وزير التعليم العالي يلتقي نائب المدير العام لمؤسسة "الروس آتوم" الروسية الرائدة في التكنولوجيا النووية    خريطة الأسعار: أسعار اللحوم والأرز والزيت والذهب    إجازة بسوق الجملة.. سعر الذهب خلال منتصف تعاملات الاثنين    مصدر يكشف حقيقة زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق 15%    ارتفاع إجمالي الشهداء الصحفيين إلى 151 شخصًا في غزة    الرئيس السيسى يعود إلى أرض الوطن بعد أداء فريضة الحج    إصابة 16 عسكريًا إسرائيليًا خلال ال24 ساعة الماضية    بايدن يتمنى لكم "أضحى مبارك"!    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    ملاهي وبلياردو وبلايستيشن.. العيد أحلى فى مراكز شباب جنوب سيناء (صور)    رسميا.. نادي إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس    "يريد المشاركة في دوري الأبطال".. صراع بين كفاراتسخيليا ونابولي حول مستقبل اللاعب    الداخلية تواصل جهودها لمنع التلاعب بأسعار الخبز    الصحة: نقل 27 حالة من الحجاج المصريين إلى مستشفيات المشاعر المقدسة في عرفات ومنى    حجازي: التزام جميع اللجان بتوزيع البابل شيت علي الطلاب قبل الساعة التاسعة    إيرادات أول أيام عيد الأضحى.. "ولاد رزق 3" يحتل الصدارة و"اللعب مع العيال" الثاني    أثار الجدل بانضمامه لمسلسل إسرائيلي.. من هو مايكل إسكندر بطل "بيت داود"؟    تركي آل الشيخ ينعى الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    بالفيديو| أمين الفتوى يوضح آخر موعد لذبح الأضحية    أضرار اللحوم المشوية وطرق تجنبها (فيديو)    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    فتح جميع الحدائق والمنتزهات أمام المواطنين في ثانى أيام عيد الأضحى بالقليوبية    النرويج تحذر من انهيار السلطة الفلسطينية بسبب جرائم إسرائيل    الكرملين: تصريحات الناتو بشأن نشر أسلحة نووية تصعيد خطير    إصابة 64 رجل وسيدة أثناء ذبح الأضاحي بالشرقية    بالتزامن مع عيد الأضحى.. انطلاق الموسم الصيفي السياحي بمرسى مطروح    محافظ المنوفية: استمرار رفع درجة الاستعداد بمختلف القطاعات خلال إجازة عيد الأضحى    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الفيزياء الحيوية الطبية بعلوم القاهرة    محافظ المنوفية تطلق مبادرة «الأب القدوة» ترسيخًا لدور الأب في تأمين الكيان الأسري    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    «القباج» تتابع موقف تسليم الوحدات السكنية لبنات وأبناء مصر خريجي دور الرعاية    إيقاف عمرو السيسي لاعب فيوتشر مباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه    «الصحة» تقدم 5 نصائح لتجنب الحموضة في عيد الأضحى 2024    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعاً بمبادرة «حياة كريمة» في 3 محافظات بالصعيد    ضبط كمية مواد مخدرة بحوزة 4 عناصر إجرامية في الشرقية والإسماعيلية    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    شاهد الببغاء "كوكى" بيغنى "ويل يا ويل" وبيرقص كمان فى الحديقة الدولية    أدعية أيام التشريق.. «الإفتاء» تحدد عددا من الصيغ المستحبة    اليوم.. أنغام تحيي أحدث حفلاتها الغنائية في الكويت    الصين تتهم الفلبين بتعمد انتهاك مياهها الإقليمية    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    وزير الإسكان: جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعا    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    مندوب روسيا: موسكو لن تسمح بإعادة آلية فرض القيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايا الحقول (على باب الحظيرة)
نشر في شباب مصر يوم 03 - 10 - 2017

فوق بساط أخضر أتقنت صنعه أيدي رب السماوات، ونسجته من مشاعر حوريات في الفردوس. حملته ملائكة السماء وفرشته مرجا حالما على الكون، لتغفو الأرض الفسيحة في طبيعة مدهشة بما حباها الله من الروابي والتلال، ومن السهول والبحار والوديان. طوت ملائكة الرحمن البساط كما الكنز أو كسجادة سندس خضراء لتفرشه وتزين به أديم الأرض.
حمل السجادة آدم عبر السماوات، بعد أن طرده ربه من نعيم الجنة وأنهار العسل واللبن، بسبب الأفعى وشجرة التفاح وما فعله آدم وحواء، ثم بنى آدم لنفسه عالما جديدا على كوكب الأرض، فاستعاد نفوسا سليمة وقلوبا طاهرة رضيَّة، مجبولة على المحبة والتسامح والسلام.
هكذا بين الينابيع وجداول مياه رقراق، راحت حواء تتسلل وتزحف بين الشجيرات، ونسيمات منعشه تدغدغها تحاكي صفاء الأرواح، وخمائل أشجار ساحرة وحدائق غناء، مرصعة بالورد والبنفسج والأقحوان، وبديع الزهر الملون وشذاه الفواح، والبلابل طروبة ترفرف فوق السطوح، تتمايل أجنحتها بالرقة والمحبة والحنان، والحساسين عند الصباح تنافس رصانة النحل وروعة ألوان الفراش، ترافقها خرفان ونعاج بيضاء كالثلوج على قمم الجبال.
