«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلاش نرش على الموت سكر
نشر في شباب مصر يوم 22 - 10 - 2018

أنا فلسطيني إذن أنا متشائم ، وأنا متشائم إذن يجب أن أتوقع الأسوأ حتى لا يفاجئني الأسوأ ، ولكن ليس معنى التشاؤم أن يرى الإنسان صورة ظل الحياة ، ولكن أن يرى صورة الحياة وصور ظل الحياة في نفس الوقت ، وأنا أرى الصورة والظل ، أرى الظلم والظلام ، والعزلة الوطنية والإقليمية والدولية ، وفصائل ترى أن كل ما هو في خارجها انحراف في التفكير، وتاريخ يكرر أشخاصه ومأساته ، ومثقفين يصبغون وجوههم بالألوان الفصائلية ويتوارثون جينات الولاء الوظيفي بدافع الرفاهية ، ومنظمات مجتمع مدني ليس فيها من المجتمع المدني إلا الاسم ، ولكنها في الأصل والنهاية مكملة للسلطة ، والأصل أن تكون نقيض للسلطة أو معارضة للسلطة أو موازية للسلطة ، وسلطة لا سلطة لها في ظل أوسلو ، وفي ظل إدارة مدنية صهيونية تتحكم من مستوطنة بيت ايل بالقرب من مدينة رام الله في أكثر من 60 % من مساحة الضفة الغربية بشكل كامل ، وهي منطقة خاضعة للسيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية بشكل كامل ، وتشكل المساحة الكبرى في الضفة الغربية . وتتدخل أحيانا في بقية مناطق الضفة الغربية حسب الحاجة الأمنية للكيان الصهيوني . ومنظمة تحرير ليس فيها من التحرير إلا الاسم ، وخاصة بعد أن اعترفت بحق إسرائيل في الوجود على 78 % من مساحة فلسطين ، وشطبت ميثاقها بيدها ، والميثاق هو الحقيبة الجينية التي تشكل البطاقة الشخصية للمنظمة ، وشعب كان دائما يستسهل ألقاء تبعية ما يحل به من نكبات على الآخرين دون أن يعترف هو نفسه عن فشل سياسته في مواجهة سياسات الآخرين ، وذلك بالإضافة إلى تحديات أخرى كالاستيطان والحصار والجدار والانقسام ( الانقسام لا يعني الاختلاف في الرأي ولكنه يعني محاولة فرض الإجماع على رأي ) ، والبطالة والعنوسة والكهرباء والمياه ، واتفاقية باريس والمعابر ، وهي في الأصل والنهاية نتائج لاتفاقية هي نفسها كانت نتيجة لخلل في الفكر والفعل . ولكن الكوارث لا تأتي بلا مقدمات ، والمقدمات كانت وما زالت هي الخلل في فكر وفعل القيادة الفلسطينية ، وفي فكر وفعل القيادات الفصائلية الفلسطينية ، وفي فكر وفعل المثقفين الفلسطينيين المزيفين والمستنسخين والسطحيين ، والمثقفين الموظفين في الجهاز البيروقراطي للسلطة والمنظمة والفصائل الفلسطينية . ولكن ورغم ذلك لا بد أن تستمر الحياة ، وحتى تستمر الحياة لا بد من تآكل الحياة ، وتآكل الحياة شرط لتشكل الحياة ، وتشكل الحياة يعني وجود صورة ثابتة للحياة ، والإنسان هو الصورة الثابتة للحياة ، ولكن لا يمكن أن يكون الإنسان نفسه هو نفسه سبب وجوده ، ولا يمكن أن يكون الإنسان نفسه هو نفسه مجرد شيء يقيم في جسده . لأن الإنسان هو المخلوق الثنائي الوحيد من الكائنات الحية ( ازدواجية الجسد والعقل ) ( الجسد الفيزيائي والجسد الأثيري - الروح ) ولذلك يجب أن نعترف بأن الإنسان هو الذي يصنع نفسه بنفسه ، وأنه لا صحة لما يقال من أن الحياة هي التي تصنع الإنسان وتسيره ، وهو لا يستطيع ردها أو مقاومتها ، وانه لا صحة لما يقال من أن الإنسان في بدايته الأولى كان طيبا ، ولكن الحياة هي التي حولته إلى إنسان شرير . ولكن يجب أن نعترف أن ما يدفع الإنسان إلى هكذا اعتقاد هو إعفاء نفسه من تحمل المسؤولية في كل ما يحل به من نكبات أو أزمات ، لأنها كما يريد هو أن يعتقد تأتي على غير إرادته ، وان الخلاص منها يجب أن يأتي على غير إرادته . وهكذا اعتقاد لا شك انه يلغي إنسانية الإنسان ، ويحوله من الحالة الإنسانية إلى الحالة الشيئية ، ومن مخلوق ثنائي ( الجسد والعقل ) إلى مخلوق أحادي ( الجسد ) ، وخطورة هكذا نظرة تأتي من كونها تلغي أهمية الجهد البشري في الفكر والفعل . ومن الاعتقاد بأن الحياة تسير على نحو عبثي دون قانون يحكمها ، وحين يعتقد الإنسان أن الحياة تسير بلا قانون ، وان العبثية هي التي تحكم حركة الإنسان لن يكون هناك أي داع للعمل والقانون ، لأن العبثية تلغي جدوى وجود العمل وجدوي وجود القانون في نقس الوقت . كما انه لا صحة للمقولة التي تقول أن الإنسان في بدايته الأولى كان طيبا ، وكيف يكون طيبا وهو ٍابن الشرير قابيل أول مجرم في التاريخ ، واكبر مجرم في التاريخ ، أول مجرم في التاريخ ، لأنه ارتكب أول جريمة قتل في التاريخ عندما قتل آخيه الطيب هابيل في مغارة الدم في جبل قاسيون في دمشق ، واكبر مجرم في التاريخ لأنه قتل ربع الإنسانية ، لأن الطيب هابيل كان يساوي ربع الإنسانية في ذلك الوقت ، وكيف يكون طيبا وهو ابن الشرير قابيل ، والشرير قابيل ملعون من الأرض التي جفت بكل ما عليها سبعة أيام ، وشربت دم الطيب هابيل كما يشرب الماء ، ولكنها وبعد أن شربت دم الطيب هابيل توقفت عن شرب الدم ، وملعون من قاسيون الجبل الذي ما زال يبكي على قتل الطيب هابيل ، والذي فتح فمه ليستقبل دم هابيل الذي سفكته أيادي الشرير قابيل . وهكذا نرى أن الإنسان شرير وملعون في نفس الوقت ، وان الشر هو القاعدة والخير هو الاستثناء ، والاستثناء يحفظ ولا يقاس عليه . وإذا كان هناك استثناء فهو استثناء يؤكد القاعدة ، والتاريخ في كينونته وسيرورته وصيرورته سجل حروب ، والعقل أداة الإرادة ، والحقيقة أداة السلطة ، ولا وجود للحقيقة إلا تلك التي تملك قوة الحجة أو قوة السلطة أو قوة الحجة والسلطة معا ، والعفن مصنع الحياة ، والحياة حرب بين الموت الذي يحاول أن يقضي على الحياة والأحياء ، والإرادة الكلية التي تدافع عن الحياة والأحياء وتدفعهم إلى الزواج حتى تعوض عن طريق النسل ما يأخذه منها الموت ، والعلاقات كل العلاقات الشخصية والطائفية والدينية والمذهبية والاثتية والمجتمعية والوطنية والقومية والإقليمية والدولية علاقات قوة ، والسياسة هي الوجه الآخر للنفاق ، والسياسي هو الرجل المنافق ذو الوجهين ، والأخلاق أخلاق بلا أخلاق ، لأنها نسبية وتختلف باختلاف الزمان والمكان ، ولأنها ولدت من رحم القوة ، ولأنها تعبير عن موازين القوة ، والقانون قانون بلا قانون لأن الحقيقة لم تكتب القانون ولكن القوة هي التي كتبت القانون ، والعلم بلا أخلاق