«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسانُ بين جبريَّة الربوبية وقهريَّة الإختيار

قراءة فى فلسفة الإختيار لدى الإنسان وحكمته ومدى إرتباطه بجبريَّة الربوبيَّة كذلك
حارت عقولُ العلماء والفلاسفة والمفكرين فى تبيان الفارق بين الانسان والحيوان وخاصة الأقرب من بين فصائله الى الأول فى البنيان الجسدى كالقرود وأحد سلالتها وهو الشامبانزى أو ما يُسمَّى بإنسان الغابة ..
فمنهم من حسم أمر هذا الفارق حسب البنيان الجسدى والعديد من السلوكيات المشتركة بين الفصيلين كداروين بنظريته النشوء والإرتقاء فذهب الى أن القرد هو منشأ الانسان قبل أن يتطور ليصير بحالته النهائية تلك .. بينما فآخرون قد راحوا يضعون نقاط تلاقى وإختلاف بين الفصيلين فمنهم من ذهب الى أن الانسان فرق عن الكائنات الأخرى بتوافر العاطفة والمشاعر والأحاسيس لديه فَردَّ عليهم آخرون بأن الحيوانات حتى المفترس منها لا تخلو من مثل هذه العواطف والمشاعر كالأسد عندما تداعبه أشباله فنراه حانياً عليها فى رِقَّةٍ ووداعةٍ شديدتين .. كما وأن كل الحيوانات لا تخلو من مثل هذه المشاعر والعواطف وليس وفاء الكلب منها ببعيد .. والوفاءُ بطبيعته هو رافدٌ من روافد المشاعر والأحاسيس الراقية ..
ذهب آخرون فى الرد عليهم أن هناك من بين بنى الإنسان من تنعدم مشاعره بالمطلق فيرتقى عليه الحيوان بمشاعره كذلك .. فلم نجد حيواناً مثلاً قد قتل أبناءه أو والديه بينما فنرى الانسان قد يفعل ذلك..
قال آخرون أن الفارق بين الفصيلين أن الإنسان يتوافر لديه من دون الفصيل الآخر الإدراك والقدرة على تمييز المثيرات لخلق ردود أفعال متباينة بتباينها ..
فردَّ عليهم آخرون بأن الحيوان يتوافر لديه كذلك الإدراك ذاته والقدرة على تمييز المُثيرات لخلق ردود أفعالٍ متباينة بتباينها اذ يمكنك استئناس العديد من الحيوانات وربما الشرسة منها اذا ما أظهرت لها ودا وحبا وحناناً ورعايةً فى حين تظهر شراستها اذا ما أظهرت لها عكس ذلك على النقيض من الإنسان فلربما من إكتنفته برعايتك وحنانك وعاطفتك يقوم بسرقتك يوماً أو يقتلك عندما يكبر!! ..
كما وأن الدابة والخيل يمكن للإنسان ركوبهما حتى للتباهى اذا ما رعاهما وأظهر لهما وده لكنهما لا تمكنانه من ذلك اذا لم يقم برعايتهما وبالقسوة عليهما ومن ثم تكون القدرة على تمييز المثيرات لخلق ردود أفعالٍ مُتباينة بتباينها يتوافر لدى الفصيلين معاً وربما يتفوَّق الحيوان على الإنسان بصدده..
قال آخرون أن الفارق بينهما فى معيار التعلُّم من الخبرات السابقة والقدرة على المناورة والدهاء وهما وجهان من أوجه الذكاء يتوافران لدى الإنسان من دون الحيوان فأجاب آخرون عليهم بأن التعلم من الخبرات السابقة والقدرة على المناورة والدهاء يتوافران للفصيلين معاً وليس لأحدهما دون الآخر .. فالدواب تعرف ديار أصحابها فتعود إليها بمفردها مهما تباعدت عنها كما وأن الحيوانات جميعها حتى الأصغر حجماً من بينها يمكنها التمييز بين الأشياء ومناطق الخطر التى واجهتها مُسبقاً فلا تُعرِّض نفسها إليها ثانيةً ..
