تُقاسُ قيمة وقدرة المصنوع بقيمة وقدرة صانعه ..كما وتُقاسُ قيمة وقدرة المخلوق بقيمة وقدرة خالقه .. ومادامت تلك قاعدةٌ مُسلَّمةٌٌ بها فلسنا فى حاجة لإثبات عظمة خلق الإنسان ولا عظمة قدرته التى وهبها الله له .. قديماً كانت الكُتلة فى نظر العلماء ذات أبعادٍ ثُلاثيَّة طول وعرض وعمق .. بينما فقد أثبت آينشتاين بأن هناك بُعداً رابعاً لها ألا وهو الزمن ..ويوماً فيوماً تتوالى النظريَّات العلمية لتثبت أبعاداً أُخرى للمادة .. لقد أثبت آينشتاين وبقاعدته النسبية أن هناك ظرفاً يُغيِّر فى منظورنا للمادة ألا وهو الزمن فمثلاً الشمس تبعد عنا ثمانى دقائق ومن ثم فصورة الشمس التى نراها الآن ليست هى الصورة الحقيقية إذ الصورة الحقيقية التى نراها الآن انما هى فصورتها من قبل ثمانى دقائق .. كما وأن النجم الذى يبعد عن كوكبنا أربعة سنوات وهو ( ألفا قنطورس ) الواقف عليه ليرانا فإنما يرى حالنا منذ أربعة سنوات بينما فصورتنا الحاضرة هى بالنسبة إليه فمُستقبلاً له سيراها من بعد أربعة سنوات .. نفس الحال فى رؤانا لصورته الحالية فإنما هى ماضيه منذ أربع سنوات بينما فصورته التى هى عليه الآن فى الواقع فهى غيباً لانُدركه نحنُ الا من بعد أربعة سنوات قادمة ومن ثم هى فمستقبل بالنسبة لنا .. وبالتالى فالزمن قد يكونُ ماضياً بالنسبة لأناسٍ بينما فحاضراً بالنسبة لأناسٍ بينما فهومستقبلاً بالنسبة لآخرين وفى ذات اللحظة .. ومن ثم ماتعتبرهُ غيباً يعتبره الآخرون ماضياً أو حاضراً .. وبالتالى ففكرة الغيب الممنوعة عن محاولة البحث ليست مايُسوِّقُها لنا الفقهاء والتى وصلت فى سطحيَّتها محاولة المنع لنا من حتى معرفة الحادث فى بعض الأقطار المجاورة أو البلدان البعيدة وقد كشف عوار أفكارهم ماوصل العلم إليه من إبتكار أجهزة الستالايت والتى جعلت من العالم كله قريةً صغيرة .. نخرج من هذا الى أن فكرة الغيب والتى قد إختص الرحمن ذاته بها من دون أحدٍ من خلقه فإنما ليست كما رسَّخها فى أذهاننا رجال الدين منذ صغرنا وأقفلوا علينا باب الإجتهاد والعلم بحجة محاولة معرفة الغيب ولم يعلموا أن العلم لم يتأخر بأوروبا فى عصور ظلامها الا بتحريم الكنيسة له فأوقفوا العقل عن عمله رغم أنه من أعظم ما خلقه الله فكان جديراً بأمره تعالى لأن يسجد الملائكة إليه إجلالاً وتقديرا .. لكننا ومن بعد هذا التقدير العظيم له جحدنا قدره ومنعنا شكره فأوقفنا عمله وبتنا فى حدود المُتلقى لأعمال الآخر وإجتهاداته وإبتكاراته وإبداعاته .. فإرتقى العالم من دوننا بينما نحن فمكثنا متفرِّحين .. لو أبديت فكرةً أو إبداعاً فإنما يمنعهُ عن تناول الآخرين له عدم حصولك على إحدى الدرجات العلميَّة .. وقد نسوا ان أول من حصل على درجة الدكتوراه قد منحها له من لم يحملوا إجازة الدكتوراة مثله .. الفلاسفة وقدامى العلماء لم يتقدم أسماءههم بثمة ألقابٍ علميَّة .. كما وأن أصحاب الرسالات