حتى الدموع تصبح رفاهية ليست في متناولنا في الأزمات ثمة حل مثاليّ لا يترك لنا رفاهية الإختيار ولا أقول: حرية؛ فالحرية لا تكون إلا في ظل خيارات متعددة متنوعة مطروحة. السكوت بالطبع رفاهية .. إنما الكلام هنا يكون واجباً .. واجباً تؤديه وتقوم به قطرات حبر مقدسة، أوموجات أثير رسالية نورانية .. أو تقوم به غوغائية وضوضاء وببغائية مقيتة؛ ألعن منها مَن يتحدث بالهوى والمرسل المطلق في ظرف الأزمة؛ التي لا تحتمل إطلاق الكلام على عواهنه، وأسوء من هذا وذاك أولئك الذين يُكيِّفون الكلام على كيفهم، ويؤولونه حسب أمزجتهم وأهوائهم ، وبما يخدم توجههم؛ نَيلا من أولئك الآخرين المختلفين معهم في إطار حملتهم الإعلامية عليهم، كأشخاص ، أو أحزاب و تيارات . الحمقى كثيرون والأجواء ضبابية، فهل نتوقف قليلا حتى يتكشف أمامنا أفق؟ أم نقود ببطء ؟! ولكن .. في الأزمات ثمة حل مثاليّ لا يترك لنا رفاهية الإختيار. إطلاق التصريحات، وتوزيع التهم على الأفراد والتيارات والأحزاب والجماعات شيء لا أسهل منه ؛ ولكن لأولئك الذين تعودوا أن يقولوا ويتقوَّلوا ويعودوا يُحَوِّروا ويعدِّلوا، ليُظهروا نوايا غير النوايا، ويشرحوا مقاصد غير المقاصد .. عينان لا تمسهما النار ..عينٌ بكت من خشية الله .. وعين باتت تحرس في سبيل الله .. وخشية الله تكون بالصمت كما بالكلام .. وتكون بالإقدام كما تكون بالإحجام .. مَن إذن من المسلمين المؤمنين بقدسية أحاديث رسول الله يُقدِم على ما أقدم عليه قاتلو عيون مصر الساهرة تحرس في سبيل الله على حدودنا مع أعداء الله والوطن من بني صهيون ؟! دعوة على الفطور .. وااااو .. !! رمضان في الرمضاء حيث الرمال المشحونة باللظى والأكباد على موعد مع جرعة ماء لكن .. قد حان الآن .. زمن الشواء أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميْتاً؟! إذن .. ما تلك السيولة في إطلاق التصريحات ونثر الإتهامات من قِبل بعض أبواق الفتنة والإرجاف على هذا أوذاك من خصومهم السياسيين أو أولئك المختلفين معهم أيديولوجيا من الأزل ، وإلى يوم الدين ..!! الأجواء ضبابية ، والغيوم تلبس السماء قبعة، والعيون تُرهص بمطر ملحيَّ غزيرٌ مؤجّل ولكن .. في زمن الأزمة .. حتى الدموع تصبح رفاهية ليست في متناولنا يا لسعادتكم أيها الحمقى والبلهاء، ويا مَن تتهجُّون حروف الكلام، وتقرؤون ما بين أيديكم و ما تحت أرجلكم بلغة تجيدون أنتم لاغيركم رصف كلماتها، وتأويل معانيها ..!! كل القنوات الفضائية التي تمرست على العمل وسط كثيف الضباب وغميق الغيوم قامت فوراً وفي الحال بالإذاعة، والتعليق، والتأويل، والتحليل .. وكما التهم توزعت الأحكام ..! ونحن نحن .. لمّا نزل .. لا يسعنا الوقت لأن نذرف ركام المتحجرفي مآقينا من جبال الملح ولا نملك رفاهية الصمت .. *** مطرٌ مُؤَجل محمد عزت الشريف