تستعد اللجنة العليا للتعليق الرياضي باتحاد الاذاعة والتليفزيون لعقد اختبارات لعدد ممن استجابوا للاعلان الذي اذيع ونشر علي مدي اسابيع سابقة يطلب من اللاعبين القدامي ومن أصحاب الموهبة التقدم للعمل كمعلقين علي مباريات كرة القدم ولعلنا في هذا السياق نقول ان التعليق الرياضي منذ نشأته كان ولايزال جزءا مهما من أجزاء الرسالة الاعلامية التي يقدمها الميكروفون والشاشة للمتلقين كما اننا نستطيع القول إنه ليس هناك في سجلات الاذاعة مايؤكد تاريخا محددا لبدء بث التعليق الرياضي عبر الاثير وليس هناك مايؤكد أن شخصا آخر غير المهندس محمود بدر الدين كانت له الريادة في فن التعليق علي مباريات كرة القدم ولكن من المقطوع به ان المهندس بدر الدين الذي كان حارسا لمرمي نادي السكة الحديد في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي وكان يعمل أيضا مهندسا بالسكك الحديدية هو الذي استمع اليه المتلقون عندما قام بوصف مباريات كرة القدم في النصف الاول من اربعينيات القرن الماضي ومنذ ذاك التاريخ يمكن ان تقول إن هناك مايسمي بفن التعليق الرياضي الكروي أضافته الاذاعة الي فنونها الأخري مثل الدراما الاذاعية والصور والبرامج الغنائية والحوار الاذاعي, وتقول ايضا إن التعليق الرياضي بدأ اجتهاديا عندما نشأت الحاجة اليه مع وجود الراديو في حياة الناس وكان يقدم بين حين وآخر وكان تقام مباراة في نهائي كأس الملك فاروق أو مباريات المنتخب مع منتجات زائرة او مباريات دولية مثل مباريات دورة الصداقة التي اقيمت في تركيا سنة1949 وشاركت فيها مصر واليونان وتركيا وقد بث الميكروفون هذه المباريات من تركيا بصوت بدر الدين ولكن دائرة التعليق إتسعت عندما استضافت مصر دورة العاب البحر المتوسط الاولي بالاسكندرية في اكتوبر سنة1951 حيث قدم الميكروفون تعليقات حية علي ألعاب الدورة من كرة قدم وسلة وسباحة وألعاب قوي وغيرها, ثم عاد التعليق الي شيء من الكمون الي أن قدمت الاذاعة أول برنامج رياضي تحت عنوان الرياضة في اسبوع كبداية لاهتمام الاذاعة بالشأن الرياضي وبالتالي توسعت الاذاعة في تعظيم هذا الشأن فقدمت العديد من مباريات الدوري العام وهنا نشأت الحاجة الي مضاعفة عدد المعلقين خاصة ان نجم التعليق الاول المهندس محمود بدر الدين ارهص برغبته في اعتزال التعليق حوالي منتصف الخمسينيات وكان يرحمه الله قد رشح حكما كرويا مرموقا كان قريبا منه وإلي قلبه وهو الأستاذ عبد المنعم الديب الذي يبدو أن بدر الدين علمه أصول التعليق أو هو شرب المهنة من بدر الدين كما انه في هذه الحقبة برز نجم متألق هو الراحل محمد لطيف الذي كان نجم التعليق علي مباريات كرة السلة التي كان لها شأن كبير ابان أن كان يلعب لها فريق ذهبي قاده اليرتادرس ولعب فيه منتصر وأبو عوف ومدحت يوسف والرشيدي والفرنواني وغيرهم كما دخل الي مجال التعليق نجوم كروية لمعت في سماء الكرة المصرية مثل كابتن حسين مدكور وعلي زيوار وعلاء الحامولي وابراهيم الجويني وجاء بعدهم جيل آخر مثل الشربيني وحمادة امام ومحمود بكر والراحل أحمد عفت وازعم ان هؤلاء المعلقين كانوا يجاهدون من أجل وصف تفصيلي للمباريات يتفق مع أجواء المباريات ويتفق مع الصورة التي تبثها الشاشة وجميعهم كان يبتعد عن نمط الكلام المكرر وكانت عقدتهم ان المعلق الناجح هو الذي يكون مرآة صادقة لمجريات اللعب ومستوي المباراة دون تضخيم او تهويل ودون الاستعانة بالمحسنات البديعية والسجع الممجوج كما أن عقيدتهم كانت تميل الي الإرتقاء باللغة لأن التعليق مجال خطير لترويج لغة جميلة أو مسيئة لأن التعليق له تأثيره علي الألسنة لشيوعه وتعلق الناس به. كما ان التعليق له أصوله مثله مثل بقية الفنون الأخري التي لها مفاهيمها وأصولها فلايصح ان يكون التعليق مجالا للحكي او ان يكون مكلمة ولا المعلق الذي يريد أن يثبت ذاته عن طريق ترديد المعلومات عن هذا اللاعب أوذاك وعدد الاهداف التي يسجلها والأندية التي لعب لها وكيف يلعب أو المعلق الذي يسرف في إطلاق الألقاب علي اللاعبين فإنه يضلل المتلقي والمعلق الذي يقول كلاما هزيلا يستظرف به نفسه مثل الله عليك تسلم رجليك ثم إنه من أصول التعليق ان يتسم المعلق بالمصداقية والحياد فلا يجعل اللون الذي يعشقه هومايغلب علي تعليقه أو يجعل من اللاعب الذي يحبه سيد الملعب وصانع المعجزات وعليه ان ينتقي اللفظ الجميل والكلام الحلو وأن يتحين الوقت المناسب ليدلي بوصفه للعبة معينة أو لإظهار مهارة لاعب معين. هذه ياختصار ذكريات عن التعليق ونشأته وذيوعه وهذه باختصار المميزات التي ترجوها لجنة المعلقين ممن يتقدمون اليها آملين ان يكونوا معلقين تلقي عليهم الأضواء ويصبحوا جزءا من العملية الرياضية ولعل اللجنة توفق في مهمتها ليكون لدينا جيل جديد من المعلقين يشار اليه بالبنان