جميعهم وخاتمهم محمد (ص) ذاته لم يكن قارئاً من قبل أمر الله له أن يقرأ .. وما منعتهُ أُميَّتُه عن التفكير فى خلق الله ولا التدبُّر فى كونه تعالى الواحد.. ومن قبله وبمئات القرون ذهب نبى الله ابراهيم للتفكر فى ملكوت الله حتى وصل لحقيقة الخالق بالتدبر فى المخلوق وقد رفض الشمس لمَّا أفلت ورفض القمر لمَّا أفل وقال لنفسه مُحدِّثاً لها مايكون لربى أن يأفل إنما ربى هو الله .. وكما ورد بسورة الأنعام (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) )... ومن ثم فالعقل والعقل فقط كفيلٌ بالوصول بالمرء إلى حقيقة الخلق وحقيقة خالقه .. إذاً فماسرَّ هذا العقل وهو لايزيدُ حجمه فى جُمجُمة المرء عن ملء كفِّه ؟ .. وما ذلك السِرُ الذى يكتنفُه وماتلك القدرات التى يخفيها ؟.. ماهذا الكيان الصغير الذى وقف العلماء جميعهم مشدوهين مبهورين أمامه وأمام عظمته .. الأحجام للعقولِ تتساوى بينما فالقدرات تتفاوت .. وليس هذا لمنح الرب أحدنا من دون الآخر قُدُراتٍ تُمايِزُهُ عنه إنما المنحُ واحد كما والتكليف واحد ولكننا نتباين فى عقولنا حسب تدبُّرِنا بهذه العقول لما حولنا وإستخدامنا لهذه العقول والألباب .. فمن بيننا من قصر استخدام عقله على المهارات البسيطة بلا تدبُّرٍ ولا إبتكارٍ ولا إجتهادٍ ولا بحث .. بينما هناك من إحترموه وأعطوهُ قدره فإذا به يُخرج جواهره ولآلئه المرة تلو الأخرى بينما فجواهره لاتنضب ولآلئه لاتنتهى .. والبحثُ يجرُّ من بعده أبحاث والابتكارُ يستقطب مايليه .. بينما فعالمنا العربى أوقف عقلهُ عند حدود إستخدام الآخر فما تقدَّم فى علمه ولا تقدَّم فى اجتهاداته حتى الدينيَّة والفقهيَّة منها .. وصار فقه الدين الاسلامى بكل عظمته قد توقف عند حدود بعض المذاهب وعشرات الأسماء من المجتهدين فقط بينما فقد مُنِعنا حتى من إعمال العقل فى روايات الحديث ذاتها حتى المُناقِض منها لمُحكم كتاب الله ومن ثم للعقل حتى صرنا أُضحوكة الآخر وتجمَّدنا بأماكننا بلا تطوُّرٍ ولا إرتقاء .. العقلُ إذاً بقدر ماكان مناط التكليف كان ولايزال هو قيمة الإنسان المُستحقَّة لتكريم الله له بسجود الملائكة ذاتها إليه وهى أقرب خلق الله إليه سبحانه وتعالى .. قد يسأل أحدنا : وهل لمن فقد هذا العقل هذا التكريم الإلاهى كذلك ؟ نقولُ أن فقد العقل أو ضعف قدرته لمرضٍ وعلَّة لايعنى نزع القُدرة له بل تعطيلها لعلَّةٍ يبتغيها الله ليضرب مثلاً للإنسان على قدرته فى المنع والعطاء لكن لايعنى سلب العقل ممن فقده ظاهريَّاً إنما العقل بمكنوناته وقدراته فموجودة إنما قد منعتها أسباب تعطيل القدرة كما وغيره ممن لم يفقدوه لعلُّة ولكن تعطَّل لديهم إستخدامهم له بأيديهم .. ومن ثم فالعقل كقيمة وكقدرة فى ذاته ومنذ خلق الله الانسان فى عالم الذر يشتمل على فيوضاتٍ تُستشف قدرتها من قدرة خالق هذا العقل وواضع ملكاته .. إذاً فكل ماأوصلنا إليه العقل الإنسانى