السخرية بالناس المرضي والأصحاء تنافي ما يوجبه الحق سبحانه وتعالي وهي ظلم قبيح من الإنسان لأخيه الإنسان، وعدوان على كرامته وإيذاء لنفسه وقلبه، ومن آثارها أنها تقطع الروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة والتواد والتراحم وتبذر بذور العداوة والبغضاء وتولد الرغبة بالانتقام في أي وقت. فلقد انتشرت السخرية في عالمنا العربي والإسلامي مثل الصاروخ في الجو بين كثير من الشباب والفتيات والرجال والسيدات والأطفال ، وهي السخرية من بعض المرضي النفسيين أو من ولد مشلول وأعمي أو أطرش أو غير ذلك من البشر وبالرغم أنهم بشر مثلنا ولهم نفس الحقوق التي أوجبها الله تعالي لنا في الحياة وفي الآخرة ولكن ماذا نقول لهؤلاء الناس أصحاب العقول المتأخرة أو الجاهلة بأبسط أمور الأدب والاحترام والرقي في الحياة فهؤلاء الناس المسيئين مازالت تحكم علي بعض الأمور بجهل وسطحية دون التحري في دواخلها أو مراعاة شعور الآخرين فهؤلاء الناس ينظرون لذوي العيوب الخلقية علي أنهم مخلوقات غريبة وعجيبة تركوا عالمهم الذي يعيشون فيه وهبطوا علي كوكب الأرض ليستقروا فيه أو علي أنه شئ مؤذي يجب اتخاذ كل الحذر للوقاية منه ، وفي الحقيقة الغائبة عن هؤلاء البشر المسيئين لإخوانهم الذين خلقهم الله تعالي علي هذا الوضع في الحياة لحكمه في علمها تعالي فيه الخير لهم ولكن البشر الساخرون من أخواتهم في البشرية اتخذوا هؤلاء الناس مادة للسخرية والضحك منهم مع أنهم يغضبون الله تعالي لأنهم قد أساءوا للخالق سبحانه وتعالي الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم وكرمه في الحياة الدنيا وفي الآخرة هذه واحدة أما الثانية فإن الساخر ينظر نظرة احتقار لصنع الله تعالي فهو الذي خلق جميع أعضاء جسم الإنسان وخالق كل شئ وهو الأعلم بما خلق وصور وأبدع وهؤلاء البشر هم أخواتنا في الرحم وفي الإنسانية ولكن الله تعالي جعلهم كذلك لحكمة طيبة الله أعلم بها وهذه الحكمة فيها الخير لهؤلاء البشر أو تكون عميلة ابتلاء لهم فإن هم صبروا كان لهم جزيل الأجر والثواب في الدنيا والآخرة حيث يعوضهم الله عنده ما فقدوه من أعضاء أو إصابة في الآخرة فيجازيهم الله بالنعيم الكامل في جناته ورحمته لأنه صبر علي قضاء الله وقدره له في الدنيا هذا بجانب أن الله تعالي يسهل لهؤلاء البشر بمن يخدمهم ويقوم علي شئونهم في جميع مطالبهم المشروعة في الحياة من تربية وتعليم ومأكل ومشرب وعمل وزواج وغير ذلك من أمور التكافل الاجتماعي والتي يحتاجها الإنسان في كل أموره المعيشية وأيضا ليعلمنا الله تعالي نحن البشر في هؤلاء مدي قدرته في خلقه والله في خلقه شئون وهؤلاء البشر أيضا يخرج منهم المعلمين والمفكرين والمبتكرين بتوفيق الله لهم في الحياة فيفيدوا غيرهم بما تعلموه من علم وفكر وابتكار ولذلك فهم بشر يجب أن يكون لهم كافة أمور الأدب والاحترام عند التعامل معهم فالسخرية منهم عمل يؤذي شعورهم ويغضب الله علي فاعله لأنه سخر من إنسان مثله بل من الممكن أن يكون أفضل منه عند رب الأرض والسموات . فالذي يحدث من بعض الشباب والفتيات والرجال والسيدات والأطفال الآن عندما يرون بعض البشر من الأقزام يقومون بالسخرية والاستهزاء منهم فيقولون لهم يا أقزام ويسخرون ويضحكون منهم وكذلك من لديه ضعف في السمع يقولون له يا أطرش أو من فقد البصر يقولون له يا أعمي البصر أنت فعلت كذا وكذا ،أو يقولون له يا أعور ويقولون للأخرس الذي فقد الكلام تعالي هنا يا أخرس ثم يقومون بضربه علي رأسه أو علي جسمه والسخرية والضحك والتنكيت منه وكذلك من ولد مشلول أو من حصل له شلل بسبب مرض يقولون له تعالي يا مشلول وتعالي يا مكسح وأيضا من ولد وبه عيب في يده اليمني أو اليسري أومن حصلت له إصابة كبيرة في يده يقولون له يا أبو أيد مسلوخة أو من كان به تعب أو مرض في الظهر يقولون له يأبوا ظهر مكسورو كذلك من به الم في رجله أو فقد رجله يقولون له يا أعرج يا ابن كذا وكذا ويقومون بسبه بألفاظ خادشة للحياء ومؤذية للشعور الإنساني السليم وكذلك يسخرون من فقد عقلة أو من كان به مرض في رأسه ويقومون بضربه بالأحجار عندما يسير في الطرقات سواء كان هذا الشخص رجل أو أمرآة أو يتفرجون عليه عليه عندما يلقون عليه الأحجار في الشارع ويضحكون ولا يفكرون في انقاذ هذا المريض منهم وكذلك يسحرون من عنده ضعف في النطق والكلام أو البصر فيقولون له