كما وأنها تميز بين المذاقات المختلفة لنجد النحلة لا تذهب لنبات الصبار لترتشف منه بينما فترتشف من الورود والزهور المختلفة .. كما وأن العديد من فصائل الكلاب المختلفة قد إستعان بهم رجال الأمن من بعد تدريبهم للتعرف على المجرمين وآثار الجريمة وليس دليلا أعظم من هذا على ذكائها ومقدرتها على التعلُّم وتلقِّى التدريبات المختلفة والإستفادة من الخبرات السابقة..
كما وأن حيوانات السيرك المُدرَّبة تتجاوب مع تصفيق المتفرجين وكذا امتعاضهم إضافةً لما يمتازُ به العديد من الحيوانات بالقدرة على التخفى وفنون المناورة والدهاء بما قد يفوق قدرات أعظم الجيوش الحديثة ذاتها بل وهناك من الحيوان ما يُضرب به المثل للإنسان على الذكاء والدهاء الفائقين كحال الثعلب الماكر ..
لكننى وفى رأيي المتواضع أجد الفارق بين الإنسان والحيوان فى إمكانية الإبتكار والتطور وهذين الرافدين هما ضمن روافد مُكنة الإختيار التى منحها الله للانسان وباختياره بينما قد منعها عن الآخر الذى رفضها حينما عرضها الله عليه ..
اذاً فمُكنة الإختيار وما يستتبعها من إمكانية الإبتكار والتطور هى التى تُفرِّق بين الإنسان والحيوان ..
ان الفطرة واحدةٌ فى كل الكائنات الحية بما فيها الإنسان بل وحتى الجماد ذاته سواء الأجرام السماويَّة أو كافة المواد التى يتكون منها الكون وتمتلئ بها أرجاؤه هى فطرة التوحيد والطاعة والتى إلتزم بها الكون كله من دون إختيار منه فيما يُمكن تسميته بنظرية جبرية الربوبية والتى بموجبها تتحكم الفطرة فى كل ما خلق الله ولم يشأ أن يخضعه لإرادة الاختيار والتى منحها الرب للإنسان بإختياره ..
لذا نرى الكون كُلَّهُ وبكافة أجرامه السماوية وكواكبه ونجومه يسير فى فلكه المرسوم لا يخرج عنه قيد أُنمُلة ولا يملك من نفسه تغييرهذا الأمر ولا تبديل هذا بالإختيار..
الكائناتُ الحيَّة كذلك تحكمها الفطرة وجبرية الربوبية بلا إختيارٍ منها وكما إرتضت هى ذلك منذ الأذل حتى أن جسد الإنسان ذاته قد خضع لجبرية الربوبية ومن ثم الفطرة فى أشياء كثيرة منها وقد أراد الرب بهذا ألا يتركه لإختيار الانسان بذاته كما وبقيَّة شئونه رغبة منه فى ألا يُعَرِّض بنايته وهو جسده لإختياره فيفسده يفسد الكون كله تبعاً لفساده..
فنجد العمليات الحيوية لجسد الإنسان كما وجسد الحيوان كذلك من ضربات القلب وسير الدورة الدموية وكامل أجهزته تسير تلقائياً غير عابئةٍ بإختياره .. هو ذات المنطق الذى يحكم الكون كله إنطلاقاً من حُكم جبرية الربوبية والفطرة التى جُبِلت المخلوقاتُ عليها ..
ان جسد الانسان فى حالة عبادة ذاتية كما وكل الكون بمشتملاته من جماد وحيوانات أو حتى غازات كميائية .. فالرياح والسحاب فى حالة عبادة ذاتية وينفذان الجبرية الربوبية بطاعة وحب وعبادة ..
