ليست الحياة-كما يراها القانطون- سوداء كلها ، لكنها أمل وتفاؤل وهكذا يراها المؤمن الحق.لأنه يعلم علم اليقين أن ما كان ليصيبه لم يكن ليخطأه وما كان ليخطأه لم يكن ليصيبه ،وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشىء لن ينفعوه إلا بشىء قد كتبه الله له ولو اجتمعوا على أن يضروه بشىء لن يضروه إلا بشىء قد كتبه الله عليه "رفعت الأقلام وجفت الصحف " وأنه لا تموت نفس حتى تستوفى رزقها وأجلها، ويعلم المؤمن الحق أيضا عين اليقين أن الموت للأجساد موت وللأرواح حياة ،وتحيا الأرواح فى عالمها الذى أعده الله لها حسب عمل صاحبها فى الدنيا ،فأروا الله منكم خيرا ،وأروا الله منكم صبرا وأروا الله منكم حبا وأروا الله منكم طاعة وتقوى وخشية وأروا الله منكم رضا بقضائه وقناعة برزقه . والمؤمن الحق متفائل ، دائما عنده أمل لا ينقطع فى عفو الله ورضاه إلى لحظة مفارقة هذه الدنيا، كما يقول الحبيب صلى الله عليه و سلم "لا يموتن أحدكم إلا و هو يحسن الظن بالله "ثم يزرع فينا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام شجرة الأمل حتى آخر لحظات الدنيا فيقول أو كما قال :( إذا قامت الساعة و فى يد أحدكم فسيلة فلا يقم حتى يغرسها .) هل بعد هذا الأمل من أمل ؟ هل بعد هذا التفاؤل من تفاؤل ؟ هل بعد ذلك ونجد مؤمنا ييأس ويصاب بالإحباط؟ الله تعالى ينادينا فيقول " لا تقنطوا من رحمة الله "، ونجد مسلما يقول أنا محبط أنا يائس ؟ الرسول يزرع فينا الأمل والحياة ويبشر بدوام الخير فى الأمة ويحذرنا من تسويد الصورة ونشرالإحباط فيقول أو كما قال "من قال هلك الناس فهو أهلكهم" وطالما أن النبى صلى الله عليه و سلم قد زرع فينا شجرة الأمل فلماذا لا نتعهدها بالرى والرعاية لتؤتى أكلها كل حين بإذن ربها . وفى ذلك قالوا : إذا أغلق الشتاء أبواب بيتك وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان فانتظر قدوم الربيع وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقى وانظر بعيدا فسوف ترى أسراب الطيور و قد عادت تغنى و سوف ترى الشمس وهى تلقى خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر لتصنع لك عمرا جديدا و حلما جديدا ... و قلبا جديدا . ادفع عمرك كاملا لإحساس صادق وقلب يحتويك ولا تدفع منه لحظة فى سبيل حبيب هارب أو قلب تخلى عنك بلا سبب. لا تسافر إلى الصحراء بحثا عن الأشجار الجميلة ،فلن تجد فى الصحراء غير الوحشة .وانظر إلى مئات الأشجار التى تحتويك بظلها .لا تحاول أن تعيد حساب الأمس وما خسرت فيه .فالعمر حين تسقط أوراقه لن تعود مرة أخرى، ولكن مع كل ربيع جديد سوف تنبت أوراق أخرى. فانظر إلى تلك الأوراق التى تغطى وجه السماء و دعك مما سقط على الأرض فقد صارت جزءا منها . دمتم متفائلين