جسم بلا روح . وسوف يؤدي تطور العلم إلى تدمير الأرض بسبب النشاطات الإنسانية كالتلوث ، وقلة الموارد الطبيعية ، والحروب النووية والبيولوجية والكيماوية ، وصناعة الأمراض ، وصناعة الغباء ، والاحتباس الحراري ، والنقص المتواصل في الأكسجين في الهواء ، وموت مادة البلانكتون وهي أحد أهم العضويات على كوكب الأرض وأوفر الموارد الغذائية للكائنات البحرية ، وتحرير كبريتيد الهيدروجين الذي يستخدم في صناعة الأدوية والتحاليل الكيميائية . ولكنه وفي نفس الوقت يعتبر من أهم أسباب الانقراض البريميائي التي سوف يؤدي تحريرها إلى انقراض أكثر من 95 % من الأنواع البحرية و70 % من الأنواع البشرية ، وهكذا نرى أن الإنسان يبني وجوده في هذا الوجود في إطار عوالم الطبيعة وحركة الموجودات ، وهو من خلال بنائه لذاته يقرأ ذاته وشخصيته ، وتقاس ذاته وشخصيته بما ينتجه من أثر وما يتركه من فعل ، وما ينتج عن هذا الأثر وهذا الفعل من أثر وفعل ، وما يلد هذا الأثر وهذا الفعل من نتائج تصنع الحياة ، ولأن الإنسان هو فعله وهو في نفس الوقت يعيش في مجتمع ، لذلك كان من الطبيعي جدا أن يرتد فعل الإنسان على المجتمع ، ولأن الإنسان بالفطرة شرير ، ولأن الإنسان وبما يحمل من أفكار شكلته خبرات وتجارب هي في الأساس خبرات تاريخية ، والتاريخ سجل حروب ، لذلك يمكن القول وبدون الخوف من الوقوع في الخطأ أن الإنسان للإنسان ذئب ، ألانا ذئب والأنا الأخر الذي ليس أنا ذئب كما قال جون بول سارتر . وعندما يكون أنا ذئب والأنا الأخر الذي ليس أنا ذئب ، تغيب القيم والأخلاق التي يمكن أن تجعل من الأنا إنسان ومن الأنا الأخر الذي ليس أنا إنسان ، لأن الذئب حيوان ، وإذا كان الأنا حيوان والأنا الأخر الذي ليس أنا حيوان لا يمكن الحديث عن أي بعد أخلاقي في الأنا والأنا الأخر الذي ليس أنا ، كما أن اختيار الذئب يعني إسقاط صفاته في المكر والخداع والشراسة على الأنا والأنا الأخر الذي ليس أنا ، وهي صفات إذا اجتمعت في الأنا والأنا الأخر الذي ليس أنا تنفي عن الأنا والأنا الأخر الذي ليس أنا صفة الإنسانية ، وتجعل العلاقة بين الأنا والأنا الأخر علاقة صراع . وهكذا يمكن القول وبدون الخوف من الوقوع في الخطأ أن الأنا عدو للأنا الذي ليس أنا ، وكما قال جون بول سارتر ( الجحيم هم الناس الآخرون ) ، وعندما يكون الأنا الأخر هو الجحيم فالعلاقة معه سوف تكون سلبية ، وهكذا تصور نيتشه الواقع عندما قال ( أن معنى أن نعيش هو جوهريا أن ننهب ونجرح ونعتدي على الضعيف والغريب ، وان نفرض عليهما وبكل قسوة مقولاتنا الخاصة ) وهي صورة تتطابق معرفيا مع الواقع ومع حقيقة الأنا الدموي والانا الأخر الدموي ، الأنا الدموي الذي يعشق الحرب والصراع ويرى الأخر وسيلة وليس غاية ، والأنا الأخر الدموي الذي ليس أنا ، والذي في نفس الوقت يعشق الحرب والصراع ويرى الأخر وسيلة وليس غاية . ولذلك يجب أن لا يلام نيتشه عندما اعتزل الناس وقال ( أكثر خطرا وجدت الحياة بين الناس ) ، وألان وبعد أن وصلت في تحليلي إلى هذا الحد أرجو أن اطرح الأسئلة التالية .