إذاً فكل ما فى الكون يخضع لقانون الفطرة بجبرية الربوبية ما خلا ما تركه الرب لإختيار الإنسان وحسب إختياره هو وقبوله ما سبق وأن رفضته السماوات والأرض والجبال يوم خلق آدم وأمر الرب الملائكة بالسجود له فسجد الملائكة كلهم أجمعين إلَّا إبليس أبى وإستكبر فخرج من رضا الرب بالطاعة إلى غضب الرب بالعصيان..
الإختيارُ إذاً لا يعنى ترك الرب الإنسان لإختياره بلا علم منه سبحانه وتعالى لهذا الإختيار ولا لمردوده عليه من نتائج .. فقد قدَّرها ربه عليها من قبل أن يفعلها ليس بتقدير جبرية الربوبية ولكن بتقدير العلم الأذلى اذ يعلم سبحانه وتعالى وكما سطر بعلمه فى كتابه المسطور أن الانسان سيفعل كذا يوم كذا نتيجةً لإختياره هو وليس لجبرية الربوبية وقد علم الربُ سلفاً ومنذ الأذل وبموجب علمه الأذلى وإحاطته المُطلقة بالكون كله حتى من قبل أن يخلقه فهو الأول والآخر والظاهر والباطن والذى هو على كل شئ قدير ..
الإختيارُ لدى الإنسان اذاً وحسب قبوله هو وبرافديه من مُكنتى الإبتكار والتطور يرتبط بالعقل لديه بما فيه من أسرار وقدرات قد منحها الرب له تتوازى وثقل ما سيتحمله الإنسان من نتائج وحساب الله له جرَّاء هذا الاختيار ونتائجه ..
لذا فقد منح الرب للإنسانِ عقلاً لم يتمكن حتى الآن ورغم ثوراته العلمية الهائلة والتى أوصلته الى مراحل لا يحلم بها الخيال ذاته لم يتمكن من إستخدام عُشر قُدُراته بعد إذ قد أثبت العلمُ أن العباقرة من العلماء لم يستخدموا سوى عشرة بالمائة من قدرات عقولهم فما بالنا لو تعاظم هذا الإستخدام وإنكشف للإنسان كامل أسرار هذا العقل..
لذا كان مستحقا أمر الرب لملائكته بالسجود له يوم خلقه تقديراً لما خلق وما حوى من عقل ..
الإختيار إذاً قد جلب الإبتكار والتطور بالتبعية لكنه فى المقابل قد مَكَّن الإنسان من محاولة محاربة الفطرة وجبرية الربوبية ذاتها وهنا كان لابد من إنتصار جبرية الربوبية وقبل تنامى مقدرة الإنسان العقلية والإختيار لديه اذ ساعتها سيظن أنه قادرٌ عليها - أى على الأرض وعلى الكون كله - بظنه مقدرته على العبث بسنن الكون الفطرية والقدرة على تغييرها ولكون الرب يعلم مقدرة ماخلق وعظمة أسراره التى قد تُمكِّنهُ من الوصول لذلك فكان لزاماً أن يأتى أمره للإنسان فور أن يحاول ذلك بفناء الكون كله بقوله الفصل سبحانه .. ولا يوجد كائناً قد حاول العبث بهذه الفطرة سوى الإنسان وحده من دون كل المخلوقات ..
ففطرة التزاوج بين كل الكائنات الحية لا تعرف سوى إلتقاء الموجب والسالب والذكورة والأنوثة بتلقيح الأول للثانى وتزاوجه به حتى الذرة ذاتها تتكون من نواة موجبة الشحنة تحتوى على بروتونات موجبة الشحنة ونيترونات متعادلة الشحنه وتوجد خارج النواة إلكترونات سالبة الشحنة تدور حولها فى سبعة مدارات وهذا يعنى أن أصغر وحدة بنائية فى الكون تتكون من السالب والموجب ولا يمكن لها أن توجد أصلا من سالبين أو من موجبين تلك هى الفطرة والتى نراها حتى فى أجهزة الحاسوب ذاتها والتى لا يمكن أن تعمل دون وجود البِت الموجب والبِت السالب وهما اللذان يتكون منهما البايت الواحد .. كما وأن كل الكائنات الحية تتكاثر من تزاوج الذكر والأنثى ولا يميل الذكر الى مثيله ولا تميل الأنثى الى مثيلتها بالإطلاق فى كافة مفردات الكون وإلَّا لإنعدم الكون بكامله ..