من تقدمٍ مُذهل إرتفع بنا إلى عنان السماء فوق القمر والكواكب الأخرى .. وغاص بنا فى أعماق البحار والمحيطات .. وفجَّرنا به الجبال القاسية لتصير عناصراً ومواداً نستفيد منها فى عمران الكون .. كما وبه قد قلبنا ظلام ليالينا أضواءاً فائقة الجمال والروعة وأحلنا العالم كله الى قريةٍ صغيرة بل وتجاوزنا به حدودنا وشرع الله فينا فحاولنا اليوم هدم ناموس الكون ذاته فابتكرنا الإستنساخ لينفق الشيعة اليوم ملايين الدورات فى إستنساخ الإمام على من جديد من خلال الحمض النووى له بردائه الذي يحتفظون به وبدمه الذى به منذ مقتله .. كما وقد أصبنا الكون ذاته بخللٍ حديث حينما جعلنا الرجل يحمل كما الأنثى وينجب مثلها كما والأنثى لتصير ذكراً مثله .. لنتجاوز أكثر وأكثر باستخدامنا لهذا العقل فيما يُغضِب الله ويُمثِّل تعدياً على ناموس خلقه وفطرة الكون ليُفسد فيها .. بينما الإنسان لو استمر فى صالح استخدام هذا المخلوق الضئيلُ حجماً العظيم فى قدراته لتجاوز فى نظرى أصحاب الخوارق من بنيه ولنازع الملائكة إرتقاءاً وقُرباً لله .. العقل إذاً هو لزوم التدبُّر بينما فمُخرجاته هى فتُقاسُ حسب درجة إستخدامه وإستجلاء مُكناته ومهاراته .. وتلك المُخرجات العقليَّة من علمٍ أو فلسفة أو منطق يحسبها الجُهلاء بالمرحلة التى وصلت إليها أنها درباً من دروب السحر .. فمثلاً لو قال أحدٌ من قبل توصل أديسون للمصباح الكهربائى أنه يمكن إنارة الليل بضوءٍ هو الأقرب إلى النهار لحسبه الآخرون جنوناً بينما من رأوه لأول وهلة ولمدة طويلة ومن قبل كشف أسراره فقد إعتبروهُ ساحراً ومُستعيناً بالقُوى الخفيَّة والجان.. هو ذات الوضع فى كافة مانراهُ من أفعال لأفراد العالم المتقدم ولانعلم سرَّهُ .. فإنما نحسبه الآن سحراً لكنه فى حقيقته ليس سوى إستخدام للابتكارات العلمية والتى تبعد عن علمنا بما لايقل عن خمسين أو حتى مائة سنةٍ علميَّة .. لنرى عروض (دايفيد كوبرفيلد ) السحريَّة المُبهرة ضرباً من ضروب السحر بينما هى فى حقيقتها إستخداماً لنظريَّاتٍ علميَّة يضحك من جهلنا بها العالم المتقدم فيُلهينا بالإنبهار بها لعشرات السنين حتى يتفضل علينا بإفشاء أسرارها فيما بعد بينما فيكون ساعتها قد تقدم علينا من جديد بعشرات السنين العلمية الأخرى .. إنبهرنا ياسادة بمشاهد إخفاء تمثال الحريَّة عن الأنظار بينما فما تم ليس إخفاء التمثال ولكن تسليط نوع من الأشعة لاتجعل صورة التمثال ترتد إلى أنظارنا وعيوننا تطبيقاً للنظرية العلميَّة أن مقدرة العين للنظر ليس بتسليطها شعاعاً على المادة ولكن باستقبال مايخرج من المادة من صورة يعكسها ماتساقط من شعاعٍ عليها بينما نحن فقد وقف علمنا عند النظريَّة الأولى ولم نتقدّم عنها ومن ثم لم نفطن لإمكانية إستخدام نوعٍ من الأشعة إذا سقط على المادة فلايعكس صورتها ويرتد بها على العين فلانراها ... نقيس على هذا كل مانحسبهُ سحراً