دائما المصري فى آخر القائمة عند حكامه وعند مثقفيه ومن يسمون أنفسهم النخبة ، ناهيك عن رجال البزنس و المليرديرات ، فالكل يأكل من فأس الفلاح ومعول العامل البسيط ، ولا أحد يقدم للمصريين حلولا لمشاكلهم اليومية الملحة فى العيش الكريم . أقول ذلك بمناسبة ما أثير مؤخرا حول المعونة الأمريكية وارتباطها بمعاهدة السلام المعروفة باسم ( كامب ديفيد ) سيئة السمعة وما لحقها من اهدارموارد مصر والغاز الطبيعي وبيعه بأخس الأسعار لاسرائيل دون مقابل حقيقي فى الأمن القومي والمنطقة العربية والشأن الاسلامي ؛ و حسن الجوار فى مصر ولبنان وسوريا وغزة والقدس والمسجد الأقصى وفلسطين والسودان وغيرها من بلادنا العربية والاسلإمية ، ناهيك عن تراجع ، بلا تخاذل برامج التنمية فى مختلف المجالات البشرية والعلمية والبحثية والتعليمية والصحية والزراعية والاقتصادية ، وأيضا خنق برنامج التوسع فى زراعة القمح والإكتفاء الغذائي ، و تعرض الأمن القومي الخارجي والداخلي المصري لهزات عنيفة - نحن فى غنى عنها – تتكرر كل فترة بأشكال مختلفة دون تحسب لوقوعها أو توقع لعواقبها الوخيمة بالقدر المناسب. ومن هنا تساءلت بينى وبين نفسى : لماذا تخنقون حاجات المصريين اليومية ؛ وتخلقون من حوله أزمات مفتعلة لتضيقوا عليه ، فتعدون عليه أنفاسه وتهددونه فى أمنه البائس ؟ لم تعملون على اضعاف الشعب المصري ، فقد استنفدتم قوته وأنهكتم صحته ، ففى كل مرة تسرقون كده وسعيه وعرقه وقوت عيالة ؛ تسرقون خيرات مصر ، ثم تطالبونه بأن يفتدى مصر بما تبقى ؛ إن كان ثمة ما تبقى ؛ فالنذر القليل من عرقه وقوت عياله ؟ إن ما قالته المفوضة العليا للاتحاد الأوروبى ، كاترين آشتون يدلل على ما أرمى إليه . قالت آشتون : إن مصر لديها ثروات تكفى لمساعدة ربع الدول الأوروبية ( واشترطت قائلة ) : إذا استغلت تلك الثروات بشكل جيد ن وأن ما تمت سرقته وإهداره من أموال وأرصدة وثروات مصر الطبيعية خلال ال15 عاما الماضية من نظام مبارك ؛ طبقا لمعلومات الاتحاد الأوروبى وأرقامه المؤكدة يبلغ 5 تريليون دولار أمريكى ، وكان ذلك المبلغ يكفى تحويل مصر إلى دولة أوروبية متقدمة وكان يكفى لظهور 90 مليون مليونير كبير فى مصر" . ولا شك أن آشتون حزينة كما قالت هى على مصر وشعبها ، فلقد تعرضتم فى مصر لما هو يفوق الخيال فى الاحتيال والسرقات وتجريف الثروات المادية والطبيعية والافتراضية - لو صح التعبير. وقارنت بين مماليك عصر مبارك بالفايكنج أبشع صور الغزاة الأوربيين داخل أوربا فى أوربا نفسها. قالت : حتى أن – الفايكنج - وهم أشرس الغزاة الذين شهدهم التاريخ البشرى فى أوروبا ما كانوا سيتمكنون من سرقة مواردكم مثلما فعل بكم نظام مبارك. إنها تبشر بالفاينكنج الأوربي القادمون ، فهم أرأف بمصر والمصريين من مبارك ورجاله ، فلعلهاى تلمح بمن هو قادم من أمثاله. وآشتون حريصة على مصر والمصريون أكثر من حكامها ، فقد مدحت أكدت السلطات المصرية التى قامت خلال الشهر الماضى بتطوير أدائها بشكل محترف وإيجابى من أجل استعادة أرصدة مصر المجمدة. لكنها تأمر مجلس الشعب وتطالبه بالمزيد