الشخص السلبي هو الفرد الذي يعيش لنفسه فقط والذي يدور حول نفسه ولا يمد يده إلى الآخرين والعمل معهم في كل خير ولا يخطو إلى الأمام خطوة واحدة ويكون من أهل الإيمان والصدق والحق والصبر والعمل الصالح وأن يترك الجمود والسلبية ويتبع الايجابية في كل شيء ولذلك نقول أمثلة طيبة تدعو للايجابية والبعد عن السلبية في حياتنا كلها والتي تأمرنا بالإيمان الفاعل المتحرك والعمل الصالح في كل مجال ولخدمة الناس ولوجه الله تعالي ومن الأمثلة الطيبة في القرآن الكريم عن الايجابية في الحياة الآتي::- قصة مؤمن القرية التي جاءت في سورة يس وهي الآتي ::- ---- قال تعالي في كتابه الكريم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم [وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ & اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ & وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ & أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ & إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ & إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ & بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ] صدق الله العظيم سورة يس الآيات 21و22و23و24و25و26و27 في الآيات السابقات ذكر الله تعالي مؤمن آل يس أو حبيب النجار وهو رجل كان يعمل بمهنة [ النجارة ] وقيل في قول أخر كان يعمل بمهنة [ اسكافي ] وكان يعمل في أحدي المدن فالتقى بثلاثة من الأنبياء فسألهم: من أنتم فقالوا أنبياء ودار بينهم كلام طويل وفي النهاية أعلن إسلامه وإيمانه بالله تعالي ولكنه وجد أهل أحدي المدن يكذبون هؤلاء الرسل فجاء حبيب النجار أو مؤمن آل يس يدعو قومه إلى الإيمان وتصديق الرسل الذين أرسلهم الله لهم. فحدثهم حبيب النجار عن أسباب إيمانه وناشد فيهم الفطرة السليمة التي استيقظت فيه فقال [ ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون & أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون& إني إذاً لفي ضلال مبين ] ولم يتمالكوا أنفسهم فوثبوا إليه ليسكتوه، وليكتموا صوت الحق الصادع من فمه، وليقتلوه، قال ابن ابن كثير عن ابن عباس [ قيل إنه لما وقف حبيب النجار يبلغ الدعوة، أشبعه قومه ضرباً وركلاً، حتى وقع على الأرض صريعاً فوقفوا على بطنه ففتقوا أمعائه] وقال قتادة [ جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به حتى مات ] وقال ابن مسعود [ وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبُه من دبره، وألقي في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس. وفي رواية أنهم قتلوا معه الرسل الثلاثة. وقال السدي في تفسيره رموه بالحجارة وهو يقول : اللهم أهد قومي حتى قتلوه. وقال الكلبي : حفروا حفرةً وجعلوه فيها، وردموا فوقه التراب فمات ردما. وقال الحسن البصري [ حرقوه حرقًا وعلقوه من سور المدينة ]. وقيل [ نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه، فما خرجت روحه إلا وهي مبشرة بالجنة فدخلها. قال تعالي {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ & بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ] وفي الآيات السابقات عدة تأملات أخري في مؤمن ال يس وهي الآتي:::- --- 1- التأمل الأول في قوله تعالي [ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ] جاء رجل من مكان بعيد؛ لم يمنعه بُعد المكان أن يأتي ليقول كلمته الطيبة في الإيمان بالله والعمل الصالح والسعي في الأرض فقال الله علي لسانه [ وجاء من أقصا المدينة رجل] فلم يقل المسافة طويلة والأمر صعب علي بلاش نروح النهاردة بل تغلب وتحمل علي كل الأمور الصعبة وهذه واحدة. 2- التأمل الثاني إنه جاء [ يَسْعَى] ولم يأتي ماشياً فإن ما قام في قلبه من الحماس والحركة والرغبة في الخير في نقل ما عنده إلى الآخرين. 3- التأمل الثالث وهو [ من أقصا المدينة ] وقديما كان أغلب الناس يسكنون في مدن بعيدة وفقير فلم يمنعه ما هو عليه من شظف العيش والفقر من أن يذهب إليهم في أمكانهم ويقول لهم الكلمة الطيبة والصدق والنصيحة الخالصة لله تعالي. 4- التأمل الرابع في قوله تعالي [ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ] وهي كلمة ً صريحةً جهربها بين قومه ليدلهم للخير والحق ليفوز برضا الله في الدنيا والآخرة.. مع انه ليس من علية القوم ولم يعيش في سعة من العيش وإنما يعيش في مكان بعيد فقير لكن الإيمان الذي وقر في قلبه ورأسه حمله أن يتكلم ويمتلك الشجاعة والإخلاص لما يملكه من الإيمان بالله تعالي أن يبلغ كلمة الحق والصدق فلماذا أيها الناس لا نقول كلمة الحق والصدق ولماذا أيضا لا نزرع الخير في كل مجال نقدر عليه ولمنفعة كل إنسان في الحياة ولوجه الله تعالي. 5- التأمل الخامس في قوله تعالي [ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ] هاهو يجادلهم بالتي هي أحسن ويشير إلى بعض نقاط الخلاف بين قومه وبين أولئك الرسل الكرام الذين أرسلوا إليهم ثم يستشهد بالحجج العقلية والفطرية السليمة فيقول: [ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ] أيها الناس هذا مثال طيب لرجل صالح حمله إيمانه علي كلمة الصدق والحق والخير على أن يقولها دون خوف ولوجه الله تعالي وقد قال ذلك الكلام وسط قومه ونادي فيهم وقال [ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُون] فبدل من أن يشكروه ويكرموه لأنه دعاهم للخير والحق والعمل الصالح قام هؤلاء القوم المجرمين بقتله شر قتله ولكن القصة لم تنتهِ عند هذه الموقف بل ظل الإيمان الفاعل يحمل صاحبه على النصح للآخرين وبالكلمة الطيبة اللينة قائماً فبعد أن بُشِّر بثواب الجنة من الله بعد موته قال كما جاء في قول الله تعالي::- [ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ] سبحان الله حتى بعد الموت والفوز بالجنة لا يزال في قلبه الشعور بالرغبة في البذل والعطاء والنصح للآخرين والحب لهم ولم يشأ أن يتشفى بهم أو يجعل ذلك ذريعةً للنيل منهم وإنما تمنى من قلبه أن يعلم قومه بعاقبته الطيبة بما ناله من أجر ونعيم في الجنة يوم القيامة لعل ذلك يحملهم على أن يقبلوا نصحه الطيب الذي قاله لهم وهو حي في الدنيا. أيها الناس الايجابية هي التي تبني المجتمعات وتغير الجوانب السلبية فيها فتكون قوة دافعة إلى التقدم والازدهار ولهذا حذرنا الإسلام والشرائع السماوية السابقة من الانسياق وراء السلبيات والانزواء والتقوقع وعدم اتخاذ المواقف الإيجابية حيث ينبغي أن نكون من أهل البذل والعطاء وتقديم الخير لكل الناس وهذا يقتضي الإيجابية المستمرة ولذلك وجب علينا جميعاً أن نشارك ونجاهد من أجل محاربة السلبية عند كثير من الناس في المجالات في الحياة ولذلك يقول الله تعالى في كتابه الكريم [ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ] سورة الرعد الآية 11 فإذا تمسكنا بالايجابية أيها الناس وتمسكنا بالحق والصبر والعمل الخالص لوجه الله ولمصلحة الوطن والناس وأنفسنا نكون قد قضينا علي السلبية من حياتنا تماما. -------- بقلم/ عبد العزيز فرج عزو كاتب وباحث مصري