بينما فهو ليس إلا تطبيقاً لنظريَّاتٍ علميَّةٍ نجهلها الآن بينما فقد توصَّل إليها الآخر .. وإستخدام العقل يأتى بمايُشبه الخوارق حتى أن رب العزة قد أخبرنا فى كتابه أن الذى عندهُ علمٌ من الكتاب والذى إرتكن على استخدام علمه بمرجعيَّتِهِ من المُخرجات العقلية قد أخبر نبى الله سليمان بتجاوز مقدرته مقدرة العفريت الذى هو من الجن فى محل الإتيان إليه بعرش بلقيس فقال تعالى فى سورة النمل ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) ) وهذا يعنى أن العقل به من الإمكانيَّات ما علم بها الله بالقدر الذى أمر الملائكة ذاتها بالسجود إليه يوم خلقه .. وهذه الإمكانيات لم تستخدم الإنسانية منها رغم ماوصلت إليه من حضارةٍ وإرتقاء ومن خلال علمائها وعباقرتها وحسب ماأثبته العلم ذاته سوى على عشر بالماءة من هذه القدرات وتلك المُكَنات .. لم يلتفت العالم الى جانبٍ من قُدرات هذا العقل سوى من عشرات سنين فقط وقد حاول العلماء دراسة علم ماوراء النفس والتى فى نظرى ترتبط بالعقل ذاته بما يمتلك من أمكاناتٍ وفيوضاتٍ لم نصل إليها ربما لتقاعسنا عن إستجلاء حقيقتها بدراستها أو لفهمنا المغلوط لعقائدنا بين الحِل والحُرمة من منظور الدين .. رغم أن ديننا لم يخنق العلم بتقويض العقل لتناوله حتى فيما إتصل منه بالجانب الخفى من النفس الإنسانية ذاته فلم يمنع الاسلام تناوله بالبحث .. حتى الروح ذاتها لم يمنعنا ديننا من إستجلاء أمرها فقال تعالى لنبيه محمد (ص) وكما ورد فى سورة الإسراء (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)) وهذا يعنى وبمفهوم المخالفة انه لو أُعطى نبى الله مزيداً من العلم لأمكنه محاولة البحث فى أمرها ولكن العلم الذى أعطاهُ ربه كان قليلاً لايتمكن به من محاولة البحث فى أمرها.. ومن ثم فالمنع ليس من باب غلق العقل عن محاولة البحث ولكن المنع تم حُكماً لكون العلم لدينا ليس كافياً لتناولها فمن حق الإنسان محاولة إعمال عقله بالبحث فيها لكنهُ سيصل فى النهاية عند درجات بدائية للمعرفة بخصوصها لعدم توافر العلم المناسب لمعرفتها به .. وهذا يعنى أن إستخدام العقل ليس محظوراً دينيَّاً بصدد كل جوانب الإنسان الظاهر منها والمستور وإلَّا لكان النهى والمنع صريحاً فى القرآن عن استخدام العقل فى هذا الصدد بل به قد تم الوصولُ إلى الإيمان بالله ووحدانيته وحتى من قبل إرسال الرسل وبعث الأنبياء .. ولهذه الأسباب ومن خلالها بدأ العلماء ينتبهون وفى العالم المتقدِّم لعوالم الإنسان المخفيَّة وقدراته الفائقة فيما لايستطيع العلم المُجرَّد على تناوله .. فيما أسمُّوه علم (الباراسايكولوجى) والذى فيه قد حاولوا تناول علم ما وراء النفس ومن خلال أفعال البعض الخارقة عن حدود الطبيعة والقبول العقلى المُجرَّد وقد وصلوا إلى تصنيف بعض تلك الأفعال والتى يندرج بعضها تحت دراسة اللامعقول ذاته نظراً لحدوثه الفعلى بغير إمكانيَّةٍ لدينا لتفسيره ..