حكومات التّرقيع... مضحكات مبكيات من زمن الثورات بقلم عزالدين القوطالي قال الصديق لصديقه : لا أعرف أين أضع التراب بعد أن حفرت حفرة عميقة في حديقة بيتي ! فأجابه الصديق : بسيطة جدّا ... أحفر حفرة ثانية وضع فيها تراب الحفرة الأولى !!. هذا حال الحكومات الغبيّة التي توالت على إدارة البلاد العربية بعد السقوط الدراماتيكي لأنظمة كانت بطبعها ساقطة دون حاجة الى ثورات شعبيّة ، إذ تآكلت من الدّاخل وأصبحت في حاجة الى إعادة الترتيب بإستبدال الوجوه الشاحبة بوجوه بهيّة أغلبها مستورد من الخارج ومصنوع في أفضل المختبرات الأجنبية ... إنه الحلّ السحري لتأجيل إستخراج شهادة الدّفن المتعلّقة بخيارات سياسية وإقتصادية وإجتماعية ماتت منذ زمن وأصابها العفن بعد أنّ تحطّم الثابوت وتمزّق الكفن ... حكومات تبقيع وترقيع ... مهمّتها أن تبقّع الثوب الأبيض المهترئ بأوساخ سوء الفعل والصّنيع ، ثمّ تتولّى غسله لتعيد إستعماله بعد التشييح والتلميع بوصفه ثوبا جديدا من الصّنف العالمي الرّفيع ، فإذا لبسته الدّولة المسكينة أصابها البرد والصّقيع في عزّ الرّبيع ... يهدمون البناء القائم على العلم والمعرفة والتراكم ، ويشيّدون مكانه بناءا أساساته من الوهم وسقفه من العمائم ، ثمّ يقولون : هذه إنجازاتنا العظيمة ، وهذه هي المكاسب والغنائم ... فإذا بالبناء الجديد يتداعى للسقوط لأنه شُيِّد على يد بنّاءٍ كاذبٍ بلعوط بإستعمال القشّ وخشب البلّوط ، ولذلك لم يكن بوسعه حمل الأثقال وإمتصاص الأزمات ومعالجة الضّغوط ... حكومات غبيّة تستغبي شعوبها في الصبح والعشيّة ، ولكنها لا تعلم أنّها أصبحت مكشوفة بأكاذيبها المعروفة ، وأضحت أفعالها كلّها ترقيع لوضع كارثيّ مفلس وضيع .... وهنا نتذكّر قصّة لص مدينة بيتسبيرج الذي حاول سرقة مصرفين في وضح النهار دون إستخدام أي أداة للتخفي معتقدًا أن مجرد دهن وجهه بعصير الليمون سوف يجعله غير مرئي لكاميرات المراقبة...