لكن الإنسان وللأسف قد تفرَّدَ من دون كل مخلوقاتِ الله جميعُها من كائناتٍ حيَّةٍ أو غير حيَّة من نباتاتٍ أو ذرةٍ بالافتئات على هذه الفطرة التى تحكمها جبرية الربوبية بالإعتداء عليها بأن إبتكر التزاوج المثلى والذى لم تعرفه الحيوانات ذاتها فلم نجد حيواناً وقد مال لمثل نوعه ذكراً كان أم أنثى إنما الإنسان فقد إبتكر هذا وهلل له وإعتبره حقا إنسانياً يستحق التطبيل له من قِبَل جماعات حقوق الإنسان ذاتها ومن منطلق حرية الإنسان فى التعامل مع جسده بل وكانت سبباً رئيسياً فى نجاح بوش الإبن فى الإنتخابات الرئاسية الأمريكية لمجرد أن تعهد بضمان حرية الشواذ المثليين جنسياً ..
ذلك كُله كان من توابع الإختيار الذى تمتَّع به الإنسان وأوصله بالإبتكار إلى محاولة أن يبلغ أسباب السموات والأرض وقد أوشك على نجاحه فى ذلك لكنه لن يستطيع إتمامه بأمر الله بينما فقد أوصله فى المُقابل للانحطاط بقدره وكرامته رغم إعلاء الله لقدره وأمام كل مخلوقاته سلفاً ومن دون كافة المخلوقات بذبح الفطرة ومحاربة جبرية الربوبية ذاتها بإفشاءه القتل والزنا والتدمير فى أرض الله وكونه ..
لقد خلق الله نوعاً من القرود وهو الشامبانزى وهو الأقرب للإنسان تكويناً بدنياً وتَصرُّفاً حواسياً وقد رأيته يلتقط ثمرة الخيار بينما فقد نزع منها طرفيها الأعلى والأسفل بمقدمة أسنانه فرماهما أرضاً ليبدأ فى أكلها من دونهما وهذا المسلك فى نظرى بالإضافة لتصرفاتٍ عديدةٍ له لا تفرق كثيراً عن مسالك وتصرفات الإنسان والذى هو الأقرب تكويناً جسدياً له فنكاد نظن أن عقليهما متقاربين ولقد خلقه الله ليضرب مثلا للإنسان أن هكذا هو الشامبانزى بلا إختيار وأن هكذا هو الإنسان بالإختيار الذى أعطاه مُكنة الإبتكار والتطور بينما فلم يعطيانهما للأول رغم تقارب صفاته الجسدية إلى الثانى .. الأمر الذى قد جعلنا نرى الإنسان فى حال تطورٍ دائم ومُستمر نظراً بتكاراته وإختراعاته المُتوالية والمُتنامية والمُتصاعدة بينما فنرى الشامبانزى كما هو لا يتغير أمره ولم يتبدل حاله منذ أن خلقه الله وحتى الآن بل وحتى نهاية الكون ذاته .. ولكى نتأكد من هذا تعالوا لنفترض جدلاً أن الإنسان قد فقد الإختيار برافديه الإبتكار والتطور منذ نشأته ومنذ خلقه الله ..
