90 دقيقة فقط...، تكفي لإسعاد البشر، يتعانق فيها الضدان ويتصالح فيها الخصمان، وكأن الشمس والقمر في آن واحد ينيران ( فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) أنها لُغة ... لُغة نعرفها جميعاً على اختلاف أشكالنا هناك من يتقنها وهنا من يحرمها، أنها إل 90 دقيقة. مقهى بوسط برلين والناس هنا في أحلى لباس باسمي الثغر السعادة تعلو الوجوه التي ازدادت جمالاً يشجعون فريقهم بحماس يشع سعادة على كل من حوله، عدت بذاكرتي ليوم قريب يشبه هذا اليوم. القاهرة نهائي كاس أفريقيا. خالية من المارة، لا يوجد مكان خالي في مقهى، صمت غير معتاد يشوبه من آن لآخر زائير المشجعين وتلتقط أذني بعض أسماء اللاعبين أمثال أبوتريكة وسونج، و لمباراة كرة قدم فوائد أخرى، فقد عرفت أن أبوتريكة لاعب كرة قدم وكنت أظنه مؤسس الدستور المصري الجديد، تنتهي إل 90 دقيقة وتعود القاهرة لسابق عهدها من ضجيج لكن له حلاوة، الكل سعيد يتكلم في آن واحد، هذا يحمد الله ويعانق من يشكر الرب، وجدتني سعيداً سائراً بينهم قاصداً منزلي مستمتعاً بضجيجهم، فقد أصابتني فرحتهم وما أحلى الإصابة، أجمل ليلة عشتها، لا يعكر صفوها سوى اثنان ذو لكنة ريفية من خفر الدرك حاملي الشهادة المتوسطة يضحكون بسخرية ويقولا: - أما شعب أهبل صحيح انتبهت على صوت النشيد الوطني للفريق الايطالي، ما أحلى موسيقاه، والفريق والجمهور يغنيان بكل حب وحماس لبلادهم فقد أضفيا للموسيقى جمال فوق جمال، موسيقى حركت الصّوان، فما بالك بشخص عاشق للجمال مثلي، وقتها فقط تمنيت فوز الفريق الايطالي لجمال موسيقاه وروعة حماسهما، ولكنني في معقل الألمان وهذه مباراة الدور قبل النهائي، كنت تمنيت الغلبة لهم لما شعرت بهذا القدر من الحب لبلادهم، الكل سعيد متفائل، وكانت الدقيقة 37 وأصبحت المشاعر ضدين، حزن ودموع هنا يحركان الحجر، هتفت هكذا Viva Deutschland الغلبة للألمان، بعد أن رأيت حب بلادهم في حزن أعينهم، وانتهى الشوط الأول، وما أطولها استراحة بين الشوطين... القاهرة تسمع صوت الجمهور في إستاد برج العرب بعد أن أحرز أبو تريكة هدفه الثالث مرددين شكراً... شكرا...ً يا مشير، فكما نعلم أن الجمهور هو اللاعب رقم 12 لفريقه، وهذه مهمة وطنية لذا تفضل السيد المشير بالسماح للجمهور بحضور المباراة – حلم ما أجمله - بعد قرار الحرمان الذي أتخذ بعد مجزرة إستاد بورسعيد. فرحة وسعادة وصراخ من القلب ودموع الفرح والسعادة تنهمر على الوجوه، بعد أن أحرز الفريق الألماني هدفه الأول، المباراة أوشكت على الانتهاء ومازال الأمل يحدو الألمان لأدراك التعادل لكن هيهات صفارة الحكم تعلن الدقيقة 90... بفوز منتخب أفريقيا الوسطى على منتخبنا القومي في إستاد برج العرب دون جمهور... ما أقبح كل حلم جميل. عزت عبدالمجيد برلين 28.06.2012