كبرت وشبَّتْ وترعرعت، ولا تعرف بين يديها معنى دمية صوفية منفوخة الخدين، ولا اللعب بعروس هيفاء القد ذهبية الشعر، جورية الشفتين فاتنة العينين ساحرة الثياب. كانت أكثر ما تجهل معنى البحث عن أشجع الفرسان، يطير بها على صهوة حصان مُطَهَّم أبيض، ويلقي على مسامعها قصائد المتيم الولهان.
فلم تعثر على ذاتها في غير الطبيعة العذراء، تشدها وتغريها بالمحبة والرأفة والحنان. وقلبها مشغوف باكتشاف مخلوقات الطبيعة والتعرف إلى الأسرار، فتتعلم فلسفة الدنيا وبهجة الحياة، والترفع عن الصراع وحب الجاه والمال، أو الموت من أجل الوصول إلى التيجان، والمزيد من البحث عن الأوهام كما يفعل سائر بني الانسان.
مع كل صباح كانت الطبيعة تغريها بلمسة عشق، وتحمل إلى يومها روحا جديدة، فيزهر قلبها وينشط عقلها وتلقي بنفسها بين أحضان الغابات، فتجس بحواسها كل جديد؛ عدسة في يمينها تطالع فيها يرقات الفراش والحشرات الصغيرات، والبراعم وأوراق النباتات.
لكأنها ألون قوس القزح تتشكل تحت العدسة، أو فوق سطح الماء؛ أو تطارد الجنادب بسيقانها الطويلة الرشيقة حافية القدمين، وتتبع أسراب النحل النشيطة وإذا ما أعياها الركض والدوران؛ ارتاحت تحت شجرة جوز وارفة الظلال تستنشق أنفاس النبات، وتنصت بسمعها وقلبها لأنغام النسيم في البراري والحقول.
مضت ذات حين إلى منزل صديق لها في الجوار، يومها رأيا قمريا رصاصيا وقمرية برتقالية اللون، يغردان معا ويتبادلان أدوار الغرام. وتضع الأنثى بعدها بيضتين رائعتين احتضنتهما بلهفة شوق الأمهات، وها هو يحل الموعد المنتظر لتفقيس البيضتين وخروج الفرخين إلى الحياة، فامتلأت نفسها باللهفة والشغف وأسرعت للتعرف كيف يكون حال المخلوقين الجديدين..؟ ما شكلهما والزغب الأبيض لا يستر جلدهما بعد، وتأملت حجم منقاريهما ولونهما الزهري يميل إلى أحمر الشفاه.
وفيما كانت ترى رب الدار خارجا إلى عمله؛ تقدم نحوها ابنه زميلها على مقاعد الدراسة، وتصوَّرَتْه يترقب بشغف إشراقة الفجر في عيون الفرخين الجديدين. تقدم منها وخاطبها بقوله: أتعرفين كيف هو شكل الضيف الجديد واسمه ما يكون؟ فهزت رأسها بالنفي وقد تكلفت العبوس قليلا، وهي تنصرف عن الحديث معه إلى التفكير، من هو وكيف يكون الضيف الجديد..؟
بعد برهة من الصمت الثقيل والتحديق في عينيه الفضوليتين. تقدم منها مربكا وعيناه تراوغان كعيون ثعلب مكار، وتذوبان خلف الربوة عند شمس الأصيل. قال لها: في الحظيرة الخلفية ديك مدهش الشكل زاهي اللون منفوش الريش، لم أرَ في يوم من الأيام مثل عينيه اللامعتين. عُرْفُهُ العالي كأنه تاج من الياقوت، وله ذيل عجيب لا يقل عن جمال وأناقة الطاووس. يمشي مختالا بين دجاجات الحظيرة. يأمر وينهي فيطاع بلا شكوى ولا اعتراض، فتعالي بنا نشاهد معا هذا الديك المتعالي بريشه المنفوش.
ومضت برفقته إلى الحظيرة، بلا شك في نواياه أو سوء تفكير. لم يكد يبلغ الباب حتى أشار لها بيده إلى ركن قصي في الحظيرة وقال لها: انظري إليه إنه هناك..؟ وعندما أدارت وجهها حيثما أشار لترى الديك..؟ هوى على ثغرها يقبلها، فدفعته عنها وارتد قليلا إلى الوراء، ثم تسمر في مكانه صامتا مصدوما لا يدري ماذا يفعل أو يقول..؟
لم يكن في الحظيرة أي ديك أو دجاج..! فابتسمت له بمكر وأشارت له بطرف عينها أن يدنو منها قليلا.. فأشرقت أساريره واطمأن إلى رضاها والقبول، واتسعت شفتاه ببسمة ماكرة ودنا منها، حينما عاجلته بصفعة على خده وقالت له: أرأيت بعينك كيف يكون حال الفرخة والديك..!؟ وحينما ولّى هاربا وقفت نادمة في باب الظيرة، وتمنت في أعماقها لو يعود إليها.. ويكرر محاولته من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.