ماذا عسى الإنسان أن يقول في أمة رفعت الشعارات الثلاثة لا صلح لا مفاوضات لا اعتراف بعد هزيمة حزيران 1967 ووقفت عارية تسجدي الصلح والمفاوضات والاعتراف بعد انتصار تشرين 1973 ؟
والاستجداء من طرف سوف يقابله استقواء من الطرف الأخر ، وهذه هي طبيعة العلاقات الوطنية والقومية والإقليمية والدولية ، وقانون العلاقات الوطنية والقومية والإقليمية الدولية . وماذا عسى الإنسان أن يقول في منظمة تحرير شطبت من ميثاقها عبارة التحرير عندما تخلت عن حقيبتها الجينية والحقيبة الجينية هي البطاقة الشخصية للمنظمة ؟
وماذا عسى الإنسان أن يقول في ثورة تخلت عن بندقيتها والبندقية هي البطاقة الشخصية للثورة ؟ وماذا عسى الإنسان أن يقول إذا كان الكل من حوله يقول أن المنظمة أصبحت منظمة بلا بطاقة شخصية ، وان الثورة أصبحت ثورة بلا بطاقة شخصية ؟ .
ولكن لا شيء يبدأ من لا شيء ، والشيء شيء على الشيء ، ولا بد لكل شيء من مقدمات . والمقدمات ترجع إلى تأسيس منظمة التحرير بقرار من النظام الرسمي العربي في مؤتمر القمة العربي الأول في القاهرة في عام 1964 ، وهكذا قرار يعني أن الشعب الفلسطيني لم يكن هو الأب الحقيقي للمنظمة ، ولكنه كان القابلة التي ولدت على يديها منظمة التحرير الفلسطينية ، وإلى الانقلاب على احمد الشقيري الذي كان يناضل من اجل التخلص من التبعية والوصاية العربية ، وعلى أن يكون الشعب الفلسطيني هو الأب الحقيقي للمنظمة ، والى سيطرة الفصائل على المنظمة ، والى انعكاس تناقضات الفصائل الفئوية والإيديولوجية على المنظمة ، والى تغيير اسم الميثاق القومي إلى الميثاق الوطني ، والى احتكار القرار ، والى سيطرت القرار ألفئوي على القرار الوطني ، والى عدم الفصل بين رئاسة المنظمة وقيادة الفصيل ، والى عدم مراجعة التاريخ السياسي للحركة الوطنية الفلسطينية على قاعدة من له فليزاد ومن عليه فليؤخذ منه ، والى عدم وجود وحدة وطنية ، وقيادة موحدة ، وهدف واحد، والى الفشل في إدارة الإنسان والمال والإعلام ، والفشل في كشف زيف الأساطير التي قامت عليها دولة الكيان الصهيوني على ارض مسروقة من الشعب الفلسطيني ، وخاصة أسطورة الوعد ، وأسطورة شعب الله المختار ، وأسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض ، وأسطورة الصحراء ، وأسطورة الحق الديني ، وأسطورة الحق التاريخي ، والفشل في تقديم رواية فلسطينية واحدة ، والفشل قي بناء قوة عسكرية واحدة ونظرية عسكرية واحدة لأن العالم لا يفهم إلا منطق القوة وكلما كانت القوة اكبر كان فهمه أعمق ، والى الفشل في معركة تحقيق الوجود لأن معركة تحقيق الوجود تأتي قبل معركة تحرير الوجود ، والى عدم وجود منسوب وعي كامل في مفهوم العلاقة مع الدول العربية ، لأن ليس كل الدول العربية يمكن أن تقف على نفس الأرضية مع القضية الفلسطينية ، ولذلك كان يجب على القيادة الفلسطينية