كولومبيا توقف تعاونها الاستخباراتي مع واشنطن إثر ضربات لسفن مخدرات    جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لهجوم واسع في الضفة والحدود الأردنية    مصر تعزي تركيا في ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    حالة الطقس اليوم.. موجة الأمطار تبدأ على هذه المحافظات    انتظام وصول الدم للمخ.. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    اليوم التعريفي للأطباء المقيمين الجدد بمستشفيات قصر العيني – جامعة القاهرة    وفاة مسن متأثرا بإصابته بضربة "فأس" على يد جاره المزارع في الدقهلية    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    سعر الدولار أمام الجنيه بالبنك المركزي والبنوك الأخرى قبل بداية تعاملات الأربعاء 12 نوفمبر 2025    أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن اليوم 12 نوفمبر    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    «أختي حبيبتي».. محمد إمام يهنئ مي عز الدين بعقد قرانها على أحمد تيمور    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    تراجع أسعار الذهب اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة الأولى "دراو وأسوان وأبو سمبل"    طن الشعير اليوم.. أسعار الأرز والسلع الغذائية الأربعاء 12-11-2025 ب أسواق الشرقية    بكام الفراخ النهارده؟ أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 12-11-2025    «زي النهارده».. وفاة الفنان محمود عبدالعزيز 12 نوفمبر 2016    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    رئيس الوزراء: استثمارات قطرية تقترب من 30 مليار دولار في مشروع "علم الروم" لتنمية الساحل الشمالي    نشأت الديهي: بن غفير يوزع حلوى مغموسة بدماء الفلسطينيين    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب "مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توك توك وتروسيكل بالخانكة    ألمانيا تقدم 40 مليون يورو إضافية للمساعدات الشتوية لأوكرانيا    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    اتهام رجل أعمال مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولار في قطاع الطاقة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    رياضة ½ الليل| الزمالك يشكو زيزو.. انتصار أهلاوي جديد.. اعتقال 1000 لاعب.. ومصر زعيمة العرب    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    السفير التركي: العلاقات مع مصر تدخل مرحلة تعاون استراتيجي شامل    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    وفد السياحة يبحث استعدادات موسم الحج وخدمات الضيافة    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربة رامي علّيق في حزب الله
نشر في شباب مصر يوم 17 - 09 - 2010

أود في البداية التوقف عند مسألة الحوار ورأي الآخر لدى القراء العرب أي في الثقافة العربية، حيث يسود كما أعتقد منطق مصادرة الآخر عند الغالبية العظمى، حيث يعتقد الكثيرون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، وغيرهم دائما على خطأ، في حين أنه لا يستطيع أي عاقل إدعاء ذلك، لأن الحقيقة المطلقة من المستحيل الاتفاق عليها في المسائل النظرية خاصة السياسية منها. وهناك نقطة مهمة تتعلق بهذه المسألة وهي ملاحظة الاستنفار المسبق لدرجة حالة الطوارىء الحمراء لدى مؤيدي التيارات والأحزاب التي تضع في نهاية أسمائها صفات إسلامية، أيا كانت برامجها وممارساتها قريبة أو بعيدة أو متناقضة مع روح الإسلام، فأي نقد لهذه الأحزاب يواجه بأسلحة دمار شامل من الشتائم والتخوين والتكفير.
ويظلّ السؤال قائما: لماذا هذا الاستنفار القتالي يظهر من القراء مؤيدي هذه التيارات ذات الصفة الإسلامية في أسمائها فقط؟. لذلك سنرى ردود فعلهم على الدكتور" رامي علّيق " صاحب كتاب ( طريق النحل) الصادر عام 2008 ، و يروي فيه من ضمن فصول حياته في لبنان ، تجربته الطويلة في ( حزب الله ) التي أهلته ليكون قياديا في الصف الأول للحزب ومسؤولا عن طلاب الحزب في الجامعة الأمريكية في بيروت، خاصة أنه انتمى للحزب وعمره لم يتجاوز بعد الخامسة عشرة بسبب حماسه وتشدده في كل ما يتعلق بالحزب ومبادئه وممارساته، التي انعكست على تصرفاته داخل المنزل، حيث كان يمنع المشروبات والإستماع للموسيقى، وحدث أن ضرب شقيقته الطفلة ابنة العاشرة بسبب ارتدائها الجينز الذي كان يعتبره معيبا وحراما، ويتناقض مع المبادىء التي كان قد بدأ يتشربها من جلساته الحزبية واستماعه لمنظّري وملهمي الحزب.