من الخطوات ، تطالبه بأن يصدر قرارات نافذه ناجزة على الأرض ، بل تعنفه ، وتتهمه بأن ممارساته لا تعدو أن تكون صحيفة يومية وطنية جديدة فى مصر تنشر التصريحات دون خطوات فعالة. وتقلدت الأم آشتون ملابس الكهان والوعاظ ، فطالبت الإسلاميين دون سواهم بألا يتدخلوا فى شئون المواطن المصرى بفتاوى التحريم. ولا تمل آشتون من إتهام الإسلاميون بالتخلف ، فقد عادت تنصح الأحزاب الإسلامية ، بأن عليهم أن يفعلوا ما يشاءون فى السلطة ، فقط يبتعدون عن السرقة والنهب ، فيجعلوا قدوتهم الأحزاب المحافظة فى أوروبا ، فهم مثلهم متدينون ويحكمون بالكتاب المقدس إلا أنهم تقدموا ببلادهم .. ! ومن هنا جاءت تهديداتها واضحة وكأنها الحاكم الفعلي فى البلاد . قالت تهدد وتتوعد : إذا وجدنا أن المجتمع المصرى يشكو من الإسلاميين لعدم مقدرتهم على التطور ومسايرة العصر الحديث فلن نجد أمامنا سوى التدخل لنجدة الشعب المصرى " . ولا أظن أحدا من المصريين يمكن أن يأخذ كلام آشتون مأخذ الجد إلا من وجهه القبيح وتدخلها فى الشأن المصري الداخلي ، فلا هى تحب المصريين ولا هى حرصها على مصالح مصر ، فما زال الأوربيين يغذون الفرقة والطائفية والإنقسام بين الشعوب المتخلفة والمستكينة ، فمبدأ فرق تسد سلاح قوي مازال فعالا فى أيديهم يلهبون به ظهور الشعوب والضعيفة... ! ما قالته آشتون رئيسة المفوضية الأوربية ليس إلا تدخلا صريحا فى الشأن المصري الداخلي ، فكان على وزارة الخارجية المصرية أن تصدح حنجرتها – على الأقل – ، وتشنف آذاننا وأسماعنا بالرفض القاطع لمثل هذه التدخلات السافرة ، فتدخلها كما لا يخفى نوع من التغطية المتعمدة على مؤمرات أوربا وأمريكا ضد مصر وثورتها الحرة ، من ناحية. ومن ناحية أخرى ، مواصلة العبث بأمن مصر الداخلي ، بالعمل المستمر على المساعدة فى تمزيق وحدة الصف المصري مثلها ذلك مثل الجمعيات المدنية الغير شرعية التى تهدد بالعصيان المدني وشق الصفوف وتمزيق و حدة الشعب وزعزعة الأمن القومي المصري ... إنها – وهو ما لا يستغرب من أمثالها - تمارس ذات اللعبة الأوربية القديمة القذرة مستغلة ضعف الشعب المصري وفقره ، فدخل المصري أدنى دخول الشعوب قاطبة حتى المتخلفة منها ، فالغالبية لا يتجاوز دخل الفرد اليومي فيها دولارين ( 2 ) إثنين... ! ومن هنا تساءلت كثيرا : لماذا تحظى مبادرات جمع المال رواجا وتشجيعا وتلقى دائما قبولا من المصريين البسطاء دون أدنى تفكير أو وعي بعواقبها؛ فى حين أنها لا تحظى ولا تلقى آذانا صاغية من العاملين فى البورصة و البزنس وأصحاب الكروش من المليارديرات فى مصر ، ناهيك عن الإعلام والقنوات الفضائية المصرية ؛ ذات الفضائيات التى روجت للسعد والريان وما شابه ، ثم راحت تكيل لهم التهم بعدما غضب عليهم النظام المنحل ، ثم عادت تفتح لهم مجال الترويج والدفاع عن أنفسهم بعد ثورة 25من يناير 2011م البائسة ؟ ولماذا لا تلقى حاجات المصريين الملحة واليومية قبولا ولا حلولا من أحد ؟ لماذا لا يعامل المصري بالمثل ، فيجد من ينافح عنه ، ويمد له يد المساعدة ؟ نحن لا نعارض التضحيات فى سبيل استقلال بلادنا وهزتها وكرامة شعبنا ، فما قمنا بالثورة إلا لهذه الغايات الكبار ، بل نحن أول من يضحى ؛ طالما التضحيات فى سبيل الله ، ومن أجل استعادة الكرامة والعزة لمصر وسائر بلاد الهرب والمسلمين ، فلا بد من استرداد الحقوق الضائعة والأرض السليبة ... ولكن – أن يضحى الرجال تلك السنوات الطوال لصالح حفنة من الحكام ورجال المال الفاسدين والمفسدين ، فلا تغير إلا فى الأسماء ، فهذا سفه ، وسبهللة ، لا نرضاه لأنفسنا ولا لأهلينا ، فسيحاسبنا الله سبحانه وتعالى على تقصيرنا إن قبلنا الدنية فى ديننا ودنيانا ، فلا أقل لمن صنعوا بإذن الله تعالى تلك الثورة العظيمة فى 25 من يناير 2011م ؛ ثورة الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية ، على هؤلاء الأحرار أن يرفضوا هذا الاستعباد وذلك الهوان .. ! لقد كتبت فى عام 2008م مقالا بعنوان ( أما الثورة .. فلا .. !) لمثل هذه الأسباب وغيرها ، فطالبت بالتغيير وتغير المواد سيئة السمعة التى أقحمت على دستور 1971م وطالبنا بتعديل المواد 76 ، 77 ، سيئة السمعة التى عدلت بغرض التمهيد للتوريث الذى رفضه المصريون بفطرتهم السليمة ، وهاجمه الكتاب والمناضلين من الأحرار الشرفاء ؛ ... إن التضحيات العمياء ؛ الغير منتجة صاحبها كمن يعمل رياء ونفاقا ويتعبد لغير وجه الله سبحانه وتعالى ، فمصيره الدرك الأسفل من النار وبئس القرار. هذا ، ولا نعارض تلك المبادرات و لا نمانع من التبرعات ولكن – لأى شيئ تذهب ؟ إذا كان البعض لا يصدق أن أمريكا لا تريد قطع تلك المعونات لأنها ستجر عليها ويلات مراجعات إتفاقيات وستحرمها الكثير من افمتيازات منها مثلا حرمان مصر من الإلكتفاء الغذائي وخاصة فى زراعة القمح فإن المؤسسة الحاكمة فى مصر ترفض قطع المعونات وتعمل على تميدها طالما هى على قيد الحياة ، يعنى تكبل استقلال مصر وتغل أيدى صانع القرار المصري من أن يبلغ أهدافه ، فقد استمعت مثلا للدكتور مصطفى إبراهيم وهو يتهم النائب العام بإهمال القضايا الحيوية ، كما أنه يتهم يحي الجمل – دون أن نسمع ردا – يتهمه بالغش وتقليد توقيعه على أوراق لم يوقع عليها وهو نائب رئيس وزارة فى وزارة عصام شرف. أنا أتساءل ؟ أين ذهبت تبرعات المصريين لجامعة زويل ؟ وماذا صنعت جامعة زويل لمصر ؟ وأين مشروع زويل على الأرض ؟ أنا لا أكاد أنسى زويل بعد أن حصل على نوقيع مجلس الوزراء والمجلس العسكري على إنشاء الجامعة وهو يرفع الموافقة وهو يركب الطائرة إلى أمريكا ، فكأنه يقول انتزعت الموافقة وبعت لهم ؛ للمصريين الترماي كأحمد مظهر فى فيلم العتبة الخضراء ، بل إننى أراه مثل لورانس العرب الذى خدع الشريف حسين لصالح بريطانيا وما تلاه من مخطط سايكس بيكو و تقسيم بلاد العرب بين إنجلترا وفرنسا وإيطاليا ، ولكن - هذه المرة باسم زويل أمريكا ، فلا أظن تسمح له بلد الشهرة والجاه ومن أعطوه الجائزة مثله مثل البرادعي وغيره من الفنانين والأدباء ولا أريد أن أذكر أسماء .. ، لا أظن تسمح له أن يلعب لصالح مصر والمصريين إلا بالقدر الذى تلعبه المعونة المصرية فى حياتهم. ( والله غالب على أمره ) [email protected]