*** أليس من العجيب أنَّ مصرَ كنانةَ الله ، وأم الدنيا يحكمها على مدى ثلاثين سنين عجافاً؛ حاكمٌ عسكريُّ بليدُ الفكر، و سائقُ طائرةٍ ضيقُ الأفق، كسيحُ الطموح، عليلُ الخيال ؟! أوليس من الأعجب أن يدورَ الدولابُ سريعاً وفي فترة عام ونيِّف ينسى المصريون الذلَّ، وحق الدم، ويعودوا اليوم .. ليجدوا أنفسهم مرة أخرى في مواجهة نفس القدَر ، وذات المصير ؟! وقد ترشح لقياد تهم في هذه الأيام العصيبة ، وتلك المرحلة الحرجة من عمر الثورة؛ رجلٌ من ذات الصنف، ونسخةٌ طبق الأصل من ذلك الحاكم العسكري المخلوع ، وسائق الطائرة ذي الأفق المحدود ؟!! الحق أقول لكم .. لم يكن شفيق صادقاً، ومحقاً يوماً ما .. كما كان صادقاً ومحقاً عندما صرَّح هكذا جهاراً نهاراً و على الملأ أنَّ مثَلَه الأعلى هو "حسني مبارك" رمز النظام البائد الفاسد !! فالرجل بالفعل نسخة طبق الأصل من سلفه الساقط (مبارك) الذي اشتهر ببطء التفكير، وضعف الإحساس بنبض الناس وخطورة الأحداث. مبارك الذي تعامل مع أخطر وأهم الأحداث المصيرية المصرية ببرودٍ و تراخٍ حيناً، و بسخرية واستهتار في أحيان .. ! حتى انتهى به الحال؛ ليكون مصيره كما هو مصيره الآن (مخلوعاً من الحكم .. محكوماً عليه في قضايا فسادٍ، و إفسادٍ، و قتل .. لخيرِ أمّةٍ، وأطيب شعب ..!) "مبارك" إذن هو المثل الأعلى والسلف الصالح للخلف النابه "شفيق " !! ولِما لا .. ؟ دعُونا نرى .. كيفَ يُعبِّر شفيق عن ثورة 25 يناير .. وبعضمة لسانه، وبالحرف الواحد : ممممم ... هي ليست ثورة !! بل هي فورة !! لا .. لا .. هي تعبيرٌ حادٌ عن الرأي العام الجماعيّ ! هيصة .. هيصة .. هي هيصة .. ! ... ثورة يناير العبقرية يا سادة التي ألهمت قادة وشعوب العالم ؛ تبدو في نظر شفيق: هيصة.. مجرد هيصة ... !! ومن الطبيعي إن كان (الشفيق هذا) سيء الحكم والتقدير؛ فمن الطبيعي أيضاً أن تأتي معالجاته للوضع وللأزمة؛ سيئةً بالغة السوء، وخاطئةً غاية الخطيئة .. لنرى إذن اقتراحاته ورؤاه للتصدي للثورة .. ! يقول شفيق: الثوار: " شوية عيال" وبالتالي يمكنني أن أتفاهم معهم بأن أترك لهم الميدان وأزودهم كل يوم بالفطور، والغذاء، والعشاء، ولن أنسى بالطبع ( البونبوني !) .. ! أُعيدُ إليهم (النت) فيتركوا لتوِّهم الميدان وينشغلوا بالفرجة والدردشات؛ عبر الشات ومواقع التواصل الإجتماعي، والمواقع الإباحية، والمنتديات !! . أُطلق على الثوار "شوية بلطجية" يركبون جمالا وبغالا وحميراً يلاحقون المليون ثائر المتواجدين بالميدان فيفروا أمام جموع حميرهم، و جمالهم، وبغالهم هاربين .. ! أطلَع عليهم شخصياً في وسائل الإعلام مرتدياً بنطلون، وقميص و (بلوفر .. !!) فيشعروا أني مثلهم وواحد منهم .. ! فيعودوا إلى بيوتهم هانئين، وادعين، مستكينين ! وكان طبيعياً أن يكون تعليق الرجل في النهاية وبإحباط : (للأسف الثورة نجحت !!) !! ... لننتبه إذن لشفيق (النابه، الواعد) المرشح لرئاسة مصر كيف يردّ على الأسئلة من خلال البرامج الحوارية التلفزيونية : يردد دائما : أيوه يا افندم .. نعم يا أفندم .. يردد : اعطوني فرصة كي أردّ .. اعطوني فرصة .. ! وعندما يعطيه المحاور التليفزيوني الفرصة الوافية للردّ، نُفاجأ به وقد أضاع نصف الوقت في الصمت والتفكير.. ! ويعود في نصف الوقت المتبقي من زمن الإجابة على السؤال يطلب من المحاور إعادة ذات السؤال ؛ حتى يعطي لنفسه فرصة أخرى للتفكير.. !! طبعاً ذاكرته لا تُسعفه لا للتفكير، ولا لاستدعاء المعلومة المطلوبة ، فيبدأ يُتمتم ..، ويُرغي، ويُزبِد ..! وأحيانا يقول كلاما غامضاً، ويلجأ في تلك الحالة لأسلوبٍ ساذجٍ،غريبٍ حقاً؛ حيث يقوم بتخيير المحاور، سائلا ً إيّاه بعد كل كلام مرتبك غامض : هل أشرح أو أُفسر لك؟ ...!! طبعا يبتسم المشاهدون المحتشدون أمام التلفازمرة بعد مرة، و يشعر المحاورعندها أن الوقت يضيع بلا طائل، ويكاد الملل، يخنق الجادين من المستمعين الذين لمّا يزالوا باقين على مَضضٍ، ونفاذِ صبر، في المتابعة و الإستماع ..! فيضطر المذيع المسكين أن يرد عليه: لا لا .. فاهمين .. فاهمين .. لا تشرح .. أكمل حضرتك ! وينتهي الحوار الطويل ويا للأسف دون أن ينتهز الرجل الفرصة للتعبير عن نفسه، وإلقاء الضوء على برامجه و طروحاته ، و رؤاه وأحلامه كمرشح لأعلى كرسي في برّ مصر.. ! هكذا للأسف هو حال الرجل ..! تماماً كحال سلفه المخلوع (مبارك)؛ إختصاصيون هم دائماً في اغتيال الوقت و إضاعة الفرص ..! ولو كان لكلامه بالطبع أيَّةَ أهميةٍ، أو شيءٍ من واقعية أومصداقية، لكان قد دبّت فيه الروح، وعادت إليه الحرارة، وانفردت بالتالي سحنته، وانفرجت أساريره، وغنيت قريحته، و انفكت عُقده، و انطلق لسانه واسترسل، ولم يقدر على كبح جماحه أو إلجامه أحد .. ! لكنها ذاكرة الرجل المرتبكة بركام من الأحداث التي تحمل له خبرات سيئة يحاول عقله الباطن أن يكبتها كبتاً، و عقله الواعي أن يمحوها محواً ..! و بديهته الغائبة بفعل السنين التي قضاها في الأفرول العسكريّ؛ الذي خلى قاموسه اللغويّ إلا من عبارات الطاعة والتسليم للأمر: تمام يا أفندم .. نعم يا أفندم؟ .. أوامر سيادتك ياافندم.. ! تعليمات، وتوجيهات سعادتك يا افندم .. !! حتى أننا نجده في كل حالٍ يصادفه الرجل دون سابق خبرةٍ أو سالف تجربة ؛ يتصرف التصرف الأسوأ، ويُضيَِع الفرصة الأثمن ..! حادثة بسيطة مرَّت بالرجل نذكرها هنا على سبيل المثال كانت فرصة لأن ينتهزها، ويمتطيها ويقدم أنموذجاً للقائد الفارس، حاضر البديهة، واثق الخطى، بليغ الكَلِم، والحِكَم.. عندما واجهه نخبة متنورة طليعية من شبان، وشابات شعبه، الثائرين المحتجين على ترشُّحه كرمز سيء من رموز الفلول للعهد الساقط البائد، عندما رفعوا في وجهه الأحذية أمام اللجنة التي راح شفيق يدلي فيها بصوته.. ماذا كان تصرف الرجل ؟! لقد هرب لفوره من المناظرة والمواجهة، و اندسَّ في فزع ٍ، ووجلٍ بين عشرات من مرافقيه وحُرَّاسه .. وعندما جاءته الفرصة حتى كادت تلامس فمه وأنفه لم يستثمرها، وراح يصرِّخ، و يُصرِّح لأول قناة تلفازية أعطته الكلمة أنَّ مثل هذه الأعمال؛ إنما هي أعمال صبيانية تدل على قلة أدب هذه الفئة من الشعب .. ! هكذا كان ردّ ة فعل "شفيق" الرجل المرشح لرئاسة مصر .. ! وهو لا يختلف بالطبع عن ردّ ة فعلِ أي صبيّ من الصبية يُمكن أن يتعرض لمثل هذا الموقف داخل أيّ حارةٍ، أو على ناصية أي شارع .. ! ولو كان شفيق (الزعيم) زعيماً بحق ؛ لامتطى الفرصة ووقف يواجه الموقف بشجاعة رأي ، وقوة حجة وناقش شباب الناخبين بالتي هي الأحسن، وجادلهم كلمة بكلمة، وقارَعَهُم حُجَّة بحُجة ، وأبان لهم (ولغيرهم من خلالهم) ما يرى أنه ربما غامض عليهم، أو خافٍ عنهم ؛ خاصة وأن المكان كان مؤمَّناً تماماً من قبل قوات الشرطة العسكرية التي تمنع أيّ أحدٍ من دخول اللجان الإنتخابية بأي سلاحٍ كان ؛ وعلى حدِّ علمي أنَّ الحذاء الآن قد أصبح في العُرف المصري "أداةً للتعبير عن الرفض" وليس بطبيعة الحال " سلاحاً للقتل" ! للأسف لو كان الرجل على شيء ذي قيمة ؛ لاغتنم كل هذه الفرص وعرض من خلالها طروحاته البليغة في قيادة مصر، ورؤاه ووسائله المبدعة للوصول بها إلى برِّ الأمان؛ الدافع للحركة إلى أمام؛ لتأخذ دورها في مصاف البلدان المتقدمة اقتصاديا،ً وتقنياً، وانسانياً؛ بما يليق بكونها كنانة الله في أرضه وأم الدنيا !! ... لك الله يامصر وأعانك على مَنْ ابتلاكِ بهم .. !! *** https://twitter.com/#!/m_elsherif100