أن تدرك حدود ومساحة كل دور لكل دولة عربية حسب منسوب الوعي لكل دولة في مفهوم القومية العربية ، وفي مفهوم الأمن القومي العربي ، وفي مفهوم العلاقة التاريخية والحضارية في الاتجاهين الايجابي والسلبي مع فلسطين وهل فلسطين وسيلة أم غاية ، والفشل في تقديم نموذج حضاري للمناضل الفلسطيني لأن المناضل معلم يحمل سلاح ، والفشل في مخاطبة الرأي العام العالمي كل باللغة التي تروق له ، والفشل في إعادة هيكلة منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية بنائيا وتنظيميا ، وذلك بالإضافة إلى خروج قوات الثورة الفلسطينية من الأرض الفلسطينية بعد نكسة حزيران إلى الأردن حتى تصبح الثورة ثورة زاحفة من الخارج إلى الداخل ، وحرب أيلول في عمان وحرب جرش في الشمال الأردني ، والبرنامج المرحلي ( برنامج النقاط العشر) والحرب الأهلية اللبنانية ، وحرب الليطاني واحتلال الشريط الحدودي وقيام دولة لبنان الجنوبي ، والاجتياح وخروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت والجنوب اللبناني ، وحرب طرابلس وخروج قوات الثورة الفلسطينية من الشمال اللبناني ، وانتشار قوات الثورة الفلسطينية قي الوطن العربي وعلى بعد ألاف الكيلومترات من حدود فلسطين ، والشهداء والجرحى والأسرى ، والقرار المستقل والممثل الشرعي الوحيد وإعلان الاستقلال ومدريد وأوسلو والسلطة والانقسام . كل ذلك ولم تفكر القيادة الفلسطينية في تشكيل لجنة وطنية لمراجعة التاريخ السياسي للحركة الوطنية الفلسطينية ، ولكن وعلى العكس كانت القيادة وفي كل مرحلة من هذه المراحل تدعى الانتصار ، وتتغني بالصبر والصمود ، وحرب التحرير، والشمعة في نهاية النفق ، ولن يكتمل حلمنا إلا بك يا قدس ، ويا جبل ما يهزك ريح ، وسنغافورة ، والدولة على مرمى حجر ، وشعب الجبارين ، والرقم الصعب ، وأول الرصاص ، وأول الحجارة ، وأطول حرب عربية مع الكيان الصهيوني ، وأطول انتفاضة ، واكبر سدر كنافة في العالم ، واكبر سدر مفتول في العالم ، واكبر صينية قش في العالم ، واكبر سدر تبوله في العالم ، وقيادة تاريخية تمتلك كل الإمكانيات في الانتقال من هزيمة إلى هزيمة ، ولكن دون السقوط في الهزيمة ، والانتقال من فشل إلى فشل ، ولكن دون السقوط في الفشل ، ولكن وفي النهاية وفي كلمة جامعة لمحتواها ومانعة لكل ما سواها ، لن تكون بعد اليوم ملكا لكم ، ولن تكونوا بعد اليوم ستارا على عقولنا ، ولن تكونوا بعد اليوم حجابا على عيوننا ، ولن تكونوا بعد اليوم سدادا من الشمع في أذاننا ، ولن نكون بعد اليوم أدوات لتنفيذ خططكم ، ولن تخدعونا بعد اليوم برش السكر على الموت ، والغرغرينا لا تعالج بالعطر ولكن تعالج بالبتر ، والمهزوم لا يجب ام يكون موجودا حتى يبررهزيمته ، والفاشل لا يجب ان يكون موجودا حتى يبرر فشله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.