كنت اشاهد الاخبار مع أبنى وكانت الاخبار تذكر خبر الرسوم المسيئة للرسول الكريم ، وهنا سألنى أبنى لماذا هؤلاء يتعدوا علينا بهذا الشكل ، ولماذا تتكرر الاسائة دون رد مناسب منا نحن المسلمين . ومن هنا جاءت فكرة المقال وعنوانه ... كان لدى الاسلام العظيم فرصة عظيمة ليكون هو الدين السيد فى القرن الواحد والعشرين .. والسيادة هى بالخلق وبالرحمه وبالتسامح وهى بالعلم والمعرفه ، هى بروح الحضارة الاسلامية ، كان لدى الاسلام العظيم فرصة كبيرة ذلك أن ترتيب السكان فى العالم دينياً هو على النحو التالى .. المسحيون الدين الاول فى العالم 2.3 مليار نسمة ، والمسلمون الدين الثانى فى العالم 1.8 مليار نسمة ، والهندوسية الدين الثالث فى العالم 1.1 مليار نسمة ، والالحاد فى العالم 1.2 مليار نسمة ، كان أمام الاتقياء أذا كانوا أتقياء حقاً أن يتوجهوا لاكثر من 1 مليار نسمة ملحد حول العالم ، والى ديانات وثنية وارضية ، كان يمكن أن يتمدد اليها هذا الدين العظيم ،ولكن تحت وطئة التطرف الدينى والارهاب والتخلف الذى اصاب الحضارة الاسلامية اصبحت جغرفيا العالم الاسلامى التى كانت فى السابق تمتد من الحضارة الى الحضارة ، ومن الرحمة الى الرحمة ، ومن الرقى الى الرقى ، ومن العلو الى العلو ، اصبحت خغرفيا العالم الاسلامى الان من حركة طالبان شرقاً الى بوكو حرام غرباً ومن داعش شمالاً الى القاعدة جنوباً ، لدينا ثلاث أقليات اسلامية كبرى فى الشرق ، وثلاث أقليات اسلامية مهمه فى الغرب ، وثلاث دول إسلامية فى قلب أوروبا ، وكان يمكن لذلك كله أن يكون رصيداً كبيراً لهذا الدين العظيم ، لدينا أقليات فى الصين والهند وروسيا ، الدول الثلاث الاكبر فى شرق العالم يصل عدد المسلمين فيهم الى ربع المليار نسمة أى ما يعادل عدد سكان اميركا ، ولدينا فى الثلاث الدول الاوربية الكبرى ( ألمانيا – فرنسا – إنجليترا ) 12 مليون مسلم ، وإذا قدرنا من حيث الكم عدد اليهود فى تلك الدول الثلاث فهم لن يزيدوا عن مليون يهودى ، اى أن عدد المسلمين يزيد 12 ضعف عدد اليهود من حيث الكم ، ولكنه بات كماً كغثاء السيل !!! ، واصبح هذا الزحام بتعبير الشاعر ( لا أحد ) ، لدينا ثلاث دولاً مسلمة فى قلب اوروبا ( كوسوفو – البانيا – البوسنة ) ولكن الثلاث الاقليات العملاقه فى الشرق والثلاث اقليات المهمه فى الغرب والثلاث دول المسلمة فى قلب اوروبا 3+3+3 كان ينبغى أن يساوى الكثير ولكن التطرف والارهاب وإختطاف وجه هذا الدين العظيم جعل النتيجة ( صفر ) وليست كالمأمول ، هذا فضلا عن الدول العربية قلب العالم الاسلامى ، وقد نتج عن كل هذا الارتباك والتخلف الذى اصاب الامة والحضارة الاسلامية ظواهر اربعة. الظاهرة الاولى هى ( النانو دولة ) إن البعض يتحدث عن الخلافة والامراطورية العظيمة ولكن فى الحقيقة يجزئون ويفتتون الدولة الوطنية ، يتحدثون عن هدم الدولة لاقامة الامة ثم أتضح إنهم تركونا فى العدم ( لا دولة