ليس غريباً أن يصعد نجم الفريق أحمد شفيق، المتزوج من عمة خديجة الجمال زوجة جمال مبارك، والممول من رجال أعمال الحزب الوطني المنحل، الذين جمعوا المليارات من أموالنا المنهوبة، التي وزعها عليهم المخلوع ليكونوا رجاله وعزوته ومساعديه في خراب مصر وتدميرها. صعد نجم أحمد شفيق بمساعدة الأقليات، الذين مازالوا يعيشون سيناريو مبارك القديم، الذي كتبه وأنتجه وأخرجه وزير داخليته، القابع خلف القضبان، أن الإسلاميين إرهابيون، وإذا وصلوا إلى الحكم فسوف يقصون الأقليات عن المشهد برمته.. علماً بأن الأقليات لم يصل تعدادها إلى 10% من عدد سكان المحروسة، والباقي مسلمون سنة، أي أن السيناريو الهابط الذي صنعه أركان نظام مبارك عارٍ تماماً من الصحة، لأن المسلمين إذا كانوا إرهابيين لما استطاع الأقليات أن يعيشوا بينهم بأمن وأمان واستقرار نفسي، وفي رغد من العيش، فمعلوم أن الأقليات أكثرهم أغنياء، لأنهم لا يعملون إلا في المهن الرابحة، أما المسلمون، رغم أنهم أكثرية، إلا أن أكثرهم فقراء. صعد نجم شفيق، بسبب استغلاله لحالة الفقر المدقع، التي يعيشها كثير من أبناء الشعب، الذين أرهقهم الفقر والعوز، وجعلهم يمدون أيديهم لاستلام معونات هم يعلمون مصدرها، وأنها منهوبة من خزينة الدولة، التي أرهقها مبارك بسياساته الفاشلة، وجعلها خالية الوفاض. في أول مقابلة تلفزيونية له، بعد صعوده إلى مرحلة الإعادة، مخاطباً ود المسيحيين، الذين منحوه أصواتهم، أنه سيحذف آيات القرآن من الكتاب المدرسي، فهل يصلح هذا لقيادة مصر، التي يدين أكثر سكانها بالإسلام، أي أنه مرشح الأقليات، وليس مصر بكل طوائفها. والله إني لأتعجب من الذين خانوا الشعب المصري بأكمله، وليس الثوار فقط، وباعوه بثمن بخس جنيهات معدودة، وصوتوا لأحد أعوان مبارك المقربين، ألم يعلم هؤلاء أن شفيق متهم بإهدار المال العام، واستغلال النفوذ؟ ألم يعلموا أنه مدان في موقعة الجمل التي راح ضحيتها عدد كبير من خيرة شباب الوطن؟ ألم يعلم هؤلاء أنه ساعد في تحويل أموال مبارك المنهوبة إلى الخارج بأسماء آخرين؟ كيف يرضى هؤلاء أن يعاد بناء النظام القديم، الذي عانينا منه على مدى ثلاثين عاماً؟ ألم يعلموا أنهم بذلك خانوا دماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن الغالي؟ ألم يعلموا أنهم بذلك شهدوا زوراً، لأن الإدلاء بالصوت في الانتخابات كالشهادة، وسيحاسبون عليها أمام الله تعالى. وعلى الجهة المقابلة صعد نجم محمد مرسي، مرشح الإخوان، الذين يوزعون مواد تموينية في القرى والنجوع، مستغلين فقر كثير من عائلاتها، لاستجلاب عطفهم، رغم أنهم يرفعون راية الإسلام، إلا أنهم يستخدمون كل الحيَّل للوصول إلى الكرسي، لأنه مبتغاهم الوحيد، وليس رضا الله عنهم، ولا خير مصر، كما يزعمون. ذهبت إحدى السيدات الأرامل إلى مقر تبرعات الإخوان، لتحصل على معونة، رغم أنها قليلة، إلا أنها تساعدها في ظروف الحياة، كما تعودت كل شهر، فما كان من مسؤول الجمعية إلا أن قال لها: «المعونة هذا الشهر من الدكتور محمد مرسي، فيجب عليك أن تمنحيه صوتك، وإلا سيمنعها عنك». للأسف الشديد، في كلا الحالتين، أخطأ الناخبون المصريون، خطأ فادحاً، سواء من صوَّت منهم لأحمد شفيق، أو من صوَّت لمحمد مرسي، لأنهم أكلوا الطعم الذي ألقي لهم بكل سهولة، دون وعي أو تفكير، وكأنهم مغيبون عن الوعي. كلا المرشحين لم يلبِ طموحاتنا، ولن يستطيع أن ينفذ مطالبنا، التي ثرنا من أجلها، لأنه من الطبيعي أن يكون ولاء الأول لأركان مبارك والأقليات، الذين وقفوا معه بالمال والتصويت، وإذا لم يلبِ مطالبهم بحذافيرها انقلبوا عليه، والثاني سيجبر على البيعة لمرشد الجماعة، شاء أو أبى، أو أن يكون أداة بيد الجماعة، التي صرفت عليه الكثير والكثير لكي يصل إلى المنصب. أقولها، وبكل صراحة، سواء نجح شفيق أو مرسي، فمن الصعب أن تستقر مصر، لأن كلا الخيارين أحلاهما مر، ولن يستطيع أحدهما أن يقود سفينة مصر الحائرة إلى بر الأمان، لأن الرئيس القادم، لابد وأن يكون وطنياً من الطراز الأول، ويحتوي كل أبناء الشعب وليس طائفة أو جماعة بعينها. كاتب وناشط سياسي مصري