السخرية من الناس حالة وضيعة من أحوال بعض المنتسبين إلى عالم البشر، والأوضع من ذلك أن يرتزق امرؤ من هذا الأمر الخسيس، فتأمل قوله تعالى: " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون". حرم الله السخرية من البشر عمومًا فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرًا منهن"، وفي الحديث الصحيح عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، قالت: "قلت للنبي، صلى الله عليه وسلم،: حسبك من صفية كذا وكذا. تعني قصيرة. فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته. قالت: وحكيت له إنسانًا. فقال: ما أحب أني حكيت إنسانًا، وأن لي كذا وكذا" فلما أشارت عائشة بيدها تغتاب صفية بقصرها، أنكر عليها النبي صلى الله عليه و سلم إنكارًا شديدًا وعبر عن شدة قبح ذلك بأنه لو اختلط بماء البحر لغير رائحته، ولما مثلت له مشية إنسان أوضح لها أنه لا يحب ذلك، ولو كان له بذلك كذا وكذا من حطام الدنيا دلالة على حرمته. و في الحديث أيضًا: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له"، فتوعد النبي صلى الله عليه وسلم لمن يفعل ذلك بالويل، وهو واد في جهنم بعيد قعره شديد حره. فنحن في تلك السنوات الخداعات التي يكون لأمثال هؤلاء التافهين وزن وقيمة في المجتمع، وصدق رسول الله في قوله "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل: و ما الرويبضة؟ قال :الرجل التافه، يتكلم في أمر العامة". ما هذا العبث الذي وصل ببعض هؤلاء الإعلاميين إلى بيع ضمائرهم وأخلاقهم لمن يدفع، ولاكت ألسنتهم وأفعالهم فحش القول وزوره، فما عادوا يستحون ولا يقدرون ما يفعلون إلا أن يكونوا أداة هدامة وحذاء دنسًا في أرجل من لا يريد ببلدنا خيرًا ولا أمنًا و لا استقرارًا. من الذي يدفع عنا تلك الشرور وهؤلاء المجانين مدعو الإعلام وهم كاذبون، ولولا صحفيون وكتاب وإعلاميون شرفاء لهلنا التراب على هذا الإعلام الكاذب الخاطئ. من الذي يأخذ على يد السفيه و يلزمه الجادة و الصواب. إن ترك أمثال هؤلاء يرتعون في البلد بلا حساب ولا رقيب لينذر بخطر كبير على مستقبل الأمة، يقول النبي صلى الله عليه و سلم: "لتأمرن بالمعروف ولتنهونَّ عنِ المنكرِ ولتأخذنَّ على يديِ الظَّالمِ ولتَأطُرُنَّهُ على الحق أَطْرًا أو لتَقصُرُنَّهُ على الحق قصرًا أو ليضربنَّ اللَّهُ بقلوبِ بعضِكم على بعضٍ ثمَّ ليلعننَّكم كما لعنَهم". أيكون تسلط هؤلاء السفهاء عقوبة من الله لنا تستلزم مراجعة النفس؟، كما في الحديث " لتأمرن بالمعروف، و لتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم". مهما اختلفنا مع أحد كبر شأنه أو صغر لا تصل الحقارة أن يتم تناوله بتلك الطرق البذيئة التي تحدث فيما يسمى بالإعلام، فكيف بالحال مع رئيس شرعي منتخب رجل ظاهر الصلاح وبه خير كثير، وقد يعتريه ما يعتري البشر من تقصير أو خطأ أو غيره، و ما من أحد إلا و يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، ولكن أن يغمط حقه وأن يستطال عليه بمثل تلك الوقاحات التي يبدو أنها قد أصبحت محمية بسيف القضاء الذي لا ندري إلى أين سيوصلنا، و في الحديث "ويل لِمن استطال على مسلمٍ فنقَصَ حقَّهُ. ويل له ثم ويل له ثم ويل لَه". هل من معتبر أيها الإعلاميون بهذه الزواجر من الآيات والأحاديث الشريفة أم أن الدرهم والدينار "سرهم باتع"، ولكن أين تذهبون و قد قال تعالى "واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون". أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]