مستشار/ أحمد عبده ماهر يتصور كثير من الذين لم يفهموا الإسلام أن البث السماوي قد انقطع عن الأرض بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما أراه جهلا بالقرءان وغباء فقهي. فمهمة البيان والبث السماوي لم تنقطع ، لأن الله تبارك وتعالى قال:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُل...ِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53 فكلمة [سنريهم] تعني أن الإراءة مستمرة ومستقبلية، سواء أكان ذلك عن طريق رسول الله بحياته [وطبعا هذا بمسائل الفرائض اللازمة لإقامة انظمة العبادة بشكلها كفرائض]، أما بعد مماته فالبث السماوي مستمرا [البيان للقرءان] لكل ما تتقدم به الحضارة وتسعد به الإنسانية. فلأن العلم خزائن ، والله تعالى يقول [وإن من شيئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم]. فهو ييسر للناس الاكتشافات والاختراعات فينزل البيان العملي لبرهان ما بالقرءان من حقائق لكونه الرسالة الخاتمة، لكن معجزاتها مستمرة ولا تنقضي أبدا. فذلك من قوله [ثم إن علينا بيانه] أي بيان ما بالقرءان من دلالات ومعان. وذلك هو ما أسميه البث السماوي المستمر فقول ربنا [والأرض بعد ذلك دحاها] لم يتم الوقوف عليها تحديدا إلا في ستينيات القرن الماضي. بعد جيل الأقمار الصناعية، فذلك من تيسير الله للناس كيف تفهم الحياة وحتى يبرهن الله على صحة القرءان عمليا، وقول المولى عز وجل: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }العلق2 وقوله تعالى {يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ }الطارق7 وقوله تعالى: [والبحر المسجور] لم يتم بيانها وفهمها إلا بعد اختراع غواصات تتحمل الضغوط العالية بأعماق المحيطات، فوجدنا قاع المحيط وهو مفتوح على حمم باطن الأرض، فعلمنا بأن البحر مسجور [أي مشتعل] الآن رغم وجود المياة. وهل كان النبي قال لأحد الفرق بين النور والضياء الذين أوردهما القرءان في قوله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }يونس5 فالشمس ضياء لأن ضوئها منبعث من ذاتها، والقمر له نور لأنه عبارة عن انعكاس ضوء الشمس من سطح القمر والجاذبية الأرضية وقانون الطفو واختلال الضغط الجوي في طبقات الجو العليا...الخ كلها أمور جاء بها القرءان لكن بث البراهين السماوية بها لا يزال مستمرا. 1 الا يعلم أولئك الفلاسفة المثقفين والعلماء بأن القرءان تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله...وتحداهم أنهم لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }الحج73. 2 ولماذا لم يفسروا لنا كيفية علم القرءان ومحمد بالدورة الفلكية منذ 1400 سنة 3 وأن القرءان قام بالتفرقة بين الضوء والنور منذ أكثر من 1400 سنة 4 وأن القرءان أخبر الناس عن الفرق بين شق الأرض، وصدع الأرض، وميد الأرض، وزلزلة الأرض، ورجفة الأرض...وتكلم عن الصفائح القارية ...قبل علم الجيولوجيا بأكثر من ألف سنة. 5 وكيف علم النبي محمد بأن الرياح تتسبب في تلقيح النباتات....ومن ادراه أصلا بأن هناك عملية تلقيح بين حبوب اللقاح ومياسم الأزهار قبل 1400 سنة. ألم يتم بيان تلك الآيات وغيرهما وإثباتها علميا بعد موت النبي بمئات السنين، فذلكم هو بيان قوله تعالى [سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق]، وذلك هو البيان والبث القرءاني المستمر، فالكون يتلو القرءان عمليا فضلا عن كونه يسبح الله. ------------ مستشار/أحمد عبده ماهر محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي