سعدنا بمبادرة جريدتنا «الشروق» من أجل تهدئة الأجواء المشتعلة بين الجماهير المصرية والجزائرية وإعلام البلدين قبل ما يقرب من شهر على موعد اللقاء التاريخى فى ختام تصفيات أفريقيا المؤهلة للمونديال، وسعدنا بدرجة أكبر بحدوث تجاوب سريع لهذه المبادرة العاقلة، خاصة أن التجاوب جاء من مصر والجزائر فى وقت واحد وإن اختلفت درجة هذا التجاوب. وهذه السعادة وهذا الترحيب بكل مبادئ الروح الرياضية لابد أن يكون مصحوبا بكل التحضيرات التى تضمن تحقيق الهدف من المبادرة لتتحقق على أرض الواقع وليس على الورق فقط. وهذه المبادرة النبيلة لا تهدف إلى «تخدير» الجماهير المصرية قبل المباراة المنتظرة فمن حق الجمهور أن يشجع فريقه بكل حماس وقوة لكى يحقق هدفه، فهذا حق مشروع لكن بالطبع دون التعرض للمنافس، فنحن نرفض المبالغة فى الهدوء كما نرفض المبالغة فى الحماس والتعصب، خاصة مع منافس ذكى مثل شقيقنا الجزائرى يعرف أهدافه ويستطيع تحقيقها. وما أخشاه عند موعد اللقاء أن يتم منع الجماهير من التعامل بحرية فى تشجيع منتخبنا بحجة إكرام الضيوف، فنمنع مثلا مكبرات الصوت والأعلام الكبيرة والطبول وغيرها رغم أنها أدوات مشروعة فى التشجيع مادامت لا تضر بالمنافس وبذلك يتحول كل من فى مدرجات استاد القاهرة إلى «جمهور تنس» يصفق بعد كل لعبة حلوة فقط وهو ما لا يفيد منتخبنا الذى يحتاج إلى الفوز بأكثر من هدفين على منافس عنيد يعرف كيف يجعل مدة المباراة 30 دقيقة فقط بدلا من 90! نحن مع الروح الرياضية وعدم المبالغة أو تحويل مباراة كرة قدم إلى حرب، ولكن فى الوقت نفسه ضد أن يصل الهدوء والاحتفاء بالإخوة الجزائريين والالتزام بشعارات العروبة المعروفة التى تنفذها مصر وحدها إلى قتل لحماس الجماهير وبالتالى انتقال ذلك إلى اللاعبين الذين يحتاجون إلى شحن معنوى كبير طوال الوقت من أجل تحقيق حلم الوطن. وإذا كانت المبادرة قد خرجت من مصر وتجاوب معها الجزائريون فكل ما نتمناه أن يكون لقاء 14 نوفمبر بداية صفحة جديدة من العلاقات الطيبة فى ملاعب مصر والجزائر وكل الدول العربية لأن أهداف الرياضة أسمى من كل تعصب أعمى وأتمنى أن يقابل الاحترام بالاحترام والتقدير بمثله.. لأن أقسى شىء على الإنسان أن يواجه إحسانه بإساءة وكرمه بنكران أو أن تتحول مشاعره إلى «حب من طرف واحد»!