لذلك فمن له اعتراض على ما سيرد من أراء فليتوجه باعتراضه للدكتور رامي علّيق مؤلف هذا الكتاب المهم، الذي لم يأخذ ما يستحقه من ذيوع وانتشار، بسبب العراقيل الموجودة أساسا أمام تنقل الكتاب العربي بين العواصم العربية. ومن البداية فإنّ القراءة الدقيقة للكتاب تفهم أنّه ليس مقصودا به تجربة الدكتور رامي في الحزب فقط ، بل هي تجربة لبنانية شامله لشاب نمى وعيه من انغلاق في مربع محدود إلى أفق لبناني أوسع وأشمل، أفق لا ينطلق من العقل فقط بل من القلب الذي يؤلمه ما آل إليه هذا الانغلاق والتفتت الذي شاع في نسيج المجتمع اللبناني بعد أن كان مثالا للانفتاح والديمقراطية التي لا تنظر للأصول و الأديان و الطوائف، بل الإنسان حيث الكل مواطنون وبشر لبنانيون على قدم المساواة.
لماذا تسمية " طريق النحل " ؟
ربما يرى بعض القراء غرابة ما في أن يوضع ( طريق النحل ) عنوانا لكتاب يروي تجربة سياسية وحياتية مثيرة، إلا أنّ الغرابة والدهشة يزولان عندما تعرف أن المؤلف الدكتور رامي علّيق، نشأ في أسرة لبنانية جنوبية تعشق تربية النحل وتمارسها، وكان والده مهندسا زراعيا معروفا ، مما أثّر في رامي الطالب الدارس ليدرس في كلية التربية الزراعية في الجامعة الأمريكية في بيروت، ويتخصص في ميدان تربية النحل. والتسمية كعنوان للكتاب فيها رمزية عميقة، لأن (طريق النحل هو ذات الشوكة، فيه عقص كثير لكنّ في آخره عسل ) كما يقول الدكتور رامي، وكأنّ ذلك رمز موفق للوضع اللبناني الذي غنّت له فيروز أغنية بنفس الإسم ( طريق النحل )، جاء في كلماتها:
إنت وأنا يا ما نبقى
نوقف على حدود السهل
وعلى خط السما الزرقا
مرسومي طريق النحل
أنا ومتكية ع بابي مرقت نحلي بكير
غلّت بزهور الغابي وصارت تعمل مشوير
وتعن العنين حزين ومش حزين
وبسكوت الظهرية مكسر الحنين
والرمز في هذه الكلمات حزين وغير حزين، فيه الشوك والعسل، المرارة والحلاوة، مثل كل ما يختزنه لبنان في العقود الأربعة الماضية، حيث أشواكه غطّت على عسله، وهذا ما قصد الدكتور رامي علّيق تقديمه في كتابه هذا المهم، الذي هو سيرة ذاتية لنسبة عالية من الشباب اللبناني، أيا كانت ولاءاتهم وانتماءتهم، لذلك يخطىء في الفهم من يعتقد أنّ الكتاب هدفه تجريح حزب الله، لأنه مراجعة ذاتية مرّت بها ووثقتها العديد من القيادات الحزبية لكثير من الأحزاب العربية، التي ناضلوا من خلالها، وبالتالي فعلينا قراءة الكتاب من منطلق حسنّ النية والرغبة في المراجعة التي توصل للتفاهم من منطلق لا شخص ولا حزب على حق في كل ما يقول ويمارس، خاصة حزب الله في لبنان الذي يدور حوله نقاش لم يسبق حول أي حزب لبناني.
مشاهد وصور أثّرت في تكوين ونشأو رامي
( شاهدت صور التظاهرات في الصحف ومنها صورة لإمرأة تغطي نفسها بالكامل بعباءة سوداء، علقت الصورة في ذهني لأنني لم أكن قد شاهدت شيئا مماثلا من قبل، وكان لافتا في تلك التظاهرات وجود نساء بالشادور الأسود، وشعارات تشيد بالثورة الإسلامية في إيران، الأمر الذي اعتبره معظم الناس ظاهرة غريبة عن مجتمعنا اللبناني في الجنوب في تلك الفترة، كما فهمت من كلام جيراننا وبعض الأساتذة في الجامعة، وبعض رفاقي الذين ردّدوا ما تناقله أهاليهم ).
