الدّولة العاطِلة والصّلاة الباطلة مضحكات مبكيات من زمن الثورات بقلم عزالدين القوطالي دخلت إمرأة المسجد قبل صلاة الفجر فسمعت الإمام والمؤذّن وهما يتهامسان عليها بالقول ، فقال أحدهما : ألم ترى قِوامها ما أحلاه ؟ وقال الآخر : ليس القِوام ما أهواه وإنما أهوى الحجاب والنّقاب وما أخفاه ... وبينما هما كذلك إذ جاء وقت الآذان فقام المؤذّن ونادى : الصلاة خير من النوم ، فقالت المرأة : بل النوم خير من صلاتكما ، ثمّ غادرت المسجد ... وفي بلادنا نماذج كثيرة لهذا المؤذّن وذلك الإمام ، خصوصا إذا كان الإمام حاكما لا يأتي من ورائه إلاّ الخذلان ، والمؤذّن من جماعة : نموت نموت وتحيا الأوطان على شرط أن يكون الموت كلاما يقال فقط لتأثيث المهرجان ... ولأنّ الإمام والمؤذّن في بلادنا سواسية من حيث التوجّه المكشوف وقلّة المعروف واللعب على حبال الظروف ، فإنّ المصلّين لم يعد يعنيهم آذان الفجر طالما كانت الصلاة باطلة بطبعها خلف إمام يحمل سبحة وفي قلبه صليب معقوف ، وعلى صدره نجمة داوود يكشف عنها بإفتخار كلّما كان لديه ضيوف... خلت المساجد السياسيّة من المصلّين ولم يبق فيها إلاّ المنافق والكذّاب ، والذي يريد تمريغ وجهه بالتّراب ، والمهرول للصلاة وراء الإمام حتى ولو كان الإمام عاريا تماما كما ولدته أمّه بدون ثياب ... ويلزم الناس بيوتهم مع الآذان ، فيختارون النّوم على الصلاة وراء إمام ثعبان يغيّر جلده مع كلّ صلاة وينفث سمومه أمامه وخلفه وفي كلّ مكان ، فلا يأمن المصلّون على أرواحهم أذا سجدوا أو ركعوا ، إذ يمكن أنّ يلتفّ حولهم إمامهم ويعصرهم عصرا كما تفعل الأفاعي مع الفئران ... وبعد مرور الأيام والسنين ، وخلاء المساجد وهروب المصلّين ... يجد الإمام نفسه وحيدا مع مؤذّنه المسكين الذي أصبح مضطرّا لتبديل عمله من مؤذّن للصلاة الى مشارك للإمام في طقوس البكاء على زمن العزّ أين كانت المساجد عامرة بروّادها وكان الإمام صاحب شأن في أمور الدّنيا والدّين ... عندها يكون قطار التّدارك قد فات ، وغادر المحطّة بسرعة وثبات ، فتصبح المساجد بالنسبة للإمام مثلما هي التّوابيت بالنسبة للأموات ... وصدق الشاعر حينما قال : إِذَا مَا ظَالِمٌ اسْتَحْسَنَ الظُّلْمَ مَذْهباً وَلَجَّ عُتُوّاً فِي قبيحِ اكْتِسابِهِ فَكِلْهُ إلى صَرْفِ اللّيَالِي فَإنَّها ستبدي له ما لم يكن في حسابهِ فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا ظَالِماً مُتَمَرِّداً يَرَى النَّجْمَ تِيهاً تحْتَ ظِلِّ رِكابِهِ فَعَمَّا قليلٍ وَهْوَ في غَفَلاتِهِ أنَاخَتْ صُروفُ الحادِثَاتِ بِبابِهِ فَأَصْبَحَ لا مَالٌ وَلاَ جاهٌ يُرْتَجَى وَلا حَسَناتٌ تَلْتَقي فِي كتَابِهِ وجوزي بالأمرِ الذي كان فاعلاً وصبَّ عليهِ الله سوطَ عذابه