لا شك كانت صورته هى الأقرب الى هذا المخلوق منه الى إنسان الحاضر ولطال شعر رأسه وسائر بدنه بلا تهذيب كما واستطالت أظافره من دون قصٍ أو تقليم ولما تطور مسكنه عن كهف الإنسان البدائى ولما تعلم لُغاتٍ أُخرى ليتجاوب مع غيره ولما اتخذ لنفسه لباساً يوارى سوءتيه ولكان بهذا فى أبشع صورةٍ من إنسان الغابة ذاته صورةً وتصرُّفاً بلا إبداعٍ أو إبتكارٍ أو تهذيب ..
هكذا هو الإنسان من دون الإختيار برافديه من الإبتكار والتطور لكنه بتوافر الإختيار لديه فقد هذَّبَ من ذاته ومن مسكنه وقد صار مُبدِعاً وعالماً وفليسوفاً وفقيهاً يؤدب غيره بإعادته الى الفطرة التى فُطِر الناسُ عليها لا تبديل لخلق الله ..
ولكن ياترى هل الشامبانزى حزيناً لفقده حق الإختيار هذا وما تفرَّع عنه من مُكنَتَى الإبتكارِ والتطور .. وهل الإنسان هو أسعد حالاً منه لشعوره أنه الأحسن حالا منه كذلك ؟!
أرى أن الأول هو الأكثر سعادةً بفُقدانه حق الإختيار هذا بينما الانسان فقد كان هو الأشقى والأتعس حظاً رغم توافر هذا الحق لديه اذ الإختيارُ لديه كما أمكنه من إبتكار كل أسباب ووسائل الإرتقاء والتى جعلتها بظنه أنه قادرٌ عليها –أى على الأرض وأسباب الكون - فقد أفقده سعادة الطاعة بالتناغُم مع الفطرة وجبرية الربوبية فسلبت منه بأفعاله وبإفتئاته على الفطرة وبإختياره التَفَرُّد به من بين مُحتوايات الكون كله وكافة مخلوقاته كل هنائاته وسعاداته فتبدَّلت حياتُه الى كَبَدٍ ومشقّة ..
والسؤالُ هنا: هل الملائكة كانت صائبةً فى قولها لرب العزة حين أنبأهم بأنه جاعلٌ فى الأرض خليفة وهو الإنسان فقالوا وكما بالآية من سورة البقرة (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ (30) ) والجواب كما نرى هو قوله تعالى لهم وفى ذات الآية (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ..
وهذا يعنى أن الرب وبعلمه الأذلى قد عرف نتائج الإختيار لدى الإنسان لكنه قد علم كذلك أنه سيكون من بين بنيه من سيعلو على مراتب الملائكة أنفسهم فإستحقَّ سجودهم إليه بالتزامه بالطاعة ليس بجبرية الربوبية ولكن بالتَلذُّذ بالطاعة رغم مُثيرات ومُغريات مخاطر الإختيار الدافعة به إلى لمعصية ..
نخرُج من كل هذا الى أن الإنسانَ مع الطاعةِ يرتقى على الملائكة ذاتها ..كما وأن الإنسان مع المعصية يتدنى عن مرتبة الحيوانات ذاتها .. بينما فالكون كله قد أوشك ينتظر قرار الرب النهائى فى كونه وقد ظن الإنسان وبما مَكَّنَتهُ منه مُكنة إختياره أنه قادرٌ على تغيير سنن الكون وهو الآن ومن بعد نجاحه فى إرتقاء طبقات الجو العُليا وكواكبه وكذا العبث فى جينات الإنسان ذاتها وبقواعد الهندسة الوراثية ومحاولة فك شفرة الكون ذاته بمحاولة فك أسراره بمعرفة كيفية خلق الله الكون خاصةً والإنسان قد حارب بالإختيار لديه كل قواعد الفطرة بل وجبرية الربوبية ذاتها وقد شعر بأن الأرض قد تزيَّنت وأنه قد بات القادرعليها فقد بات ضرورياً بالتبعيَّة أن يقول الرب كلمته والتى أبانها سبحانه فى قوله ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)) صدق الله العظيم ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.