ولا أمة ) والظاهرة الثانية هى ظاهرة ( عصر الجوارى ) فهذا الدين العظيم الذى هو دين الرحمة والكرامة والانسانية ، ورسوله الكريم رسول الرحمة ومكارم الاخلاق ، بات البعض الان يظهره وكآنه دين تجارة الرقيق وعصر الجوارى من جديد ، ذلك الذين يبيعون الفتايات فى داعش شمالاً ، ويبيعون الفتايات فى بوكو حرام جنوباً ، ومن سخرية الاقدار أن معظم الجوارى التى تُباع هم من المسلمات !!! والظاهرة الثالثه فهى ( من الجريمة الى الجهاد ) ذلك أن عدد كبير من الجهاديين هم مجرمون اصلاً قبل أن يصبحوا جهاديين ، فهم لم يمروا بعملية التربية ولا عملية الاخلاق ، تحولوا مباشرةً من القتل والسرقة والجريمة والمخدرات الى الجهاد مباشرةً دون أن يمر بعملية التربية والعلم ولو للحظة واحدة !!! بل إن بعض المُجرمين صاروا فقهاء وقادة لتلك الجماعات ، إنهم لا يدركون إن الامام مالك العظيم قضى 40 عاماً يعرض كتابة الموطأ على 70 عالم حتى أقره ، إنهم لا يدركون أن قراءة تفسير القرطبى الذى فى 24 مجلد تحتاج الى وقت طووووويل ، إنهم لا يدركون أن كتابين مثل كتاب ( الاثار ) وكتاب ( الإيصال ) للامام أبن حزم عدد صفحاتهم 25 الف صفحة فأذا قرر إنسان أن يقرأ بتمعن فإنه يحتاج الى مجهود كبير ووقت أطول حتى ينهى الكتابين ، إن هؤلاء خرجوا من الجريمة لقيادة جماعات دينية متطرفة بلا علم ولا خلق ولا تربية والظاهرة الرابعة ( الاسلام ضد الاسلام ) وذلك أن ثمة صراع بين السنة وبين الشيعة قد بدأت ملامحة بعد ثورة ايران 1979 ونرى الان أن الحوثيون عملاء ايران سيطروا على صنعاء فى اليمن ، وتحدث نائب الرئيس الامريكى السابق فى مقال نشر فى واشنطن بوست أن بغداد عاصمة الشيعة ، ونرى تمددً ايرانياً فى أكثر من مكان ، إن الخطر فى ذلك أن تصبح الحرب بين الاسلام وبين الاسلام ، بين السنة وبين السنة ، وبين السنة وبين الشيعة ، كان نابليون بونابرت فى معركة النمسا عام 1805 يقول حينما ترى عدوك يخطأ فلا تزعجه ، دعه يخطأ . ايها السادة .. إننا نخطأ وهم لا يزعجوننا لانه ببساطة أخطائنا إنما تصب فى مصلحتهم ، كل الاديان تعيش فى سلام الا الاسلام ، وكل أتباع الديانات ينعمون بالهدوء الا المسلمين ، فى العالم الاسلامى .. تتوالى مواكب الحزن والموت .. تفجير يُطيح بالابرياء ، ثم تفجير يُطيح بالجنازات ، ثم تفجير ثالث يُطيح بالسٌرادقات !! مراحل متعددة للموت .. ومواكب نعوش لا تنتهى ، ذلك أن المتطرفين كالمستعمرين كلاهما عدوٌ للاسلام والمسلمين . وأقول الان ردً على سؤال أبنى و بملئ فيهى .. إننا نحن من أساء الى رسولنا العظيم وليس هذا الحقير الذى رسم تلك الرسومات الحقيرة مثله . ولماذا يا بنى لم نرد ؟؟ لاننا أمه تاهت واستباحت المعاصى والحقوق .. أمه حادت عن طريق بالنفيس أتشق لها .. أمه تاهت ولازم تفوق . حفظ الله الاسلام والمسلمين ... حفظ الله مصر .. أرضاً وشعباً وجيشاً وازهراً بقلم / عادل عبدالستار العيلة