حيث أنَّهُ هناك من الخوارق ماتتجاوز الطبيعة كمقدرة البعض على التنبؤ فيما يُسمَّى بالحاسَّة السادسة .. بينما فآخرون لديهم مقدرة التحكم بالأشياء عن بُعد بتحريكها أو بتفجيرها فى ذاتها ودون تفسير مادى معروف وبالعين المُجرَّدة وقد أسموها العلماء بظاهرة (السيكوكينيزيا ) .. وكذا منها ماأسموه بظاهرة التخاطر وهى الأكثر شُيُوعاً والتى فيها هى الأخرى يتم نقل أفكار من شخص الى آخر رغم بُعد المسافة بينهما .. وكذا ظاهرة التنبؤ بالمستقبل ومن أبرز وأشهر مشاهدها كتاب (الآى جنك ) لأحد الحُكماء الصينيين ونبؤات (نوستراداموس) ذلك الطبيب الفرنسى والذى تنبَّأ بالعديد من الحوادث كادت لاتُخطىء ومن خلال رُباعيَّات وحِكم قد دوّنها هى نبؤاته.. والسؤال هو : هل ما ذكره (نوستراداموس) وكتاب (الآى جنك) الصينى هو من قبيل الحسابات العلميَّة الدقيقة التى لاتكاد من فرط دقتها أن تُخطىء ومن ثم فهى محض إستخدامٍ لقيم عقليَّة لم يكتشفها العلم بعد أم هى محاولة تشبه محاولات المُنجِّمين والتى يلزم إعتقادنا بخطئها حتى ولو صدقوا .. وفى هذه الحالة كيف يُمكن تفسير صدق ماتوقَّعت من دون إقتناعنا بأن هناك من القدرات العقليَّة والنفسية المُرتبطة به مالم يتم إكتشافها بعد .. والقول بغير هذا إنما غلقٌ للعقل عن الإبحار والتدبُّرِ بمضامينه وإمكانيَّاته وهذا مالا يُمكن قُبولُه إذ حادثة الإسراء والمعراج ذاتها لم يتراجع العقل عن مُحاولة قبولها بإثباتها علميَّاً عندما أخبر رسول الله بوجود بعض الصحابة فى الجنة وهم لايزالوا ساعتها على قيد الحياة فقال عن أحدهم وهو بلال أنه قد سمع خشخشة قدميه فى الجنة بحسب ماورد بمصنف أبى شيبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سمعت خشخشةً أمامي فقلت ! من هذا ؟ قالوا : بلال ، فأخبره قال : بما سبقتني إلى الجنة ؟ قال : يا رسول الله ما أحدثت إلا توضأت ، ولا توضأت ، إلا رأيت أن لله علي ركعتين أصليهما ، قال : بها ". ) وهذا يعنى أنه قد إطَّلع على مآل الرجل ومُستقبله وقد نجح الإنسان عندما أثبت عقلهُ أن هناك من السُرعات مثل سُرعة الضوء ماإن تتجاوزها الكُتلة حتى تنتقل لماضيها ثم إلى مستقبلها وحسب زيادة تلك السرعة إلا أنَّها تتحول إلى طاقة ماعدا حالة رسول الله فقد أسرى بالجسد والروح معاً بمقياس قُدرة المُسبب سبحانه وقد جعل منها مُعجزة الاسراء والمعراج لحبيبه ومُصطفاه .. وهذا يعنى أن هناك من الخوارق والقدرات غير الطبيعيَّة لدى البعض مايُمكن التدليل من خلالها على قدرات الإنسان النفسيَّة والعقليَّة والتى تكون خافيةً بقدر تقاعُس الإنسان عن تناولها بالبحث حتى ولو لم يصل لشىء إذ يكفيه ساعتها تنفيذ أمر الرب فيه بالتدبُّر لقوله تعالى فى سورة آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) صدق الله العظيم .. تلك كانت قراءة فيما وراء النفس والباراسايكولوجى