( أثناء اللعب مع أولاد أسر شيعية مقربة من حركة أمل، كنت أسمع عبارات تفيد أنّ المسيحيين عملاء للإسرائيليين ).
( انتهت الحرب بين أمل وحزب الله بترتيبات سياسية، جاء على أثرها وزير خارجية إيران علي أكبر ولايتي ليقرأ العزاء على أرواح ضحايا الحزب والحركة ). وكان صمود رامي وشدته في قتال حركة أمل بداية صعوده وشعبيته داخل حزب الله، واعتقاله بعد ذلك وتعذيبه في سجون الحركة، هو بداية الطريق لوصوله للجهاز الأمني في الحزب وترقيه لمستويات قيادية. ولكن لماذا الحرب بين حركة أمل الشيعية وحزب الله الشيعي؟
يجيب الدكتور رامي
( كان الحديث يدور داخل الحزب حول أنّ الحرب التي حصلت ما هي إلا محاولة إيرانية للتأثير على الساحة اللبنانية بشكل مباشر من خلال حزب الله، من دون المرور بسوريا، مما دفع سوريا إلى استخدام أمل للوقوف في وجه هذه المحاولة ). وهذا يقودنا لتذكر ظروف تنحية الشيخ صبحي الطفيلي الرافض لنظرية ولي الفقيه والتدخل الإيراني من قيادة الحزب حيث كان أمينه العام الأول عقب تأسيسه، ثم تولي الشيخ عباس الموسوي القيادة، ثم السيد حسن نصر الله الذي تكرّس في زمن قيادته وما زال الدور الإيراني في لبنان بشكل واضح لا سرّية فيه.
أهمية الحديث الداخلي لقيادات الحزب
الأحاديث والصرخات الداخلية التي كانت بعض قيادات حزب الله تبوح بها في جلسات مغلقة، تعبر عن ازدواجية وخوف في التعامل مع أكثر من جهة، اسمعوا بعض هذه الصرخات والتنهدات:
( لا أنس لحظة التقيت أحد الأصدقاء المسؤولين في حزب الله، منذ أكثر من عقد خلا، بعد عودته من دمشق ساخطا، إذ قال بأسى ( وكأننا لم نوجد إلا لنموت في الجنوب ).
( كذلك لا أنسى كيف رفع مسؤول آخر صوته عاليا معترضا على التحالف مع المسؤولين السوريين، الذين لا يؤمن جانبهم، ولا يتمتعون بالحد الأدنى من الأخلاقية في التعامل مع الآخرين، ولا ينفكّون ينهبون ثرواتنا، وغير ذلك مما يصبّ في الخانة ذاتها).
( لماذا نختار أن نصطف وراء هولاء الذين يجروننا إلى المزيد من التطرف في مواقفهم عبر إطلاق شعارات رنانة تدغدغ عواطفنا؟ لماذا صرنا نتحرك وفق خطاب يحاكي لغة العصور البائدة، فيتم تكريس مقدسات ليست مقدسة، ويحلّ جو من الإرهاب الفكري محل أجواء النقد الفعّال؟ ).
جمهورية رامي علّيق،
كتاب جدير بالقراءة، لأنه ينطلق من عقل وقلب إنسان حريص على لبنان وعلى حزب الله الذي عاش وناضل فيه. حرصه هذا نابع من أن يصبح الحزب أداة للوحدة الوطنية والتفاهم والإنسانية التي عاش فيها آباء وأجداد اللبنانيين الحاليين، وليس سلاحا لتهديد الأمن وتخويف من يعارض وينتقد الحزب. كتاب جرىء و صادق، أتمنى قراءته من كل من يريد للبنان الوحدة الوطنية والعودة لزمن مضى، كان الإخاء والتسامح سمته الأساسية. لبنان الذي يستحق عسل النحل ولا يستحق قرصه.
[email protected]
www.dr-abumatar.net
www.dr-abumatar.info


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.