أسمعت يا أبكم يا أعمي وبعض الناس يسخرون من لا يوجد في رأسه شعر ينادونه بكلمة يا أقرع أوعندما يتحدثون في كلامهم عن بعض هؤلاء يقولون فلان الأقرع رأيته يمشي في الطريق الفلاني وبعض الناس تسخر من الناس أصحاب اللون الأسمر فعند التشاجر مع بعضهم نجد الناس التي تسخر يقولون له أنت مثل الكلب الأسود أو يا مفحم عملت كذا وكذا أو يا ابن المرأة السوداء والتي عملت كذا وكذا وهكذا يستحضرون كل هذه الكلمات القذرة من قواميس السخرية المؤذية لهؤلاء البشر هذا بخلاف إلقاء عليهم أسماء بجانب أسماءهم الحقيقية عندما ينادونهم أوعندما يتكلمون في سيرتهم فيقولون لفلان مثلا عندما ينادونه سعيد الأخرس حضرأو ذهب وإبراهيم الأعمى رأيته في المدرسة وفاطمة العمية وجدتها في السوق تشتري الخضار مع أختها وجرجس الأعرج رأيته يركب السيارة وخالد أبو رجل مسلوخة وجدته في المستشفي وعزيزة أم وسط مكسور كانت عند الطبيب وعلي أبو أسنان مخلعه وجدته في السوبر ماركت ويوسف أبو كرش كبير كان في المطعم الفلاني ومحمود أبو يد مشلولة كان راكب الأتوبيس مع فلان قريبه وزينب المكسحة تنظر من شرفة البلكونة وإسماعيل العبيط واقف في المحل بيشتري سندوشات وهكذا هذا بخلاف السخرية من الناس العادية وتسميتهم بأسماء غريبة لمجرد أنهم يعملون في مهن عندهم فيقولون لبعضهم سيد مطوي أو خنجر إذا كان يعمل في مهنة الحدادة أو جمال فرخه إذا كان يعمل في محل لبيع الطيور أو سمير أبو سكسوكة إذا كان يعمل في صالون حلاقة وحسن أنبوبة أذا كان موزع لأنابيب الغاز وطه حلاق الحمير إذا كان يعمل في مهنة الحلاقة في صالون كذا رغم أنهم يؤدون مهنة شريفة ويحتاجها كل البشر ولكن تقول لمين السخرية مستمرة ولا تنتهي لهؤلاء البشرفي كثير من أمور الحياة وفي كثير من المدن والقرى العربية والإسلامية وهذه السخرية تسبب المشاكل والمشاجرات بينهم فيقوم المتضرر بالإمساك بمن سخر منه ويقوم بضربه أو يقوم أهله بضرب من أعتدي عليه ظلما وفي النهاية يقع القتلى والمصابين نتيجة السخرية من أصحاب العيوب الخلقية أوالمرضي النفسيين أو الناس العادية من الذين سخروا منهم نتيجة كلمات مؤذية كما قلنا مثل يا أطرش يا أعمي يا مكسح يا أخرس يا قرد يا أبو ذراع مقطوع إلي أخره مع العلم أن هذه السلوكيات والألفاظ الفاحشة هي مرفوضة أخلاقيا ودينيا وقانونيا فالناس أمام الله سواسية كأسنان المشط فلا يجوز أن يتعدي الإنسان علي أخيه الإنسان بمثل هذه الأفعال الشيطانية الحقيرة يقول سيدنا النبي عليه السلام في الحديث المتفق مع كلام الله تعالي حيث يقول النبي عليه السلام ( لا تذكر عيب أخيك فيعافيه الله ويبتليك ) ويقول الله تعالي في كتابه الكريم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) سورة الحجرات الآية 11 إن هؤلاء الناس الذين يسخرون ويضحكون ويعايرون ذوالعيوب الخلقية بنقصهم أو أصحاب الأمراض النفسية أو الأصحاء من الناس إنما يرتكبون كبيرة من كبائر الذنوب عند الله تعالي لأنهم في الواقع يسخرون من الخالق سبحانه وتعالي نفسه لا من المخلوق الذي لا يد له في صنع نفسه ، مع العلم أن الإنسان الذي يقولون عنه ناقص الخلقة يكون عند الله تعالي أفضل بكثير من الشخص السليم وقد يكون مستجاب الدعوة عند الله تعالي لأن الله تعالي ينظر إلي قلوبنا وأعمالنا ولا ينظر إلي صورنا وأجسامنا هذا بخلاف أن المخلوق الذي فقد عضو من أعضائه عند مولده أو في حياته سوف يكون أمام الله تعالي يوم الحساب كامل الجسم وكامل الخلقة وكامل العقل ويكون القصاص من الساخر يوم القيامة لأنه سخر من خلقة الله تعالي وفي النهاية نقول لهؤلاء الأخوة المساكين الذين صبروا علي السخرية لوجه الله من أخواتهم من البشر في الحياة أعلموا أن الله تعالي سوف يجزيكم كل خير في الآخرة كما حنن بعض خلقه لخدمتكم في الدنيا وسوف يحاسب من اعترض علي صنع الله وحكمته في خلقه للإنسان يوم القيامة ونقول للمسيئين عليكم بالاعتذار لمن سخرتم منهم قبل لقاء الله تعالي فالله تعالي غافر الذنب وقابل التوب والرحمة لكل خلقه في الأرض وإذا كان الانسان المريض شتم الانسان السليم فلا ترد عليه وقل له الله يسامحك ولك الاجر عند الله تعالي نرجو أيها الناس أن نعرف معني الرقي في الكلام والتحضر في الحياة حتي نكون من الذين رضي الله عنهم في الدنيا والآخرة. ---------- بقلم / عبد العزيز فرج عزو كاتب وباحث مصري