشير إلي أن كسب رضاء الله عز وجل في رمضان يأتي من خلال الأعمال الصالحة وفي مقدمتها التكافل الإجتماعي والعطف علي الفقراء والمحتاجين, وأن يشعر الإنسان بمعاناة من يحيطون به من الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم, وهؤلاء لهم حق لابد أن يحصلوا عليه, وذلك من خلال المساعدات العينية التي أصبحت تميز شهر رمضان وأهمها شنطة رمضان التي تعبر تعبيرا صادقا عن التكافل بين أبناء الأمة, ولابد أن تتعاون الأسر والعائلات في القيام بهذه العادة التي ينتظرها آلاف الفقراء وتدخل عليهم البهجة والسعادة, كذلك فإن موائد الرحمن التي تقام في بعض المناطق أصبحت ضرورية في الوقت الحالي لأننا بالفعل نجد مئات الفقراء يقبلون عليها وهؤلاء في الأيام العادية لايجدون قوت يومهم. ومن جانبه يقول الشيخ أحمد ترك, إمام وخطيب مسجد مصطفي محمود, إن رعاية الأيتام والعطف عليهم يعد ضرورة شرعية, والشريعة الإسلامية أكدت علي ذلك في قول الرسول صلي الله عليه وسلم ز أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بالسبابة والوسطي ز وهنا نقول إن اليتم في رمضان يكون في حاجة شديدة للعطف ولو بالكلمة الطيبة, فالطفل اليتيم في هذه الأيتام يتذكر الأب أو الأم ويري غيره من الأطفال يلعب ويمرح في سعادة دون خوف من الأيام أو التفكير في مشاكل الحياة, وهذا يتطلب أن يقوم أقارب الأيتام برعايتهم وتبادل الزيارات معهم ليشعروا بالأمن والأمان وأنهم يعيشون حياة طبيعية رغم فقدان الأب أو الأم. ويناشد الدعاة وأئمة المساجد بأن يكون لهم دور في نشر قيم التكافل والإجتماعي ورعاية الأيتام طوال العام وخصوصا في شهر رمضان.